الخميس، 30 مارس 2017

قلم وقبر القصيدة 14 ديوان شطآن بها جراح

قلمٌ وقبر ..

وجّهْ رماحكَ هاهنا يا أحمقُ
واشددْ رصاصكَ نحوَ صدريَ يرشقُ

واجمعْ جموعكَ كُلّها وركابهمْ
وكما الشّموسِ غدًا ترانا نُشْرقُ

نحنُ النّجومُ السّاطعاتِ ومن هنا
مهزومةٌ حُلكُ الليالي طُرّقُ

حفرُ القبورِ فلن يثبّطَ عزمنا
موتٌ هنا منهُ الحياة ستورقُ

تلكَ الضّحايا إن بدتْ لكَ ميتةً
تحتَ الثّرى رقدتْ بهِ تتخنْدقُ

أرواحها جُندٌ هنا فوقَ الثّرى
كم جاهدتْ موتًا بها لا يلحقُ

لن يصرعَ القلمَ التّرابُ ولا الثّرى
من بين أوراقي الحقيقة تنْطقُ

ولئن أبتْ أوزارهمْ طمسًا ليَ
هذي حروفي بالصّدورِ تُوَثّقُ

بحر الكامل .. القصيدة نالت شرف الفوز في مسابقة شعرية بملتقى شاعر العرب يناير 2017

نقد د. أحمد عقيلي

قراءة في قصيدة ( لا تُشمتي بي ) للدكتوره أحلام الحسن
بقلم الناقد د . أحمد عقيلي

إبتدأت الشاعرة مطلع قصيدتها ببوحٍ عميقٍ للعاشق تجاه معشوقته ومحبوبته ..

ونرى بالقصيدة همسٌ وجدانيٌ عميقٌ يفوح من حنايا قصيدة الشاعرة، فهي تبدأ نصها الشعري بالتماس روحي إنساني يلامس جوهر المضمون الذي بنيت عليه الدلالة النصية للقصيدة وهو أن ترحم الحبيبة ذلك القلب المعنّى الذي أضناه الوجد والحب وأتعب روحه الهائمة المتيمة
وقد كان الاستهلال مميزاً حين استفتحته الشاعرة بشبه جملة متعلقة بما بعدها في قولها من قولها :

من مضجعي أيقظتِني داهمتِني دون الوداد !!
ياحلوتي هلّا رحمْتِ فؤاديَ الجافي الوساد
آلمتِني وجفوتِني .. وكأنّني لست  الفؤاد !
كم غدرةٍ كم طعنةٍ  كلّ الجرائم  بانفراد !
قد بعتِني دون النّدامة دونَ أن تبكي البعاد 

فهو لايعرف النوم ولا تعرف الراحة طريقها إلى عينيه اللتين قض مضجعهما السهر والانتظار والترقب ..
وهو الأمر الغريب الذي يثير عجب الشاعرة، فتختار حاملا مناسباً لمحمولها الفكري والوجداني، ألا وهو الإنشاء الندائي بياء النداء التي تفيد هنا التحبب والإعجاب ، خصوصا مع استخدام الشاعرة التركيب الإضافي: حلوتي، حيث جعلت المحبوبة تلتصق بروح حبيبها، والشاعرة هنا تتحدث بلسان عاشق متيّم، والحبيب يلح عليها ويستحلفها بحق حبه لها، وفي هذا الاستخدام لفتة مهمة وبادرة نفسية تدل على عمق التعلق الروحي من قبل العاشق تجاه حبيبته، وبرغم ذلك كله،تبقى بداخله وفي روحه، لايفرقهم أحد، لكن وصالها ممتنع وصعب، لدرجة أن الشاعرجعل منها نجمة عالية في السماء لا يطالها أحد، ولنتأمل معاً في قولها يانجمتي هو نداء إضافي أكسب النجمة تخصيصًا وتحديدًا، وزاد ارتباطها بالحبيب، فهو والحبيبة واحد .. وهنا إنطلاقةٌ على لسان الحبيب معاتبٌا تلك الحبيبة

