الثلاثاء، 6 أكتوبر 2020

يانكسة التاريخ

من جديد حرفي المتواضع بمناسبة أربعينية الإمام الحسين عليه وعلى أنصاره رضوان الله وسلامه 
 أعظم الله أجوركم وأثاب مودتكم

"  يا نكسةَ التّاريخ  " 

يا أيُها القلبُ النّقيّ ودادُهُ
قُم للحسينِ وقدّمِ التّبجيلا

قَبّل لمثوَاهُ الذي بدمائهِ
شاءَ الإلهُ بأن يراهُ قتيلا

بمَ أستهلُّ وبالفؤادِ  مرارةٌ 
تُدني القضاءَ تحثّهُ تعجيلا 

أسفًا فلن تُجدي النّدامةَ حسرةٌ
فيها الحسينُ مُجدّلًا تجديلا

تبكيكَ عينيَ يا حُسينُ بلوعةٍ
فاهدِ  الفؤادَ لدمعِهِ  مِنديلا 

يامن على دينِ الإلهِ نضالُهُ
ربٌّ حباكَ فكن لديهِ جميلا

يا معدنَ التّوحيدِ يا عَلَمَ الهُدى
يابن الّذين توَارثوا  التّأويلا

إنّي ليهجُرني الكرى مستسمحًا 
ولذكركم  باتَ المنامُ  بخيلا

ولكَم بكت من رُزءِ آلِ مُحمّدٍ 
تلك العيونُ ووحّدت تهليلا

تبكي على دينٍ لهم  مُتبعثرٍ 
تلك الرّزايا استفردتْ تبديلا

ظنّوا بأنّ النّصرَ كان حليفهم
وبآلِ  أحمدَ  مثّلوا  تَمثيلا

لم يُجدهم طمسٌ لهُ ولآلهِ 
بل زادَهُ ربُّ  العُلا  تأصيلا

فتكايدوا وتظاهروا وتعللّوا 
قد زادهم  ذاكَ الغرورُ غليلا

واكربتاهُ على قتيلٍ بالثّرى 
من موتهِ يُهدي الحياةَ دليلا

ما القتلُ قاتلُهُ وليس براحلٍ 
موتُ الحُسينِ يُفسّرُ التّأويلا 

ماهكذا الدّينُ الذي لمحمّدٍ
من جورهم قد أهملوا التّنزيلا

داست خيولٌ صدرَهُ فتهشّمت 
تلك الضّلوعُ وسارعوا التّنكيلا

جيشٌ وفي أهدافِهِ شرُّ القضا
عشقَ السّيوفَ وزادها تقبيلا

لم تُثنهِ تلك السّيوفُ وإن بدت
دولًا وفي حكّامهم  تدويلا

ظنّوا بقتلِ السّبطِ نيل مُرادهم
خسئوا وما نالوا بهِ  التّبجيلا

تلك حصونهم التي قد أرعدت 
في كربلا وتفرعنتْ  تذليلا

قد دُكدكتْ عارًا على عارٍ بهم
كم لعنةٍ باتت لهم تحصيلا

ذاكَ المُدافعُ والذي باعَ الدّنا
يَفدي  عبادةَ  ربّهِ  إكليلا  

وبجيدِهِ هذي السّيوفُ تلاحمت
سوءُ النّوَايا أكّدتْ تَضليلا

يا نكسةَ التّاريخِ يا عارَ الهوى 
كم أشعلتْ بين العبادِ فَتيلا

في ظنهم قتلوا الحُسينَ وصحبِهِ
قَهَرَ الحُسينُ الموتَ والتّغسيلا

د.أحلام الحسن
بحرُ الكامل

ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء

حنين الأربعين

يازهره قومي بحنين     _   سيري الكربله ألحين
خذي السّجاد يسير وياچ   _  خذي زينب تزور احسين

آه ياوادي كربله ولحزان 
ما رحمتْ احسين بالميدان 
ماشفته  اشكثر  عطشان 
ما شِفتْ لوعة  النّسوان

عتبي عليك في كل حين  _  ليش اسِلبتْ منّي احسين 
يازهره  قومي   بحنين    _  سيري إلكربله  ألحين 

  وخذيني  لعند  قبره     
  أشمْ أمن النّحر عطره 
 وبقلبي تشتعل  جمره 
 وما إلنا  سوى  الله 

شوفي أشبالچ والتّكوين _ شوفي اشصار بلمحبين 
يازهره قومي  بحنين    _  سيري إلكربله ألحين 

وچم يا كربله اتشربين 
دما وخيامْ  إتحرقين 
ومن الوديان چم جبتين 
وعلى قتلاچ بعد تبچين ! 

بسچ يا كربله اچتلين  _ وعلى الوديان تتعدين 
يازهره قومي  بحنين  _ سيري  إلكربله ألحين 

يا زهره إتقطّتْ  أوصالْ
يازهره  إتيتمتْ  أطفالْ 
يا زهره  إذّبحتْ  أبطال
وانهدمتْ  مساجدنا 

ما شفتي عبّاس ولجفّين _ ما شفتي اضلوع  احسين 
يازهره  قومي  بحنين    _   سيري  إلكربله ألحين 

چم شهيد وقع بالميدان 
وچم قتيل من الرّضعان 
وچم  إتكسّرتْ  ضلعان 
وما سلمتْ حرايرنا 

يازهره قومي  بحنين  _ سيري إلكربله ألحين 
خذي السّجاد يروح وياچ _ خذي زينب تزور إحسين

والرّضع يازهره لا تنسيهم 
لرضيع إحسين تأخذيهم 
وضلوع  الشّهيد   لمّيهم 
لضلوع  إحسين  ودّيهم 

يازهره قومي بحنين   _  سيري إلكربله ألحين 
خذي السجاد يروح وياچ  _  خذي زينب تزور احسين 
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء

قصيدةٌ عامية من ديواني " من محبرة قلبي ".
خادمة  أعتابهم 
د. أحلام الحسن

الثلاثاء، 21 يوليو 2020

أصدق الصدق

أحدث قصائدي للتو انتهيت منها 
أتمنى أن تنال على اعجاب صديقاتي وأصدقائي الأعزاء أصحاب الذوق الأدبي الرفيع 

أصدقُ الصّدق ..

قبل هجرانكَ لي قُل واعترف لي 
فلقد أودعتُ 
روحي عند أطرافِ ضلوعكْ 
قم وسلها حينما تغفو عيونُكْ 
قد تراها داخلَ الغرفةِ تهذي هذيانًا 
لا تقل إمضي 
دعيني خلفَ أنّاتي وَعُودي 
إنّني طفلٌ صغيرٌ حينما يبكي أنيني 
وأنا الشّيخ الذي هِمتُ كسيرًا في وقاري
زادَ ضعفي
 قلّةُ الصّبرِ وخوفي من هواكِ 

حيلتي ضاعت وأبديتُ افتقاري
فدعيني فيلسوفًا مثل قيسٍ 
أنا ما زلتُ وجيعًا عالجي جُرحي تعالي 
لا تلومي 
في الهوَى صمتيَ هذا وانفعالاتِ
جنوني 
لوعةٌ بي داهمتني عذّبتني 
في فؤادي
 سوفَ أخفي عنكِ ناري واشتياقي 

أينَ أنتِ الآن عنّي؟! 
يا خيالًا قد أتاني ورماني في جراحي 
كم لهُ أشدو رهيفًا 
رغم سُقمي رغم بُعدي 
في ليالٍ عاندتني أرهقتني
كم وكم قد أوجعتني 
تلك عيناكِ بها قد عاتبتني 
أنا لا أملكُ ذاتي فافهميني 
رغم أنّي قد وضعتُ القيدَ حولي 
وبنفسي قَهَرَتني سنواتي 
وبذاتي لستُ أهوَى البُعدَ عنكِ

نبضاتي أنتِ فيها .. همساتي أنتِ فيها 
ألفُ آهٍ زاحمتني حول قلبي 
أنتِ لحنٌ لم يزل بي 
أنتِ قيدٌ لا أُطيقُ الفكَّ عنهُ 
هاتفًا بي أنتِ لي لا لن تكوني 
نجمةً في ليلِ غيري 
سامحيني إن بدت منّي انتفاضهْ 
إن أصابَت وجدَ قلبي 

لا تَقُدّي لي قميصًا يا حياتي
إنّني من دونَ قدّ ٍ أتمزّقْ 
فارتقيني وخُذي منّي وريدًا 
قبل موتي كي يُغذّي بعد موتي 
 دمُهُ لونَ شفاكِ 

واذكريني عند قبري 
أنتِ من فجّرتِ ذاتي بعد صمتٍ 
فأجيبي بوضوحٍ 
فلماذا يا زفيري وشهيقي 
قد رميتِ السّهمَ تنوَينَ قتالي 
رغم أنّي قد رضيتُ اليومَ موتي واغتيالي 

 بحر الرمل 
د.أحلام الحسن 
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء

مسلم ابن عقيل

قصيدةٌ في مدح مسلم ابن
عقيل رضوان الله عليه وهي أحدث قصائدي المتواضعة معدة لديواني الرابع" ليالي الحلم" أسأل الله الكريم بأن تحظى على اعجابكم أصدقائي الأعزاء

"مسلم ابن عقيل " رضي الله عنه وأرضاه 

"مسلم ابن عقيل"

تمرّ اللياليْ والفؤادُ رسائلُ
فطرفي عليهم والعيونُ مناهلُ

إذا حلّتِ الأفكارُ صِلتُ بلوعتي
لذكرى حسينٍ  والجروحُ محافلُ

بقلبٍٍ كسيرٍ والضّلوعُ تداخلت 
كطيرٍ جريحٍ دون عشّ ٍ يُعاضلُ  

همومٌ بكوفانٍ أحاطت بمسلمٍ 
فسلهُ عنِ الأنصارِ كيف تخاذلوا

أيا ويلَ من ضاقت ليالٍ بعمرِهِ
غريبًا وقد مالت أناسٌ وضُلّلوا 

ومن بعدِ صونِ العهدِ عادوا لنَقضِهِ  
نفاقًا كما الصّلصالِ كِذبًا  تشكّلوا
 
يجولُ بِطَرفِ العينِ عمّن تعهّدوا 
إلى الله يشكو مَن بغدرٍ تحاملوا 

فلم يلبثوا خلفَ الصّلاةِ لساعةٍ  
فغارت نواياهم وعهدًا تجاهلوا

فما كلّ خلّ ٍ في الوفاءِ ركِيزةٌ
وما كلّ خلّ ٍ في الجهادِ مناضلُ 

أضاعوا مواثيقَ الوَلاءِ ورَفدِهِ
أمن بعد بذلِ العهدِ هَدّت معاولُ

بدا الدّهرُ خوّانًا، لئيمٌ  مُرادُهُ
يرى الدّينَ مقلوبًا وفيه تخايلُ

جحودٌ ولم يُسلم فؤادٌ لهُ ولم 
يَصن دينَهُ دومًا بِكِبرٍ  يُجادلُ 

فذا مُسلمٌ مِن بينهم في نضالِهِ 
وحيدًا بصولاتِ الجهادِ يناضلُ 

فلا ينخدع قومٌ بسفكِ دمائهِ
وإن طالتِ الأيدي وقامت أراذلُ

وإن داعبت تلك المنايا رياضَهُ 
فكلّ شجاعٍ في الحروبِ يواصلُ

تهونُ  عليهِ النّفسُ نصرًا  لدينِهِ 
إذا ما ألمّت فيهِ تلك الزّلازلُ 
 
ستحكي لنا الأيّامُ كيف تكابدوا 
عليهِ  بأرضِ الرّافدينِ نوازلُ 

فكيف بمن  فرّت  لواذًا دعاتُهُ 
وأنّى ينامُ الليلَ والليلُ عاذلُ

تذكّر  أيا قصرَ  الإمارةِ  أنّني 
بسيفٍ منَ الأمجادِ كنتُ أُنازلُ 

وإنّي  لمقدامٌ  ومابي  مخافةٌ 
وبالحربِ صوّالٌ وإن لاحَ قاتلُ 

وذنبي فلا داهنتُ يومًا منافقًا 
ولا بعتُ إسلامي ولستُ أُبادلُ 

وما كان عذري غير نيلِ شهادةٍ 
ونصرَ حسينٍ طُلبتي لا  أُماطلُ 

وإنّي لكأسِ الموتِ حتمًا لشاربٌ 
بموتٍ  على مرضاةِ  ربّي  أُقابلُ 

ومن طيبِ كأسٍ قد شرِبتُ مَنيّتي 
وإنّي لذاكَ الدّربِ ماضٍ  وراحلُ 

ولولا كثيرُ الغدرِ قامت قيامةٌ 
ولولا ميولُ النّاسِ بارت رذائلُ

 وما نالني رميٌ بقاعِ حفيرةٍ 
ومن كان مثلي عَزمُهُ لا يُجاملُ 

ولكنّ  عمري داهمتهُ  ذيولهم  
ومن فوق عالي القصرِ يَرميهِ فاعلُ

 وحيدًا أتيتُ اليومَ للبِيضِ والقنا 
ولم أخشَ من سيفٍ ليَ اليومَ قاتلُ 

ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء
د. أحلام الحسن
الخميس 11/6/2020

أيا فؤادا

أيا فؤادُ .. 

ماتَ الذّبيحُ ببينهِ وبسرّهِ 
جرحٌ وما أدميتموهُ بعمرِهِ

جاءَ الطّبيبُ مداويًا لجراحِهِ 
كلّ الجروحِ تظافرت في صدرِهِ

سألَ الفؤادَ أيا فؤادُ منِ الذي 
أدماكَ من طعناتِهِ وبشرِّهِ

باتَ الفؤادُ بنبضِهِ متوَلولًا 
خوفَ الإجابةِ أن تشينَ بوطرِهِ

يفنى القتيلُ وهمّهُ في قلبِهِ 
يبكي النّوائبَ لوعةً في عمرِهِ

قد كان بينكمو ولم تتفكّروا
ما كانَ أقسى أمركم في عُذرهِ

يهدي إليكم في الودادِ وفاءَهُ 
تُهدُونَهُ من غدركم  في ظهرِهِ

واليومَ تبكونَ  الحنونَ لفقدِهِ 
لا تسكبوا الدّمعَ الجحودَ لذكرِهِ

كُلُّ الجفونِ تساقطت بدموعها 
كدموعِ  قابيلَ الذي في وزرِهِ

ماتَ الحبيبُ فلا صباحٌ مُشرقٌ 
طُويَ البساطُ وخِدرُهُ في قبرِهِ 
 
فلتسكبوا ماءً  على  أوداجِهِ 
من مدمعٍ قبلَ الفراقِ وأمرِهِ

تلكَ الحفيرةُ إن تكن قبرًا لهُ 
أطيافُها تغدو بهِ  وبعمرهِ

وسيبتلي ذاك الجهولُ بمدمعٍ 
متمنّيًا ليت الحبيب بدارهِ

أوبعدما مزّقتَهُ إربًا بكت
كفّاكَ من ندمِ الغرورِ وغدرهِ ! 

ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء

حتى كلماتي

حتى كلماتي ..

هاقد لففتُ رسائلي عطّرتُها
أرسلتها شوقًا 
إلى عينيهِ 

قد بحتُها لم أستطع كتمانها 
لتنامَ في  مهدٍ 
على خدّيهِ 

حملَ الوصالَ إليّ رغمَ قطيعتي
أشواقُهُ بانت على شفتيهِ 

عانقتُهُ حتّى بكت أوراقُها
كعناقِ طفلٍ قد 
رأى أبويهِ

بانَ الشّعورُ  وكُلّهُ صارحتُهُ 
وشوَشتُهُ وهمستُ 
في أذنيهِ

ورميتُ شوقي كلَّهُ في صدرِهِ 
ووجدتُ أحلامي 
على كفّيهِ 

وصحوتُ من حلمي الذي أحبارُهُ
لقصيدةٍ  كُتبت 
لهُ  وإليهِ 

تغريدةً  كانت ومن أشواقِهِ 
تُهدي ودادًا والودادُ
 لديهِ 

كي يعرفَ الأشواقَ في نيرانها 
ويفكّ قيد سلاسلي
  بيديهِ 

وشعورهُ  في قيدهِ  داريتُهُ 
ياليتني مِثلُ القميصِ 
عليهِ 

أو بعض عطرٍ  فاخرٍ  بثيابِهِ 
أو كأس ماءٍ قد سقت
 شفتيهِ

كي أستحيلَ كخمرةٍ  بشفاههِ 
هذا  الفؤادُ كأنّهُ  
في التّيهِ 

حتّى دواويني الّتي لملمتُها
طارت لهُ نطقت 
على جنبيهِ 

وقصائدي بعد السّباتِ استيقظت 
مذهولةً صارَ الهوى
 ضعفيهِ 

وعجبتُ من قلبي فكيف يبوحُهُ 
من بعد أن ماتَ الشّعورُ  
لديهِ 

في غفلةٍ ما كان في حسبانِهِ 
لم يَصطَبِر ذاك الشّعورُ  
عليهِ 

حتى أحاسيسي الّتي عاندتُها
لم ترعَ لي  باحت
 لهُ وإليهِ

وبلهفةٍ  حملَ الودادَ كأنّهُ 
لطفولةٍ قد عاودت
 قدميهِ 

عاتبتُهُ ونسيتُ أنّيَ مَثلهُ
وضفائري نامت 
على كتفَيهِ

بحر الكامل معارضة  لقصيدة أيظنّ للشاعر الكبير نزار قباني رحمه اللّه
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء

غيوم الغيث

28
 .
غيومُ الغيث ..

