السبت، 24 يونيو 2017

إفتح عقلك الحلقة الثالثة

إفتح عقلك ..
بقلم / د. أحلام الحسن

عيد الشيطان ..

يوشك شهر رمضان المبارك على الرّحيل حاملًا معه أسماء العتقاء من النار فيه .. حاملًا حسناتنا وحاملًا معه سيئاتنا أيضا وأجر صيامنا .. والقافلة لا تصل ولا تُختم إلّا بإلحاق آخرها بأولها .. ولا يسمّى وصول أوّلها وصولًا تامًا لها .. فلعلّ آخرها يحمل ماليس في أوائلها من الخيرات .. ولعله يحمل معه ما يحيل تلك القافلة أو بعضها إلى عقابٍ ..  أو إلى رمادٍ ماله من قيمة  ..
وكذلك هو صيامنا أو غيره من المناسك التي تُختتم بالعيد كالحجّ ِ والصّوم .. 
ولقد ظهرت ظاهرةٌ مخزيةٌ في زماننا نراها ولا نعيها ! ولربما يقوم بها البعض جهلًا أبان طفولتنا .. إلاّ أنّه في زمننا هذا ليس هناك من يقوم بها جهلًا .. بل عمدًا مع سبق الإصرار لها والتّرصد لتنفيذها  وتوفير المال لها والحجوزات في أماكن اللهو والمعاصي والتي قد تسبق العيد .. ولعلها من منتصف رمضان أو من بدايته !!
وهي ظاهرة تنسف كلّ العبادات والصلوات والنوافل والقيام التي كانت في شهر رمضان المبارك..ولعلّ البعض قام بها في حرمة شهر رمضان أيضا !  وبعد التراويح يسارع إلى الملاهي إلى أماكن الطرب والغناء ..  أو يتابع سهرته على التلفاز والراديو في استماع الطرب الأصيل .. ينتظر ليلة العيد بفارغ الصّبر ويحتجز تذاكر الملاهي أو حجوزات الفنادق أو ما هو أشنع منها وكأنّ يوم العيد وليالي العيد رفع عنه القلم وأبيح ما قد حرّمته الشريعة في بقية أيام السنة !!!
وكما وصف حال الأمة رسولنا " ص " قائلًا :

(( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه ))

وهذه السنن التي سنّتها الشياطين وليس سنن الشريعة وقد أخبر صلوات اللّه عليه وعلى آله وصحبه المتقين  بأننا سنتبع تلك الضلالات لدرجة لو دخلوا جحر ضبّ ٍ خربٍ لدخلنا مثلهم !!
وهل هناك أتعس من جحر الضّبٍ مقاما !!! ومع ذلك سيكون اتباعهم إرضاءً لشهوات النفوس الضالة والجشعة ..
وكما سارعت المؤسسات والأماكن الإنتهازية الموسمية للتكسب في ليالي رمضان الزاكية لتحيلها لليالي رمضان البالية .. ستسارع تلك المؤسسات التجارية لعرض بضائعها المتنوعة على صالات الملاهي والفنادق بليالي العيد ليختتم صيامه ذاك الضائع والمُضلّل عن دينه بأكبر المعاصي بليلة العيد ويجلس على طاولة الشيطان جنبًا إلى جنب .. ليشاركه احتفاله وأنسه وفرحته .. فالشيطان كذلك يحتفل معهم بليالي العيد أيما احتفالٍ كان ينتظره ليفسد على ذلك المسكين صومه وعبادته وردّ دعائه الذي كان يردده طيلة رمضان " ربي أجعلني من عتقائك من النار " فهل سيناله العتق !  بل هل سيُقبل صيامه وقيامه  والأمور تقاس بخواتيمها .. وقد سارع لختمها بالفجور والمعاصي ومشاركة الشيطان في احتفاله !!!
وتذكرنا الآية الكريمة التالية بمراصد وشبائك وطرق الشيطان المتعددة لاقتناص الفرائس كلا وفق ما يُرمى لها من الطعم فلكلّ فريسةٍ طُعمها المفضل ..

(( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) )) الإسراء

والإستفزاز هنا تحريك الشهوات الشيطانية .. ووضع الخطط لإبرازها لحيز الوجود .. حيث تستطاب المعاصي والمعازف .. ونلاحظ بعض الأساليب في ذلك من خلال الآية الكريمة أعلاه من استخدام فئاتٍ من الجن والأنس لتنفيذ مخطط الشيطان صوتٌ .. خيلٌ .. رجالٌ .. فاستخدام الصوت واستخدام القوة والرّجال للتنفيذ .. وتفريغ الجيوب وشاركهم في الأموال والأولاد !
وأفضل طعمٍ في زماننا الغناء والرقص والنّساء  .. وألف وداعٍ لأجر الصّوم والعبادة .. وألف وداعٍ لحلم العتق من النّار ..
فلقد شُرّع العيد للإحتفال بإداء فريضةٍ عظيمةٍ ولشكر اللّه تعالى على التوفيق لها .. ولتعليم الأجيال والعالم  بأنّنا نحتفل شكرًا للّه وسعادة وبأنّنا أدّينا الواجب الشرعي من هذه العبادة العظيمة  ..
وللأسف يحدث كثيرًا العكس فتحال ليالي العيد لليالٍ ترتكب فيها المعاصي التي لم تُرتكب في الأيام العادية !! وأصبحت ليالي العيد لتمزيق المجتمع المسلم وهدم حرماته وإشاعة الفساد الأخلاقي ..وللتبذير ومضيعة الخُلق والمال واختلاط الرجال بالنساء والإنفلات الأخلاقي والجنسي وشرب الخمور ! منكراتٌ يندى منها الجبين !! وتدهورٍ للقيم الإسلامية والبشرية
لنكون أضحوكة للعالم  وللشامتين .. وهدفًا لنقمة اللّه بمجتمعاتنا العربية المسلمة .. فانتشار ظاهرة المعاصي بأيام العيد ولياليه تميز بها المجتمع العربي أكثر من غيره من المجتمعات المسلمة الأخرى وإن كانت لا تخلو في غيره ..
ومما يزيد الطين بلّةً وغرقًا في أعتى لجج الضلال بعض الفتاوي التي تنهى عن العبادة والتنفل والذّكر بليالي العيد .. وتعتبر ذلك من البدعِ ومن الضّلال بل ومن المنكرات !!!!!!!  
ليفر الشباب بعد ذلك إلى الفنادق والمراقص والمعاصي .. طالما يعتبر التهجد والإستغفار والذكر من البدع والضّلال على حدّ قول أولئك !
ويذكرنا الوضع بقول نبينا محمدٍ صلوات اللّه وسلامه عليه وعلى آله وصحبه المتقين
(( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله عز وجل أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم )) رواه الترمذي وحسنه .
والعذاب لا يشترط بأن تأتي به الطبيعة فقط .. بل ليذيق اللّه بأسنا بأس بعض وهو العذاب الأقسى والعياذ باللًه .