أفهل ولدتِ بغير قلبٍ أمْ تعلّمتِ العناد !!
لاتبتليني قسوةً  فيضيعُ من عندي الرّشاد
لا تُشمتي بي هاهنا  يامهجتي شرَّ العباد
أيهونُ ودّيَ عندكِ   أن تعرضيهِ للمزاد ْ !!
ياليتني حجرًا ومنْ دون الشّعورِ كما الجماد

لا تشعلي نارَ الجوى  لا تشمتي بي منْ أراد
يانجمتي هذا الهوى يشري وصالكِ والوداد
كُفّي اقتحامي بالرّسومِ جميلتي دون العباد
صورًا فلا ترمي بها فهواكِ عندي في ازدياد
إن شئتِ هجرًا ظاميًا لا ترجعي دون الوفا

ولذلك نرى الشاعرة على لسان عاشق مستهام يخاطب محبوبته ويتمنى عليها أن لا تهجره وتبتعد عنه بل وترميه بسهاد البعد والجوى، وهنا محور القصيدة، فهو يريد منها وصلاً ولقاء وودّاً وحبّا، لأن حبها في قلبه لاينقص أبدًا بل هو في تنامٍ وازدياد، ولذلك لايجد الحبيب وسيلة كافية ولا كلمات ملائمة تتناسب مع حبه ووجده وهيامه، وهنا يطل إبداع الشاعرة من جديد في صورة الطفل المتعلق بأمه، فكما هو تعلق الطف بأمه يكون تعلق الحبيب بحبيبته لا حدود لها فيطلق حكمه في مملكة الحب إما نكون أو لانكون، إما يعيش الحبيب في كنف حبه ووجده، أو يتشظى وتتلاشى أركانه لتصبح عند من يحب .. لتختم الشاعرة بصورة جميلة جدا، وهي المولعة بالصور والتشابيه، حين يشبه الحبيب نفسه بالمحارب القوي الذي لايقهره ٱحد، بل إن الفائدة الكبرى محددة بأن يقع هذا الشاب في أسر هذه الحبيبة، بل عبدًا ومولى تحت إمرتها المهم أن تبادله الحب والوجد، كيف لا وهو طفلها المدلل، وفي هذا توظيف بلاغي مميز ..

عجبًا فهل غيري أنا قد نالَ وصلكِ والمراد !
ياليتَ عيني ما رأت  حسنًا بهِ عقلَ الرّشاد
ولئن جريتُ مُولّيًا   كمحاربٍ دونَ العتاد
أشتاقُ أسْرًا عندكِ  فأعودُ طفلًا في المهاد
فلتفطمي طفلًا لكِ   أو أطلقيهِ في البلاد

قيسًا يهيمُ مُتيّمًا ويموتُ من قبلِ الحصاد
قومي أزيلي عِشقكِ  بلغَ الجوى حدَّ الرّماد

كل ذلك تأتّى للشاعرة وتحقق من خلال وحدة الوزن والإيقاع وانتقاء الحروف والمفردات على صعيد المفردة الواحدة، والمفردة المركبة، ليكون ذلك كله أيقونة جمال تعزف بأوتار القلوب وأنفاس الشعراء.

نقد د. عبد الحافظ متولي

نقد قصيدة سكونٌ وطوفان للدكتور عبد الحافظ متولي ..