أيا نُبلًا ومن قلبٍ
كلامًا منهُ يهدينا

فكم  وجدٍ  وأنّاتٍ 
بليلِ السُّهدِ تُشقينا

ومن عذبِ الكلامِ أتت
غيومُ الغيثِ وادينا

وإن بَعُدت مضاربُنا 
وإن وعُرت صحارينا

غماماتٌ  سحاباتٌ 
سَتُمطرُ في برارينا 

ثمارَ الحُبّ تُطعمُنا 
وكأسَ الشّهدِ تُسقينا

وتعفو عن خطايانا
تكيلُ الحُبّ عشرينا 

حنينَ الرّوحِ كم أبدت
تُسامرُ  في  دياجينا 

ومن وردٍ لكَم أهدت
ترشُّ العطرَ نِسرينا 

لنا  تهفو  متى غبنا
إذا  غابت  ليالينا 
 
تُشاركُنا  متاعبَنا 
لفرطِ الحُبّ ِ تَبكينا

كأنّ بطيننا استوفتْ 
فيؤلمُها الذي فينا 

وإن شحَّ الزّمانُ وَفَت 
كشمسِ الصُّبحِ تأتينا 

تُلملمُ  في  بقايانا 
وترفعُ من معانينا 

تداوي الجُرحَ في حينٍ 
وتمسحُ دمعنا حينا 

فكيف القلبُ يسلاها 
حناياها  لهُ  لِينا 

جميلُ الخُلقِ  يأسرُنا 
ويُهدينا  البراهينا 
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء
مجزوء بحر الوافر

أنا القتيل

26
أنا القتيل ..

كم قلتِ لي أهواكَ يا ملهمي 
كم قلتِ لي يا بسمةً في فمي 

أشبعتِني غدرًا ولم تَشبعي 
يكفي فؤادي صَفعةً فارحمي

عاهدتِني عهدًا ولم تنصفي 
ماذاك طبعٌ بالوفيْ فاعلمي 

لا تسكبي زيتًا على مهجتي 
لا تحرقي باقي الهوَى واعصمي 

لا تنثري جمرًا على رَيعِهِ
نارًا بقلبي لا فلا تضرمي 

لم تسمعي أصواتَ دقّاتِهِ
معدودةً  أيّامهُ  فافهمي 

مكتوبةً فوق الصّليبِ الذي 
أعددتِهِ يا حلوتي فاغنمي

قد بعتُ عمري ليس من يشتري 
من غيرِ دينارٍ ولا درهمِ 

من جائرِ الحكمِ الذي قُلتِهِ
أصدرتِهِ ضدّي كما المُجرمِ

لم تعرفي حبّي الذي قَدرُهُ 
أعدمتِهِ  شنقًا ولم  تندمي 

لا تقتفي أصواتَ  أنفاسِهِ 
لا تندُبيهِ  لا ولا تلطمي

لا تحفري قبرًا لهُ واتركي 
وجهًا جميلًا يرتوي من دمي 

إن تعرفي معنى الوفَا ساعةً 
مالُمتِني فِيهِ ولم  تظلمي 

لا تنطقي ذاك الكلام الذي 
زيّفتِهِ  كذبًا  ألم تعلمي !

كم لوحةٍ أهديتِني صورةً 
أتقنتِ في تزويرِها فارسمي 

إن تصدقي قولًا أيا مهجتي 
أهواكِ  ألفًا  عندما تبرمي 

ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء
وزنُ بحر السريع

وادي طوى

قصيدةٌ مهداةٌ لجامعة قناة السويس بمناسية افتتاح المؤتمر اﻷول للمعهد اﻷفرو آسيوي للدراسات العليا مع أطيب تحياتي ومودتي.

شعر/ أ.د.أحلام الحسن

مصر " وادي طوى"

أيا مِصرُ أنتِ لنا كَوكبٌ 
يضاهي النُجومَ لها يُسفرُ

فسيري إلى المجدِ ولترفَعي 
كيانًا لكِ اليومَ كم يُزهرُ 

بخيلاءَ فامضي عروسَ المَها
لمثلكِ يحلو لها المظهرُ 

فمنكِ العلومُ لقد أينعَت
صدورًا عقولًا ولا تقترُ

مجرّاتُ علمٍ بأقمارها 
قوَاريرُ تزهو المدى مَرمَرُ

بأرجائها كم حَوَت مَعلمًا
بهِ العلمُ والرّحبُ لا يُحظرُ

قناةُ السّويسِ مثالٌ لها
كجامعةٍ كم  بها  نفخَرُ

بمجدٍ عريقٍ وتاريخِهِ 
جميعُ الشّعوبِ لهُ تَذكرُ

بكلّ العلومِ لكم أبدعُوا،
فوانيسُ علمٍ بها  تَقمرُ

ومن منهجِ الحقِّ دستورُها
يَضمُّ القلوبَ بها يَظفرُ

بنهرِ الخلودِ اعتلينا القِمَمْ
فكلُّ الرّوابي بهِ تُثمرُ

زمامُ اﻷمورِ لفي رَيعِهِ
أصيلٌ وفيُّ الهوى كَوثَرُ

أيا نيلُ قم واسقِنا سُكّرًا 
وزدهُ غرامًا بهِ يُسكرُ

حَباها  الإلهُ  بأفضالِهِ
فأمُّ الوُجودِ هيَ المحورُ

كليمُ الإلهِ بوادي طُوَى
ﻷقدسِ أرضٍ لها يَنفِرُ

خَليعُ النّعالِ فلا أوطِئت 
لمُوسى هناكَ ولا يَقدرُ

هَواكِ أيا مصرُ في قالبي
بقلبي بهِ تنبضُ اﻷبهُرُ 

فَعِشقي هِيامٌ تَعَدّى الهوَى 
كَسِحرٍ هَوَاهُ بهِ جَوهرُ

فكيفَ الفِرارُ وبي عُلّقَت 
تماتمُ حُبّ ٍ فلا أقدرُ

بحر المتقارب المحذوف
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء

أنا القتيل

هذه جديدة أيضا 
أنا القتيل ..

كم قلتِ لي أهواكَ يا ملهمي 
كم قلتِ لي يا بسمةً في فمي 

أشبعتِني غدرًا ولم تَشبعي 
يكفي فؤادي صَفعةً فارحمي

عاهدتِني عهدًا ولم تنصفي 
ماذاك طبعٌ بالوفيْ فاعلمي 

لا تسكبي زيتًا على مهجتي 
لا تحرقي باقي الهوَى واعصمي 

لا تنثري جمرًا على رَيعِهِ
نارًا بقلبي لا فلا تضرمي 

لم تسمعي أصواتَ دقّاتِهِ
معدودةً  أيّامهُ  فافهمي 

مكتوبةً فوق الصّليبِ الذي 
أعددتِهِ يا حلوتي فاغنمي

قد بعتُ عمري ليس من يشتري 
من غيرِ دينارٍ ولا درهمِ 

من جائرِ الحكمِ الذي قُلتِهِ
أصدرتِهِ ضدّي كما المُجرمِ

لم تعرفي حبّي الذي قَدرُهُ 
أعدمتِهِ  شنقًا ولم  تندمي 

لا تقتفي أصواتَ  أنفاسِهِ 
لا تندُبيهِ  لا ولا تلطمي

لا تحفري قبرًا لهُ واتركي 
وجهًا جميلًا يرتوي من دمي 

إن تعرفي معنى الوفَا ساعةً 
مالُمتِني فِيهِ ولم  تظلمي 

لا تنطقي ذاك الكلام الذي 
زيّفتِهِ  كذبًا  ألم تعلمي !

كم لوحةٍ أهديتِني صورةً 
أتقنتِ في تزويرِها فارسمي 

إن تصدقي قولًا أيا مهجتي 
أهواكِ  ألفًا  عندما تبرمي

د.أحلام الحسن 
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء 

 الجمعة 3/7/2020
 بحرُ السريع

لاتكتبي لاتكذبي

القصيدة معارضة لقصيدة لا تكذبي للشاعر القدوة كامل الشناوي رحمه الله وعلى الرغم من الصعوبة في معارضة قصائد التفعيلة لتعدد واختلاف العرض والضرب فيها إلاّ أنّي بفضل الله تعالى له الحمد والشكر ولشدة حبي للقصيدة كتبت المعارضة مع إضافةٍ صغيرةٍ في الأخير أسأل الله الكريم بأن تكون على قدر حجم القصيدة الأصلية 
مودتي وباقات الورد لكلّ من يتابع حرفي المتواضع ..

لا تكذبي" لا تكتبي" ..

لا تكتبي إنّي ﻷَهْوَى أن نكونَ معا.
فَخُذي الوداعَ فلا أحبُّ اﻷدمُعا
هل هانَ عندكِ دمعُ عينيَ إذ جرى 
أم هانَ عهدكِ أن يقطّعَ أربعا
لا تكذبي 
في هاهنا كان الغرامُ وكنتما 
 في هاهنا 
فاحت عطورٌ فيكما. 
شفتاكِ في شفتيهِ في خدّيهِ 
في عينيهِ في كتفيهِ. 
ويداكِ تستبقانِ من
ولهٍ عليهِ.
تتبادلانِ الحُبَّ بالقبلاتِ تقتلني
 بسهمٍ كاللهيبِ. 
بالهمسِ بالبسماتِ بالغمزاتِ باللمساتِ
بالغدر العجيبِ
أشعلتِ في قلبي حريق.
ورميتِ بي فوق الطّريق.
وزرعتِ في قلبي الظّنونَ
تزورني ترتادُ ذُهني.
فلطالما صَدّقتُ عَهدكِ كلّهُ 
وطَرَدتُ شَكّي.
وطَرَدتُ شَكّي.
ماذا أقولُ ﻷضلعٍ
 مَهّدتُها 
دربًا إليكِ. 
ماذا أقولُ ﻷعيُنٍ 
أدمَيتُها دمعًا عليكِ.
أأقولُ ماتت.
أأقولُ خانت.
 أأبوحها ؟ 
لو بحتُها تكوِي جروحي. 
ياضيعتي 
لا لن أبوحَ ولن تقولي. 
لا تهربي لا تهلعي لا لا 
فلستُ بعاتبِ 
أيقظتِني بهزيمةٍ 
وهدمتِ قصرَ عجائبي 
أوأنتِ من أهدت لقلبيَ وردَهُ !! 
أوأنتِ من كانت لقلبيَ نبضهُ !!
فقتلتِهِ 
عجبًا فهل أدميتِ من أوفى لكِ. 
ورميتِهِ 
كوني لمن تَهوَينَ لكن 
لن تكوني. 
لي لن تكوني.
فلقد جعلتكِ في الهَوَى 
رمز الجنون.
"ورسائلُ الكِذبِ التي أرسلتِها لي.
فخذي بقاياها ولي
لا لا تعودي لا تعودي.
فلقد صحوتُ الآنَ
من سكراتِ حُبّكِ. 
ومنَ الجنونِ "
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء

الاثنين، 15 يونيو 2020

بحثٌ أكاديمي


                 {{  بحثٌ مقدّمٌ للمؤتمر الدولي الأول " الصلات الحضارية بين آسيا وأفريقيا
                     ماضيها وحاضرها ومستقبلها - معهد الدراسات الأفرو آسيوية
                              جامعة قناة السويس بالفترة  4-5 ديسمبر 2019  }}
                              
               بالتعاون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية والسفارة الأندونيسية وعددٍ من
         الجامعات والمعاهد الدولية والسفارات الأفريقية والأسيوية بجمهورية مصر العربية

      برعاية معالي أ.د طارق راشد رحمي رئيس جامعة قناة السويس - السيد/ حلمي فوزي
                                               سفير جمهورية أندونيسيا

                                             إشراف أ. د ماجدة هجرس
                                 نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث

                                                      رئاسة المؤتمر
                                                    أ. د حسن يوسف
                            عميد معهد الدرسات الأفرو آسيوية جامعة قناة السويس

                                                       محور البحث
                " المحور التربوي " باب الإدارة والقيادة التربوية لجودة التعليم "

                                                     عنوان  البحث
                      " الإدارة الحكيمة ودورها القيادي في ازدهار الحركة التعليمية "

                                       مقدمّ البحث : د. أحلام عبدالله حسن
                                      محاضر سابق معهد البحرين للتدريب 
                                           
                                                      مملكة البحرين
                                   
______________________________________________________________________                                                                                    

ملخّصُ البحث وأهمّ المحاور :

1- تعريف الإدارة - Defining Management " Defintion Management"

2-  المبحثُ الأول :
مهام ومهارات الإدارة الحكيمة وأثرها التربوي والتعليمي  Elements and Basics Of Wis Management." Quality Educational"          l .
دج
3- المبحثُ الثاني :
الإدارة والقيادة الفاشلة في المنشأة التعليمية " ظواهرها - أسبابها - أنواعها- نتائجها"
Management and failed leadership in the educational establishment "phenomena - causes - types - results " .

4-  المبحثُ الثالث :
طرق  ومعالجة ظاهرة الإدارة الفاشلة في المنظومة التعليمية "
" Methods and treatment of the phenomenon of failed management in the educational system ".

______________________________________________________________________

المقدمة
ا===== :-

لقد مارس الأولون عملية إدارة الأعمال وفق طبيعة حياتهم آنذاك، واعتمادًا على تجارب من سبقهم بذات العمل، كلٌّ في مجتمعه، وإن تباينت واختلفت طرق ممارسة العمل وتنافر بعضها وتجانس بعضها، فالنتيجة تبقى هي إدارة تلك الأعمال بطريقتين هما طريقة التجارب السابقة للأباء والإستفادة من أخطائهم وتجنب تكرارها، وإن كانت هذه طريقة مجدية إلى حدّ ما إلاّ أنّ مستحدثات متطلبات العمل لم تخضها تلك التجارب الماضية، مما سيضطرهم لخوض تجارب أخرى قد تصيب وقد تخيب، وعلى إثر سلبيات الخيبة تبقى الخسارة المادية أو المعنوية أو البشرية واردة لا محالة بسبب سوء الإدارة ومحدودية العلم الضيقة لديهم جيلاً بعد جيل،
حتى اتسعت رقعة الأعمال مابين تعليميةٍ واسعة الطّيف، متعددة المطالب، ومتنوعة التوجهات، وتعليميةٍ مهنية تزداد الحاجة إليها يومًا بعد يوم،ٍ وباستمراريةٍ غير قابلةٍ للتوقف، ومهنية بحتة باتت الحاجة إليها لا تقلّ عن الحاجة لحملة الدكتوراة والشهادات العليا، فهي الأيدي العاملة الحرفية في شتى المجالات الصناعية، ابتداءً من الصناعات الحرفية اليدوية البسيطة، والفنية الجميلة، وانتهاءً بالعلمية البحتة ، والصناعية المتعددة بمصانع السيارات والطائرات وبقية الصناعات ومختلف الصناعات، ومع تطورات الحياة ازدادت الحاجة لتأطير علم إدارة الأعمال في أطرٍ نظاميةٍ علميةٍ لتكون احدى العلوم الهامة التي لا يمكن الإستغناء عنها في والذي تحتاجه كافة تحركات المجتمع التعليمية والإقتصادية الطبية البنكية فكلّ المؤسسات لا تستطيع تحقيق نجاحاتها دون إدارة أعمالٍ مؤهلةٍ علميًا لتحمل مهامها، فهي عصب الحياة لكلّ مؤسسةٍ، ويعد علم إدارة الأعمال من العلوم الحديثة حيث تأسست أول كليةٍ لإدارة الأعمال على مستوى العالم في أوربا " ESCP Europe عام 1819وانتشرت فروعها في باريس ولندن ومدريد، تبعها تأسيس كلية وارتون لإدارة الأعمال في أمريكا عام 1881تبعتها فرنسا بإنشاء كليةإتش إي سي لإدارة الأعمال، وتوالت الجامعات العالمية الغربية والعربية وغيرها بإنشاء كلياتٍ لإدارة الأعمال لما لهذا العلم من الأهمية.

