الخميس، 19 سبتمبر 2024

قصيدة البردة المحمدية

{{ البردةُ المحمّديّة }}

شعر/ أ.د. أحلام الحسن 

المستهل :  
" إنَّ الصّلاةَ على الحبيبِ مفازةٌ 
 صلّوا عليهِ وآلهِ كي نَهتدي" 

١- ألغَادِيَاتُ الرّائِحَاتُ تَجسّدِي 
  في مَقدِمِ المَأمُولِ هَيّا واسجُدِي

٢- صَلِّي عَليهِ وسَلّمي بِتَحيّةٍ 
    فيها المُرادُ وبالوَفاءِ تزوّدِي 

٣- هَل مِثلُ أحمَدَ بالغٌ في مَجدِهِ
     فَمُباركٌ ومُبارَكٌ بالمَولِدِ 

٤- هٰذا الرّبيعُ لقد أتى في بَهجَةٍ
    فَمُحَمّدٌ شَبَهٌ لهُ لم يُوجَدِ

٥- فَتَبَدّدَت سُحبُ السّماءِ وأشرَقَت
   شَمسُ النّبوّةِ بالبَهَاءِ السّرمَدِي 

٦- عَكَسَت على وجهِ السّمَاءِ سِمَاتُهُ
    كُلَّ المَرَايا بالجَمَالِ الأنضَدِ 

٧- وكَأنّهُ حُلُمٌ تَحَقّقَ فَجْأَةً 
   حتّى بَدَت تِلكَ المَجَرّةُ باليَدِ 

٨- مِن سَاجِدٍ ولسَاجِدٍ صُلبٌ لهُ
   في السّاجِدينَ تَقَلّبًا والأَمهُدِ 

٩- مِن ربّهِ وحيٌ ظَلِيلٌ وقعُهُ
    جِبرِيلُهُ قد شَدّ أزرَ المُجهَدِ 

١٠- ولِخَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامِ كَرَامَةً 
     يَا مَكّةَ اﻷخيَارِ قُومِي وانشُدِي 

١١- مَا أوسَمَ الوَجهَ المَليحَ لأحمَدٍ 
     كَالبَدرِ كَانَ كَمَالُهُ المُتَوَرّدِ

١٢- مَا أعظَمَ الإلهَامَ في قَسَمَاتِهِ 
   مِن نُورِهِ جَمَعَ الصّفَاءَ العَسجَدي

١٣- خَرَّ الوَلِيدُ بسَجدَةٍ ثُمّ استوَى 
     سُبحَانُهُ من مُكرِمٍ للسُّجّدِ

               ا *** ا

١٤- يَا نَفسُ إن شِئتِ الوَجَاهَةَ لاحِقًا
   عَهدًا إلى ربّ ِ السّماءِ فَجدّدِي 

١٥- بِكِتَابِهِ قَامَ النّبيُّ مُجاهِدًا
    مِسكُ الخِتَامِ نِزَولُهُ كَي نَقتَدِي
 
١٦- ذَاكَ الّذي ضَاءَ الوُجُودَ بَيَانُهُ 
   نَهجًا مِنَ الدّينِ القَوِيمِ لِنَهتَدَي

١٧- يُملِي على تِلكَ القُلوبِ هِدَايَةً 
    قُرآنُهُ فِيهِ الهُدَى والسُّؤدَدِ 

١٨- طَاهَ الّذي جَحَفَ الجَهُولُ مَقَامَهُ
      لا تَستَقِيمُ هِدَايةُ المُتَرَدّدِ

١٩- قُرآنُهُ بِبَلاغةٍ وفَصَاحَةٍ  
      إعجَازُهُ فيهِ هَوَانُ المُلحِدِ 

٢٠- مَولايَ هَب لنبيّنا الأجرَ الّذي
    واعَدتَهُ ومِنَ العَطَاءِ الأزوَدِ 

٢١- فَهُوَ البَشِيرُ ومَن سُوَاهُ مُبَشّرٌ 
     وهُوَ النّذِيرُ بِعَزمِهِ المُتَوَقّدِ 

٢٢- فَتَبَارَكَ الفُرقَانُ فِي تَنزِيلِهِ
      آيَاتُهُ فِي قَلبِهِ كالأَوتُدِ 

٢٣- يَا أيّها المُزّمّلُ الهَادِي الّذي 
       لِلعَالمِينَ بِهِ نَجَاةُ المُهتَدِي 

٢٤- أُهدِيتَ مِن فَوقِ السّمَاءِ مَفَازَةً 
      ورِسَالَةً لِلعَالَمِ المُتَشَرّدِ 

٢٥- أدّبتَ تِلكَ النّفسَ دُونَ فَظَاظَةٍ 
     فِي مَعشَرِ المَعبُودِ والمُستَعبَدِ 

٢٦- فِي هَيبَةِ الوَحيِ الّذي بِنِزُولِهِ
     عَهدُ البداوَةِ فِيهُمو أضحَى نَدِي

٢٧- بِتَدَثّرٍ وتَزَمّلٍ وتَصَبّرٍ 
    كَانت خَدِيجَةُ كالمِهَادِ الأوسَدِ 

٢٨- كَم أسفَرَت عن حُبّها كم أظهَرَت
      نِعمَ النّسَاءِ لِقَلبِهِ المُتَجَرّدِ

٢٩- فِي طُورِهِ فِي رِقّهِ لَهِدَايَةٌ 
  شَفَتِ العَليلَ منَ الضّلالِ الأرمَدِ      

٣٠-يَقتَاتُ من نَفَسِ النّبوّةِ عَزمَهَا 
   فِي كُلّ نَازلةٍ تَحُومُ وتَعتَدِي 

٣١- -لا تَستَطِيبُ عبادةٌ في أرضِهِا 
       صَنَمٌ عَقِيمٌ واقِفٌ بالمَسجِدِ 

٣٢- حَلّت بِأَرضِ النّاسِكَينِ رِحَالُهُ 
      وكَأنّهُ عَودُ الخَلِيلِ الأوطَدِ

٣٣- لِيُوَطّدَ الأركَانَ بَعدَ خُمُولِها
    ويُكسّرَ الأصنَامَ كَسرَ الأَوبَدِ

٣٤- فَالذّارِيَاتُ الحَامِلاتُ تَوَهّجَت
   والجَارِيَاتُ فَقَد غَدَت كالمَرصَدِ  

٣٥- مَا إن تَلَوتَ لِسُورَةٍ فِيها الهُدَى 
     حَتّى تَعُودَ لِمِثلِهَا كَي تَبتَدِي 

٣٦- تِلكَ الفَضِيلَةُ جُلّهَا قد خَصّصَت
      عِبءَ الرّسَالَةِ لِلمَقَامِ اﻷمجَدِ 

                  ا***ا 
٣٧- سُبحَانَ من أُسرَى بِهِ فِي لَيلَةٍ 
     وبِرِفقَةِ الرّوحِ الأمِينِ الأَجوَدِ 
    
٣٨- حتّى دَنَا مِعرَاجُهُ مُتَدَلّيًا 
   بَل قَابَ قوسَينِ استَوَى بتهجّدِ 

٣٩-صَلّى عليكَ اللٰهُ في مَلَكُوتِهِ 
    مَن لم يُطعكَ تَكبّرًا لم يَهتَدِ 

٤٠- يا عَاتِقًا هٰذي الرّقَابَ شَفَاعَةً 
     ألمُذنِبُونَ تَرَاهُمُ بالمَوعِدِ 
                     
٤١- تِلكَ الشّفَاعَةُ بالمَعَادِ مَقَامُهَا
    أنتَ الّذي لِلمُذنِبِ المُستَنجِدِ 

٤٢- أنتَ الشّفيعُ إذا تَزَلزَلَ مَوقِفٌ 
    ولِتُدرِكَ العَاصِي ومَن بالمَوقِدِ

٤٣- وَتَوَالَتِ الأصوَاتُ أينَ المُصطَفَى 
     فِي أمرِهِ نَيلُ المُنى والمَقَصَدِ  

٤٤- مَا عَادَ مِثلِيَ أن يَلُوذَ بِغَيرِهِ
    مَن لِلعَتِيقِ المُذنِبِ المُتَوَجّدِ 

٤٥- فَتَبَارَكَ الرّحمَانُ جَادَ عَطَاؤهُ
     لِلعَالَمِينَ ولِلجُفَاةِ العُنّدِ 

٤٦- يَا رُوحُ جُودِي بالسّكِينَةِ واخضَعِي 
   ودَعِي الوَسَاوِسَ كُلّهَا واستَنجِدِي 

٤٧- بِمُحَمّدٍ وبآلِهِ خَيرُ الوَرَى 
    بَعدَ الإلٰهِ الوَاحِدِ المُتَوَحّدِ

٤٨- من لي سُوَى سُفُنِ النّجاةِ عَزِيمَةً
      يَنَجُو مَصِيرُ الخَاسِرِ المُتَكَبّدِ 

٤٩- فَالنّفسُ لم تَرغَب بِغَيرِ هُوَاهُمُ
      وَالقَلبُ لا يَسلُو ودَونَ تَرَدّدِ 

٥٠- يَا سَاكِنًا رُوحِي ومَرفَأَ مُهجَتِي 
  هَب لي دُعاءَكَ سيّدِي هٰذِي يدِي 

٥١- يَا نَفسُ أوفِي بَيعَةً لِلمُصطَفَى 
    فِيها الوَفاءُ وبِالوَلاءِ تَقَيّدِي

٥٢- لا تَغفَلي عن وصلِهِ لو سَاعَةً 
     لا تَبهَضِي حَقًّا لَهُ لا تَعمَدِي

٥٣- وتَقَاسَمِي حُلوَ الحَيَاةِ ومُرّهَا 
      في حُبّهِ ولِآلِهِ فَتَوَافَدِي 

٥٤- ألخَاشِعُونَ الثّابِتُونَ بِصَبرِهِم 
     والصّادقُونَ بعَزمِهِم بالمَوعِدِ 

٥٥- كَاللُؤلُؤِ المَرصُوصِ في بُنيَانِهِ
     هُم هٰكذا قد آمنوا بالأَرشَدِ 

٥٦- ألرّاحِلُونَ إليهِ لا لم يَخسَرُوا 
     رَبِحُوا وقد نَالوا ثَبَاتَ المَورِدِ 

٥٧- وبِأَحمَدَ المَحمُودِ في أوصَافِهِ
      خُلقٌ عَظِيمٌ أُسوَةَ المُتَهجّدِ 

٥٨- يَا أُمّةَ التّوحِيدِ قومي وابصُمِي 
     عَشرًا عَلَى عَهدِ البَقَاءِ وجدّدِي

٥٩- لمُحمّدٍ ومَقَامِهِ ذاكَ الهُدَى 
     بالبَاقِياتِ الصّالحَاتِ تَزَوّدِي

٦٠- طَبعُ الكَرِيمِ إذا تَظَاهرَ عَيبُهُ
أن يَستَفِيقَ منَ السُّباتِ المُفسِدِ

٦١- شَغَفُ الفُؤادِ مِنَ الهَوَى لا يَنتَهِي 
     فَلتَلجُمِي ثَغرًا لَهُ باﻷَصفُدِ 