ثنائية الصمت والصخب في قصيدة "سكون وطوفان للدكتورة احلام الحسن
يبدو أن انبثاق الموقف الشعري يولد من رحم المعاناة واحتراق الشعراء في لهيب التجربة الذاتية فتولد النصوص مشتعلة أيضا، ويعتمد لاوعي الشعر على إيجاد لغة يتكئ عليها الاشتعال النصي، وسياقات شعرية تجعل النص وجدانيا كونيا وأهم هذه السياقات هي المفارقة
وهنا يكمن ذكاء النص في توظيف المفارقة منذ العنوان، سكون وطوفان لذلك فالعنوان هنا يولد عدة تساؤلات أهمها كيف يكون السكون مع الطوفان؟ هنا تتبدي اللغة الشعرية منذ التأسيس الأول للنص الشعري
ويبدو متن النص واقفا على تجليات وجدانية كاشفة عن عالم سرمدي يصل إلى حد المناجاة من المحب المكتوي بنار الوجد في حالة بوح صوفي شفاف إلى محبوب مهاجر غيابه الألم وحضوره اللظي حتى يتماهي الحضور في الغياب فلا نعرف سلطة كل منهما على الذات الشاعرة، هنا يرتفع النص إلى مقام الوجد الصوفي
عتابي على نفسي بكاها بالحاني
وباتت تداري جمر دمع بأجفاني
هنا التأسيس الأول لتجليات العشق الصوفي والمفارقة حيث البكا واللحن والجمر والدمع
ولا تقتصر بصمات المفارقة على العنوان ولا الجملة المفتاحية ودلالتها الجذرية والهامشية فقط بل تتعدى ذلك إلى المعجم الشعري في القصيدة مثل الشوق والاشحان، الحنين والخوف، يروي والظامي، العهد والنسيان، تمتمات والكتمان، ويقف هذا النص مثالا لذلك الوجد المتوج باللظي
تبات العيون السهد في ليل دمعاتي
وتطوي صحاف العهد في يوم نسياني
غزت مهجتي من لحظ عينيك لوحات
فقل لي حياتي من هو الفارس الجاني؟
ويأتي هذا النص مثالا جيدا لتناغم الجملة الشعرية مع الدفق الشعوري الوجدي وتناسقها مع البناء اللغوي من مفردات مركزة ومركبات مكثفة يحتل قمتها توظيف الفعل المضارع الدال على الحركة في مقابل السكون والارتباط بحالة الاشتعال الشعري في النص ارتباط السبب بالنتيجة والمقدمة بالخاتمة وايقاع موسيقى يعتمد اعتمادا كاملا على إيقاع النون المكسورة كأنه انشاد الصوفية في حلقات الذكر
والمدهش في هذا النص أيضا ذلك الإيحاء المتمثل في توظيف المجاز
غادرت أطياف أحلامك الود، ارميك بالشوق الذي منه اشجاني، تبكي تغاريدي فراقا
ايحاءات تؤكد روح المفارقة وتذكي اشتعال الوجد مع سيطرة مفرد البكاء التي تحقق سلطة الداخل على الخارج في الذات الشعرية وتقف ظلالا من نقاء الروح خلف هذا النص المدهش حقا فتثري المعنى وتضاعف طاقات النص بالإضافة إلى عنصر المفارقة وتجليات اللغة التي شكلت رحلة كشف صوفية شفافة عبر سراديب الحيرة والقلق والتوتر والتبدل رغبة الوصول إلى شاطئ ترسو عليه سفن الذات المتقلبة بين السكون والطوفان
نص أسعدني كثيرا بكل مقوماته الشعرية
لشاعرة تعرف تضع الحرف وتخلق الصورة العفوية كأننا نراها في الشعر لأول مرة

الأربعاء، 29 مارس 2017

النقد بين الفن والطعن

النقد الأدبي بين الفن والطّعن ..

بقلم د . أحلام الحسن

بالرجوع لعصر الجاهلية وما بعد ظهور الإسلام وما تبعه في فترة الدولة الأموية والعباسية والفاطمية لم تكن ظاهرة النقد الأدبي موجودة بشكلها  الأدبي الحالي الأكثر شيوعًا وعلمًا .. وقد ظهر في عصرنا الحالي النقد والتحليل وهو فنٌ من الفنون التابعة للأدب فلولا الأدب لما ظهر .. وقد أثبتت الدراسات النقدية جدارتها في إصلاح الضعف الأدبي لدى الأديب .. إلاّ أنّ هناك من النّقاد من يهدم كيان الأديب بكثرة تشريح النّص الأدبي والمبالغة في غربلته والتصغير من شأن صاحب النّص ( الأديب ) .. وقد يكون من ورائه بعض النوايا أو ردات فعلٍ لدى الناقد سابقة .

وللنقد أسسٌ وقواعد وشروط يجب توفرها في الناقد والمحلل وأهمها :

1- الدراسة والموهبة الأكاديمية في مجال النقد .