______________________________________________________________________

                                            {{{      المبحثُ الأول      }}}

{{{ مهام ومهارات الإدارة الحكيمة وأثرها التربوي والتعليمي  Elements and Basics Of Wis Management." Quality Educational"          l  }}}

أولًا :
    تعريفُ الإدارة
ا=============== :-

تعريف مصطلح ومهام إدارة الأعمال العليا Business Administration :

هي السلطة والقيادة العليا وهي أعلى هيئة بالمؤسسة وتندرج تحت عدة مسمياتٍ مثل رئيس مجلس الإدارة أو رئيس المؤسسة أو المدير العام ..
وبيد هذه الإدارة تشكيل المجلس والمدراء التنفيذيين ونواب المدراء ؛ وتشكيل الهيكل الوظيفي، وإمكانية وضع القوانين الخاصة بالمؤسسة، وبعملية تطبيق المنهج العلمي في مزايا إدارة الأعمال، ليخرج بأفضل النتائج التي تقلل إلى حدّ ٍ كبيرٍ من خسارة المؤسسة المادية، والمعنوية، والوظيفية، وبقدرته على مواجهة المشاكل التي تتعرض لها المؤسسة بوضع أفضل الحلول المناسبة لها، فعلم إدارة الأعمال لا يأتي كلّ ثماره دون فنّ ٍ وحنكةٍ في كيفية تطبيقه
  لما تتمتع به هذه الإدارة من علمٍ ومعرفةٍ وامكانياتٍ ذهنيةٍ تمكنها من الرؤية بعين الصواب في غالبية قراراتها الإدارية وتحليل المواقف وبُعد النظرة الثاقبة والتنبّؤ بالنتائج. 
تعتبر الإدارة العليا علمًا وفنًّا وعملاً  وحنكة وبراعة بدون هذه المميزات لا ينجح المدير الإداري أو التفيذي في مهامه ولقد تمّ تعريف المصطلح بعدة تعريفاتٍ كلها تنصب في مصبّ ٍ واحدٍ..
 وأطلق عليها اصطلاحاً مسمى الإدارة العليا، حيث منها تنطلق الخطط والرؤى والأهداف لسياسة المؤسسة أيًا كانت منظومة هذه المؤسسة، حكوميةً كانت أو خاصة، بأنماطٍ تعليميةٍ أو تجارية ، وهي من تضع  سياسة المؤسسة وعليها تقع المسئولية في فشل المؤسسة أو نجاحها في برامجها وفي تفعيل إداراتها وعقد صفقاتها الدولية والمحلية خارج المؤسسة
وفي وضع خططها الآنية، والمستقبلية الوسطى، والرؤى البعيدة المدى، ويخضع كلّ ذلك لمستوى الحنكة والخبرة المتوفرة لدى رئيس الإدارة، فهي علمٌ له أصوله وقواعده ومميزاته الفكرية، يقوم على الإكتساب والتحصيل العلمي حيث يساعد هذا على وضع أنجح الخطط للمؤسسة التعليمية أو التجارية أو الصحية ..فعلم الإدارة لا يقيده مكان حيث لا غنىً لأيّ مؤسسةٍ عنه.

ثانيًا :
أنواعُ الإدارات
ا============ :-

تنقسم إدارة الأعمال إلى ثلاثةٍ إداراتٍ هي :

1- الإدارة العليا  Higher Management .
2- الإدارة التنفيذية    Executive Management  .
3- الإدارة الإشرافية  Supervisory Management .

كلٌّ منها له وظيفته الأساسية ومهامه الملقاة على عاتقه ومن هنا سأعمد إلى التعريف الخاص بالمصطلحات الثلاثة أعلاه دون التعريف العام المبسط لمصطلح الإدارة القيادية .

1 - الإدارة القيادية  العليا Management Higher
ا================================= :-

تمتلك هذه القيادة كافة الصلاحيات والإمكانيات في كل الأحيان وتخضع تحتها كافة الإدارات
والأقسام الأخرى ،ولها الحقّ في إجراء العقود والإتفاقيات والمناقصات وغيرها .

2- إدارة الأعمال "Business administration" :
وتتكون من عدة مجموعات ونوعيات  تقوم بالعديد من العمليات "سأشير إليها لاحقًا" ، ولها من  الأهمية ما يؤهلها للقيام بدورها العالمي والمحلي، لتخرج في النهاية بتحقيق أهدافها المرجوة وخططها وكما أؤكد بأنها تمتاز بكفاءةٍ عاليةٍ تؤهلها لقيادة المنشأة والأفراد إضافة لمهامها الإدارية الأساسية.

ثالثًا :
  المهام الأساسية للإدارة القيادية العليا الإستراتيجية"
ا================================= :-

تقوم إدارة الأعمال العليا على خمس وظائف أساسيةٍ تحقق أهداف المنشأة من خلالها ولا تنفك عنها مطلقًا وهي:

1- التخطيط Planning :
  وهو أول مهام إدارة الأعمال وهو عمليةٌ تستخدم لوضع خططٍ واستراتيجيات المؤسسة آنية التنفيذ ومتوسطة المدى ومستقبلية، ولا يمكن ممارسة بقية مهام إدارة الأعمال بدونه، فمنه تنطلق رؤى المنشأة وتوضع الخطط وتُرسم الأهداف وتوقّت تواريخ تنفيذها.

2- التنظيم  Organizing :    

  وهو من المهام المهمة يقوم على تحديد المهام وتقسيمها إلى وظائفَ صغيرة متعددةٍ، كما ينّظم العلاقة بين المرؤوسين والسلطة ويساهم في القرارات الإدارية، وينفّذ الخطط الإدارية.

3- التوظيف Staffing :

وهي مهمةٌ مهمتها متابعة القوى العاملة وتوظيفهم وتدريبهم وترقيتهم وتحديد رواتبهم ( إلاّ أنه في السنوات الأخيرة وبعد ظهور علم إدارة الموارد البشرية أحيلت كلّ هذه المهام التوظيفية إلى إدارة الموارد البشرية، وبقيت مهمة الإشراف على الإدارات الأساسية في المنشاة

4- التوجيه والإرشاد Directing :

وهو المهمة الرابعة لإدارة الأعمال وتقوم على التوجيه المباشر والمتابعة، والإرشاد للأداريين والموظفين، وتقويم مايحتاج للإصلاح والتقويم .

5- الإنضباط والسيطرة  Controlling :

وهي المهمة الخامسة الضرورية لضبط جودة الإداء الوظيفي والسيطرة على استمرار جودته، بما يحقق للمنشأة رؤاها وأهدافها، و يساهم بنجاح الأهداف المطلوبة، وهي مهمةٍ تستدعي الحزم وعدم التهاون بها

______________________________________________________________________

    ثالثًا :
  الإدارة التنفيذية  Executive  Management
ا================================ :-

التعريف :
     يأتي دور الإدارة التنفيذية في المرتبة الثانية الأكثر أهميةٍ بعد الإدارة العليا، ويطلق عليها أيضًا مسمى الإدارة التشغيلية لما لها من أهميةٍ قياديةٍ وتوجيهيةٍ للموظفين، وتستمد الإدارة التنفيذية سلطتها وتوجيهها من الإدارة العليا، ويقع على عاتقها مهمة تنفيذ القرارات وتطبيقها وملاحظتها باستمرارٍ ودقةٍ، تحقق من خلالها الإستراتيجيات الموضوعة للمؤسسة، وتقع عليها عدة مسئولياتٍ ومهامٍ تخضع للمساءلة عنها عند رئيس مجلس الإدارة العليا، وتتحمّل نتائج التفريط والإهمال في إداء المهام الموكلة إليها، والجدير بالذكر أنّ الإدارة التنفيذية غالبًا ماتكون عدة إداراتٍ وليست واحدة فقط، فكلما اتسع دور المؤسسة التعليمية أو الوزارية أو التجارية كلّما ازدادت رقعة الإدارات التنفيذية بالمؤسسة، وعليه يزداد عدد الإدارات التنفيذية وعدد المدراء لها.

  مهامُ الإدارة التنفيذية " المدير التنفيذي - Chief Executive Offficer "CE
ا========================================= :-
   
1- تنفيذ وتطبيق الإهداف والخطط والإستراتيجيات القريبة المدى، والمتوسطة المدى، والبعيدة المدى، التي تمّ الإتفاق عليها في جلسات مجلس  الإدارة وتصديقها من قِبل رئيس مجلس الإدارة" القيادة " الإدارة العليا ".

2-  الإلتزام بتفعيل الخطط من خلال دورها القيادي في إدارة المجموعة المنتمية إليها، فهي العنصر الأساسي لتحريك دفة العمل، ولها القدرة والسلطة باصدار الأوامر والنواهي والتوجيه المباشر للمشرفين، والذي يأتي دورهم الإداري في المرتبة الثالثة من الأهمية في تسيير دفة العمل المنشأة لكونها حلقة الوصل الأساسية بينهم وبين الإدارة العليا.

3- من مهام الإدارة التنفيذية أيضّا متابعة عملية سير وتنفيذ الخطط على أرض الواقع، وتعد هذه المسئولية من أشقّ وأصعب المهام فأيّ تفريطٍ أو تقصيرٍ أو عدم كفاءةٍ في الإدارة سيهوي بالمؤسسة إلى مالا يحمد عقباه من تضييع الفرص والأهداف وعرقلة تنفيذ الخطط والتي سينتج عنها الكثير من الخسائر.

4- التواصل مع بقية الإدارات التنفيذية بالمنشأة والتي هي ذات صلةٍ بتنفيذ وتطبيق الخطط، مثل الإدارة المالية، وإدارة الموارد البشرية، حيث لايمكن تنفيذ الخطط بدون هاتين الإدارتين المهمتين، فضلًا عن بقية الإدارات كلّ ٍ وفق الحاجة إليها، من امدادها بالمعلومات المطلوبة كالمساحة والمكان وغير ذلك.

5- وضع الحلول المناسبة للمشاكل التي تعترض الإدارة التنفيذية ، كذلك معالجة المشاكل  الطارئة بالعمل واتخاذ الإجراءات اللأزمة، معالجة المشاكل الناجمة عن الإختلاف في تسيير العمل بين المشرفين والموظفين وعدم السماح بتفاقمها.

6- توزيع الأدوار والمهام بين الموظفين بحرفيةٍ تامةٍ واتقانٍ من أجل ضمان أكبر قدرٍ من النجاح في عمليات تنفيذ الخطط المدروسة مسبقًا على أرض الواقع.

7- تطوير وتحسين الإداء الوظيفي لدى الموظفين ومتابعة إدائهم الوظيفي مع المشرف المباشر على كلّ مجموعة.

______________________________________________________________________

رابعًا :
   الإدارة  الإشرافية
  الإشراف Supervision
ا================= :-

التعريف :
يعدّ الإشراف بصورةٍ عامةٍ من المهام ذات الأهمية الكبرى، والتي لا يُستغنى عنها في كافة المؤسسات والوزارات وغيرها وبتدرجاته وأصنافه المتعددة بدءًا من القمة والهرم الإداري إلى مراقب الإداء العمالي ، لما له من دورٍ مميّزٍ في كافة الأصعدة الوظيفية، وبدونه يسقط سقف العمل، وبالإخلال فيه تختلّ الوظائف، ويختلّ سير المنشأة، وتتعرض للخسائر المادية المتعددة، وبما أنه له هذه المهام الدقيقة، وهذه المنظومة الحساسة فلابدّ من تمتع ممن تُوكل مهمة الإشراف إليه بعدة مميزاتٍ علميةٍ تحصيليةٍ في مجال الإشراف وخبرةٍ فعليةٍ تدعم نجاح مهمته على أكمل وجه إضافة للذكاء وسرعة البديهة .

مهام المشرف المباشر " الميداني" Direct Supervisor Tasks" Field Supervisor
ا=============================================== :-

1- الإشراف والمتابعة على سير العمل وماهية إداء الموظفين أو العمال من خلال الزيارت الميدانية أو المباشرة الفعلية.

2- تقويم الإعوجاج الوظيفي، وتوجيه وإرشاد الموظف للإداء الأفضل دون التعرض له بالإهانة.

3- متابعة مدى ايجابيات العمل، ومدى فعالية الآلآت المستخدمة لإنجاز العمل، سواء كانت آلآتٍ الكترونية وأجهزةٍ ذكيةٍ، أو آلآتٍ تصنيعية، وتوجيه الموظفين للطرق المثلى لاستخدامها وكيفية صيانتها والمحافظة عليها.

4- المشرف المباشر حلقة وصلٍ بين الموظفين والإدارة التنفيذية حيث أنه الواجهة التي تمدّ الإدارة التنفيذية بالمعلومات حول سير العمل.

5- المساهمة في وضع الحلول المناسبة للمشاكل التي تتعرض لها مجموعته الوظيفية، ومراعاة عدم إهمالها كي لا تتفاقم المشاكل الوظيفية، وما استعصى منها يحيله للإدارة التنفيذية لوضع الحلول المناسبة لها.

6- تنفيذ الخطط والأوامر الصادرة من قيادة الإدارة العليا دون زيادةٍ أو نقصان، والخلل بالزيادة أو النقصان ليس من صالح المشرف ذاته.

7- تقييم إداء الموظفين أو العمال، وكتابة تقريرٍ في ذلك عن كلّ موظفٍ ، ويتمّ تسليم هذه التقارير إلى الإدارة التنفيذية والتي بدورها تحيلها إلى إدارة الموارد البشرية لإيجاد الحلول البناءة والجادة لها .

8- تقوم عملية الإشراف المباشر على منهجين أساسين هما عدم التفريط باستخدام الليونة مع الموظفين، وعدم المبالغة بالشدّ والحزم معهم، واستخدام الإسلوب الأوسط في ذلك لضمان نجاح واستمرارية الأعمال في المدة المحددة لها، بالكمية والكيفية والنوعية المطلوبة لها.

______________________________________________________________________

خامسًا :
                         
   مهامُ الإدارة الحكيمة وأثرها التربوي والتعليمي  Elements and Basics Of Wis Management." Quality Educational"        =========================================== :-

1-  الكفاءة والخبرة، والمؤهل المناسب لمهمته ووظيفته، والقدرة على التنفيذ والمرونة والتواضع والقدرة على التنبوء ومدى ردود الأفعال.

2- الأمانة والإخلاص وسعة الصدر وعدم المحسوبية، والوضوح بالرؤى والمبادئ الوظيفية واحترام الوقت.

3- الرّجاحة وبُعد النظر،  والنظرة الثاقبة، فلا تُوكل له المهمة دونها، وإن وُجدت جميع شروط الوظيفة.

4- القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة  وحلّ مشكلات المؤسسة، والتأني في اتخاذ القرارات وإبرام الصفقات.

5- المعاملة الطيبة والخلوقة مع الكوادر التعليمية والموظفين ، وأصحاب الصفقات والإتفاقات الدولية والمحلية، لضمان تعاونهم مع الجامعة ، فأخلاقُ رئيس الجامعة أو المدير العام معهم سيدعم الجامعة ويساهم في تطوير علاقاتها بالمجتمعات الدولية والمحلية، والعكس سيتسبب في تدهور العلاقات والنفور من إجراء العقود التعاونية معها ، لكون ما لأخلاق المدير العام أو رئيس مجلس الإدارة من دورٍ لا يستهان به في ارتقاء الجامعة أو المنشأة التعليمية.

6- وضع الخطط والرؤى المستقبلية المدروسة جبدًا من كافة النواحي الأنيّة منها ، والنصف سنوية ، والمستقبلية، وتحديد الوقت الزمني لتنفيذها، وإبرازها إلى حيز الوجود، وتحديد الإداريين الموكلة إليهم هذه الخطط لتنفيذها في الوقت المحدد ضمن الخطة الموضوعة لها.
فلابدّ من توفّر هذا كلّه في رئيس مجلس الإدارة، أو المدير العام للمؤسسة، أيٌّا كان نوع هذه المؤسسة تعليمية، أو تجارية،أو ثقافية، أو اجتماعية، أوغيرها.

7- إختيارُ شكل الهيكل المناسب للمنشأة التعليمية ووفق عدد أقسامها الوظيفية، وكلياتها التخصصصية، مع مراعاة اختيار الأكفاء من الأكاديميين فهم من يمثلون الجامعة وهم من ستتخرج الأجيال على أيديهم.

_______________________________________________________________________

8- الإختيار المباشر أو من ينوب بالمهمة لنوعية الوظائف الإدارية المطلوبة للمنشأة التعليمية، مع مطابقة مواصفات ومؤهلات الموظفين المؤهلين لهذه الإدارات.

9- تجنب انتقاء من لهم سوابق مثيرةٍ للجدل أو المشاكل في العمل.

10- الإشراف على عقد الإتفاقيات، واحترام القوانين والضوابط، والإلتزام بالمواعيد وبالعهود والمصداقية واللباقة بالحديث.

11- السعي لتطوير السلم الأكاديمي والوظائفي للعمل، من خلال تطوير وتأهيل الأكاديميين والموظفين، وعدم تركهم على ماهم عليه، مع عدم الإعتماد على خلفيتهم السابقة في العمل فقط.

12- الإبتعادُ عن دور الواسطة، وخدمة المصالح الشخصية  في الموافقة على طلبات التوظيف أو رفضها، واعتماد الأولوية للكفاءات المناسبة للوظيفة، وفق أقدمية طلب التوظيف، ووفق ما تقتضيه مصلحة الجامعة.

13- المتابعة والتوجيه لكوادر العمل بمختلف الأقسام بين فترةٍ وأخرى؛ بحيث لا تزيد عن شهر ،والقدرة على حلّ الأزمات الطارئة.

14- اللجؤ لذوي الخبرة والمشاورة في حلّ المشاكل المادية، أو غيرها للمؤسسة دون التقوقع والإصرار على وجهة نظره المفردة فقط.