٦٢- بِشَكِيمَةِ التّهذِيبِ هَيّا عَاجِلي
    فِي دَفتَرٍ هٰذي الخَطَايَا قَيّدِي 

٦٣- واستغفِرِي ألفًا وألفًا فَوقَهَا
  لِمَكَارمِ الأخلاقِ هِبّي واصعَدِي 

٦٤- صُحفٌ إذا نُشِرَت تَبَعثَرَ أهلُها 
    وكَمَا السُّكَارَى بَعدَ نَومِ الرُّقّدِ 

٦٥- ثَوبُ الخَلاعَةِ والدّنَاءَةِ فاهجُرِي
     أبَدًا لهُ لا تَقرَبي لا تَرتَدِي 

 ٦٦- هٰذِي الحَقِيقَةُ كُلّها فَتَفَهّمِي 
       لا لا تَكُوني لُعبَةَ المُتَمَرّدِ

٦٧- بِتَصَاعُدٍ وتَمَزّقٍ وتَفَرّقٍ 
     كم فِرقَةٍ صَارَت بَنِارِ المَوقِدِ 

٦٨- لا تَجرَحِي قَلبَ النَّبيّ ِ بِغَفلَةٍ
     لا تُخجِلِي وجَهًا لَهُ فِي المَورِدِ

٦٩- جَمَعَ الهُمَومَ بَيَانُهُ ومِعَادُهُ
     مُنذُ البِدَايَةِ للنّهَايَةِ والغَدِ 

٧٠- أهدَاهُ رَبُّ العَالَمِينَ مَكَانةً 
    ويَعِيشُ زُهدَ عِبَادَةِ المُتَعَبّدِ 

٧١- فَالوَحيُ فِيهِ مُلَازِمٌ شَعّ الهُدَى 
    مِن مُرشِدٍ للرّاشِدِ المُستَرشِدِ 

 ٧٢- لا يَستَرِيحُ إلى الرُّقَادِ وَكُلّما 
     جَاءَ المَسَاءُ فَصَحوَةُ المُتَعَبّدِ 

٧٣- فِي لَيلِهِ ونَهَارِهِ فِي سَعيِهِ
    نَحوَ الرّسالَةِ لِلرّجَاءِ الأَبعَدِ 

٧٤- وَالفَضلُ وَالأخلَاقُ وَالذّكرُ الّذِي 
       مَنَحَ الحَيَاةَ لِقَلبِهِ المُتَهَجّدِ 

٧٥- لا يَنثَنِي عَن أمرِ خَالقِهِ إذا 
   هَاجَت نُفُوسٌ بالغَبَاءِ المُلحِدِ 

٧٦- يَتلُوهُ شَاهِدُهُ ومَن أَولَى بِهِ 
     بَينَ الجُفُونِ مَكَانُهُ كَالأَثمَدِ 
 
٧٧- خَسِأَ الّذي مَن قَالَ عَنهُ أبتَرًا 
     ذَاكَ الحَقُودُ بِغَيّهِ المُتَعَربِدِ

٧٨- أيَكُونُ ظَمآنًا يُكبّلُهُ الأسَى 
    ولَهُ يَنَابِيعُ الفُرَاتِ الأرفَدِ

٧٩- أعطَاهُ ربُّ العَرشِ خَيرَ عِبَادِهِ
     مِن أَطيَبِ النّسلِ البهِيّ ِالأَخلَدِ 

٨٠- لم تُنجِبِ الأصلَابُ بِنتًا كَوثَرًا 
     فإذا رضَت رَضِيَ الإلٰهُ بِسُؤدَدِ

٨١- وإذا مَشَت ضَاءَ الدُّجَى بضِيَائِهَا
     وكَأنّهَا بدرٌ مضى بالفَرقَدِ 
        
٨٢- فِي كُلّ ِ أُفقٍ نَجمُهَا مُتَشَعشِعٌ  
     مِن مَشرِقٍ ولِمَغرِبٍ بالأَبجَدِ 

٨٣- أَسبَاطُهُ بَينَ الشّبَابِ سَادَةٌ  
     وسَطَ الجِنَانِ وبِالمَكَانِ الأوتَدِ 

٨٤- نَرجُو الوُصُولَ إلَيهُمُ بِشَفَاعَةٍ
     في المَحشَرِ المُتَلَاطِمِ المُتَلَبّدِ  

٨٥- ولِزَينَبَ الكُبرَى عَظِيمُ مَكَانَةٍ 
      يَمّمتُ نَحوَ جَبِينِهَا في مَقصَدِي

٨٦- حتّى أَفُوزَ بنَظرَةٍ فِيها المُنَى 
   تَشفِي الفُؤادَ وبالسّلامَةِ أَهتَدِي
          
٨٧- لِلمُصطَفَى أهدِي الوِدَادَ كُلّهُ
  يَالَيتَ نَفسِي في هَوَاهُم تَفتَدِي

٨٨- عُمرِي وجِسمِيَ فِي المُرَادِ لكَم بُلِي
      لا خُنتُ يَومًا عَهدِيَ المُتَعَهّدِ

٨٩- لَو كَانَ حَالِيَ في جِوَارِ دِيارِكُم  
       لَلَزَمتُكم دُونَ الفِرَاقِ المُجهِدِ 

٩٠- يَا زَائِرًا قَبرَ النَّبيّ ِ المُصطَفَى 
   قُم وارتَجِل نَحوَ البَقِيعِ المُبعَدِ 

٩١- إِقرَأ على طَاهَ السّلَامَ وقُل لَهُ 
     شَغَفِي إِليهِم لَم يَزَل هَوَ مُجهِدِي 
      
٩٢- يَا دَوحَةَ الأَقمَارِ قُومِي وانعَمِي
        بِمُحَمّدٍ وبِآلِهِ فَتَجَدّدَي 

٩٣- لَولَاهُ لَم نَعرِف سَبِيلًا لِلهُدَى 
      لَولَاهُ كُنّا كَالطُّفَيلِ الأَبلَدِ 

٩٤- أَكرِم بِهِ مُستغفِرًا لِذِنُوبِنَا
  طَمَعَي إلى طِيبِ الدّعَاءِ الأَحمَدِي                                              

٩٥- يمّمتُ نَحوَكَ طُلبتي يَا سيّدي
      عَتَبُ الفُؤادِ يَلُومُنِي وتَوَجُّدِي 
 
٩٧- من لي سوَاكََ لربَهِ متوَجّها
      لشفاءِ مُعضلةٍ سَعَت لِتَصيّدي

٩٨- لم تتركِ الجسمَ العليلَ لشأنِهِ
     أضنَت مقامَ نَوَافلي وتَعَبّدي 

٩٩- ذِكرُ الصّلاة عليكَ حينَ تمامها
      نورٌ يَشعُّ ضياؤهُ كالفرقدِ 

١٠٠ - فتسابقَت أفوَاهُنا ونفُوسُنا 
       ترجو نَجاةَ البعثِ والمُتَمَدّدِ 

١٠١- فتزوّدوا بِذكرِها وتودّدوا 
      صلّوا عليهِ وسلّموا للموردِ
ا__________________________
٢٥ - في مَعشَرِ المَعبُودِ والمُستَعبَدِ : زمنَ الجاهلية والرّقّ ِ والعبودية .
٣٢- النّاسِكَينِ : إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما سلام الله .
٥٥- الأرشَد : رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الطاهرين.
٧١- مِن مُرشِدٍ للرّاشِدِ المُستَرشِدِ :
من مُرشِدٍ : المعني بها جبريل عليه السلام .
للرّاشِدِ المُسترشِدِ : المعني بها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله الأطهار.
٨٢- بالأبجَدِ : حروف الهجاء وفي ذلك إشارة لنسل فاطمة الزهراء عليها السلام المتكاثر والمتعدد اﻷسماء .
٨٣- إليهمُ : إشباع إليهمو .

ا====================

الثلاثاء، 3 سبتمبر 2024

مخاطبة الرأس

5- " مخاطبة الرّأس "

 أنا العبّاسُ لو تدري
شديدُ البأسِ والفعلِ 

كؤوسُ الموتِ في كفي 
سأسقيكم  وبالعدلِ

فسيفي باتَ في شَوق ٍ
لصَدرِ  الباغي ِ النّذلِ

 وهٰذي  لامتي  تأبى 
سيوفَ الحقدِ والغلّ ِ

 وإن عادوا سأفنيهم 
فسل عنّي وعن أصلي 

فدا سيفي وذا رُمحي 
أصيبُ اليومَ مَن حولي

 فلا أنتم  مِنَ  الدّرِ
 ولا أنتم مِنَ الرّملِ

 تفاخرتم   بأسيادٍ 
مقامُ الدّمنِ في الوَحلِ

  تَنافرتم  تَراجعتم
كما الجُرذانِ مِن فِعلي

 فلم أجزع ولم أهرب 
 عن السّيفِ إلى الظلّ ِ

 ترى الفُرسانَ في فرّ ٍ
وعن سيفي كما الطّفلِ 

 جيوشُ القومِ قد فرّوا
  عليٌّ ذا  أمِ الشّبلِ  ؟!! 

  عليٌّ  جاءَ  من فورٍ 
  يَجُرُّ  السّيفَ للقتلِ 

  تشاورتم   تحيّرتم 
  كأنّ الشُّربَ مِن مُهلِ 

 فصوتُ جَمعُكم يُصدي 
 فمن هٰذا  على الخَيلِ !؟

  عليٌّ  ذاكَ أم  ماذا ؟! 
  كمثلِ  المثلِ  بالمثلِ 

  فكم مِن  غادر ٍ أمسى 
  لأهلِ  البيتِ  بالغلّ ِ

أفيدوا قومكم أنّي 
لدي الموتُ في رحلي  

 لئن شِئتُم قتالًا  لي  
على الرّحبِ إلى الثّكلِ

ترونَ  اليومَ  أجسادًا 
بها النّسفُ كما العِجلِ
 
  لنا النّصرُ إذا شَحّت 
 صُفُوفُ الغَدرِ والأُكلِ

أنا العبّاسُ مِن حَيدر 
 أنا  فردٌ  عنِ  الكُلّ ِ

 أتَيتُ الحَربَ عطشانًا 
  ولم أُدبر عنِ الحِملِ

حَملتُ الرّاية العظمى 
بصولاتٍ على الجهلِ

جديدُ القومِ في ريبٍ 
 ودونَ العلمِ بالأصلِ 

  تراقصتُم  تَمايلتُم
 وكَم دُقََ على الطّبلِ 

 بشَامُ الظُّلمِ قد سِرتم  
 بِطَمسِ الحقّ ِ والقولِ 

  فهذا  القتلُ  أحياني
على الأزمان مَن مِثلي

ولولا السّهمُ في عيني 
  لما طلتم  شَفا  نِعلي

  لئن رُدّت ليَ الرّوحُ 
  رميتُ القومَ بالنّصلِ 
ا=================
أ.د. أحلام الحسن 
ا  2-9-2024