2- الموهبة في ذات النّصوص المطروحة للنقد كالشعر العروضي والقصة بأنواعها والرواية والخاطرة والنثر .. وعلى الناقد بأن يكون مُلمًا بقواعد اللون الأدبي المراد نقده وبروائع الأدب العربي المعاصر ومدارسه .

3- الإلمام التّام باللغة والنّحو والصّرف وقبل أن يعرّض نفسه لإنتقادٍ في النّحو ويقع هو في الخطأ لا صاحب النّص وهنا سيفقد اسمه كناقدٍ مبدع .

4- أن تكون لديه المُكنة والخبرة في مجال النّص المراد نقده وإن لم يكن من  أكاديمي النقد .

5- النزاهة والإنصاف التام وعدم التحيز والمحسوبية وفتل العضلات مع مراعاة عدم صناعة الإحباط لدي الكاتب .

6- إمتلاك الثقافة الإجتماعية والدينية ولباقة الحديث والطرح ليتمكن من إصلاح الفاسد في النّص وبصورةٍ لبقة . 

7- القدرة على تحليل النّص واكتشاف خفاياه كالتورية وإيجابياته وسلبياته والتأني في قراءة النّص ولأكثر من مرةٍ قبل المبادرة بالتحليل والنقد .

8- إختيار الوقت الهادئ والمناسب للتحليل والنقد .. ولايغفل الناقد عن حالته النفسية أيضا بحيث يكون في حالته الطبيعية وليس في حالة الإنفعال .

9- عدم إضافة أيّة كلمةٍ على النّص والإلتزام بمفردات النّص ، والبحث عن جماليات النّص دون الإقتصار على عيوبه وتشكيك الكاتب في قدرته الأدبية وتثبيطه فلا يكون الناقد معولًا للهدم من خلال نقدٍ سقيمٍ يضرّ ولا ينفع .. فالشّعر والقصيد غالبًا ما يحلل نفسه بنفسه من خلال عرض الشاعر لمحتوى أفكار القصيدة إلاّ أنّ هنالك بعض القصائد ليست بالقليلة ما يغلب عليها أسلوب التورية وهذا النوع من كتابة الشعر نوعٌ فريدٌ وعذبٌ يبثّ في المُتلقي روح الفضول في البحث عما خلف كواليس القصيدة وعن مكنوناتها التي لم يفصح الشاعر عنها في قصيدته فخلف قصيدته قصيدة لم تظهر على واجهة القصيدة حيث أنّ لغة التورية في القصيدة جعلت للقصيدة ظاهرة مميزة وهي ظاهرة واجهة القصيدة وبطن القصيدة المغاير تمامًا للغة الواجهة .

10-  البحث في النّص عن جمال اللغة كالبديعيات والمحسنات والإيقاع وإحداث الصّدمة لدى الكاتب من خلال نصّه . . وتماسك التحليل وترابطه بين فقرات القصيدة والتصوير المنهجي لها .

11- خاتمة النقد والتحليل وعليه أن يلتزم الناقد والمحلل بما أبداه من رأيٍ في القصيدة بالبينة والبرهان بصورةٍ دقيقةٍ وواضحة دون الخروج عما ورد في النص أو الإسترسال الممل في التحليل .. مع ملاحظةٍ مهمةٍ ترفع الروح المعنوية للشاعر لا أن يخرج المحلل أو الناقد ومناشيره تقطر دمًا من تشريح الشاعر وقصيدته .