15- مراقبةُ الوضع العام للمنظومة التعليمية عن كثبٍ وعدم الغفلة، يتخذّ بعدها القرار المناسب لكلّ وضع، وإمكانية القدرة على الإقناع والحوار والقيادة.

16- عقد اللقاءات الدورية مع مدراء الأقسام وتوجيههم لما يخدم وينفع المؤسسة، وسؤالهم عن كلّ قسمٍ وكيفية سير الدراسة فيه ومدى التزام الطلاب ، ولا يكتفي بالسؤال فقط بل بإبراز ما يوثق قول مدير القسم.

17- عقد الإجتماعات الدورية بالأكاديميين ، مع الإلتفات بعقد اجتماعٍ دوريٍ بمدير الموارد البشرية للإستفسار عما يواجههم من مشاكل في العمل أو في مهمة توظيف الموظفين.

18- الإتزان وترك المساس والتشهير بأحد أو بسابقيه، مع مراعاة تجنب القيل والقال وترك الثرثرة وكثرة المزاح.

19- الإنصاف والعدل بين الطاقم الأكاديمي أو الوظيفي، مع عدم الإصغاء للوشاة أو السماح لهم بذلك.

20- الإستفادة من تجارب الآخرين وتجنب الأخطاء التي مرت بهم.

21- التنسيق والتعاون المستمر مع وزارة التعليم العالي وامدادها بالمستجدات بالجامعة والمستندات القانونية عن وضع الجامعة.

22- متابعة أحوال الطلبة ونتائج الإمتحانات ونسبة النجاح أو الرّسوب وتكليف أهل الخبرة بالبحث عن أسباب الرسوب، وتكليف المرشدين الإجتماعيين بوضع الحلول المناسبة لمشاكل الطلاب، مع متابعة عمل المشرفين والتأكد من تأديتهم لمهامهم على أكمل وجه.

23- متابعة جودة الإداء التعليمي داخل الجامعة وتوكيل هذه المهمة لأهل الإختصاص بالجامعة.

24- رفع التقارير العامة عن إداء الأكاديمين والتوصيات المهمة لوزارة التعليم العالي وعدم إجحاف الأكفاء منهم، وعدم المبالغة في الذم واعطاء الفرص الجديدة للمقصر إلاّ في حالة الإضرار العام أو اضطراب السلوك الشخصي المتكرر والذي يهدد سمعة الجامعة.

25- متابعة الحركة التعليمية والنظامية لكافة كليات الجامعة، والسؤال فيما لو كان لديهم بعض المشاكل  التي تحتاج لوضع حلولٍ لها.

______________________________________________________________________

سادسًا :
مهام القائد التربوي وجودة التعليم
        The tasks of the educational leader and the quality of education                      
ا===================================================:-

1- متابعة المناهج التعليمية، والاطلاع على المقررات الدراسية والطرق التدريسية، والتأكد من مستوى الجودة فيها .

2- التأكد عن مدى استجابة الطلاب لتلك المناهج، وهل يوجد هناك مقرر كثرت فيه أعداد الراسبين، والبحث عن أسباب الرسوب فيه، ومحاولة إبداله لمقررٍ آخرٍ لذات المادة التعليمية أكثر تيسيرًا واستيعابًا للطالب .

3- حثّ النخبة الأكاديمية على ملاحظة مدى الفروقات الإستيعابية عند الطلاب ومساعدة من يحتاج للمساعدة من خلال مهمة التوجيه والإشراف بالجهة المختصة بالمنشأة التعليمية .

4- حثّ الجهة المسئولة بالمنشأة عن الصحة النفسية والبدنية على بدل أقصى الجهد لمساعدة الطالب في أزماته .

5- توجيه وتذكير النخبة الأكاديمية لعملية التطوير الفكري لدى الطالب لمساعدته على عملية إنماء مستوى الذكاء لديه ، وحثهم على استخدام عملية  العصف الذهني قبل الشروع بالمحاضرة التعليمية، وهذا الإسلوب من أنجح الأساليب التعليمية وأكثرها فعاليةً في تنشيط ذهن الطالب .

______________________________________________________________________

سابعًا :
مهاراتُ الإدارة الحكيمة وأثرها التربوي
                           -:  Skills of wise management and its educational impact
ا==============================================

ممّا لا شك فيه أنّ القيادة التربوية الحكيمة أكثر فعالية في حسن الإداء، وأكثر قدرة على تحمّل المسئُولية، لذلك نجد أنّ أكثر القيادات التربوية  نجاحًا تتمتع بمهاراتٍ قياديةٍ متميزةٍ وبأخلاقٍ رفيعةٍ لا تنفصل عن تلك المهارات، بخلاف المهام الإدارية الناجحة التي لا تقيدها القيادة الحكيمة ، ومن أهم مهارات القيادة التربوية الناجحة هذه المهارات :

1- الإنفتاحية، والقدرة على الإصغاء والإستيعاب ،واحترام الآخرين ، الرؤية الواضحة الدقيقة والثقة بالنفس والوعي الذاتي فيعرف نفسه جيدًا غير متوّهمٍ بأنه الأكثر وعيٌا من غيره .
الأثر المترتب :
إكتساب ثقة الطاقم الأكاديمي والوظيفي- تحقيق التعاون في سير المنظومة العليمية.

2- التواصل الإجتماعي مع المجتمع عبر النت والهاتف وغيرها مع الكوادر التعليمية التي تحمل معه مهام وأعباء ومسئوليات المنشأة التعليمية.
  الأثر المترتب:
بناءُ علاقاتٍ جيدةٍ مع المنشأت التعليمية المماثلة المحلية والعالمية، عدم تأخير أيّة مهمةٍ مستعجلة ومبادرة عملية احتوائها ووضع الحلول المستعجلة لها.

3- تقبّل الأراء والأفكار التي يتقدم بها الأساتذة الأكاديميين بالمنشأة، وتشجيع الإبتكار والتأليف الأكاديمي لخدمة الطالب وعدم إجحاف حقّ الأكاديمي المبتكر، أو صدّه، أو محاولة تثبيطه، بل يفسح له المجال للإبداع والإختراع والأخذ بعين الإعتبار المصلحة العامة للمنشاة التعليمية والوطن. 
الآثر المترتب :
تشجيع الإبتكارات الجديدة والسماح بانطلاقها- تطوير مناهج الدراسات العليا.

4- إحتواء الطالب واحترامه كإنسانٍ له كيانه ومشاعره.
الأثر المترتب:
خلق أواصر الثقة والإحترام والمودة بين القيادة والطلبة مما يشجعهم على حبّ التعلم وطلب العلم.

5- الحكمة والأفق الواسع والمرونة والقدرة على حلّ المشاكل.
الأثر المترتب :
تجنب الوقوع في المشاكل مع الأطراف الآخرى وخلق جوٍ من التفاهم والود يحلّ مكان الخلاف.

6- الطموح والسعي لتطوير المنشأة التعليمية، وبذل الجهد والإخلاص في تحقيق ذلك.
الأثر المترتب:
تطوير المنشأة تعليمًا و إداءً والذي له الدور الإيجابيّ في تقيمها وترتيبها العالمي على المنشأت التعليمية الجامعية.

7- الصدق والإيفاء بالوعود وفي حالة اعتراض مشكلةٍ ما تحول دون الإيفاء أو تتسبب بعرقلةٍ ما نجد القيادة الحكيمة تبادر للطرف الآخر بالإعتذار مع توفير البديل المناسب عن ذاك الوعد.
الأثر المترتب:
عدم اهنزاز الثقة وتحقيق الهدف المنشود من جراء الوعد بأيسر الطرق.

8- إحترام الأنظمة والقوانين والإستقرار النفسي ليكون قدوةً للكوادر التعليمية وللموظفين وللطلاب .
الأثر المترتب:
تسيير أمور المنشأة التعليمية بأمان ودون تعرضها للمخالفات القانونية، أو تعرض كوادرها .

9- سعة الصدر وتقبل النقد البناء " مع التأكد من حسن نوايا الناقد".
الأثر المترتب:
الوصول للأمثل والأفضل في عملية اتخاذ القرارات.

10- الإبتعاد عن المزاجية والأهواء والتطرف وملازمة الحيادية الهادفة.
الأثر المترتب:
كسب السمعة الحسنة  واحترام وثقة كلّ الأطراف للشخصية القيادية بالمنشأة التعليمية وخارجها .

11- الديمقراطية والمشورة والتعاون مع أهل العلم والخبرة والخلق من الكتلة الأكاديمة بالمنشأة، وعدم تهميش أيّ فردٍ منها.
الأثر المترتب :
خلق عملية التعاون والخروج بأفضل الحلول والأراء للإدارة المتميزة لكافة أقسام المنشأة التعليمية، وتوفير جوٍ من التفاهم والود وتبادل الأراء والذي له مردوده في التآلف .

12- تحاشي كثرة التذمر وعدم إحراج أيّ فردٍ أكاديميٍ أو وظيفيّ ٍ أمام الآخرين، بل الأخذ بالإصلاح إذا لزم الأمر بالصورة السرية .
الأثر المترتب :
تحسين الجودة التعليمية ورفع معنويات الأساتذة التعليميين والموظفين ، والمحافظة على نظرة الآخرين الإيجابية للقيادة التعليمية ، وتوفير الوقت وعدم اهداره في التأنيب والتوبيخ وانتشار فوضى ذلك بالمنشأة التعليمية مما يسمح باشتعال فتيل الإثارات الجدلية .

13-  عدم احتكار المناصب على فئةٍ معينة، وإعطاء الفرصة  للأكاديميين والموظفين وإبراز الأكفاء منهم .
الأثر المترتب :
توفير العدل والإنصاف في المعاملة في أولوية أهل الإمتياز والإختصاص والمعرفة بالمناصب.

14- الإبتعاد عن خَلق الشعبية والتكتلية والحزبية بالمنشاة التعليمية ، وعن تشكيل المجموعات المناهضة ضد بعضها البعض ، والإهتمام بسلك مسلك النزاهة القيادية بالمنشأة التعليمة ووضع   مصلحة وسمعة المنشأة التعليمية فوق الجميع .
الأثر المترتب :
نبذ الشحناء والتجمهر والذي يكون لصالح شخصٍ واحدٍ أو مجموعة، وعدم تقديمهم على المصلحة العامة للدولة وللأفراد والمنشأة التعليمية .

أنتهى المبحث الأول
______________________________________________________________________

                                            {{{      المبحثُ  الثاني      }}}

{{ الإدارة والقيادة الفاشلة في المنشأة التعليمية " ظواهرها - أسبابها - أنواعها- نتائجها"
Management and failed leadership in the educational establishment "phenomena - causes - types - results }}
      

تعريف القيادة الإدارية الفاشلة    Management and leadership failed
ا============================================:-
                          
                          
قبل البدء في شرح المبحث الثاني " المعنون أعلاه " لابد من التعريف بمصطلحين عالميين بلغت شهرتهما العالمية الشء الكثير وهما مصطلح X ومصطلح Y ثم سوف أعرج لمصطلح Z الياباني ..

أولًا :
    تعريف نظرية Theory X و نظرية Theory Y
ا================================ :-

ظهرت هذه النظريتان في الستينات مع ظهور علم الإدارة للموارد البشرية بصورةٍ أكثر وضوحًا بخصوص ما يحتويه فكر الموظف، ونفسيته، ومستوى إدائه الوظيفي.

وقد تمّ تطويرهما مع تطوّر علم إدارة الموارد البشرية، وعلم التنمية البشرية، على يد الدكتور ماكغريغور دوغلاس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مدرسة سلون للإدارة، ومن هناك انطلقت هذه النظريتان، واستخدمتا في التعليم الإداري لإدارة الموارد البشرية، والسلوك التنظيمي، ولمعرفة جدوى الإتصال التنظيمي، وأهميته في تنمية الموارد البشرية، والرّقي بالعالم الإقتصادي، لأعلى مستوًى له في كميةالإنتاج، وجودة الإداء الوظيفي، والتي تتحكم بالإنتاج وبمستواه، والذي قد ينهار إذا ما تُرك دون رقابةٍ ودون تنظيم.

ثانيًا :
نظرية Theory  X
ا============= :-

1- تفترض هذه النظرية افتراضًا عجيبًا على الإنسان، وتنظر إليه على أنّه مخلوقٌ كسولٌ لا يحبّ العمل بطبيعته، ويتهرّب من إداء عمله ووظيفته إذا ما أُتيحت له الفرصة ، ويفتقر إلى الإبتكار .

2- يلتزم المدير الممارس لهذه النظرية بضوابطَ صارمةٍ على الموظفين، وبمضاعفة الإشراف التام على إداء أعمالهم عن كثب، من خلال مشرفين يحملون ذات الإعتقاد ويعملون بذات النظرية  X وله وجهة نظره في هذا وهي الحرص الشديد على حسن إداء الموظف، وضبط مسار العمل.

3-  التحفيز والتّشجيع والحوافز آخر ما تفكّر به نظرية X وتستبدله بالصّرامة الشديدة على الموظفين، وإن أقبلت هذه الإدارة يومًا ما على منح الموظف الحوافز التشجيعة فسيكون هذا الإقبال شحيحًا جدًا.

4-  نظرية الذكي الأوحد عادةً ما ترافق شخصية المدير العام  X  حيث يرى نفسه بأنّه الأخلص، والأكثر كفاءةً، فلذلك نراه يصرّ على وجهة نظره الوحيدة، ولا يعتمد على التّشاور مع بقية مدراء الأقسام، بل يصدر قراره في اجتماع الإدارة، ويكون أمره أمرًا مُلزمًا على الجميع، وعليهم الإنصياع له، دون الإعتبار بوجهات النظر الأخرى،  وهناك فئةٌ أخرى في أنواع المدير X تقوم على التشاور مع مجلس الإدارة إلاّ أنّها تمارس نظرية X بكلّ سلطتها على الموظف.

_____________________________________________________________________

ثالثًا :
نظرية Theory Y
ا=========== :-

هذه النظرية تمامًا عكس نظرية X من خلال افتراضاتها التالية:

1- تفترض إدارة نظرية Y  بأنّ الإنسان بطبيعته باحثٌ عن رزقه، وطموحٌ،  ومحبٌّ لعمله.

2-  تتحلى إدارة Y  بالذكاء، وبالتّأني، وضبط النفس، وتقوم على الإحترام المتبادل بين الموظف والإدارة.

3-  تعتقد إدارة Y بنظرية أنّ الموظف يتمتع بالذكاء والفطنة؛ ولديه القدرة على الإبتكار والإبداع، في الأعمال الذهنية أو اليدوية، لذلك سينتج بصورةٍ أفضل إذا ما روعيت إنسانيته في مكان عمله.

4-  ترى نظرية Y ضرورة إعطاء الموظف الفرصة المناسبة لإبراز موهبته الوظيفية، وقدراته الذهنية، ومدى اخلاصه في عمله.

نتائج النظريتين
ا============ :-

تقوم إدارة نظرية X على الصّرامة كم ذكر أعلاه وعادة ما ينتج من تلك المعاملة الصّارمة تثبيط طموح ومواهب الموظف المتميز، وقد تخلق لدى الموظف كراهية العمل والإستمرار في هذه المؤسسة وتولد لديه عدم الإخلاص.

بينما نرى إدارة Y وكما ذكر أعلاه تقوم على الإحترام المتبادل بينها وبين الموظف ، والإرتقاء به من توفير الدورات التي تؤهله للإداء الوظيفي الأمثل ، وتشجيع الموهوبين منهم والمتميزين ، وإنشاء قاعدة تفاهمٍ بينها وبينهم، وإن كان ممن ينافس الإدارة يومًا ما في تولّى مكانها، فكثيرًا ما تتمتع  إدارة Y بالإيثار لصالح العمل والمؤسسة، ويساهم هذا في خلق الموظف المخلص والمبدع وتفانيه في عمله .

______________________________________________________________________

رابعًا :
نظرية Z اليابانية
                                                                                                  " Theory  Z  "
في أسلوب الإدارة الحديثة للعالم الياباني وليم أوشي 
ا==================================:-
-

بعد أن تمّ تعريف نظرية X ونظرية Y وأسلوبهما المتناقض في إدارة الأعمال،  سأتطرق لشرح نظرية Z تلك النظرية الرائدة، والناجحة جدًا، والتي عملت اليابان على إطلاقها كنظريةٍ بديلةٍ عن نظريتي X و Y  والتي يقوم عليها المجتمعُ الإقتصادي، ودوائره المتعددة، في شتى المنشأت، والمؤسسات، والوزارت اليابانية ..
ولقد أثبتت هذه النظرية جدارتها العملية في صناعة الموظف الجيد والمخلص أيضًا، وزيادة الكفاءة لديه، وترسيخ مواطن الإخلاص عنده للعمل، وللمؤسسة التي يعمل بها.
ونظرًا للإسلوب الياباني في تنشئة الفرد البشري في المدارس منذ طفولته على التعاون وعدم الأنانية، واكتشاف نوعية الموهبة فيه ،نجحت نظرية Z في مجال الأعمال والإدارة، على مستوى اليابان، ومن عمل وسار على نهجهم، والذي صنع من اليابان ذلك البلد الضّعيف القليل الخصوبة،  الكثير الزلازل، إلى بلدٍ من أقوى بلدان العالم في مجال  التكنولوجيا والإقتصاد والتجارة، والصناعة.