الاثنين، 16 أكتوبر 2023

عودتهم

{ دراسةٌ وشذراتٌ قرآنيّةٌ في كتاب " الوقتُ والميقاتُ في القرآن الكريم " للأديب أ. شاكر السامرائي  } 

بقلم/ أ.د. أحلام الحسن
  
المقدمة : 
    {{ وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }} 

بسم اللٰه الرّحمٰن الرّحيم والحمد للّه ربّ العالمين حمدًا يليق بجلال عظمته، وقدسية ذاته ، وديمومة سلطانه ،
 والصلاة والسلام على خاتم اﻷنبياء والمرسلين سيدنا محمدٍ وعلى آله المنتجين، ورضي اللٰه عن صحبه المتقين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
مما لا شكّ فيه أنّ القرآن الكريم من أعظم الكتب السماوية المنزلة على البشرية، بل وخاتم الكتب السماوية المقدسة، والذي نزل به الروح الأمين "سلام الله عليه" على نبينا محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله ؛ فهو مصدر التشريع الإلٰهي، وهو الرسالة الخالدة بتعاليمها وأحكامها لكلّ من يملك قلبًا سليمًا، وعقلًا راجحًا، ومنارًا فكريًا، وعلمًا نافعًا يُرشد به الآخرين إلى سُبل الرشاد والمعرفة ،ومن تسديد الله تعالى وتوفيقه جمع هذا السِفر المبارك الذي بين أيدينا لمؤلفه الأديب الباحث شاكر السامرائي، وهو كاتبٌ وباحثٌ له باعه الطويل في كتابة مثل هذه المؤلفات ، حيث تجاوزت مؤلفاته عشرات الكتب التي صبّ فيها خلاصة دراساته وأبحاثه في علوم القرآن الكريم .
ولقد تميز هذا السفر المبارك " الوقتُ والميقات في القرآن " بدقته المتناهية في جمع وتحصيل أهمّ الآيات الشريفة الواردة في الوقت والمواقيت في القرآن الكريم، ووفق منهجيةٍ يزينها حُسنُ البيان ، وطلاقة اللسان، فجزاه اللٰه عن القرآن والإسلام والمسلمين خير ما في الدنيا والآخرة إنه الجواد الكريم .
كما أنّ من عظيم منن الله تعالى عليّ أن اختار شخصي الفقير المتواضع لتقديم هذا السِفر المبارك من خلال مؤلفه القدير ، ولعلّ اللٰه جلت قدرته هو من ألهمه هذا الاختيار، فأسأل اللٰه العلي العظيم بأن يجعلني عند حسن ظنّه بي، وأن يسدد شخصي المتواضع لما يرضيه عنّي من بيان بعض شذرات وعبيق ما جاء في هذا السِفر المبارك، على يد عبده الصالح شاكر السامرائي .

ا=======================

إطلاقات المصطلح : 
إِطْلاقُ مُصْطَلَحِ الدَّهْرِ في عِلْمِ الفِقْهِ في مَوَاطِنَ مِنْ كُتُبِهِ وَأَبْوَابِهِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ: كِتَابُ الصِّيَّامِ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى مَعْنى صَوْمِ الدَّهْرِ وَحُكْمِهِ، وَكِتَابُ الأَيْمَانِ وَالنُّذُوْرِ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى حُكْمِ مَنْ حَلَفَ لا يُكَلِّمُ شَخْصاً دهرًا، وَكِتَابُ الرِّدَّةِ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى مَعْنى الدَّهْرِيَّةِ وَحُكْمِهِمْ. 

التعريف اللغوي : 
الزَّمانُ قَلَّ أَو كَثُر، وَقِيْلَ: الزَّمَانُ الطَّوِيْلُ، وَقِيْلَ: الأَبَدُ المَمْدُودُ لا يَنْقَطِعُ، وَقِيْلَ: يَقَعُ عِنْدَ العَرَبِ عَلَى بَعْضِ الدَّهْرِ الأَطْوَلِ، وَقِيْلَ: الدَّهْرُ مُدَّةُ بَقَاءِ الدُّنْيَا كُلِّها مِنْ ابْتِدَائِهَا إِلى انْقِضَائِهَا، وَقَالَ آخَرُوْنَ: بَلْ دَهْرُ كُلِّ قَوْمٍ زَمَانُهُمْ، والدَّهْرُ أَيْضاً: النازِلَةُ، والهِمَّةُ، والغايَةُ، والعادَةُ، والغَلَبَةُ؛ وَجَمْعُ الدَّهْرِ: أدْهُرٌ ودُهُورٌ. [1]

شذراتٌ قرآنيّة : 

إنّ للوقت أهميةٌ كبرى في حياة الإنسان، وخاصةً في مرحلة الإنسان الرابعة وهي مرحلة الحياة الدنيوية، التي فيها يُحدد الإنسانُ مصيره الآخروي، فهي مرحلة الإمتحان والاستعداد لمرحلة الميقات والحشر اﻷكبر للبشرية،
بمعنى أنها هي المرحلة التي يتزوّد فيها ومنها الإنسان بالزاد الآخروي، ومن هنا تأتي أهمية استغلال الوقت وعدم إضاعته في اللهو واللغو { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } سورة المؤمنون ( 3 )، واستغلال الوقت الاستغلال الأمثل يدلّ على العقلية الراجحة والفكر الصائب، وطرق استغلال الوقت طرقّ عديدةٌ فيما ينفع الإنسان بها نفسه، أو فيما ينفع البشرية للدنيا والآخرة، فكلّ الديانات السماوية حثّت على استغلال الوقت استغلالًا يرجع على صاحبه وعلى المجتمع البشري بالنفع والمصلحة، فالابتكارات العلمية والصحية بكافة أنواعها تعود على الإنسانية بالفائدة العظمى والتي يؤجر عليها الإنسان، يقول الله جلّت قدرته في محكم كتابه المبين :
 { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } سورة النحل 97 . 

ا_____________________________
[1] . موسوعة المصطلحات الإسلامية
 
تعريف و معنى الدهر :
جمع دهور وأدهر ، الزمان الطويل. (فقهية)
دَهَرَ: (فعل) 
دَهَرَ، يَدْهَرُ، مصدر دَهْرٌ
دَهَرَ القَوْمَ مَكْروهٌ : نَزَلَ بِهِمْ دَهَرَ بِالقَوْمِ مَكْروهٌ
دَهْر: (اسم) 
دَهْر : مصدر دَهَرَ
دَهر: (اسم) 
الجمع : أَدْهار و أَدْهُر و دُهور
الدّهْرُ : مُدَّةُ الحَياةِ الدُّنْيا كُلُّها وَتُطْلَقُ على أَلْفِ سَنَةٍ الجاثية آية 24وَقالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَياتُنا الدُّنْيا نَموتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ (قرآن)
الدّهْرُ: الزمانُ الطويلُ
في أَوَّلِ الدَّهْرِ : في أَوَّلِ الزَّمانِ
في آخِرِ الدَّهْرِ : نِهايَة العالَمِ
الدّهْرُ: الزمانُ قلّ أَو كثر الإنسان آية 1( هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَان حينٌ من الدهر )
عضَّه الدَّهْرُ بنابه: أصابه بشرّه،
قرَعتهم قوارعُ الدهر 
دَهريّ: (اسم) 
دَهريّ /دُهريّ
اسم منسوب إلى دَهْر/ دَهَر
رجل دَهْرِيٌّ: ملحدٌ ... .
(الفلسفة والتصوُّف) فرقة مادّيّة ظهرت في العهد العبَّاسيّ جحدت الصانع المُدبِّر وقالت بقدم الدَّهر، وبأنّ العالم لم يزل موجودًا كذلك بنفسه، كما أنكرت أيّ شيء لا يمكن إدراكُه بالحواسّ [2] 
ا_________________________
[2]. معجم المعاني الجامع

موجزٌ حول ما جاء في دهرية الدولتين الأموية والعباسية : 

( كان من المنطقي أن تختفي الدهرية بعد ظهور الإسلام وامتداد التوسعات في فترة الخلفاء الراشدين، لكنهم عادوا للظهور مرة أخرى خلال الفترة الممتدة من أواخر عصر الدولة الأموية إلى أوائل عصر الدولة العباسية (724 – 775)، وبالتحديد من فترة حكم الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك (724 – 743) حتى حكم الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور (754 – 775).
ويذكر الدكتور محمود محمد السيد خلف في دراسته «جهود العلماء في مواجهة جماعة الدهرية. الإمام أبو حنيفة نموذجًا (105- 158هـ/ 724- 775م)»، أن هذه الفترة كانت أكثر الفترات التي تعرضت فيها الأمة الإسلامية للاضطرابات الداخلية نتيجة الخلافات السياسية، وسمح ذلك بعرض كثير من الأفكار «الشاذة» وفي مقدمة هؤلاء الدهرية [3].

ويرصد الدكتور أحمد أمين في كتابه «ضحى الإسلام»، أن ظهور الدهريين كان أوضح وأكثر في الدولة العباسية منها في أواخر الدولة الأموية، لأن الدهرية في بعض معانيها (وهو الشك والإلحاد) إنما تقترن عادة بالبحث العلمي، وهو في العصر العباسي كان أبين وأظهر، ذلك أن العلم الذي شاع في العصر الأموي كان دينيًا، من جمع للحديث وتفسير للقرآن، واستنباط للأحكام الشرعية منهما، وهذه العلوم لا تثير في النفوس شكوكًا تبعث على الجنوح الفكري الدهري [4] .
ا________________________
 [3] . جهود العلماء في مواجهة جماعة الدهرية -دراسة - محمود محمد السيد خلف .
 [4] ضحى الإسلام د. أحمد أمين .

شذراتٌ قرآنية : 

من المعروف أنّ قضية الدهريين قضيةٌ من قبل ظهور الإسلام ، حيث قامت توجهات الناس الدينية والفكرية في الجاهلية على أربع قوائمٓ يذكر منها : 
1- عبادة الأصنام .
2- الباقون على الحنفية من الموحدين .
3- الدهريون من الملحدين والمشركين . 
4- الباقون على اليهودية والنصرانية من بين موحدٍ ومشرك .
وفي خضم هذه التيارات المناهضة للدعوة الإسلامية المحمدية " ص" كان للدهرين والمشركين صوتهم في انكار الدعوة الإسلامية وانكار البعث والنشور، ونسبة ما يحدث من أحداثٍ إلى الدهر ! وكأن الدهر كائنٌ حيٌّ يقوم مقام الربوبية والرّبّ الغير معبود ، ومن الجدير بالذكر خروج طائفةٍ مجددةٍ من الدهريين في العصر العباسي أطلق عليهم مسمى زنادقة جمع زنديق، ولعلّ التيارات السياسية المتوترة في فترة العباسيين فتحت المجال لظهور هذه المعتقدات الإلحادية، ولعلّ هنالك توجهاتٌ سياسية لدى بعض الحكام العباسيين ك هشام ابن عبد الملك لاتهام بعض أولئك بالإلحاد والزندقة والدهرية، أو لعلّ ههنالك عوامل أو رواياتٍ ساعدت على احتضان فكرة الدهر ،وتبقى الحقائق في بطن التاريخ .
{ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ }
24 الجاثية.