ويعتمد النقد الأمثل والناجح على عدّة أساليب تجعله نقدًا بنّاءً يتكون من العبارات الجزلة والقوية والعلمية في ذات الوقت .. والتي تعبر عن الحالة العاطفية والعقلية والفنية والأدبية والنحوية لدي الشاعر .. ولا ينسى الناقد السمات الجمالية في ذلك أو السلبية ومدى تدفق الواقعية لدى الشاعر ومدى تدفق البلاغة الشعرية لديه والبديعية والتشبيهية ومظاهر الإنفعال ومظاهر السكون لدى الشاعر .. وكما أنّ الشعر لابدّ من توفّر عنصر الإثارة فيه بالإضافة إلى ماتمّ ذكره وإحداث الصّدمة الشعرية للمتلقي كذلك النقد فهو وسيلةٌ وصناعة أدبية رآقية لا يُستهان بها إذا ما سارت في مسارها الصحيح وفق ما جاء في القصيدة ..وتختلف رؤى النقد من ناقدٍ لآخر وفق رؤاه التي يراها في النّص من صورٍ حقيقية أو مجازية بلاغية وأفكارٍ يقوم عليها بنيان القصيدة من الإيقاع والإنطباع لدى الشاعر ..
وعلى الناقد أن يعيش في قلب الحدث .. قلب حدث النّص أو القصيدة بحذافيرها ..
لا أن يكون النّص في وادٍ والنّقد في وادٍ آخر .. ليس المطلوب في النقد طرح بضع كلمات تمتدح النّص وصاحبه أو تذمه بنقدٍ لاذعٍ .. بل المطلوب المصداقية التامة في تحليل ونقد النّص دون المبالغة في المدح ودون الطعن المؤدي لتثبيط كاتب النّص ..
النقد أمانةٌ حرفية لابدّ من تأديتها على أكمل وجه وبأفضل إداءٍ لكي تتعلم منه أيضا الأقلام الجديدة في ممارسة فنّ النّقد وأن لا يعتمد على تتبع عثرات الكاتب أو صناعة العيب من اللاعيب .