وتقوم نظرية Z على عدّة أعمدة أساسيةٍ هي:

1-  الثقة بين الإدارة والعاملين، والمساواة، والعدالة بين الموظفين.

2-  عدم التّسرع بالترقيات، منعًا من إجحاف بقية الموظفين، إلى أن يتأهل بالفعل أحدهم للترقية.
                          
3-  الإحترام المتبادل بين الإدارة والموظفين،وعدم إطلاق الكلمات الجارحة، والمهينة من قِبل الإدارة والرّوساء، في حقّ الموظف، مهما صغر مسماه الوظيفي، فنظرية Z هي بالإساس نظرية إنسانية، وتربوية، ووظيفية، تؤهل لصناعة العطاء البشري بطريقةٍ أفضل.

4-  خلق البيئة الإندماجية بين الإدارة والعاملين فيها، وإعطاء الآخر مكانته كإنسان أولاً،  ثمّ دوره المهني وفقَ مؤهلاته العلمية، وعطائه الفكري.

5-  عدم تهميش أو تصغير أو تحجيم مؤهلات الموظف، بل تقوم نظرية Z على استثمار الموهبة لديه، واطلاقها لتأخذ مكانها الجيد في محيط العمل، كما تعمل النظرية على إعطاء الموظف الدورات التي تزيد من قدراته الوظيفية.

6-  تقوم نظرية Z على بناء وحدة فريق العمل الواحد، وهذه هي أهمّ مميزاتها، فهناك لكلّ فريقٍ قائدٌ يقوم على إدارته، ويسمى مدير المجموعة، ويعتمد عليه في إدارة فريق العمل، وفقّا لخبرته، وأخلاقه، وفنه في إدارة فريق العمل، والمهم في هذا المنصب أنه لا يشترط فيه رتبة الأعلى شهادةً في الفريق، فقد يكون من موظفي الفريق من يفوق قائد أو مدير الفريق في درجاته العلمية، لكن لا يفوقه في خبرته وجودة عمله وإدائه، وهنا مربط الفرس لهذه النظرية، وهذا ما يسمى بفرق وحلقات الجودة Quality Circles

تحقق هذه الطريقةُ المعرفةَ والفائدةَ لكافة أعضاء الفريق، فلا يستأثر فردٌ بابداعه واختراعه، دون إدماج بقية الفريق معه، فيتعلمون منه ليخرج الإبتكار إلى عالم الإيجاد،  بصورةٍ أسرع فليس في نظامهم كلمة أنا بل نحن وما أرقاها من قاعدةٍ تبني للأمة والمجتمع.

7-  تقوم النظرية Z اليابانية على استمرار العمل الدّؤوب، ودون الإضرابات عن العمل، ودون المشاكل، التي تؤخر عملية الإنتاج، وتعرقلها، ممّا سيؤدي للتدهور الإقتصادي للشركة، وللدولة المنتجة، فلا يحتاج الموظف للإضراب فالنظرية تحفظ له كافة حقوقه الوظيفية.

8-  كما تقوم النظرية Z على استمرارية التصنيع، ومباشرة التوزيع، بعد التحقق من جودة المنتج، وبهذه الطريقة فلن تحتاج إلى مخازنَ كبيرةٍ لحفظ المنتج، ولن يحدث لها ركودٌ تجاري، ولن تتعرض البضاعة للتلف بسبب مدة التخزين الطويلة.

9-  نقلُ الموظف بين فترةٍ وأخرى لبقية الأقسام الأخرى، لأخذ الخبرة العملية والوظيفة، في ذاك القسم، فمتى ما احتاج القسم للعمل الإضافي لسببٍ أو لآخر،ٍ  يوجد هناك من لديه الخبرة في مجال ذلك القسم، ممن سبق لهم الخبرة من أهل الأقسام الأخرى، نظريةٌ فائقة المطاطية لا يتعرقل فيها الإداء الوظيفي والمهني، ولا يتأخر الإنتاج بسبب غياب المؤهل لذلك.


_____________________________________________________________________

خامسًا :
                                       
    Manifestations of failed educational leadership مظاهر القيادة الإدارية الفاشلة
ا==========================================================:-

           
  من المؤكد أنّ لكلّ ظاهرةٍ من الظواهر البشرية عدة أسبابٍ وعوامل ودوافع أيضّا تعمل على إبرازها وظهورها على أرض الواقع، وظاهرة القيادة الفاشلة من الظواهر الخطيرة التي تكلّف الدولةَ الكثير من الأموال الضائعة ومن الوقت، والكثير من الطاقات المهدورة مما يبذله المرؤوسون من عملٍ ونشاطٍ ، وغالبًا ما يقع اللوم على الجهة التي نصّبت هذا الشخص كقياديٍ ورئيسٍ يعمل تحت رئاسته المئات! دون التأكد من صلاحيته كقائدٍ وكتربويّ وكإداريّ ناجح ..
وهناك عدة مواصفاتٍ ومهامٍ للقيادي الناجح " تمّ ذكرها في المبحث الأول"
وفي هذا المبحث " الثاني" سأتطرق بإذن الله إلى أبرز أهمّ الظواهر التي تتصف بها الإدارة والقيادة الفاشلة ..
 
1- الإفتقار إلى أساليب ومقومات الإدارة الناجحة بسببٍ أو بآخر وضعف الخبرة وافتقاد المهارات اللأزمة لتحقيق قيادةٍ ناجحة .

2- من أسباب الفشل الإداري والضعف القيادي أيضًا التوهان وعدم التركيز والإنشغال بمشاكل الأسرة وغيرها وتأثير هذه المشاكل على الإداء القيادي .

3- عدم القدرة على توزيع الأدوار والمهام الوظيفية على المرؤوسين بصورةٍ سليمة، وحصول الفوضى والعشوائية بالعمل في جميع الإدارات والأقسام من جراء ذلك.

4- إتخاذ القرارات العشوائية والإرتجالية وأصدار الأوامر دون دراسةٍ لها ، ودون الإهتمام بمشورة مجلس أعضاء الإدارة .

5- العمل على إدخال بطانته وأهله بالمنشأة سواء كانوا يملكون المؤهلات أو لا يملكونها وتوظيفهم وتسليمهم المهام الرئيسية والإدارية لضمان التستر على سلبياته، وعدم افتضاح أمره فيما لو أخلّ بالقانون أو المهام الموكلة إليه.

6- عدم الإستقرار بالرأي وسرعة تغيير وجهات نظره وفق ما يخدم مصلحته الخاصة لا ما يخدم المنشأة .

7- الإهمال وعدم تطوير المنشأة وقلة التعاون مع بقية الدوائر وخاصة إدارة الموارد البشرية وفرض رأيه وخياره عليها في عملية التوظيف لمن يرغب بهم هو .

8- ضعف لغة الحوار مع الآخرين والكوادر الوظيفية، واختصار الإجابات والتهرب من الأسئلة  من أبرز مميزات القائد الإداري الفاشل .

9- تحميل بقية الإداريين نتائج أخطائه هو، والتنصل مما تسبب به من فوضى ومشاكل بالمنشأة .

10- صناعة وتلفيق التهم بالإداري أو الأكاديمي المجتهد البارز ومحاولة التخلص منه، من خلال كتابة التقارير الملفقة ضده ، ومنع فرص الدرجات العلمية عنه ،واصطناع الحدث والمشكلة ضده، ورسم الخطط مع بطانته لاستبعاد هذا الإداري أو الأكاديمي البارز المجتهد لضمان عدم منافسته على المنصب أو لحاجةٍ في نفسه ولخدمة مصلحته الخاصة .

11- عدم الإهتمام بشئون الطلبة فيما لو كانت المنشأة تعليمية وإهمال الكليات والأقسام  ، والإفتقار إلى أساليب المعرفة التربوية والتعليمية مما سيتسبب في فشل إدارة هذه المنشأة التعليمية ، وإبراز نفسه فيما لو غيره من الإداريين قام بما ينفع المنشأة وكأنه هو من طوّر ومن قام بهذه المهمة الناجحة  لخدمة المنشأة.

12- لا يُقدّر الإبداع ونشاط الموهبين بالعمل، بل يسعى لتثبيطهم وتهميش إبداعاتهم وابتكاراتهم، وقد يوبخهم ، وقد يستخدم أسلوبًا ماكرٌا مع الموظف أو المدير المبدع والمبتكر لعملٍ مميزٍ كتأليف كتابٍ تعليميّ ٍ أو كتابة بحوثٍ أكاديمية مميزة فيقوم باستدراجه تدريجيًا إلى أن يسرق هذا الإبتكار منه، أو هذه الأبحاث، أو هذا المؤلَف فينسبه إلى نفسه .

13- يفضل سياسة أغلاق باب مكتبه وتتولى السكرتيرة مهمة الإعتذار للمراجعين بالإعذار المألوفة والمعتادة.

14- التسبب في عرقلة سير العمل وتشتيت ذهن الموظفين لكثرة تأففه وتذمره منهم مما يؤثر على أعصاب ونفسية الموظف فيكره عمله ويضعف إنتاجه الوظيفي .

15- أهمّ المخاطر الناجمة عن الإدارة والقيادة الفاشلة
ا=================================:-

في كثيرٍ من الأحيان تتولد عند الإدارة الفاشلة طموحات ومطامع شخصيةٍ تؤدي بالفشل الإداري إلى مستنقع الفساد الإداري، حيث يعمد الإداري الفاشل أو الفاسد إلى تقديم مصالحه وتحقيق طموحاته الغير قانونيةٍ من خلال استخدام منصبه ونفوذ سلطته الوظيفية المفتقرة إلى المبادئ والقيم والأمانة، ولا يشترط أن تتوفر فيه كلّ نقاط الفشل الإداري المذكورة ، بل يكفي واحدة بأن يكون إداريًا فاشلًا ، فإذا اجتمع الكثير منها فيه فهو الفساد بعينه.

إنتهى المبحث الثاني
______________________________________________________________________

                                           {{{      المبحثُ الثالث      }}}
{{ طرق  ومعالجة ظاهرة الإدارة الفاشلة في المنظومة التعليمية "
" Methods and treatment of the phenomenon of failed management in the educational system }}

حين اللجوء لمعالجة ظاهرة الفشل الإداري يجب البحث جيدًا عن أسباب الفشل الإداري
هل هو جزئي في إحدى المقومات الخمسة للإدارة أم أنه أكثر من ذلك ، حيث أنّ نجاح المنشأة يقوم على أعمدة الإدارة الحكيمة الواعية المُدعمة بعلوم الإدارة وذات المؤهل الأكاديمي العالي الذي يؤهلها للقيادة الإدارية، أم إنه نوعٌ من أنواع الفساد الإداري الذي يجب استئصاله من المنشأة .

أسباب الفشل الإداري القيادي وطرق معالجتها
ا=============================:-

1- توظيف غير ذوي الإختصاص في إدارة الأعمال وتسليمه مهام الإدارة مما سيتسبب بالتقصير أو الفشل المحتوم .
تعتمد المعالجة عالى الآتي :
تغيير الإدارة بالمدير الأنسب من أهل الإختصاص والخبرة .

2-  التقصير أو الفشل في إحدى مقومات الإدارة كالتخطيط أو التنظيم أو غيرهما مع وجود المؤهل الأكاديمي العالي للإدارة ومحاولة إصلاح الذات .
تعتمد المعالجة على الآتي:
إعادة التأهيل بإعطاء دوراتٍ مكثفةٍ في سبب الفشل تحسّن من مستوى القيادة الإدارية.

3- الحدّ من إعطاء الصلاحيات لمدراء الأقسام واعتماد المدير العام في كثيرٍ من الإستراتيجيات على نفسه مما يتسبب بالتقصير  وإن نجح في بعض المهام إلاّ أنّ هذا النجاح  على حساب مهامٍ أخرى يعرضها للفشل ويترتب على هذا الفشل الكثير من الخسائر المادية والمعنوية .
تعتمد المعالجة على الآتي :
  ترك طريقة المركزية التي يستخدمها المدير العام ، ووضع الأدوار الإدارية في مكانها الصحيح وإعطاء مدراء الأقسام صلاحياتٍ أوسع ليقوموا بمهامهم الإدارية فهذ سيخفف على المدير العام مما يترك له مجالاً ووقتًا أكبر ليقوم بأدواره ومهامه الأساسية.

4- إتخاذ القرارات الفردية، وتهميش أصحاب الكفاءات المميزة بالمنشأة، وعدم مشاورتهم وترك اشراكهم باتخاذ القرارات ، وفقد حلقة التواصل معهم من دواعي فشل الإدارة العليا والذي سيتسبب بنفور هذه الكفاءات وإشعارهم بوجود ثغرةٍ كبيرةٍ بينهم وبين القيادة .
تعتمد المعالجة على الآتي:
*- تغيير الإدارة العليا إذا أمكن لأنها أصل المشكلة .
*- إحترام أهل الكفاءات بالمنشأة واعتماد القيادة على الديمقراطية والمشاركة لهذه الطاقات وهذه الكفاءات وخلق حلقة تواصلٍ قويةٍ بين الإدارة العليا وكوادرها .

5- الفشل الذاتي بالإدارة العليا، وضعف الإداء القيادي، و مظاهرالفساد الإداري المختلفة وما ينتج عن ذلك  من مشاكل بالمنشأة (( تمً ذكره بصورةٍ أوسع في المبحث الثاني )) يعد من المعضلات الإدارية الكبرى ولا حلّ له سوى الإقالة .

______________________________________________________________________

المصادر :

1- فنّ الإدارة  الطبعة الأولى 2019  د. أحلام الحسن
2- المنتدى العربي لإدارة الموارد البشرية.
3- الرأسمالية البشرية د. أحلام الحسن " تحت التأليف"

الاثنين، 18 مايو 2020

قصائد الدكتورة أحلام الحسن

"جيشُنا الأبيض"

وقفنا امتنانًا لجيشٍ صبرْ
فداءً  يموتُ لأجلِ البشرْ

بأجوَدِ  جودٍ  يُضحّي لهمْ
نفوسًا وعمرًا لدفعِ الضّررْ

فصكُّ  الخُلودِ  لَيَحلو بهمْ
لجيشٍ بصمتٍ يعيشُ الخطرْ

فلا  فرَّ  يومًا  ولا  ساعةً
وإن حلّ موتٌ بهِ أو حضرْ

كما الطّودِ في أرضِهِ صامدٌ
يُداوي المُصابَ وحُكمَ القَدَرْ

بعزمٍ  وكرّ ٍ  وصبرٍ سَعَوا
ورغمِ الصّعابِ التي لم تذر

فما أعظمَ الرّوحَ حين الفدا
ومن أجلِ أرواحِ هذي البَشَرْ

تُزفُّ  المنايا  جهارًا  لهم
لأعظمِ جيشٍ كَلَمحِ البصرْ

كأصحابِ بدرٍ جهادًا مضوا
أناخوا بِرَحلٍ  شديدٍ أغَرْ

مليكُ السّماءِ  يُباهي بهم
وهذي الجنانُ لهم مُستقرْ

فأعظمُ جودٍ لبذلُ المهجْ
وروحًا تذوذُ بوقتِ الخطرْ

ولو شاءتِ العُمرَ فرّت بهِ
بعِيدًا تلوذُ وتبغي الحذرْ

شهيدًا ويتلو شهيدًا مضى
كأمثالِ من للنّبيّ انتصرْ

وصكُّ  الشّهادةِ  فازوا بهِ
فنعمَ الطّريقِ وهَديِ الممرْ

طبيبًا شهيدًا فلم  يبخلوا
  بعمرٍ  وروحٍ ونورِ النّظرْ

خطوبُ المنايا تصدّت لهم
بكتهم عيونٌ وحتّى الحجرْ

كيومٍ  ببدرٍ  بهِ  شاركوا
هنيئًا لهم مثلَ تلكَ الزُّمرْ

وما مثلُ إيثارهم مُمتَحنْ
وما مثلُ صبرٍ لهم من صبرْ

رجالًا  نساءً  لكَم  ناضلوا
إذا داهمَ الهولُ أو قد كسرْ

وتلك الصّبايا بجيشٍ بَدَت
يَجدن  بأرواحهنْ  والبصرْ

تركنَ  البيوتَ  وأطفالهنْ
وأزواجهن خيرُ من قد عَذَرْ

فَفَخرًا  لأمّ ِ الشّهيدِ الذي
رَمَتهُ المنايا بأبهى الصّورْ

وللوالدِ  الصّابرِ  المُحتسبْ
نقولُ  هنيئًا  بما قد  ظَفَرْ

وللإخوَةِ استَبشروا واصبروا
شفيعًا  يكونُ  لكم  مُذّخرْ

وتلكَ  الصّبورةُ  في خِدرها
دُموعًا  تصبُّ  بصمتٍ  أمَرْ

فَنِعمَ  الوفاءُ  الذي  أبرموا
لنعمَ النّفوسِ التي بالسّوَرْ

ويكفي  افتخارًا  لأولادِهمْ
وأحفادِهم  كُلّهم  والثّمَرْ

وكلّ صديقٍ  لهم  مُرتَهَنْ
بعهدِ  الوفاءِ وذكرى الوطرْ

بطولاتُ تاريخُنا أزهرت 
فدوّن لهم يا زمانَ العِبرْ

وسجّل صحافًا بأسمائهم
بِخطبٍ عظيمٍ عذابًا ظهرْ

إلهي ومولايَ عفوًا  فجُد
على أُمّةِ المصطفى والبشرْ

فأنتَ الكريمُ الحليمُ الذي
بعفوٍ  يجودُ ويمحو الأثرْ

د.أحلام الحسن

15 مايو 2020
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء

الجمعة، 15 مايو 2020

مقدمة موسوعة الشاعر السيد الدبداموني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
كم اسعدني في تلك الأيام المباركه هدية ثمينه  وهي مقدمة لموسوعتي الجديده 
 اهدتها لي احد  عمالقة الادب وقيثارة الشعر الدكتوره احلام الحسن 
اكتملت فيها كل اركان الجمال تحياتي لها تحية شكر وتقدير
  هذه الموسوعه افضل واحب الأعمال الى قلبي ساعرضها عليكم قريبا بإذن الله 
وحاليا اعرض عليكم  المقدمه الثمينه التي زانت احرفي 