ا__________________________
 

شذراتٌ قرآنيّة : 

مما جاء في المواقيت المهمة في القرآن الكريم والتي تطرّق إليها الكاتب في سِفره المبارك هذا " الوقتُ والميقات في القرآن " ما يلي : 

{إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ } الحجر 38  . 
الوقت المعلوم: ميقاتُ يوم القيامة .

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }189 البقرة .
الأهلة : مواقيتُ الشهور القمرية والآية الكريمة بصفةٍ خاصةٍ تشير لمواقيت فريضة الحج .

{ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا }  النساء 103.
كتابًا موقوتا : مواقيتُ الصلوات المفروضة .

{ وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } الأعراف 142

ثلاثين ليلةً وأتممناها بعشر : ميقاتُ الله لنبيه موسى عليه السلام وتكليمه إياه وهي من المواقيت العظيمة التي كررها القرآن العظيم في عدة سورٍ وفي سورة اﻷعراف خاصة . 

{ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي ولٰكن انظُر إلى الجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ } الأعراف 143.

( ولكن انظر إلى الجبل : ذكر العديد من المفسرين والمؤرخين إلى أنّ موقع هذا الجبل يمتد في سلسلة جبال سيناء مصر ويسمى جبل حوريث بالوادي المقدس .

{ يا مُوسى إِنِّىٓ أَنَا۠ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } طه 12.
يقع طور سيناء في جنوب صحراء سيناء، بين سلسلة من الجبال، في شمال شرق مصر عند الحدود الواقعة بين فلسطين والأردن والمملكة العربية،[5] وقيل يقع في الشام،[6] واحتمل البعض أنّ ما يطلق عليه طور سينا هو سلسلة من الجبال، وما يطلق عليه طور سينين هو قِسمٌ من أراضي سيناء.[7] ويقع دير سانت كاترين من قرب هذا الجبل ويقال أنه أقدم دير . [8] .

قدسية وادي طوى : 
 اتفقت الطوائف والأديان السماوية الحديثة اليهودية والمسيحية والإسلامية على قدسية هذا الوادي ، فليست كلّ بقعةٍ أرضيةٍ على اﻷرض ذات قدسيةٍ أو طهارة، فبعض بقاع اﻷرض جعل الله لها قدسية خاصة، ذكرها الله في القرآن الكريم، مثل بيت المقدس وما حوله { سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِیۤ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَیۡلࣰا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِی بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِیَهُۥ مِنۡ ءَایَـٰتِنَاۤۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡبَصِیر } الإسراء 1.
(سُورَةُ الإسْراءِ)
، والكعبة المشرفة والصفا والمروة، والوادي المقدس في البقعة المباركة بوادي طوى بأرض سيناء المقدسة ، هذا الوادي الذي أكدّ الله على قدسيته واختاره من بين بقاع الأرض لتكليم نبيه موسى فيه، ولم يكن ذلك باﻷمر الهين بل له من العظمة ماله، ومن القدسية التي أحاطت بذلك الوادي من نزول الملائكة الصافين المسبحين ،ومما يخفى علينا نحن البشر معرفته ، ويبقى السّرّ في هذه القدسية العظيمة لذلك الوادي عند الله الواحد القهار العليم الخبير بكافة مخلوقاته .

ا________________________ 
[5]. المصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج 5، ص 293.
[6]. ابن منظور، لسان العرب، ج 4، ص 508.
[7] .المصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن، ج 5، صص 293 ـ 295.
[8]. مجموعة من المؤلفين، موجز دائرة المعارف الإسلامية، ج 22، ص 969

شواهد من تاريخ الأدعية على موقع جبل الطور " حوريث " :  
وَاَسْأَلُكَ اللّهُمَّ بِمَجْدِكَ الَّذى كَلَّمْتَ بِهِ عَبْدَكَ وَرَسُولَكَ مُوسَى بْنَ عِمْرانَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِى الْمُقَدَّسينَ فَوْقَ اِحْساسِ الْكَرُّوبينَ (الْكَرُّوبِيّينَ) فَوْقَ غَمآئِمِ النُّورِ فَوْقَ تابُوتِ الشَّهادَةِ فى عَمُودِ النّارِ وَفى (وَاِلى) طُورِ سَيْنآءَ وَفى جَبَلِ حُوريثَ فِى الْوادِ الْمُقَدَّسِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْاَيْمَنِ مِنَ الشَّجَرَةِ وَفى اَرْضِ مِصْرَ بِتِسْعِ آيات بَيِّنات.[9].
ا________________________
[9]. مقطعٌ من دعاء السمات رواه الشيخ الطوسي، والسيد ابن طاووس، والشيخ الكفعمي، ونقله العلامة المجلسي عن الشيخ البهائي.

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } الأعراف187.
يسألونك عن الساعة أيّان مرساها : السؤال عن ميقات يوم القيامة وتاريخ حدوثه .

{ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ }  الشعراء38 .
فجمع السحرة : هو ميقات يوم الزينة الذي تمّ تحديده لإثبات أو إبطال نبوة موسى عليه السلام وللمواجهة مع فرعون، وهو اليوم  الذي نصر الله فيه نبيه موسى عليه السلام على سحرة فرعون { فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ 119 وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ 120 قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } 121 اﻷعراف .

شذراتٌ قرآنية :

{ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ } الدخان 40 .
{ لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ }الواقعة 50 .
{ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ  }  المرسلات 11 .
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ﴿١٧ النبإ﴾ .
{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَٰلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) } المدثر.
{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ } المؤمنون101.
يوم معلوم : وهو يوم القيامة ،ويوم الموازين والفصل، والتوقيت عام لكافة البشرية ، وهو يوم الحشر اﻷكبر.
ميقات يومٍ معلوم : معلومٌ توقيته، ومدته، وأحداثه ، وهذه الإحاطة والمعلومية بكافة تفاصيله هي خاصة في علم الغيب لله لا يعلمها إلا هو عالم الغيب والشهادة، وإن وردتنا بعض الروايات عن النبي" ص" إلّا أن الإحاطة الكلية 
للٌه وحده .
{ فإذا نقر في الناقور } : هي النفخة في الصور فيموت اﻷحياء ثمّ ينفخ أخرى فيقوم الأموات والنشور للحساب .

فإذا نفخ في الصور : والفاء في قوله-تبارك وتعالى-: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ.. للتفريع، أى: لتفريع ما بعدها على ما قبلها، وهو الحديث عن أهوال يوم القيامة.
والصور: هو البوق الذي ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله-تبارك وتعالى-.
قال الآلوسى: قوله: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ شروع في بيان نفس الحاقة، وكيفية وقوعها، إثر بيان عظم شأنها، بإهلاك مكذبيها.
والمراد بالنفخة الواحدة: النفخة الأولى، التي عندها يكون خراب العالم.
وقيل هي النفخة الثانية.
والأول أولى، لأنه هو المناسب لما بعده .
وجواب الشرط قوله: فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ.
أو قوله: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ.
أى: فإذا نفخ إسرافيل في الصور بأمرنا.
وقعت الواقعة التي لا مفر من وقوعها، لكي يحاسب الناس على أعمالهم.
ووصفت النفخة بأنها واحدة، للتأكيد على أنها نفخة واحدة وليست أكثر، وللتنبيه على أن هذه النفخة- مع أنها واحدة- تتأثر بها السموات والأرض والجبال، وهذا دليل على وحدانية الله-تبارك وتعالى- وقدرته[11].
ورد النفخ في الصور في القرآن في قوله: 
{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ }  الزمر 68.
 وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن النفخ في الصور يكون مرتين :
 الأولى يحصل بها الصعق، والثانية يحصل بها البعث مستدلين بالآية.[12]
ا___________________________
[10]. موقع المعاني 
[11]تفسير الوسيط 
[12]ورد النفخ في الصور في القرآن في قوله: Ra bracket.png وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ Aya-68.png La bracket.png سورة الزمر:68. 

اﻷوقاتُ التي أقسم الله بها في القرآن الكريم لعظمة شأنها وهي ثمانية أقسام ، والوارد ذكرها في هذا السفر المبارك : 
1- وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ* وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}. [الفجر، آية: 1-4]
2- {وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. [الضحى، آية: 1-2]
3- {وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. [العصر، آية: 1-3]
4- {كَلَّا وَالْقَمَرِ* وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ* وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ}. [المدثر، آية: 32-34]
5- {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ* وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}. [التكوير، آية: 17-18]
6- {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ* وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ* وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}. [الانشقاق، آية: 16-18]
7- {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا* وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا* وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا* وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا}. [الشمس، آية: 1-4]
8- { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى* وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل، آية: 1-2].

شذراتٌ قرآنية : 

نرى بأنّ ما مرّ من الآيات الكريمة أعلاه من أقسامٍ أقسم الله بها تعالى بمخلوقاتٍ له ، ما هي إلا أوقات زمنية لها من العظمة، والشأن، والتدبير الكوني الشيء الكثير ؛ والمتعلق بحركة الكون وما فيه، وعلى الإنسان العاقل التدبر والتفكر في كيفية خلقها وإبداع صنعة الله تعالى .
الليل، النهار ،الفجر ،السحر ،العصر ، الصبح ،الضحى، الشفق .
القمر وحساباته ولياليه وتأثيراته المتعالية الصنعة على حركة الكون بأكمله .
عسعسة الليل، وتنفس الصبح بإشراق شمس النهار، والشفق واتساقه وكلّ تلك اﻷقسام  تشير لأمورٍ عظيمة مازال الإنسان  يجهل الكثير الكثير منها .
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا } الإسراء (85).
يمر الإنسان في ست مراحلَ من عمره ،بدءًا من مرحلة عالم الذر وخلق اﻷرواح، ثمّ مرحلة اﻷصلاب، ثمّ مرحلة اﻷرحام ، ثمّ مرحلة الحياة الدنيا ، ثمّ مرحلة البرزخ، ثمّ مرحلة البعث والنشور ، وهذه المراحل السّت كلها تمر عبر مسافات الزمن ،وأهمّ أزمنة تلك المراحل هو زمن الحياة الدنيا، وهي فترة عمره المعدودة، والتي تتوقف ساعاتها بتوقف دقات قلبه وحلول الفناء الدنيوي، ولذلك كان الحرص وكل الحرص على كيفية التصرف في هذه المرحلة من العمر، وقبل نفاذ أيامه ولياليه، حيث لا ينفع الندم بعد انقضاء المرحلة الدنيوية ، فحقيقة الحياة الدنيوية مقهورةٌ بالموت والفناء، ونرى دلالة ذلك وأهميته من خلال هذه الآية الكريمة :
{ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } المؤمنون 99 - 100.
حتى إذا جاء أحدهم الموتُ : هي فترة انتهاء العمر، والخاصة بكلّ مخلوقٍ على انفراد .