النقد بين الفنّ والطعن

النقد الأدبي بين الفن والطّعن .. بقلم د . أحلام الحسن بالرجوع لعصر الجاهلية وما بعده من ظهور الإسلام وما تبعه فترة الدولة الأموية والعباسية والفاطمية لم تكن ظاهرة النقد الأدبي موجودة والأدب الأكثر شيوعًا ومازال هو الشّعر العروضي .. وقد ظهر في عصرنا الحالي النقد والتحليل وهو فنٌ من الفنون التابعة للأدب فلولا الأدب لما ظهر .. وقد أثبتت الدراسات النقدية جدارتها في إصلاح الضعف الأدبي لدى الأديب .. إلاّ أنّ هناك من النّقاد من يهدم كيان الأديب بكثرة تشريح النّص الأدبي والمبالغة في غربلته والتصغير من شأن صاحب النّص ( الأديب ) . وللنقد أسسٌ وقواعد وشروط يجب توفرها في الناقد والمحلل وأهمها : 1- الدراسة والموهبة الأكاديمية في مجال النقد . 2- الموهبة في ذات النّصوص المطروحة للنقد كالشعر العروضي والقصة بأنواعها والرواية والخاطرة والنثر .. وعلى الناقد بأن يكون مُلمًا بقواعد اللون الأدبي المراد نقده وبروائع الأدب العربي المعاصر ومدارسه . 3- الإلمام التام بالنحو والصرف . 4- أن تكون لديه المُكنة والخبرة في مجال النّص المراد نقده وإن لم يكن من أكاديمي النقد . 5- النزاهة والإنصاف التام وعدم التحيز والمحسوبية وفتل العضلات مع مراعاة عدم صناعة الإحباط لدي الكاتب . 6- إمتلاك الثقافة الإجتماعية والدينية ولباقة الحديث والطرح ليتمكن من إصلاح الفاسد في النّص وبصورةٍ لبقة . 7- القدرة على تحليل النّص واكتشاف خفاياه كالتورية وإيجابياته وسلبياته والتأني في قراءة النّص ولأكثر من مرةٍ قبل المبادرة بالتحليل والنقد . 8- إختيار الوقت الهادئ والمناسب للتحليل والنقد .. ولايغفل الناقد عن حالته النفسية أيضا بحيث يكون في حالته الطبيعية وليس في حالة الإنفعال . 9- عدم إضافة أيّة كلمةٍ على النّص والإلتزام بمفردات النّص ، والبحث عن جماليات النّص دون الإقتصار على عيوبه وتشكيك الكاتب في قدرته الأدبية وتثبيطه فلا يكون الناقد معولًا للهدم من خلال نقدٍ سقيمٍ يضرّ ولا ينفع .. فالشّعر والقصيد غالبًا ما يحلل نفسه بنفسه من خلال عرض الشاعر لمحتوى أفكار القصيدة إلاّ أنّ هنالك بعض القصائد ليست بالقليلة ما يغلب عليها أسلوب التورية وهذا النوع من كتابة الشعر نوعٌ فريدٌ وعذبٌ يبثّ في المُتلقي روح الفضول في البحث عما خلف كواليس القصيدة وعن مكنوناتها التي لم يفصح الشاعر عنها في قصيدته فخلف قصيدته قصيدة لم تظهر على واجهة القصيدة حيث أنّ لغة التورية في القصيدة جعلت للقصيدة ظاهرة مميزة وهي ظاهرة واجهة القصيدة وبطن القصيدة المغاير تمامًا للغة الواجهة . 10- البحث في النّص عن جمال اللغة كالبديعيات والمحسنات والإيقاع وإحداث الصّدمة لدى الكاتب من خلال نصّه . . وتماسك التحليل وترابطه بين فقرات القصيدة والتصوير المنهجي لها . 11- خاتمة النقد والتحليل وعليه أن يلتزم الناقد والمحلل بما أبداه من رأيٍ في القصيدة بالبينة والبرهان بصورةٍ دقيقةٍ وواضحة دون الخروج عما ورد في النص أو الإسترسال الممل في التحليل .. مع ملاحظةٍ مهمةٍ ترفع الروح المعنوية للشاعر لا أن يخرج المحلل أو الناقد ومناشيره تقطر دمًا من تشريح الشاعر وقصيدته . ويعتمد النقد الأمثل والناجح على عدّة أساليب تجعله نقدًا بنّاءً يتكون من العبارات الجزلة والقوية والعلمية في ذات الوقت .. والتي تعبر عن الحالة العاطفية والعقلية والفنية والأدبية والنحوية لدي الشاعر .. ولا ينسى الناقد السمات الجمالية في ذلك أو السلبية ومدى تدفق الواقعية لدى الشاعر ومدى تدفق البلاغة الشعرية لديه والبديعية والتشبيهية ومظاهر الإنفعال ومظاهر السكون لدى الشاعر .. وكما أنّ الشعر لابدّ من توفّر عنصر الإثارة فيه بالإضافة إلى ماتمّ ذكره وإحداث الصّدمة الشعرية للمتلقي كذلك النقد فهو وسيلة وصناعة أدبية رآقية لا يستهان بها إذا ما سارت في مسارها الصحيح وفق ما جاء في القصيدة ..وتختلف رؤى النقد من ناقدٍ لآخر وفق رؤاه التي يراها في النّص من صورٍ حقيقية أو مجازية بلاغية وأفكارٍ يقوم عليها بنيان القصيدة من الإيقاع والإنطباع لدى الشاعر .. وعلى الناقد أن يعيش في قلب الحدث .. قلب حدث النّص أو القصيدة بحذافيرها .. لا أن يكون النّص في وادٍ والنّقد في وادٍ آخر .. ليس المطلوب في النقد طرح بضع كلمات تمتدح النّص وصاحبه أو تذمه بنقدٍ لاذعٍ .. بل المطلوب المصداقية التامة في تحليل ونقد النّص دون المبالغة في المدح ودون الطعن المؤدي لتثبيط كاتب النّص .. النقد أمانةٌ حرفية لابدّ من تأديتها على أكمل وجه وبأفضل إداءٍ لكي تتعلم منه أيضا الأقلام الجديدة في ممارسة فنّ النّقد .