تجلياتٌ في موسوعة الشاعر المبدع السيد الديداموني 
بقلم / أ.د أحلام الحسن
أكاديمية -معهد البحرين 
شاعرة- اعلامية 
باحثة عروضية معتمدة أكاديميا 

بسم اللّه الرحمٰن الرّحيم والصّلاة والسّلام على إمام المتقين وخاتم الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله وصحبه المتقين، وعلى جميع المصطفين الأخيار.
والحمد للّه على ما أفاض وأنعم، وأعطى وأكرم، من كينونة العقل، ومنافذ الإدراك، ومناهل العلم والرشاد، والرأي والسداد حمدًا كثيرًا لا ينبغي إلاّ لجلال وجههِ الكريم .
قبل البدء في دراسة هذا العمل الأدبي المتميز، أدبًا ونورًا، أتوجه بالشكر للأستاذ الشاعر المبدع السيد الديداموني لثقته الكريمة التي أولاني إيّاها بكتابة مقدمةٍ تحليليةٍ لهذا السفر المبارك، والذي أسأل الله جلّ جلالُهُ بأن يتقبله منه بأحسن القبول، وأن يجعله نورًا له يوم الورد المورود إنه الجواد الكريم.

============================================================

تميزت موسوعة الشاعر السيد الديداموني بعدة أجزاءٍ في كلّ ديوان، وكلّ جزءٍ منها يحمل عنوانًا يختصّ به، حيث أنّ الموسوعة تتكون من ثلاثة دواوين، يُشكّل كلّ ديوانٍ منها إنطلاقةً فكريةً ثاقبة، تحمل في طياتها الكثير من الجمال الأدبي والإبداع الشعري؛ والذي يضع المؤلّفَ في عداد أوائل الشعراء المتميزين، حيث يجذب مُطالعَه وبشدةٍ للتأمل بقصائد هذا السفر النوراني، والذي يشتمل على عدة منطلقاتٍ إسلاميةٍ، وتاريخيةٍ عريقة، سجّل فيها الشاعر نماذجَ من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وأهمّ أساليب الدعوة الإسلامية، والفتوحات والملاحم، ومن بدء عنوان كلّ جزءٍ منه، وحتى آخر عنونةٍ فيه .
ولقد تميّزت هذه الدّرة الأدبية النادرة بشمولياتٍ فاقت التصور لما شملته من أرتولجيا Aretalagy فائقة السّرد والاستعراض لحياة النّبي الخاتم محمدٍ "ص"، إضافةً للبلاغة الأدبية التي أعطت له نزعةً تعكس الانطباعات الشخصية للشاعر، والتي عمد الشاعر فيها على إبراز قوة التأثير لديه على المتلّقي، والتي بدورها تؤدي إلى إحداث عملية التأثر المباشر في النّص من خلال قوة المعاني في تصوير الحدث، واختياره للمفردات الأدبية الثرية، مستخدمًا فيها أسلوب البديعيات، ولغة البيان، لإحداث عملية العصف الذهني لدى المتلّقي، ليرجع بذاكرته إلى العصر النبوي الشريف، وينظر بعين البصيرة إلى العطاء الإيماني الذي تميّز به ذلك العصر من الجهاد، والتضحيات والإيثار والصبر .
 كما عمد الشاعر في مجموع موسوعته المُركّبة هذه إلى العديد من المفردات اللغوية الفاخرة البعيدة كل البعد عن الخلق والخيال، وعمد لصياغة المفردات المناسبة للشعر التاريخي المستوجب لذكر الحقائق دون أدنى إضافةٍ اختلاقيةٍ لها، والتي ترجع بذاكرة القارئ الكريم إلى الماضي العريق للشعر العربي الأصيل، أبان العصر العباسي وما قبله في كتابات الشعراء آنذاك، 
  والذين قاموا على سرد الواقع بكلّ دقةٍ، فتفتّقت فيها جعباتهم عن أجود ما كُتب من شعرٍ في التاريخ والملاحم، والذي استطرد فيه جهابذة الشعر بأقلامهم، فأثْروا الساحة الأدبية بجواهر الأدب، والشعر العربي الأصيل، والذي مازال يحتلّ المرتبة الأولى بين الأمم في جماليات الشعر لما تمتعت به اللغة العربية من سعة أفق المفردات، وجمال لغة البديعيات، ولقد اقتفى الشاعر الديداموني أثرَ السلف من جهابذة الشعر، فكانوا له القدوة المثلى، وسرعان ماصعد اسمه، ولمع نجمه في سماء الشعراء المعاصرين، ولقد تميّز الشاعر السيد الديداموني بسرعة البديهة وحذاقة الفطنة، والقدرة على كتابة القصائد الطوال والتي لو أُعطيت حقّها الكامل لكانت من  معلقات هذا العصر، فهو شاعرٌ لا يداهمه مللٌ ولا كسل، وفي الحقيقة لقد برهنت كتاباته الراقية على مالديه من المُكنة الشاعرية المتميزة، والقدرة الأدبية الفائقة، والتي أستطاع بها أن يحدّد خطّه ووجهته منذ أولى عتبات كتاباته .
 وأدعوك عزيزي القارئ لتبحرَ في موسوعة هذا السفر المبارك بكلّ جدّيّة، وتخصص لها وقتًا للإطلاع على قصائدها المتفردة في عصرها، كما أدعوك للإطلاع على هذه الدراسة المتواضعة من خلال بعض أبيات الموسوعة لا كلها، حيث يحتاج الإبحار فيها لمجلدٍ كاملٍ علّه يوفيها حقها .

 يقول الشاعر في الأبيات الأولى من هذه الموسوعة :

 ( فاتحةُ القصيدة  ) 

تَلَأْلَأَتِ الْحُرُوفُ بِذِكْرِ أَحْمَدْ
رَسُولُ اللَّهِ.. وَالْأَكْوَانُ  تَشْهَدْ

يَفُوحُ عَبِيرُهُ  مِنْ كُلِّ  حَرْفٍ
كَمَا الْعَبَقِ  الْجَمِيلِ إذَا  تَنَهَّدْ

فَخُطَّ   قَصِيدُهُ   بِمِدَادِ   دُرٍّ
تنّفَّسَ كَالصَّبَاحِ عَلَى زُمُرُّدْ

يلاحظ القارئ الكريم بلاغة اللغة وجمالية الإستهلال في مستهل القصيدة؛ وما فيه من حسن البيان، ومن جمال الإقتباس الجزئي من الكلّي مافيه معتبر، فتلألأ الحروف ما كان لولا ذكر أحمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه المتقين، فهو النور الذي أعطى للحروف ذلك التلألأ، ومن خلال تلك الإيدلوجية الدينية والأدبية توّج الشاعر أبياته الرائعة فيعاود في مدح خاتم الأنبياء " ص" قائلًا : 

يفوحُ عبيرُهُ في كلّ حرفٍ
كما العبقِ الجميل إذا تنهّد :  

المشهور عند الناس بأنّ العبق أثيرٌ يشمّهُ الإنسان بحاسة الشمّ، ويلاحظ القارئ مدى استخدام الشاعر لإسلوب البلاغة في كلمة " إذا تنهّد " والتّنهد هو عملية إخراج الهواء من الصدر بعمق ، فهناك ارتباطٌ وثيقٌ بين العبق والهواء الذي يحمل رائحة العبق، وفي الشطر من البديعيات مافيه إئتلاف المعاني، ومدى انسجامها الشيء الكثير في كلمتي "كما العبق- إذا تنهّد " . 

فخطّ قصيدَهُ بمداد درّ ٍ 
تنفّسَ كالصّباحِ على زُمرّد :

أستخدم الشاعر هنا أسلوب الإحالة بكلّ براعةٍ ودقّة، ليشير بمدلولاتٍ محسوسة الإدراك، وأخرى ملموسة، في تصوير المدلول عليه، كما كان لاسلوب الاستعارة دوره عند الشاعر في وصف 
البديل، فالمداد الأزرق أو الأسود درٌّ وهو من الأحجار الكريمة الجامدة الملموسة عينًا، لا كالمداد السائل، ونجد في هذا التعبير الذي استخدمه الشاعر قوة التدفق الشاعري والإنطباعي،
 كذلك كان للقوة البنيوية وجودها القوي ، والذي أوجد الترابط الداخلي والمحسوس الخارجي المبني على احداث عملية التضاد بين المتواقت  Synchronic ، وبين المتعاقب Diachronic .
بمدادِ درّ : سائلٌ ودرٌّ جامد، ومتى كان المداد جامدًا ! 
تنفّس كالصّباح : حرفُ الكاف هنا رسم لوحة تشبيهٍ لحالةٍ غير مادية اللمس، منظورة الأثر لا    مرئية البصر .
 على زمرّد : أثيرٌ متطايرٌ مع الريح ذاك التنفس، وجمادٌ ثابتٌ في مكانه ذاك الزّمرد
 هذه اللوحة البديعية للشاعر أوجدت حالة التضاد الأدبي الثنائي بين المتحرك واللا متحرك ،  وبين المحسوس بالحسّ وبين الملموس، وهنا تكمن براعة الشاعر بين تداخلات المتواقت والمتعاقب وبكل براعة .
ولقد أشاد المؤلف بأهمّ المعجزات النبوية كقوله في ذكر رحلة الإسراء والمعراج :

منَ البيت العتيق أتمّ رحلًا
إلى القدسِ الشّريف أتاهُ يَسجدْ 

على ظهر البراقِ عظيمُ قدرٍ 
كما لو كان ياقوتًا تجسّدْ 

نرى غلبة السرد الأدبي الغالب على القصيدة في مجمل هدفية الشاعر لإيصال الأحداث التأيخية الإيدلوجية إلى القارئ بكل دقة، رغم تداخل بعض التشبيهات والبديعيات بين فقرات القصيدة ،
مثل قوله : كما لو كان ياقوتًا تجسّد :  وهنا نرى جمال الحالة التعبيرية من خلال الجزئيات العينية مما أعطى للبيت طراوةً في اللغة أضافت نبرةً تعبيريةً للحدث الإعجازي.  

كما كان للمسلمين الأوائل لدى الشاعر أهمية كبرى، لكونهم العمود الأساسي الأول لانطلاقة النبوة الشريفة، نذكر على سبيل المثال بعض ما أورده المؤلف في موسوعته الرائعة هذه حيث يقول : 
لأوّل من دعا دررٌ تهادت 
بنورِ اللهِ والإسلام تعضدْ 

هم المدحُ الذي أصغى إليهم 
مدادُ الحرفِ من درّ ٍ وعَسجدْ 

فأسبقهم إلى الإسلامِ رشدًا 
 بمنبتهِ " خديجة من خويلد " 

وللشاعر ذكرٌ مترادفٌ للتشبيه بالأحجار الكريمة في الجزء المختصّ باستقبال أهل يثرب لرسول الله " ص" في حدث الهجرة النبوية الشريفة، أعطى للأبيات بريقًا ولمعانًا وكأنّها قد رُصّعت حقيقةً بتلك المجوهرات والدرر ترصيعا، كقوله : 

تلألأَتِ المدائحُ في لقاهِ
بعذبٍ من هديلِ الشّعرِ أنشدْ

أتى بدرُ الكمالِ على بساطٍ 
كما الديباجِ من حُسنٍ تورّدْ

بهِ درُّ الصّفاتِ كما توَالت
بسلسلةٍ وعِقدٍ من زبرجدْ

يلاحظ  على الشاعر استخدامه أسلوب التنميق، والتشبيه بالأحجار الكريمة، وغيرها من المحسنات البديعية، والتي أعطت دفعةً تشخيصيةً للجمادات ككائنٍ حيّ ٍ Personification تمثّل في شخصيات موسوعته الشعرية كقوله : 
أتى بدرُ الكمالِ على بساطٍ :
 وفيه تعزيز الحدث والمُحدِث، فالفاعلُ هو ذاك البدرُ إشارةً إلى عظم شخصية المُحدِث .
كما الديباجِ من حُسنٍ تورّدْ : 
وهنا يستخدم الشاعر أسلوب التبليغ في إيجاد المثيل المشابه عند الإنسان للموصوف على أرض الواقع ف " الديباج " وهو أفخر أنواع الحرير لدى الإنسان لم يجد الشاعر إلاّ أن يشبّه البساط الذي أقلّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وحمله في رحلته بالديباج لأنه أقرب الصور للإنسان، ولعلّ احتمالية خلق ذلك البساط تختلف عن وصف المُشبه به، وللّه في خلقه ما يشاء.
وأشير إلى لغةٍ جماليةٍ أخرى للشاعر في استخدامه للمحسنات البديعية كقوله :
 
به درُّ الصّفاتِ كما توَالت
بسلسلةٍ وعِقدٍ من زبرجدْ

ففي هذا البيت نرى كلمتي " در " و" الصفات " وفيهما من بديع المشاكلة الغير مرئية بتصوير صورةٍ ملموسةٍ لتلك الصفات الممكنة بصيرةً وعقلًا ؛ ومن جانبٍ آخرٍ هي عين الإغراق الوصفي
المتميز.
بسلسلةٍ وعِقدٍ من زبرجدْ : 
يعود الشاعر لاستخدام إسلوب الاستعارة التصريحية بحذف المشبّه والتصريح بالمشبّه به، بمسميات الأحجار الكريمة لبلاغة الوصف في الموصوف كقوله : 
بسلسلةٍ : والسلسلة هي الحلقات القوية المتداخلة بشكلٍ منتظمٍ ومتين، والتي تحتاج لمعدنٍ قويّ ٍ ليس من السهل انفكاكها.
وعقدٍ من زبرجد : العقد هو ذلك الخيط الذي يجمع خرزات الأحجار الكريمة حوله وهو قابلٌ للإنفكاك ولتناثر الخرزات، وهنا نجد تضادًا أدبيًّا في غاية الأهمية والجمال، بين قوة السلسلة ومتنانتها، وبين قابلية إنفكاك العقد، ومما يُشاد بأهميته هو عملية الرّدف اللغوي المتميزة بالدقة وبمتانة اللغة فا " العقد ، هنا جاء مردوفًا لدى الرّادف ومُستَنِدًا بكلّ أزرٍ إلى ماهو أشدّ منه متانةً وصلابةٍ وهو  السلسلة" بسلسلة " والتي أوجبت أقصى المتانة.
من زبرجد : المعروف عن الزبرجد بأنه من أفخم وأجمل الأحجار الكريمة المشعّ بألوانه الخضراء وكأنّ الشاعر المبدع اختار مجموعةً معينةً بذاتها من الأحجار الكريمة الثمينة ليرسم رائعته الشعرية هذه في عمليةٍ أشبه ما تكون من عملية الأنثولوجيا Anthology الأدبية.