وفي ختام هذه المقدمة والدراسة المتواضعة في كتاب ( الوقتُ والميقات في القرآن ) للباحث اﻷديب شاكر السامرائي أورد هذه الآية الشريفة المباركة التي يحثّ الله فيها عبادَه على اكتساب الصالحات، واستثمار الأوقات الزمنية، للإتيان بطيبات اﻷعمال الدنيوية والآخروية لتكون مسك الختام .
{ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }. آل عمران 133.

والحمد للّه ربّ العرش العظيم الذي أكرم أمتَه الضعيفة بتقديم هذا السِفر المبارك رآجيةً من الله اللطيف الحكيم حسن القبول من مؤلفه ومنّي إنّه الجواد الكريم الذي لا يضيع أجر العاملين .
وصل اللهمّ وسلم على حبيبك محمدٍ وآل محمدٍ كما صليت وسلمت على خليلك إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على حبيبك محمدٍ وآل محمدٍ كما باركت على خليك إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميدّ مجيد.

مع فائق امتناني للأديب والباحث الفذ الاستاذ شاكر السامرائي لثقته الكريمة بمنحي شرف ووسام تقديم هذا السِفر المبارك ، مع أطيب دعواتي لشخصه الكريم بدوام مثل هذا العطاء المثمر .
ا===================

  
ا

السبت، 7 أكتوبر 2023

دراسة وشذرات قرآنية

{ دراسةٌ وشذراتٌ قرآنيّةٌ في كتاب " الوقتُ والميقاتُ في القرآن الكريم " للأديب أ. شاكر السامرائي  } 

بقلم/ أ.د. أحلام الحسن
  
المقدمة : 
    {{ وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }} 

بسم اللٰه الرّحمٰن الرّحيم والحمد للّه ربّ العالمين حمدًا يليق بجلال عظمته، وقدسية ذاته ، وديمومة سلطانه ،
 والصلاة والسلام على خاتم اﻷنبياء والمرسلين سيدنا محمدٍ وعلى آله المنتجين، ورضي اللٰه عن صحبه المتقين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
مما لا شكّ فيه أنّ القرآن الكريم من أعظم الكتب السماوية المنزلة على البشرية، بل وخاتم الكتب السماوية المقدسة، والذي نزل به الروح الأمين "سلام الله عليه" على نبينا محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله ؛ فهو مصدر التشريع الإلٰهي، وهو الرسالة الخالدة بتعاليمها وأحكامها لكلّ من يملك قلبًا سليمًا، وعقلًا راجحًا، ومنارًا فكريًا، وعلمًا نافعًا يُرشد به الآخرين إلى سُبل الرشاد والمعرفة ،ومن تسديد الله تعالى وتوفيقه جمع هذا السِفر المبارك الذي بين أيدينا لمؤلفه الأديب الباحث شاكر السامرائي، وهو كاتبٌ وباحثٌ له باعه الطويل في كتابة مثل هذه المؤلفات ، حيث تجاوزت مؤلفاته عشرات الكتب التي صبّ فيها خلاصة دراساته وأبحاثه في علوم القرآن الكريم .
ولقد تميز هذا السفر المبارك " الوقتُ والميقات في القرآن " بدقته المتناهية في جمع وتحصيل أهمّ الآيات الشريفة الواردة في الوقت والمواقيت في القرآن الكريم، ووفق منهجيةٍ يزينها حُسنُ البيان ، وطلاقة اللسان، فجزاه اللٰه عن القرآن والإسلام والمسلمين خير ما في الدنيا والآخرة إنه الجواد الكريم .
كما أنّ من عظيم منن الله تعالى عليّ أن اختار شخصي الفقير المتواضع لتقديم هذا السِفر المبارك من خلال مؤلفه القدير ، ولعلّ اللٰه جلت قدرته هو من ألهمه هذا الاختيار، فأسأل اللٰه العلي العظيم بأن يجعلني عند حسن ظنّه بي، وأن يسدد شخصي المتواضع لما يرضيه عنّي من بيان بعض شذرات وعبيق ما جاء في هذا السِفر المبارك، على يد عبده الصالح شاكر السامرائي .

ا=======================

إطلاقات المصطلح : 
إِطْلاقُ مُصْطَلَحِ الدَّهْرِ في عِلْمِ الفِقْهِ في مَوَاطِنَ مِنْ كُتُبِهِ وَأَبْوَابِهِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ: كِتَابُ الصِّيَّامِ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى مَعْنى صَوْمِ الدَّهْرِ وَحُكْمِهِ، وَكِتَابُ الأَيْمَانِ وَالنُّذُوْرِ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى حُكْمِ مَنْ حَلَفَ لا يُكَلِّمُ شَخْصاً دهرًا، وَكِتَابُ الرِّدَّةِ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى مَعْنى الدَّهْرِيَّةِ وَحُكْمِهِمْ. 

التعريف اللغوي : 
الزَّمانُ قَلَّ أَو كَثُر، وَقِيْلَ: الزَّمَانُ الطَّوِيْلُ، وَقِيْلَ: الأَبَدُ المَمْدُودُ لا يَنْقَطِعُ، وَقِيْلَ: يَقَعُ عِنْدَ العَرَبِ عَلَى بَعْضِ الدَّهْرِ الأَطْوَلِ، وَقِيْلَ: الدَّهْرُ مُدَّةُ بَقَاءِ الدُّنْيَا كُلِّها مِنْ ابْتِدَائِهَا إِلى انْقِضَائِهَا، وَقَالَ آخَرُوْنَ: بَلْ دَهْرُ كُلِّ قَوْمٍ زَمَانُهُمْ، والدَّهْرُ أَيْضاً: النازِلَةُ، والهِمَّةُ، والغايَةُ، والعادَةُ، والغَلَبَةُ؛ وَجَمْعُ الدَّهْرِ: أدْهُرٌ ودُهُورٌ. [1]

شذراتٌ قرآنيّة : 

إنّ للوقت أهميةٌ كبرى في حياة الإنسان، وخاصةً في مرحلة الإنسان الرابعة وهي مرحلة الحياة الدنيوية، التي فيها يُحدد الإنسانُ مصيره الآخروي، فهي مرحلة الإمتحان والاستعداد لمرحلة الميقات والحشر اﻷكبر للبشرية،
بمعنى أنها هي المرحلة التي يتزوّد فيها ومنها الإنسان بالزاد الآخروي، ومن هنا تأتي أهمية استغلال الوقت وعدم إضاعته في اللهو واللغو { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } سورة المؤمنون ( 3 )، واستغلال الوقت الاستغلال الأمثل يدلّ على العقلية الراجحة والفكر الصائب، وطرق استغلال الوقت طرقّ عديدةٌ فيما ينفع الإنسان بها نفسه، أو فيما ينفع البشرية للدنيا والآخرة، فكلّ الديانات السماوية حثّت على استغلال الوقت استغلالًا يرجع على صاحبه وعلى المجتمع البشري بالنفع والمصلحة، فالابتكارات العلمية والصحية بكافة أنواعها تعود على الإنسانية بالفائدة العظمى والتي يؤجر عليها الإنسان، يقول الله جلّت قدرته في محكم كتابه المبين :
 { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } سورة النحل 97 . 

ا_____________________________
[1] . موسوعة المصطلحات الإسلامية
 
تعريف و معنى الدهر :
جمع دهور وأدهر ، الزمان الطويل. (فقهية)
دَهَرَ: (فعل) 
دَهَرَ، يَدْهَرُ، مصدر دَهْرٌ
دَهَرَ القَوْمَ مَكْروهٌ : نَزَلَ بِهِمْ دَهَرَ بِالقَوْمِ مَكْروهٌ
دَهْر: (اسم) 
دَهْر : مصدر دَهَرَ
دَهر: (اسم) 
الجمع : أَدْهار و أَدْهُر و دُهور
الدّهْرُ : مُدَّةُ الحَياةِ الدُّنْيا كُلُّها وَتُطْلَقُ على أَلْفِ سَنَةٍ الجاثية آية 24وَقالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَياتُنا الدُّنْيا نَموتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ (قرآن)
الدّهْرُ: الزمانُ الطويلُ
في أَوَّلِ الدَّهْرِ : في أَوَّلِ الزَّمانِ
في آخِرِ الدَّهْرِ : نِهايَة العالَمِ
الدّهْرُ: الزمانُ قلّ أَو كثر الإنسان آية 1( هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَان حينٌ من الدهر )
عضَّه الدَّهْرُ بنابه: أصابه بشرّه،
قرَعتهم قوارعُ الدهر 
دَهريّ: (اسم) 
دَهريّ /دُهريّ
اسم منسوب إلى دَهْر/ دَهَر
رجل دَهْرِيٌّ: ملحدٌ ... .
(الفلسفة والتصوُّف) فرقة مادّيّة ظهرت في العهد العبَّاسيّ جحدت الصانع المُدبِّر وقالت بقدم الدَّهر، وبأنّ العالم لم يزل موجودًا كذلك بنفسه، كما أنكرت أيّ شيء لا يمكن إدراكُه بالحواسّ [2] 
ا_________________________
[2]. معجم المعاني الجامع

موجزٌ حول ما جاء في دهرية الدولتين الأموية والعباسية : 

( كان من المنطقي أن تختفي الدهرية بعد ظهور الإسلام وامتداد التوسعات في فترة الخلفاء الراشدين، لكنهم عادوا للظهور مرة أخرى خلال الفترة الممتدة من أواخر عصر الدولة الأموية إلى أوائل عصر الدولة العباسية (724 – 775)، وبالتحديد من فترة حكم الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك (724 – 743) حتى حكم الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور (754 – 775).
ويذكر الدكتور محمود محمد السيد خلف في دراسته «جهود العلماء في مواجهة جماعة الدهرية. الإمام أبو حنيفة نموذجًا (105- 158هـ/ 724- 775م)»، أن هذه الفترة كانت أكثر الفترات التي تعرضت فيها الأمة الإسلامية للاضطرابات الداخلية نتيجة الخلافات السياسية، وسمح ذلك بعرض كثير من الأفكار «الشاذة» وفي مقدمة هؤلاء الدهرية [3].

ويرصد الدكتور أحمد أمين في كتابه «ضحى الإسلام»، أن ظهور الدهريين كان أوضح وأكثر في الدولة العباسية منها في أواخر الدولة الأموية، لأن الدهرية في بعض معانيها (وهو الشك والإلحاد) إنما تقترن عادة بالبحث العلمي، وهو في العصر العباسي كان أبين وأظهر، ذلك أن العلم الذي شاع في العصر الأموي كان دينيًا، من جمع للحديث وتفسير للقرآن، واستنباط للأحكام الشرعية منهما، وهذه العلوم لا تثير في النفوس شكوكًا تبعث على الجنوح الفكري الدهري [4] .
ا________________________
 [3] . جهود العلماء في مواجهة جماعة الدهرية -دراسة - محمود محمد السيد خلف .
 [4] ضحى الإسلام د. أحمد أمين .