الأحد، 26 مارس 2017

النقد بين الفن والطعن

النقد الأدبي بين الفن والطّعن ..
بقلم د. الأديبة أحلام الحسن

بالرجوع لعصر الجاهلية وما بعده من ظهور الإسلام وما تبعه فترة الدولة الأموية والعباسية والفاطمية لم تكن ظاهرة النقد الأدبي موجودة والأدب الأكثر شيوعًا ومازال هو الشّعر العروضي .. وقد ظهر في عصرنا الحالي النقد والتحليل وهو فنٌ من الفنون التابعة للأدب فلولا الأدب لما ظهر .. وقد أثبتت الدراسات النقدية جدارتها في إصلاح الضعف الأدبي لدى الأديب .. إلاّ أنّ هناك من النّقاد من يهدم كيان الأديب بكثرة تشريح النّص الأدبي والمبالغة في غربلته والتصغير من شأن صاحب النّص ( الأديب ) .

وللنقد أسسٌ وقواعد وشروط يجب توفرها في الناقد والمحلل وأهمها :

1- الدراسة والموهبة الأكاديمية في مجال النقد .

2- الموهبة في ذات النّصوص المطروحة للنقد كالشعر العروضي والقصة بأنواعها والرواية والخاطرة والنثر .. وعلى الناقد بأن يكون مُلمًا بقواعد اللون الأدبي المراد نقده وبروائع الأدب العربي المعاصر ومدارسه .

3- الإلمام التام بالنحو والصرف  .

4- أن تكون لديه المُكنة والخبرة في مجال النّص المراد نقده وإن لم يكن من  أكاديمي النقد .

5- النزاهة والإنصاف التام وعدم التحيز والمحسوبية وفتل العضلات مع مراعاة عدم صناعة الإحباط لدي الكاتب .

6- إمتلاك الثقافة الإجتماعية والدينية ولباقة الحديث والطرح ليتمكن من إصلاح الفاسد في النّص وبصورةٍ لبقة . 

7- القدرة على تحليل النّص واكتشاف خفاياه كالتورية وإيجابياته وسلبياته والتأني في قراءة النّص ولأكثر من مرةٍ قبل المبادرة بالتحليل والنقد .

8- إختيار الوقت الهادئ والمناسب للتحليل والنقد .. ولايغفل الناقد عن حالته النفسية أيضا بحيث يكون في حالته الطبيعية وليس في حالة الإنفعال .

9- عدم إضافة أيّة كلمةٍ على النّص والإلتزام بمفردات النّص ، والبحث عن جماليات النّص دون الإقتصار على عيوبه وتشكيك الكاتب في قدرته الأدبية وتثبيطه فلا يكون الناقد معولًا للهدم من خلال نقدٍ سقيمٍ يضرّ ولا ينفع .. فالشّعر والقصيد غالبًا ما يحلل نفسه بنفسه من خلال عرض الشاعر لمحتوى أفكار القصيدة إلاّ أنّ هنالك بعض القصائد ليست بالقليلة ما يغلب عليها أسلوب التورية وهذا النوع من كتابة الشعر نوعٌ فريدٌ وعذبٌ يبثّ في المُتلقي روح الفضول في البحث عما خلف كواليس القصيدة وعن مكنوناتها التي لم يفصح الشاعر عنها في قصيدته فخلف قصيدته قصيدة لم تظهر على واجهة القصيدة حيث أنّ لغة التورية في القصيدة جعلت للقصيدة ظاهرة مميزة وهي ظاهرة واجهة القصيدة وبطن القصيدة المغاير تمامًا للغة الواجهة .

10-  البحث في النّص عن جمال اللغة كالبديعيات والمحسنات والإيقاع وإحداث الصّدمة لدى الكاتب من خلال نصّه . . وتماسك التحليل وترابطه بين فقرات القصيدة والتصوير المنهجي لها .

11- خاتمة النقد والتحليل وعليه أن يلتزم الناقد والمحلل بما أبداه من رأيٍ في القصيدة بالبينة والبرهان بصورةٍ دقيقةٍ وواضحة دون الخروج عما ورد في النص أو الإسترسال الممل في التحليل .. مع ملاحظةٍ مهمةٍ ترفع الروح المعنوية للشاعر لا أن يخرج المحلل أو الناقد ومناشيره تقطر دمًا من تشريح الشاعر وقصيدته .