ولنرجع معًا إلى المسلمين الأوائل حيث يثري المؤلف موسوعته بأهمّ الشخصيات البطولية التي ساندت النّبي عليه وعلى آله وصحبه المتقين صلوات الله وسلامه، مشيرًا إلى بعض مواقفهم العظيمة كقوله في مدح الأمام علي كرم الله وجهه :

أبو الحسنين ،كرّمهُ الإلهُ
بفاطمةَ البتولَ ومن تولّدْ

همُ الأنوارُ ما ضلّت خطاهم 
سراج همو أضاء بكلّ مقصدْ :

"همُ الأنوارُ ما ضلّت خطاهم "
نرى في هذا البيت محاولةً فريدةً للشاعر لإعطاء كلّ ذي حقّ ٍ حقه من آل رسول الله " ص" ومن الصحابة الأوائل رضوان الله عليهم، وفي البيتين أعلاه مافيه دلالةٌ كقوله : 
أبو الحسنين "كرّمهُ الإلهْ " : وفيه إشارةٌ من الشاعر للإمام علي" رض" بقوله " كرّمهُ الإله " قاصدًا بها عدم سجوده لصنمٍ قط، وعدم اتّباعه لدين قريش منذ طفولته، كما أنّ أعظم تلك الكرامات التي حباه الله بها تزويجه بفاطمةَ البتول سيدة الجنان وتولّد الحسن والحسين منهما ومن هما إنهما سيدا شباب أهل الجنة وهذا يكفيه فخرًا . 
همو الأنوار : يشير الشاعر إلى أهل البيت وإلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه المتقين، ولا يتأتّى من النّور إلاّ الرشاد والإصلاح والصلاح .
وفي الشطر الثاني من البيت نرى إشارةً حقيقية الوقع والوصف القرآني العميق لرسول الله " ص" : 
" سراج همو أضاءَ بكلّ مقصد"ْ :
 سراجٌ واحدٌ تحدّث عنه الشاعر قاصدًا به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه المتقين فهو السراج المنير الذي أضاء كل مقصدٍ ومكان ، ونلاحظ رجوع الضمير " همو " إلى أهل بيت رسول الله " ص" كمن يقول قمر الليالي ، وشمس الأفق، فالقمر واحدٌ والليالي بلا حسابٍ ولا عد، وشمس الأفق واحدة، والآفاق متسعاتٌ تحوي العديد من الكواكب والنجوم والمجرات ؛ فرسول الله " ص" هو ذاك السراج الذي خصّه الله برسالة التبليغ للعالمين.

وبايعهُ أبو بكرٍ وأعطى
رسولَ اللهِ ما أهدى وأيّدْ 

سراجُ الوقد،ِ عنقودُ الثّريا
على مشكاته الأنوارُ تُعقدْ

يشير الشاعر في البيتين أعلاه إلى أوّل الرّجال إسلامًا وهو أبوبكر الصديق" رض"، وهو ذاك الصحابي الكبير الذي لم يبخل بماله، ولا بعطائه الباذخ في دعم عماد الرسالة الإسلامية؛ وفي إثبات قوائمها، وهي في بدء انطلاقها وحداثتها، وتلك هي المرحلة الأصعب في بدء أيّة رسالةٍ سماوية.
وبايعهُ أبو بكرٍ وأعطى 
رسولَ اللهِ ما أهدى وأيّدْ 

 كلماتٌ انتقاها الشاعر بكل دقةٍ معلنًا فيها عن مدى قوة عزيمة المسلمين الأوائل في التمهيد والتّمكين لاحتضان الرسالة المحمدية العظيمة " ص". 

سراجُ الوقد،ِ عنقودُ الثّريا
على مشكاته الأنوارُ تُعقدْ

وفي البيت أعلاه نرى أسلوب المدح جليًّا في الممدوح " سراج الوقد " عنقود الثريا " على مشكاتِهِ الأنوار تعقدْ " 
فهل بالغ الشاعر في المدح باستخدامه لغة التفخيم Understating language  لمصطلحاتٍ اسلاميةٍ وقرآنية لها خصوصياتها في القرآن الكريم كقوله " على مشكاته الأنوارُ تُعقد" ! فنور الله هو مشكاة الأنوار كلها والذي تعقد الأنوار منه لا سواه، ( مثلُ نورِهِ كمشكاةٍ فيها مصباح)، كما أنّ مصطلح كلمة السراج جاءت في النبي الأكرم " ص" لا في غيره ( يا أيّها النّبيّ إنّا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرا. وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرا ) ونحن في رحاب موسوعةٍ اسلاميةٍ بحتةٍ، ولعلّ القلم الشعري الفذ والحب أخذ بشاعرنا المبدع مأخذه في وصف الشعور من حيث اللاشعور.

ليعرج الشاعر بعد ذلك إلى الصحابي الكبير عثمان ابن عفان " رض" بقوله : 

وما إن جاءَ عثمانُ فأعطى 
لدينِ اللهِ من جاهٍ وسرمدْ

رويّ شاء سبّاقُ العطايا
وكُتّابُ السّماء لهُ تؤيّدْ

يذكر الشاعر في  البيتين أعلاه عن مجيء الصحابي الجليل عثمان ابن عفان " رض" وإذا نظرنا إلى التاريخ نجد أنّ مجيئ صحابينا الجليل هذا قد قام على شقين وهما : 
دخوله الإسلام في فترةٍ صعبةٍ حرجةٍ تقف فيها قريش وقفة رجلٍ واحدٍ في وجه المؤمنين بالدعوة المحمدية "ص" وما سيتحمله من ردة فعل قريش ومن قرابته، ولدعمه الرسالة السماوية بالمال والعطاء مساندًا فيها حركة الدعوة الإسلامية .
أما المجيء الثاني فتسلمه الخلافة في مرحلتها الثالثة والتي يشير إليها الشاعر في هذا البيت 
بأهمّ انجازاته فيها واصفًا ذلك :
" وكُتّاب السّماءِ لهُ تؤيّدْ " يشير الشاعر بذلك إلى كُتّاب الوحي وحفظة القرآن الذين استدعاهم   الخليفة عثمان " رض" لكتابة القرآن واثبات ما صحّ منه وبذلك تمّت كتابة المصحف العثماني، ليضيف إلى تاريخ هذا الصحابي حدثًا من أهمّ أحداث تأريخ جمع المصحف الشريف. 

لا يخفى على المتأمل في أبيات هذه الموسوعة المباركة والمتميزة بإحداثها ومفرداتها، والتي تُعدّ من أبرز الموسوعات الشعرية الحديثة النادرة، بأجزائها الفاخرة بالمفردات اللغوية مدى قدرة الشاعر على صناعة جاذبية الصيغ اللغوية والبيان، وعلى قوة اللهجة التي لم تسر على حدثٍ واحدٍ أو وتيرةٍ واحدةٍ ، حيث عرج الشاعر إلى عدة محطاتٍ رئيسيةٍ في حياة النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تمّ ذكرها في أجزاء هذا السفر المبارك كلٌّ في موضعه، وفضل أصحابه رضي الله عنهم ونلاحظ في هذا البيت مدحةً الصحابي الكبير عمر ابن الخطاب " رض" بقوله :

أتى عمرٌ، به الإسلامُ طودٌ 
إلى المبعوثِ قوّامًا مُوَحّدْ

 " أتى عمرً به الإسلامُ طودٌ " دلالة البيت تشير لمكانة الشخصية البارزة فيه، ونرى في البيت صيغة التّشبيه المباشر، دونما استخدام حروف التشبيه فيه، وفي هذا دلالةٌ لبروز شخصية البيت فهو "طودٌ " ومن هنا نلاحظ صيغة المبالغة البديعية، وحرص الشاعر على إثراء رائعته ودونما خلقٍ للخيال.
" إلى المبعوثِ قوّامًا موَحّدْ " إنّ المعنى اللغوي والإصطلاحي لكلمة المبعوث هو الذي يحمل عُهدةً من الباعث يبلّغ بها، أو يخبر بها، أو يُسلمها، ويشير شطر البيت إلى عُهدة النبوة، وهو القرآن الذي جاء به النّبيّ المبعوث محمد عليه وعلى آله وصحبه المتقين صلوات الله وسلامه ؛ بينما تشير تكملة الشطر إلى الصحابي عمر ابن الخطاب "رض" وقوة إيمانه وصدق التوحيد الذي أودعه صدره " قوّامًا موَحّدْ " ، والقوّام صيغة مبالغةٍ لغويةٍ إلى كثرة صلاته وقيامه موحّدًا الله، ولا تتحقق حقيقة العبادة إلاّ من خلال الاقتران الذهني بين عمل الجوارح والإخلاص الفكري، وهذا ما يفيد به شطر البيت من الوضوح الدقيق الذي تتجافى فيه الصور الغامضة والإفتراضات بعيدًا ، مؤكّدًا مصداقية ما أورده الشاعر من الوصف.

ونرى شمولية تجليات الشاعر ومدى حرصه على ذكر أهمّ تفاصيل الدعوة الإسلامية في دفّتي الميزان الإسلامي القرآن والسّنة النبوية الشريفة، وأستشهدُ بهذه الأبيات من قصيدته منابر الإسلام في الجزء الأول منها، والذي خصصّه الشاعر للقرآن الكريم بينما خصّ الجزء الثاني منها للسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام،  يقول واصفًا القرآن الكريم : 

قد قالهُ ربّي وأحيا ذكرَهُ
صدقًا بلا ريبٍ ولا بهتانِ 

كلّ العلوم تُصبُّ في طيّاتِهِ 
عِلمًا أقرّ بهِ إلى العرفانِ  

منهاجنا القرآنُ آكدُ شرعةٍ 
محفوظةٍ في عالمِ الإيمانِ  
 
مدنيّهِ يُتلى على مكّيّهِ
كلٌّ على جللٍ من الرحمٰنِ 

هو أنسُنا في القبرِ بعد مماتنا 
وطريقنا النّاجي إلى الرّضوانِ 

وفي تلك الأبيات عدّةُ إشاراتٍ ابتعد بها المؤلف عن البرناسية المغلقة، داعيًا إلى الإنطلاق بحمل مبادئ الشاعر الدينية على أكفّ قصائده، مشيرًا بقوله " صدقًا بلا ريبٍ أو بهتان " وهنا يتجلى الطّباق الإيجابي بين جمع الضّدّين الصّدق والبهتان بكلّ أصالةٍ احترافية.
  كما يشير الشاعر على احتواء القرآن الكريم على العديد من العلوم، وهو الأنيس في القبر، والطريق إلى مرضاة الله ، ومن المحسنات البديعية الجميلة في الأبيات استخدام المُحسّن البديعي " التبليغ " كقوله ( مدنيّه يُتلى على مكّيّهِ )، إضافةً إلى السجع المتوافق في الياء وهاء الضمير " مدنيّه .. مكيّه - يهِ- يهِ "  والذي أعطى البيت لونًا من ألوان المحسنات البديعية الجميلة نرى التقنية الأدبية الفذة في منحنى ردّ عجز الشطر على صدره في كلمتي " مدنيّه - مكيّه .

ولم ينس الشاعر شيئًا من أهمّ حوادث التاريخ الإسلامي وأحداث الرسالة المحمدية العظيمة إلاّ وذكره وأوفى حقه، وللشاعر الملهم مواقفَ عديدةٍ في موسوعته الشعرية الضخمة هذه، والتي جمع فيها صفوة قصائده المتينة، والتي لا يكتبها إلاّ قلبُ شاعرٍ أُودع إيمانًا ومكنةً أدبية بليغة ، وكما كان للقرآن الكريم وجوده الشامخ في قصائد شاعرنا الفذ ، كذلك كان للسنة النبوية الشريفة وجودها المتميّز في أشعار المؤلف كقوله في مستهلّ قصيدته منابر الإسلام والمكونة من 160 بيتًا يقول فيها : 

في سُنّةِ المبعوثِ طابَ عناني 
وبها أنالُ شفاعةِ العدنانِ 

يلاحظ القارئ الكريم كلمتي " عناني - العدنانِ " وما فيهما من التقارب اللفظي العذب الذي أولد جناسًا غير تامٍ في كلمتي : عنان- عدنان .

تنزيلُ ربّيَ والحديثُ كلاهما 
عِلمانِ في صرحِ الهُدى عَلمانِ 

أما في هذا البيت والذي كسابقيه ولاحقيه من أبيات الشاعر القوية نلاحظ عملية ردّ العجز على الصدر جليةً واضحة لقول الشاعر :
 " عِلمانِ و عَلمان " هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى إيجاد توازنٍ للجناس التام في تشابه اللفظين التام للحروف مع اختلاف المعنيين. 
بينما أدت كلمة ( صرح الهدى ) إلى المعنى المجازي البحت في عملية إسنادٍ نسبيّ ٍ واستعارةٍ ومشابهةٍ بين قوة الدين وقوة الصرح.

كُلٌّ بأمرِ اللهِ ليس بأمرِهِ
فهوَ المليكُ وصاحبُ السّلطانِ 

وفي إشارةٍ من الشاعر إلى هدي رسول الله "ص" وبأن القرآنَ والنبوةَ الشريفة لا ينفكّان عن بعضهما، وبإسلوبٍ يُخضع المسلم للانسياق الروحاني والوجداني وبلغةٍ لا تخلو من مخاطبة عاطفة الإنسان المسلم Loaded Language فتطير به في سماء العبودية المطلقة والخضوع للّه جلّت قدرته.
 أما اللغة الأدبية تتجلّى في البيت بكلمتي " بأمر - بأمره " في إطارٍ أدبيّ ٍ بديعٍ استطاع الشاعر خلق جناسٍ متوافق التركيب في كلمتي ( بأمرِ - بأمرِه ) في تصريحٍ إلى قوة الترابط بين القرآن والسنة النبوية الشريفة.
 وفي بيان براعة الشاعر في هذا النوع من الشعر العرفاني نرى كيف أسند الفعلَ إلى الفاعل الأصلي ( كلٌّ بأمر الله / فهوَ المليكُ وصاحبُ السّلطانِ ).

وبسموٍ شامخٍ، تناثرت أبيات الشاعر في قصيدته العصماء " أركان الإسلام " بما ورد فيها من ذكر أركان الإسلام الحنيف بكلّ إفاضةٍ وإسهابٍ نافعٍ في شرح تعاليم ومفاهيم الدين الحنيف؛ وبصورةٍ شاعريةٍ فخمةٍ جدًا يخيل للمتلقّي بأنه أمام كتابٍ في تعاليم الفقه، مما يزيد في القيمة الفكرية العالية، والمنفعة للقارئ لهذا المجموعة الأدبية الراقية بمضمونها وأدبياتها الفذة،
كقوله في شهادة التوحيد وهي أول أركان الإسلام : 

إسلامُنا صرحٌ تعدّدَ ركنُهُ 
قد جاءنا خمسًا بلا نقصانِ

فشهادةُ التّوحيدِ ركنٌ ثابتٌ 
تعدادُها في أوّلِ الأركانِ

لاريبَ يرتاحُ الفؤادُ لذكرها
مشكاةُ نورٍ أوقدت إيماني

 ويعرج الشاعر بأبياته العالية المحتوى مشيرًا إلى الأركان الخمسة وإلى حدث فرض الصلوات الخمس في عملية إثارةٍ للإدراك الحسي Aesthetic Perceptics لدى القارئ بين عددية الأركان، وتوافق عددية الصلوات الخمس في حادثةٍ من أكبر معجزات الرسالة المحمدية " ص" .

ولننظر لقوله في هذا البيت : 

لا ريبَ يرتاحُ الفؤادُ لذكرها .. مُشكاةُ نورٍ أوقدت إيماني
 
يرى القارئ في هذه الأبيات أنّ جوهر القصيدة قد بُنيَ على عملية تصوير الشعور الذاتي إيمانًا من الشاعر بأنّ لكلّ ظاهرٍ باطنٌ عميقٌ وهو الشعور، مؤيدًا لأدباء المذهب التعبيري Expressionism في كشف حقائق الباطن التي لا ترى بالعين المجردة،
 كما هو الحال في  مشكاة النور التي تحدّث عنها الشاعر في تصوير البيت أعلاه فهذه المشكاة ماهي إلاّ تلك الأركان السماوية، وهذا النور لدى الشاعر يُعدّ صور مجازاتٍ بين الشبه والمشبه به ووجه الشبه، مع انتفاء أداة التشبيه فالوقود وجه الشبه، والمشكاة مشبهٌ بها، في الحقيقة لقد أبدع الشاعر في استخدام أدواته الشعرية بكل إجادة .

 ثمّ يعرج الشاعر نحو فرض الصلاة المفروضة وفي هذا البيت استطاع الشاعر الملهم أن يفيضَ بما في جعبة ذاكرته وخلفياته التاريخية الفياضة من معلومات صبّها بقوله : 

فصلاتنا للدّينِ ركنٌ قائمٌ
بصلاحها ملأ الهدى وجداني 

في ليلةِ الإسراءِ أوحيَ فرضها 
خمسًا من الصّلواتِ دون توانِ 

ودق من الرحمن تمطرني هدى
 فتصيب قلبي اينما تلقاني

ماشاء ربي في رواء عبيرها
يجتاح روحي هالةً بحسان

في ليلةِ الإسراءِ أوحيَ فرضها 
خمسًا من الصّلواتِ دون توانِ 

نلاحظ في الأبيات أعلاه والتي يتحدث فيها الشاعر عن الصلاة وكأنها معشوقته المفضلة والأكثر اقترابًا من مشاعره مما يجعل للشعر قيمةً ذاتيةً وقيمةً خارجيةً للمتلقّي ذات نتائج أخلاقيةٍ ودينيةٍ للطاقة الإنسانية ودافعًا من دوافع الرقي الإجتماعي كقوله : 
" بصلاحها ملأ الهدى وجداني " فتصيب قلبي أينما تلقاني " يجتاح روحي هالة بحسان"
علاقةٌ مركبةٌ بين الروح والوجدان والفكر A Complex relationship between spirit, conscience and thought الذي يحمل عقيدته بكل قوة ؛ 
في عمليةٍ للميل للأمحدود، وترك الروح للمطلق تسبح عبر تيارات الشعر الصوفي Sufi poetry ، مما يخيل للقارئ بأنه يقرأ إحدى قصائد ابن الفارض، حقيقةً كلما قرأتُ لهذا الشاعر 
الفتي ازداد يقينًا بأنه ملهمٌ من الله لا محالة وأنّ يد السماء تدير قلمه.  