شذراتٌ قرآنية : 

من المعروف أنّ قضية الدهريين قضيةٌ من قبل ظهور الإسلام ، حيث قامت توجهات الناس الدينية والفكرية في الجاهلية على أربع قوائمٓ يذكر منها : 
1- عبادة الأصنام .
2- الباقون على الحنفية من الموحدين .
3- الدهريون من الملحدين والمشركين . 
4- الباقون على اليهودية والنصرانية من بين موحدٍ ومشرك .
وفي خضم هذه التيارات المناهضة للدعوة الإسلامية المحمدية " ص" كان للدهرين والمشركين صوتهم في انكار الدعوة الإسلامية وانكار البعث والنشور، ونسبة ما يحدث من أحداثٍ إلى الدهر ! وكأن الدهر كائنٌ حيٌّ يقوم مقام الربوبية والرّبّ الغير معبود ، ومن الجدير بالذكر خروج طائفةٍ مجددةٍ من الدهريين في العصر العباسي أطلق عليهم مسمى زنادقة جمع زنديق، ولعلّ التيارات السياسية المتوترة في فترة العباسيين فتحت المجال لظهور هذه المعتقدات الإلحادية، ولعلّ هنالك توجهاتٌ سياسية لدى بعض الحكام العباسيين ك هشام ابن عبد الملك لاتهام بعض أولئك بالإلحاد والزندقة والدهرية، أو لعلّ ههنالك عوامل أو رواياتٍ ساعدت على احتضان فكرة الدهر ،وتبقى الحقائق في بطن التاريخ .
{ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ }
24 الجاثية.

ا__________________________
 

شذراتٌ قرآنيّة : 

مما جاء في المواقيت المهمة في القرآن الكريم والتي تطرّق إليها الكاتب في سِفره المبارك هذا " الوقتُ والميقات في القرآن " ما يلي : 

{إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ } الحجر 38  . 
الوقت المعلوم: ميقاتُ يوم القيامة .

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }189 البقرة .
الأهلة : مواقيتُ الشهور القمرية والآية الكريمة بصفةٍ خاصةٍ تشير لمواقيت فريضة الحج .

{ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا }  النساء 103.
كتابًا موقوتا : مواقيتُ الصلوات المفروضة .

{ وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } الأعراف 142

ثلاثين ليلةً وأتممناها بعشر : ميقاتُ الله لنبيه موسى عليه السلام وتكليمه إياه وهي من المواقيت العظيمة التي كررها القرآن العظيم في عدة سورٍ وفي سورة اﻷعراف خاصة . 

{ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي ولٰكن انظُر إلى الجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ } الأعراف 143.

( ولكن انظر إلى الجبل : ذكر العديد من المفسرين والمؤرخين إلى أنّ موقع هذا الجبل يمتد في سلسلة جبال سيناء مصر ويسمى جبل حوريث بالوادي المقدس .

{ يا مُوسى إِنِّىٓ أَنَا۠ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } طه 12.
يقع طور سيناء في جنوب صحراء سيناء، بين سلسلة من الجبال، في شمال شرق مصر عند الحدود الواقعة بين فلسطين والأردن والمملكة العربية،[5] وقيل يقع في الشام،[6] واحتمل البعض أنّ ما يطلق عليه طور سينا هو سلسلة من الجبال، وما يطلق عليه طور سينين هو قِسمٌ من أراضي سيناء.[7] ويقع دير سانت كاترين من قرب هذا الجبل ويقال أنه أقدم دير . [8] .

قدسية وادي طوى : 
 اتفقت الطوائف والأديان السماوية الحديثة اليهودية والمسيحية والإسلامية على قدسية هذا الوادي ، فليست كلّ بقعةٍ أرضيةٍ على اﻷرض ذات قدسيةٍ أو طهارة، فبعض بقاع اﻷرض جعل الله لها قدسية خاصة، ذكرها الله في القرآن الكريم، مثل بيت المقدس وما حوله { سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِیۤ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَیۡلࣰا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِی بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِیَهُۥ مِنۡ ءَایَـٰتِنَاۤۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡبَصِیر } الإسراء 1.
(سُورَةُ الإسْراءِ)
، والكعبة المشرفة والصفا والمروة، والوادي المقدس في البقعة المباركة بوادي طوى بأرض سيناء المقدسة ، هذا الوادي الذي أكدّ الله على قدسيته واختاره من بين بقاع الأرض لتكليم نبيه موسى فيه، ولم يكن ذلك باﻷمر الهين بل له من العظمة ماله، ومن القدسية التي أحاطت بذلك الوادي من نزول الملائكة الصافين المسبحين ،ومما يخفى علينا نحن البشر معرفته ، ويبقى السّرّ في هذه القدسية العظيمة لذلك الوادي عند الله الواحد القهار العليم الخبير بكافة مخلوقاته .

ا________________________ 
[5]. المصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج 5، ص 293.
[6]. ابن منظور، لسان العرب، ج 4، ص 508.
[7] .المصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن، ج 5، صص 293 ـ 295.
[8]. مجموعة من المؤلفين، موجز دائرة المعارف الإسلامية، ج 22، ص 969

شواهد من تاريخ الأدعية على موقع جبل الطور " حوريث " :  
وَاَسْأَلُكَ اللّهُمَّ بِمَجْدِكَ الَّذى كَلَّمْتَ بِهِ عَبْدَكَ وَرَسُولَكَ مُوسَى بْنَ عِمْرانَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِى الْمُقَدَّسينَ فَوْقَ اِحْساسِ الْكَرُّوبينَ (الْكَرُّوبِيّينَ) فَوْقَ غَمآئِمِ النُّورِ فَوْقَ تابُوتِ الشَّهادَةِ فى عَمُودِ النّارِ وَفى (وَاِلى) طُورِ سَيْنآءَ وَفى جَبَلِ حُوريثَ فِى الْوادِ الْمُقَدَّسِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْاَيْمَنِ مِنَ الشَّجَرَةِ وَفى اَرْضِ مِصْرَ بِتِسْعِ آيات بَيِّنات.[9].
ا________________________
[9]. مقطعٌ من دعاء السمات رواه الشيخ الطوسي، والسيد ابن طاووس، والشيخ الكفعمي، ونقله العلامة المجلسي عن الشيخ البهائي.

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } الأعراف187.
يسألونك عن الساعة أيّان مرساها : السؤال عن ميقات يوم القيامة وتاريخ حدوثه .

{ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ }  الشعراء38 .
فجمع السحرة : هو ميقات يوم الزينة الذي تمّ تحديده لإثبات أو إبطال نبوة موسى عليه السلام وللمواجهة مع فرعون، وهو اليوم  الذي نصر الله فيه نبيه موسى عليه السلام على سحرة فرعون { فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ 119 وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ 120 قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } 121 اﻷعراف .

شذراتٌ قرآنية :

{ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ } الدخان 40 .
{ لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ }الواقعة 50 .
{ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ  }  المرسلات 11 .
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ﴿١٧ النبإ﴾ .
{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَٰلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) } المدثر.
{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ } المؤمنون101.
يوم معلوم : وهو يوم القيامة ،ويوم الموازين والفصل، والتوقيت عام لكافة البشرية ، وهو يوم الحشر اﻷكبر.
ميقات يومٍ معلوم : معلومٌ توقيته، ومدته، وأحداثه ، وهذه الإحاطة والمعلومية بكافة تفاصيله هي خاصة في علم الغيب لله لا يعلمها إلا هو عالم الغيب والشهادة، وإن وردتنا بعض الروايات عن النبي" ص" إلّا أن الإحاطة الكلية 
للٌه وحده .
{ فإذا نقر في الناقور } : هي النفخة في الصور فيموت اﻷحياء ثمّ ينفخ أخرى فيقوم الأموات والنشور للحساب .

فإذا نفخ في الصور : والفاء في قوله-تبارك وتعالى-: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ.. للتفريع، أى: لتفريع ما بعدها على ما قبلها، وهو الحديث عن أهوال يوم القيامة.
والصور: هو البوق الذي ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله-تبارك وتعالى-.
قال الآلوسى: قوله: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ شروع في بيان نفس الحاقة، وكيفية وقوعها، إثر بيان عظم شأنها، بإهلاك مكذبيها.
والمراد بالنفخة الواحدة: النفخة الأولى، التي عندها يكون خراب العالم.
وقيل هي النفخة الثانية.
والأول أولى، لأنه هو المناسب لما بعده .
وجواب الشرط قوله: فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ.
أو قوله: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ.
أى: فإذا نفخ إسرافيل في الصور بأمرنا.
وقعت الواقعة التي لا مفر من وقوعها، لكي يحاسب الناس على أعمالهم.
ووصفت النفخة بأنها واحدة، للتأكيد على أنها نفخة واحدة وليست أكثر، وللتنبيه على أن هذه النفخة- مع أنها واحدة- تتأثر بها السموات والأرض والجبال، وهذا دليل على وحدانية الله-تبارك وتعالى- وقدرته[11].
ورد النفخ في الصور في القرآن في قوله: 
{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ }  الزمر 68.
 وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن النفخ في الصور يكون مرتين :
 الأولى يحصل بها الصعق، والثانية يحصل بها البعث مستدلين بالآية.[12]
ا___________________________
[10]. موقع المعاني 
[11]تفسير الوسيط 
[12]ورد النفخ في الصور في القرآن في قوله: Ra bracket.png وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ Aya-68.png La bracket.png سورة الزمر:68. 

اﻷوقاتُ التي أقسم الله بها في القرآن الكريم لعظمة شأنها وهي ثمانية أقسام ، والوارد ذكرها في هذا السفر المبارك : 
1- وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ* وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}. [الفجر، آية: 1-4]
2- {وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. [الضحى، آية: 1-2]
3- {وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. [العصر، آية: 1-3]
4- {كَلَّا وَالْقَمَرِ* وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ* وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ}. [المدثر، آية: 32-34]
5- {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ* وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}. [التكوير، آية: 17-18]
6- {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ* وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ* وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}. [الانشقاق، آية: 16-18]
7- {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا* وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا* وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا* وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا}. [الشمس، آية: 1-4]
8- { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى* وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل، آية: 1-2].

شذراتٌ قرآنية : 

نرى بأنّ ما مرّ من الآيات الكريمة أعلاه من أقسامٍ أقسم الله بها تعالى بمخلوقاتٍ له ، ما هي إلا أوقات زمنية لها من العظمة، والشأن، والتدبير الكوني الشيء الكثير ؛ والمتعلق بحركة الكون وما فيه، وعلى الإنسان العاقل التدبر والتفكر في كيفية خلقها وإبداع صنعة الله تعالى .
الليل، النهار ،الفجر ،السحر ،العصر ، الصبح ،الضحى، الشفق .
القمر وحساباته ولياليه وتأثيراته المتعالية الصنعة على حركة الكون بأكمله .
عسعسة الليل، وتنفس الصبح بإشراق شمس النهار، والشفق واتساقه وكلّ تلك اﻷقسام  تشير لأمورٍ عظيمة مازال الإنسان  يجهل الكثير الكثير منها .
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا } الإسراء (85).
يمر الإنسان في ست مراحلَ من عمره ،بدءًا من مرحلة عالم الذر وخلق اﻷرواح، ثمّ مرحلة اﻷصلاب، ثمّ مرحلة اﻷرحام ، ثمّ مرحلة الحياة الدنيا ، ثمّ مرحلة البرزخ، ثمّ مرحلة البعث والنشور ، وهذه المراحل السّت كلها تمر عبر مسافات الزمن ،وأهمّ أزمنة تلك المراحل هو زمن الحياة الدنيا، وهي فترة عمره المعدودة، والتي تتوقف ساعاتها بتوقف دقات قلبه وحلول الفناء الدنيوي، ولذلك كان الحرص وكل الحرص على كيفية التصرف في هذه المرحلة من العمر، وقبل نفاذ أيامه ولياليه، حيث لا ينفع الندم بعد انقضاء المرحلة الدنيوية ، فحقيقة الحياة الدنيوية مقهورةٌ بالموت والفناء، ونرى دلالة ذلك وأهميته من خلال هذه الآية الكريمة :
{ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } المؤمنون 99 - 100.
حتى إذا جاء أحدهم الموتُ : هي فترة انتهاء العمر، والخاصة بكلّ مخلوقٍ على انفراد .