 في ليلةِ الإسراءِ أوحيَ فرضها 
خمسًا من الصّلواتِ دون توانِ 

يشير المؤلف إلى حادثة ليلة الإسراء والمعراج The night of Israa and meraaj في كشف حقائق الحدث الجوهرية، فيسير بعيدًا عن رسم مظاهر الصور الخارجية وبعيدًا عن الانطباعية البصرية الآنيّة؛ جاعلاً من البيت إطار شعريةٍ يدلُّ على شاعرية الشاعر الذي يحكم أدواته الشعرية بطاقةٍ من الخصائص الأدبية القوية.

ثمّ يأتي الشاعر وبكلّ بلاغةٍ وانطلاقيةٍ موجبةٍ للمزيد من الإبداع فيقول في توأم الصلاة الثاني وهي الزكاة المفروضة أبياته التي كالوحي النازل عليه بإلهامٍ يلفت نظر المتلقّي :

إنَّ الزّكاةَ عليكَ ركنٌ واجبٌ
مثل الصّلاةِ كلاهما سيّانِ

في البيت أعلاه تشبيهٌ مقبولٌ بين الصلاة والزكاة في مقتضى الحال في إيلاد نتيجةٍ واحدةٍ في اشتراطيّة قبول الأولى بالثانية وكأن الشاعر يسعى لعملية نصحٍ وإرشادٍ  Advice and guidance من خلال أبيات موسوعته العظيمة..

فالمالُ مالُ الله إن تبخل بهِ 
ستبوء يومَ العرض بالخسرانِ

ثمّ يعرج المؤلف بعروجه المبارك إلى فريضة الصوم وفضلهِ، والحثّ عليه وبكلّ ما يحمله شاعرٌ من إحساسٍ بمسئولية الكلمة في رسالته الأدبية دون أدنى غموضٍ أو تعبيرٍ ملتبس ؛ في عملية تماثلٍ وتمازجٍ بين البداية والنهاية Anadiplosis في موسوعته الأدبية الفاخرة هذه وبكل اتقانٍ ومسئولية، يقول في مستهلها :

طُبُّ الفؤادِ ومونقُ الأزمانِ
يازهرةً بين الشّذا والبانِ

قد أنجمت كلّ المحاسنِ دُرّها
وضفوفها نهلٌ من السّلوانِ

 في الأبيات أعلاه نرى تبلور النظرية الرومانطيقية مستسلمةً وبكلّ خضوعٍ إلى الرمزية ودورها الفعال في تصوير النّصّ فالصوم ( طبُّ الفؤاد ومونق الأزمان ) فهو طبٌّ يداوي الإنسان معنويًا وجسديا وأخلاقيًا، وهو مونق الأزمان أكثر أيام الزمان رونقًا وجمالًا ( يازهرةً بين الشّذا والبان )
وهنا تتجلى الرمزية بكل قوتها مابين الشطر الأول من البيت، والشطر الثاني حيث قام المبدأ الشعري في الأبيات أعلاه على ثلاث قوىً " Mind, Conscience and Self Refinement
 العقل" والضمير" وتهذيب النفس"، في عمليةٍ استسلاميةٍ تتصدر ضمير الشاعر ليكشف بها عن مكنون رؤاه ومعتقداته.

رمضانُ أقبلَ والقلوبُ تنيّرت
وغزت لآلئهُ سما الأوطانِ

فصيامُنا قد جاء ركنًا رابعًا 
بحلولِ شهرِ العفوِ والغفرانِ

من فضلِهِ الرّحمات والعفوِ الذي
بختامهِ عتقٌ من النّيرانِ 

لصيامنا المفروضِ عدّةُ أوجهٍ 
ولكلِّ صنفٍ عدّةٌ ببيانِ 

المتأمل في قصيدة أركان الإسلام سيجد نفسه ليس أمام كتاب شعرٍ فقط، بل أمام موسوعةٍ شعريةٍ، وعقائديةٍ، وفقهية،ٍ وتاريخية،ٍ تخلق تضامنًا ذهنيًّا مترابطًا في أذهان المتلقين  Association Of Connection بذل الشاعر فيها أقصى مافي وسعه ليصل إلى القارئ بأنقى الصور والمصداقية.

ولفريضة الحجّ مقامها وشأنها الرفيع في هذا السفر الأدبي الإيماني الراقي، بكلّ حروفه الهادفة، وبكلّ شموليته الأدبية العالية، فيصف هذا الفرض وصفًا دقيقًا أختصرُ الوقوفَ على بعض أبياته الرفيعة كقوله : 

ولففتُ جسمي ما يواري سوأتي 
وكأنّهُ كفني على جثماني 

نمضي بلا جدلٍ ولا فسقٍ ولا 
نأتي النّسا فالكلُّ في هجرانِ

وبكلّ صراحةٍ لقد أبكاني هذا البيت لما فيه من روحانيةٍ وتذكيرٍ من دقة الوصف؛ في عملية إحكامِ التعبير  Atticism في كيفية إداء هذه العبادة ودون غيرها من العبادات، فالشعر الحقيقي هو الذي يتأدب بإحدى العناصر الأربعة The Four elements Sadness, Passion, Passionate, Moral's وهي الحزن، العاطفة، الحماس، الأخلاق، وقد لبس هذا البيت رداءَ الحزن المتمثل بصور الحزن والخشوع والذل لله جلّ شأنه وجللته العاطفة الروحانية حتى رسمت منه كيانًا ناطقًا، كما لبس البيت الذي يليه رداء الأخلاق، والحماس التي أولد العزيمة لدى الحجاج ( نمضي بلا جدلٍ ولا فسقٍ ولا ..نأتي النّسا فالكلُّ في هجرانِ ) ورغم أنهُ بيتٌ واحدٌ فقد استطاع الشاعر أن يجمع تلك العناصر الأربعة فيه الحزن والعاطفة والحماس والأخلاق ، وبكل دقةٍ أثبت فيها جدارته الأدبية.

أما في قصيدته الميمية المكونة من 170 بيتًا، فقد خصّص الشاعر الجزء الأول منها متحدثًا في أبياته عن بدء الخليقة وهو القلم ولقد وفّق الشاعر أيّما توفيقٍ في إدراج خلق القلم في أول أبيات هذه القصيدة وكبقية قصائده الفذة فله تشهد قوافيه على قدرته الأدبية الفذة في اختيار  البيت الأنسب لمستهل القصيدة Beauty exordium ، والبيت الأنسب لخاتمة القصيدة  Beauty Peroration.

سبحان من بدا الخليقةَ بالقلمْ 
وبهِ تأسست المعارفُ والكلمْ 

هو كاتبُ الأقدارِ قبل وقوعِها
ياحكمةَ الرحمٰن في كلّ النّعمْ

ويصرّ المؤلف الشاعر على إشباع هذا السفر الأدبي المتميز بالإبداع على ذكر أهم الأحداث التي تواترت على الخريطة الجغرافية الإسلامية ؛ فها هو يسجل التاريخ من جديدٍ وبأسلوبٍ يقيم قوائمه القوية على عدة أصنافٍ من الشعر؛ فنجد في قمة قصائده الشعر العرفاني، والتذلل لله، ونجد في قصائده الشعر التاريخي للحقبة النبوية،  ونجد في قصائده حقبة الخلافة وأحداثها وملاحمها، ليختم موسوعته العظيمة هذه وفي الجزء التاسع الذي خصه بذكر أحداث المماليك وردع التتار، وكيف تمت هزيمتهم على أعتاب مصر العظيمة عندما حاولوا اقتحامها، وأورد للشاعر بعض أبياته في هذه الملحمة الكبرى التي قال فيها : 

من واحة الطّغيانِ تنفثُ سمّها
شيطانةُ الإنسانِ في ثقبِِ الخللْ

فتسمّمت أوداجُ أمّتنا بها
وتسيّدت أهل الرّجاسةِ والخبلْ

عمّا دنا غزو التّتارِ بأرضنا 
عرشُ الخلافةِ في العراق بهم عُذلْ 

سلبوا وعاتوا بالمذابحِ أرضها 
وتمالكوا كلّ السّواحلِ والدّولْ

فأتوا إلى مصرَ العظيمةَ أمرهم 
فتجهّزت بجيوشها كي تقتتلْ

ذرُّ المهابة، والجيادُ تؤمّها 
هي مصرُ مقبرة الغزاةِ من الطّيلْ 

ياعين جالوت اشهدي في جندنا 
كيف استعادَ المجدَ فينا واجتبلْ 

قهروا التّتارَ وأوجسوهم خيفةً 
بالسّيفِ والرّمحِ المهيبِ وبالأسلْ 

كما البنيان  معراج تعالى
صروح المجد هامات وسؤدد

لقد صوّر الشاعر في تلك الأبيات الملحمة تصويرًا دقيقًا من عين الواقع، ودون الشرود بالفكر لمنحنى الخيال، ودون الشروع في المبالغات الفارغة، لقد تمكن الشاعر بأحسن مايكون فيه التمكن الأدبي في رسم لوحة الشعر الملحمي Epic Poetry حيث التقط الشاعر عدة صورٍ لهذه الملحمة  العظيمة التي هي من أصعب الفترات التي مرت بالتأريخ الاسلامي كقوله :

من واحة الطّغيانِ تنفثُ سمّها
شيطانةُ الإنسانِ في ثقبِِ الخللْ

حيث نجد أنّ الشاعر هنا أوجد في صورة التشبيه" شيطانة" حالةً من القدرة على تقريب الصورة إلى ذهن المتلقّي .
" تنفث سمّها " " ثقب الخلل" وهنا يتوجه الشاعر لصناعة صورةٍ من التشبيه المباشر ودون استخدامٍ لحروف التشبيه وأدواته، ونرى هنا كيف استطاع الشاعر تصوير العلاقة الوطيدة بين السّمّ والثقب، فالسّمّ لا يخرج إلاّ من ثقبٍ صغيرٍ ورغم ذلك تشكّل سرعة النفث أخطر اتساعٍ وتأثير، وقد لعبت المجازات اللغوية دورها في البيت لقوة العلاقة بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقي . 
ثم يعاود الشاعر الكرة في تصوير الشعر الملحمي بصوره الواقعية تمامًا حتى يخيل للقارئ أنه أمام مسرحيةٍ  ملحمية ، لقد استطاع الشاعر وبكل براعةٍ أدبيةٍ خلق ترابطٍ Aesthetic distance بين عمله الأدبي وبين القارئ من خلال أبياته.

ياعين جالوت اشهدي في جندنا 
كيف استعادَ المجدَ فينا واجتبلْ 

قهروا التّتارَ وأوجسوهم خيفةً 
بالسّيفِ والرّمحِ المهيبِ وبالأسلْ 

" ياعين جالوت اشهدي في جندنا " إلى آخر الأبيات نرى كيف يصور الشاعر انتصارات وطنه Boasting home victories ويُشهد التاريخَ على تلك الأحداث وما حققته مصر العظيمة من انتصاراتٍ ضد صنفٍ شاذٍ من البشر في سلوكياته الوحشية، وبكل فخرٍ يباهي الشاعر بجيوش وطنه في قوله " قتلوا التّتارَ وأجسوهم  خيفةً"، لقد أثبت الشاعر أنّ التعبير لديه هو أساس الشعر لا المحاكاة، فالتقى مع الرومانطيقيين في رؤيتهم في تلقائية الشعر وتدفقه.  

ويختتم الشاعر موسوعته الأدبية الشعرية التاريخية الراقية بأبياتٍ تتفجر بالإيمان بعد أن تفجرت منها ينابيع العلم والمعرفة البليغة؛ حتى جارت المعلقات فزادت عليها دون أن أبالغ في هذا مطلقًا، وهاهي أبياته تُغرّد بما في جعبته الفيّاضة بخاتمة القصيدة اخترت للقارئ الكريم منها مقاطع تأثرتُ بها كثيرًا وأنا أبحر في عالم هذا الشاعر الفذ وأسطورة زمانه؛ هذا البحر الزاخر الفياض بالنفائس، وسأترك للقارئ الكريم حرية التعقيب على خطاب الشاعر له، من خلال أبياته الأخيرة هذه، والتي خصّ بها مخاطبة القارئ الكريم، معتذرًا له عن أيّ سهو،ٍ أو غفلة، وردتٍ في موسوعته هذه، علمًا بأنّي من خلال أكثر من ثلاثة أشهر عشتها مع سفر موسوعته المباركة  هذه ما رأيت إلاّ ما يُذهل الفكر من قوة التعبير، وسلاسة الاسلوب، وعذوبة وانطلاقة الحرف لديه، وبراعة المكنة الشعرية، واللغوية، وجمال الإيقاع، والذي تميزت به موسوعته الشعرية هذه وبكلّ ما يملكه شاعرٌ من حِرفيةٍ أدبية فائقة المنطلق.

موسوعةٌ ونظمتُها بأناملي 
للّهِ ربّي من أقامَ بها سلمْ 

يا معشرَ الإسلامِ ألقي بينكمْ 
ألماسةَ الأشعارِ من طيبِ الكلمْ

دع ماتراهُ مُخالفًا في أحرفي 
للشرع واغنم بالنّفائسِ والتَهِمْ 

لو كان من خطأٍ، فمنّي غفوةٌ
ولتصفحوا عنّي إذا جارَ القلمْ

الخلاصة :

المتأمل في هذه الموسوعة الشعرية الراقية، والتي حمل الشاعر فيها على عاتقه مهمة كتابة أهمّ أحداث  التأريخ الإسلامي وبصورةٍ شعريةٍ بالغة الجودة الأدبية تشدّ ذهن القارئ والمتلقّي، لن يرى ثغرة بياضٍ يمكن أن يُشار إليها، لقد حافظ الشاعر بكلّ جدارةٍ على قوائم المواصفات الأدبية العريقة للشعر العربي الأصيل، وعلى عملية إنضاج المعاني والمفردات بالبديعيات، والتي تميّزت بها موسوعته المباركة، ودون الاستطراد في الحشو، أو المحاكاة الفارغة، بعيدًا كلّ البعد عن البدائيةٍ الفارغة، وعن الغوغائية والتملّق، مخاطبًا فيها العقل لا سواه، منطلقًا بموسوعته نحو الأفق الواقعي للإنسان المعاصر ومُذكّرًا له بماضيه وتاريخه الإسلامي المجيد، وضاربًا المثل الأعلى والقدوة الحسنة في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه المتقين، وعارضًا ما قدمه الصحابة الأجلاء رضوان الله عليهم من تضحياتٍ لحفظ الرسالة المحمدية"ص" .

وفي نهاية هذه التجليات التحليلية المتواضعة في سفْر موسوعة الشاعر السيد الديداموني الأدبية المباركة، والتي أقرّ على نفسي فيها بالتقصير فسبحان الله الكامل، أدعو القارئ الكريم للإبحار  في روحانية هذا السِفر الأدبي وفي قصائده الثرية المفعمة بالأصالة الشعرية العريقة، لكي يعيش مع شاعر الرّوحانية والعرفانية رحلته المباركة هذه، فهو يذكرنا بشعر سلطان العاشقين ابن الفارض رضوان الله عليه، ولو التمسنا عين الحقيقة لرأينا أنّ مصر قد أولدت سلطان العاشقين من جديدٍ في شخص شاعرنا السيد الديداموني حفظه الله.
يُعدُّ المؤلف أنموذجًا أدبيًا خلّاقًا تجاوز حداثة سنه، فهو يتمتع بالنظرة الثاقبة للمستقبل ، وتقف  قدماه بثباتٍ لا يتزحزح، قويّ الإيمان والعزيمة، صلب الإرادة، ومع ذلك فهو يمتلك روحًا تسمو باللطافة وحسن الخلق والفكاهة، ولهذه المواصفات التي يتمتع بها المؤلف استطاع أن يخطط لحياته الأدبية ويرسم دربه لتغمر دواوينُهُ المكتبات العربية، فلقد حقق في فترةٍ وجيزةٍ مالم يحققه شاعرٌ في مثل سنه، ولا يمكن للمطالع والقارئ لقصائده إلاّ أن يشهد له شهادة حق . 

وفي ختام جولتي المتواضعة في تجليات الشاعر المبدع السيد الديداموني والتي قضيت معها أطيب أوقاتي رغم غزارة قصائدها، لا أملك إلاّ أن أدعو له بالتوفيق الدائم، وأسأل الله تعالى بأن يتقبّل منه سفره المبارك  هذا وسائر طيبات أعماله بأحسن القبول إنه الجواد الكريم.
والحمد للّه ربّ العالمين عدد ماخلق وذرأ وبرأ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين  سيدنا محمد وعلى آله وصحبه المتقين.

أ.د.أحلام الحسن
الجمعة 15رمضان 1441
8مايو 2020