وفي ختام هذه المقدمة والدراسة المتواضعة في كتاب ( الوقتُ والميقات في القرآن ) للباحث اﻷديب شاكر السامرائي أورد هذه الآية الشريفة المباركة التي يحثّ الله فيها عبادَه على اكتساب الصالحات، واستثمار الأوقات الزمنية، للإتيان بطيبات اﻷعمال الدنيوية والآخروية لتكون مسك الختام .
{ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }. آل عمران 133.

والحمد للّه ربّ العرش العظيم الذي أكرم أمتَه الضعيفة بتقديم هذا السِفر المبارك رآجيةً من الله اللطيف الحكيم حسن القبول من مؤلفه ومنّي إنّه الجواد الكريم الذي لا يضيع أجر العاملين .
وصل اللهمّ وسلم على حبيبك محمدٍ وآل محمدٍ كما صليت وسلمت على خليلك إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على حبيبك محمدٍ وآل محمدٍ كما باركت على خليك إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميدّ مجيد.

مع فائق امتناني للأديب والباحث الفذ الاستاذ شاكر السامرائي لثقته الكريمة بمنحي شرف ووسام تقديم هذا السِفر المبارك ، مع أطيب دعواتي لشخصه الكريم بدوام مثل هذا العطاء المثمر .
ا===================

  
ا

الجمعة، 22 سبتمبر 2023

قصيدة البردة المحمٌديّة

قصيدة البردة المحمديّة 
أ.د.أحلام الحسن

{{ البُردةُ المحمّديّة }}

١- ألغَادِيَاتُ الرّائِحَاتُ تَجسّدِي 
  في مَقدِمِ المَأمُولِ هَيّا واسجُدِي

٢- صَلِّي عَليهِ وسَلّمي بِتَحيّةٍ 
    فيها المُرادُ وبالوَفاءِ تزوّدِي 

٣- هَل مِثلُ أحمَدَ بالغٌ في مَجدِهِ
     فَمُباركٌ  ومُبارَكٌ  بالمَولِدِ 

٤- هٰذا الرّبيعُ لقد أتى في بَهجَةٍ
    فَمُحَمّدٌ  شَبَهٌ لهُ لم يُوجَدِ

٥- فَتَبَدّدَت سُحبُ السّماءِ وأشرَقَت
   شَمسُ النّبوّةِ بالبَهَاءِ السّرمَدِي 

٦- عَكَسَت على وجهِ السّمَاءِ سِمَاتُهُ
    كُلَّ المَرَايا  بالجَمَالِ الأنضَدِ 

٧- وكَأنّهُ  حُلُمٌ  تَحَقّقَ  فَجْأَةً 
   حتّى بَدَت تِلكَ المَجَرّةُ باليَدِ 

٨- مِن سَاجِدٍ ولسَاجِدٍ صُلبٌ لهُ
   في السّاجِدينَ تَقَلّبًا والأَمهُدِ 

٩- مِن ربّهِ وحيٌ  ظَلِيلٌ وقعُهُ
    جِبرِيلُهُ قد شَدّ أزرَ المُجهَدِ 

١٠- ولِخَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامِ كَرَامَةً 
     يَا مَكّةَ اﻷخيَارِ قُومِي وانشُدِي 

١١- مَا أوسَمَ الوَجهَ المَليحَ لأحمَدٍ 
     كَالبَدرِ  كَانَ  كَمَالُهُ  المُتَوَرّدِ

١٢- مَا أعظَمَ الإلهَامَ في قَسَمَاتِهِ 
   مِن نُورِهِ جَمَعَ الصّفَاءَ العَسجَدي

١٣- خَرَّ الوَلِيدُ بسَجدَةٍ ثُمّ استوَى 
     سُبحَانُهُ من مُكرِمٍ  للسُّجّدِ

               ا *** ا

١٤- يَا نَفسُ إن شِئتِ الوَجَاهَةَ لاحِقًا
   عَهدًا إلى ربّ ِ السّماءِ فَجدّدِي 

١٥- بِكِتَابِهِ  قَامَ  النّبيُّ  مُجاهِدًا
    مِسكُ الخِتَامِ نِزَولُهُ كَي نَقتَدِي
 
١٦- ذَاكَ الّذي ضَاءَ الوُجُودَ بَيَانُهُ 
   نَهجًا مِنَ الدّينِ القَوِيمِ لِنَهتَدَي

١٧- يُملِي على تِلكَ القُلوبِ هِدَايَةً 
    قُرآنُهُ  فِيهِ الهُدَى والسُّؤدَدِ 

١٨- طَاهَ الّذي جَحَفَ الجَهُولُ مَقَامَهُ
      لا تَستَقِيمُ  هِدَايةُ  المُتَرَدّدِ

١٩-  قُرآنُهُ  بِبَلاغةٍ  وفَصَاحَةٍ  
      إعجَازُهُ فيهِ هَوَانُ المُلحِدِ 

٢٠- مَولايَ هَب لنبيّنا الأجرَ الّذي
    واعَدتَهُ ومِنَ العَطَاءِ  الأزوَدِ 

٢١- فَهُوَ البَشِيرُ ومَن سُوَاهُ مُبَشّرٌ 
     وهُوَ النّذِيرُ بِعَزمِهِ المُتَوَقّدِ 

٢٢- فَتَبَارَكَ الفُرقَانُ فِي تَنزِيلِهِ
      آيَاتُهُ  فِي قَلبِهِ  كالأَوتُدِ 

٢٣- يَا أيّها المُزّمّلُ الهَادِي الّذي 
       لِلعَالمِينَ بِهِ نَجَاةُ المُهتَدِي 

٢٤- أُهدِيتَ مِن فَوقِ السّمَاءِ مَفَازَةً 
      ورِسَالَةً  لِلعَالَمِ  المُتَشَرّدِ 

٢٥- أدّبتَ تِلكَ النّفسَ دُونَ فَظَاظَةٍ 
     فِي مَعشَرِ المَعبُودِ والمُستَعبَدِ 

٢٦- فِي هَيبَةِ الوَحيِ الّذي بِنِزُولِهِ
     عَهدُ البداوَةِ فِيهُمو أضحَى نَدِي

٢٧- بِتَدَثّرٍ  وتَزَمّلٍ  وتَصَبّرٍ 
    كَانت خَدِيجَةُ كالمِهَادِ الأوسَدِ 

٢٨- كَم أسفَرَت عن حُبّها كم أظهَرَت
      نِعمَ  النّسَاءِ  لِقَلبِهِ المُتَجَرّدِ

٢٩- فِي طُورِهِ  فِي رِقّهِ  لَهِدَايَةٌ 
  شَفَتِ العَليلَ منَ الضّلالِ الأرمَدِ      

٣٠-يَقتَاتُ من نَفَسِ النّبوّةِ عَزمَهَا 
   فِي كُلّ نَازلةٍ تَحُومُ وتَعتَدِي 

٣١- -لا تَستَطِيبُ عبادةٌ في أرضِهِا 
       صَنَمٌ عَقِيمٌ واقِفٌ بالمَسجِدِ 

٣٢- حَلّت بِأَرضِ النّاسِكَينِ رِحَالُهُ 
      وكَأنّهُ عَودُ الخَلِيلِ الأوطَدِ

٣٣- لِيُوَطّدَ الأركَانَ بَعدَ خُمُولِها
    ويُكسّرَ الأصنَامَ كِسرَ الأَوبَدِ

٣٤- فَالذّارِيَاتُ الحَامِلاتُ تَوَهّجَت
   والجَارِيَاتُ فَقَد غَدَت كالمَرصَدِ  

٣٥- مَا إن تَلَوتَ لِسُورَةٍ فِيها الهُدَى 
     حَتّى تَعُودَ لِمِثلِهَا كَي تَبتَدِي 

٣٦- تِلكَ الفَضِيلَةُ جُلّهَا قد خَصّصَت
      عِبءَ الرّسَالَةِ لِلمَقَامِ اﻷمجَدِ 

                  ا***ا 
٣٧- سُبحَانَ من أُسرَى بِهِ فِي لَيلَةٍ 
     وبِرِفقَةِ الرّوحِ  الأمِينِ الأَجوَدِ 
    
٣٨- حتّى دَنَا مِعرَاجُهُ  مُتَدَلّيًا 
   بَل قَابَ قوسَينِ استَوَى بتهجّدِ 

٣٩-صَلّى عليكَ اللٰهُ في مَلَكُوتِهِ 
    مَن لم يُطعكَ تَكبّرًا لم يَهتَدِ 

٤٠- يا عَاتِقًا هٰذي الرّقَابَ شَفَاعَةً 
     ألمُذنِبُونَ  تَرَاهُمُ  بالمَوعِدِ 
                     
٤١- تِلكَ الشّفَاعَةُ بالمَعَادِ مَقَامُهَا
    أنتَ الّذي لِلمُذنِبِ المُستَنجِدِ 

٤٢- أنتَ الشّفيعُ إذا تَزَلزَلَ مَوقِفٌ 
    ولِتُدرِكَ العَاصِي ومَن بالمَوقِدِ

٤٣- وَتَوَالَتِ الأصوَاتُ أينَ المُصطَفَى 
     فِي أمرِهِ  نَيلُ المُنى  للمَقصَدِ  

٤٤- مَا عَادَ  مِثلِيَ أن يَلُوذَ  بِغَيرِهِ
    مَن لِلعَتِيقِ  المُذنِبِ المُتَوَجّدِ 

٤٥- فَتَبَارَكَ الرّحمَانُ جَادَ عَطَاؤهُ
     لِلعَالَمِينَ  ولِلجُفَاةِ  العُنّدِ 

٤٦- يَا رُوحُ جُودِي بالسّكِينَةِ واخضَعِي 
   ودَعِي الوَسَاوِسَ كُلّهَا واستَنجِدِي 

٤٧- بِمُحَمّدٍ   وبآلِهِ  خَيرُ الوَرَى 
    بَعدَ  الإلٰهِ  الوَاحِدِ  المُتَوَحّدِ

٤٨- من لي سُوَى سُفُنِ النّجاةِ عَزِيمَةً
      يَنَجُو مَصِيرُ الخَاسِرِ المُتَكَبّدِ 

٤٩- فَالنّفسُ لم تَرغَب بِغَيرِ هُوَاهُمُ
      وَالقَلبُ لا يَسلُو ودَونَ  تَرَدّدِ 

٥٠- يَا سَاكِنًا رُوحِي ومَرفَأَ مُهجَتِي 
  هَب لي دُعاءَكَ سيّدِي هٰذِي يدِي 

٥١- يَا نَفسُ أوفِي بَيعَةً لِلمُصطَفَى 
    فِيها الوَفاءُ  وبِالوَلاءِ  تَقَيّدِي

٥٢- لا تَغفَلي عن وصلِهِ لو سَاعَةً 
     لا تَبهَضِي حَقًّا لَهُ لا تَعمَدِي

٥٣- وتَقَاسَمِي حُلوَ الحَيَاةِ ومُرّهَا 
      في حُبّهِ  ولِآلِهِ  فَتَوَافَدِي 

٥٤- ألخَاشِعُونَ الثّابِتُونَ بِصَبرِهِم 
     والصّادقُونَ بعَزمِهِم بالمَوعِدِ 

٥٥- كَاللُؤلُؤِ المَرصُوصِ في بُنيَانِهِ
     هُم هٰكذا قد  آمنوا بالأَرشَدِ 

٥٦- ألرّاحِلُونَ  إليهِ لا لم يَخسَرُوا 
     رَبِحُوا وقد نَالوا ثَبَاتَ المَورِدِ 

٥٧- وبِأَحمَدَ المَحمُودِ في أوصَافِهِ
      خُلقٌ  عَظِيمٌ  أُسوَةُ  المُتَهجّدِ 

٥٨- يَا أُمّةَ التّوحِيدِ قُومِي وابصُمِي 
     عَشرًا عَلَى عَهدِ البَقَاءِ وجدّدِي 

٥٩- لمُحمّدٍ  ومَقَامِهِ ذاكَ الهُدَى 
     بالبَاقِياتِ الصّالحَاتِ تَزَوّدِي

٦٠- طَبعُ الكَرِيمِ إذا تَظَاهرَ عَيبُهُ
أن يَستَفِيقَ منَ السُّباتِ المُفسِدِ

٦١- شَغَفُ الفُؤادِ مِنَ الهَوَى لا يَنتَهِي 
     فَلتَلجُمِي ثَغرًا لَهُ باﻷَصفُدِ 

٦٢- بِشَكِيمَةِ التّهذِيبِ هَيّا عَاجِلي
    فِي دَفتَرٍ هٰذي الخَطَايَا  قَيّدِي 

٦٣- واستغفِرِي ألفًا وألفًا فَوقَهَا
  لِمَكَارمِ الأخلاقِ هِبّي واصعَدِي.

٦٤- صُحفٌ إذا نُشِرَت تَبَعثَرَ أهلُها 
    وكَمَا السُّكَارَى بَعدَ نَومِ الرُّقّدِ 

٦٥- ثَوبَ الخَلاعَةِ والدّنَاءَةِ فاهجُرِي
     أبَدًا لهُ  لا تَقرَبي  لا تَرتَدِي 

 ٦٦- هٰذِي الحَقِيقَةُ كُلّها فَتَفَهّمِي 
       لا لا تَكُوني لُعبَةَ المُتَمَرّدِ

٦٧- بِتَصَاعُدٍ  وتَمَزّقٍ   وتَفَرّقٍ 
     كم فِرقَةٍ صَارَت بَنِارِ المَوقِدِ 

٦٨- لا تَجرَحِي قَلبَ النَّبيّ ِ بِغَفلَةٍ
     لا تُخجِلِي وجَهًا لَهُ فِي المَورِدِ

٦٩- جَمَعَ الهُمَومَ بَيَانُهُ ومِعَادُهُ
     مُنذُ البِدَايَةِ للنّهَايَةِ والغَدِ 

٧٠- أهدَاهُ رَبُّ العَالَمِينَ مَكَانةً 
    ويَعِيشُ زُهدَ عِبَادَةِ المُتَعَبّدِ 

٧١- فَالوَحيُ فِيهِ مُلَازِمٌ شَعّ الهُدَى 
    مِن مُرشِدٍ للرّاشِدِ المُستَرشِدِ 

 ٧٢- لا يَستَرِيحُ إلى الرُّقَادِ وَكُلّما 
     جَاءَ المَسَاءُ فَصَحوَةُ المُتَعَبّدِ 

٧٣- فِي لَيلِهِ  ونَهَارِهِ  فِي سَعيِهِ
    نَحوَ  الرّسالَةِ  لِلرّجَاءِ  الأَبعَدِ 

٧٤- وَالفَضلُ وَالأخلَاقُ وَالذّكرُ الّذِي 
       مَنَحَ الحَيَاةَ  لِقَلبِهِ  المُتَهَجّدِ 

٧٥- لا يَنثَنِي عَن أمرِ خَالقِهِ إذا 
   هَاجَت نُفُوسٌ بالغَبَاءِ المُلحِدِ 

٧٦- يَتلُوهُ شَاهِدُهُ ومَن أَولَى بِهِ 
     بَينَ الجُفُونِ مَكَانُهُ  كَالأَثمَدِ 
 
٧٧- خَسِأَ الّذي مَن قَالَ فيهِ أبتَرًا 
     ذَاكَ الحَقُودُ بِغَيّهِ المُتَعَربِدِ

٧٨- أيَكُونُ ظَمآنًا يُكبّلُهُ الأسَى 
    ولَهُ يَنَابِيعُ الفُرَاتِ الأرفَدِ

٧٩- أعطَاهُ ربُّ العَرشِ خَيرَ عِبَادِهِ
     مِن أَطيَبِ النّسلِ البهِيّ ِالأَخلَدِ 

٨٠- لم تُنجِبِ الأصلَابُ بِنتًا كَوثَرًا 
     فإذا رضَت رَضِيَ الإلٰهُ بِسُؤدَدِ

٨١- وإذا مَشَت ضَاءَ الدُّجَى بضِيَائِهَا
     وكَأنّهَا  بدرٌ مضى  بالفَرقَدِ 
        
٨٢- فِي كُلّ ِ أُفقٍ نَجمُهَا مُتَشَعشِعٌ  
     مِن مَشرِقٍ  ولِمَغرِبٍ  بالأَبجَدِ 

٨٣- أَسبَاطُهُ بَينَ الشّبَابِ سَادَةٌ  
     وسَطَ الجِنَانِ وبِالمَكَانِ الأوتَدِ 

٨٤- نَرجُو الوُصُولَ إلَيهُمُ بِشَفَاعَةٍ
     في المَحشَرِ المُتَلَاطِمِ المُتَلَبّدِ  

٨٥- ولِزَينَبَ الكُبرَى عَظِيمُ مَكَانَةٍ 
   يَمّمتُ نَحوَ جَبِينِهَا في مَقصَدِي

٨٦- حتّى أَفُوزَ بنَظرَةٍ فِيها المُنَى 
   تَشفِي الفُؤادَ وبالسّلامَةِ أَهتَدِي
          
٨٧- لِلمُصطَفَى أهدِي وِدَادَيَ كُلّهُ
  يَالَيتَ نَفسِي في هَوَاهُم تَفتَدِي

٨٨- عُمرِي وجِسمِيَ فِي المُرَادِ لكَم بُلِي
      لا خُنتُ يَومًا عَهدِيَ المُتَعَهّدِ

٨٩- لَو كَانَ حَالِيَ في جِوَارِ دِيارِكُم  
       لَلَزَمتُكم دُونَ الفِرَاقِ المُجهِدِ 

٩٠- يَا زَائِرًا قَبرَ النَّبيّ ِ المُصطَفَى 
   قُم وارتَجِل نَحوَ البَقِيعِ المُبعَدِ 

٩١- إِقرَأ على طَاهَ السّلَامَ وقُل لَهُ 
     شَغَفِي إِليهِم لَم يَزَل هَوَ مُجهِدِي 
      
٩٢- يَا دَوحَةَ الأَقمَارِ قُومِي وانعَمِي
        بِمُحَمّدٍ  وبِآلِهِ  فَتَجَدّدَي 

٩٣- لَولَاهُ لَم نَعرِف سَبِيلًا لِلهُدَى 
      لَولَاهُ  كُنّا كَالطُّفَيلِ الأَبلَدِ 

٩٤- أَكرِم بِهِ مُستغفِرًا لِذِنُوبِنَا
  طَمَعَي إلى طِيبِ الدّعَاءِ الأَحمَدِي                                              

٩٥- يمّمتُ نَحوَكَ طُلبتي يَا سيّدي
      عَتَبُ الفُؤادِ يَلُومُنِي وتَوَجُّدِي 

٩٦- كم حاجةٍ منها الفؤادُ مُوَلولًا 
  أودَعتُها في جَنبِ رَوضكَ سيّدي

٩٧- فَلعلّ مِن كَرمِ الإجابةِ أحتَسي
     كأسَ المَعِينِ بفضلِهِ والسّؤددِ 

٩٨- والصّفحَ عن ذنبي الذي قد هدّني 
     هُوَ مُنيَتي في كلّ ليلِ  تَهَجُّدي 

٩٩-  ها قد  أتيتُ  بِبَابِهِ  مُتسوّلًا 
    أنا مُعدَمٌ  ربّي وحاليَ مُجهِدِي 

١٠٠- ومِنَ الشّفاعةِ أبتغي مِن مَنهلٍ
    يَصفو بهِ عيشي ويَحلُو مَرقَدي 

١٠١- في جُودِ عَفوِكَ يا إلٰهِيَ مَأمَلي 
    في عيشةِ السّعداءِ يَحظى مَقعَدي 

١٠٢- إن قلَّ زاديَ في صِحافيَ جُملةً 
      أنتَ الذي مِن جُودِ زادِكَ مَورِدي 
 
ا=======================
  أ.د. أحلام الحسن
أوّل شاعرةٍ تكتب قصيدة البردة النبويّة على صاحبها وآله المصطفين اﻷخيار صلوات الله وسلامه
من ديوان الشاعرة السادس" شطآنٌ بها جراح "
ا=======================

٢٥ - في مَعشَرِ المَعبُودِ والمُستَعبَدِ : زمنَ الجاهلية والرّقّ ِ والعبودية .
٣٢- النّاسِكَينِ : إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما سلام الله .
٥٥- الأرشَد : رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الطاهرين.
٧١- مِن مُرشِدٍ للرّاشِدِ المُستَرشِدِ :
من مُرشِدٍ : المعني بها جبريل عليه السلام .
للرّاشِدِ المُسترشِدِ : المعني بها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله الأطهار.
٨٢- بالأبجَدِ : حروف الهجاء وفي ذلك إشارة لنسل فاطمة الزهراء عليها السلام المتكاثر والمتعدد اﻷسماء .
٨٣- إليهمُ : إشباع إليهمو .

ا======================