ويعتمد النقد الأمثل والناجح على عدّة أساليب تجعله نقدًا بنّاءً يتكون من العبارات الجزلة والقوية والعلمية في ذات الوقت .. والتي تعبر عن الحالة العاطفية والعقلية والفنية والأدبية والنحوية لدي الشاعر .. ولا ينسى الناقد السمات الجمالية في ذلك أو السلبية ومدى تدفق الواقعية لدى الشاعر ومدى تدفق البلاغة الشعرية لديه والبديعية والتشبيهية ومظاهر الإنفعال ومظاهر السكون لدى الشاعر .. وكما أنّ الشعر لابدّ من توفّر عنصر الإثارة فيه بالإضافة إلى ماتمّ ذكره وإحداث الصّدمة الشعرية للمتلقي كذلك النقد فهو وسيلة وصناعة أدبية رآقية لا يستهان بها إذا ما سارت في مسارها الصحيح وفق ما جاء في القصيدة ..وتختلف رؤى النقد من ناقدٍ لآخر وفق رؤاه التي يراها في النّص من صورٍ حقيقية أو مجازية بلاغية وأفكارٍ يقوم عليها بنيان القصيدة من الإيقاع والإنطباع لدى الشاعر ..
وعلى الناقد أن يعيش في قلب الحدث .. قلب حدث النّص أو القصيدة بحذافيرها ..
لا أن يكون النّص في وادٍ والنّقد في وادٍ آخر .. ليس المطلوب في النقد طرح بضع كلمات تمتدح النّص وصاحبه أو تذمه بنقدٍ لاذعٍ .. بل المطلوب المصداقية التامة في تحليل ونقد النّص دون المبالغة في المدح ودون الطعن المؤدي لتثبيط كاتب النّص ..
النقد أمانةٌ حرفية لابدّ من تأديتها على أكمل وجه وبأفضل إداءٍ لكي تتعلم منه أيضا الأقلام الجديدة في ممارسة هذا الفنّ الأدبي الرآقي .

الخميس، 23 مارس 2017

مقالات د. أحلام الحسن

قضايا ..
بقلم / د. أحلام الحسن
الحروب وصناعة المجاعة ..

مما لا يخفى على الإنسان ما للمجاعة من دورٍ في دمار الشعوب والقضاء عليها .. فتوفر الغذاء والماء من ضروريات استمرار حياة الإنسان والحيوان على حدّ ٍ سواء ..
وهناك عوامل طبيعيةٍ في صناعة المجاعة كندرة توفر الماء وعدم هطول الأمطار وإهمال معالجة هذه الظواهر الطبيعية لقلة الوعي أو عدم اهتمام الدول العظمى بما يصيب العالم الثالث من إبادةٍ بشرية بسبب الموت جوعًا كما هو في بعض دول قارة أفريقيا كالصومال والسودان وغيرها .. كما أنّ كثرة هطول الأمطار تتلف بعض المحاصيل والتي يعتمد المزارعون عليها في غذائهم ..
ويأتي دور الحروب الأهلية وغير الأهلية كصراع الدول المتجاورة أو الغزو الدولي أو الغزو التنظيمي أو الصراع على السلطة  في صناعة المجاعة في المرتبة الثانية وقد يفوق الأولى في بعض البلدان
متسببًا في الدمار وإحداث المجاعة ، فالموت هنا يفوق موت المجاعة من العوامل الطبيعية فهو موتٌ بسبب الحروب قتلٌ وضياع أجيالٍ وأطفالٍ وموتٌ بالجوع وتلف المحاصيل بسبب الحروب والقذائف ، فضلًا عن إنتشار الأوبئة بسبب الجثث المرمية هنا وهناك وندرة توفر العلاج والمضادات الحيوية من المسببات الخطيرة في زيادة عدد ضحايا الحروب
في دول العالم الثالث وها نحن نرى ما يمرّ به العراق ذلك البلد الغني بخيراته الوفيرة ماذا صنعت به الحروب بسبب الغزو الدولي المبطن والغزو التنظيمي وقتل أفراد الشعب خارج ساحة الحرب وفي الأسواق والمدارس والمساجد وغيرها مما يتسبب بإبادة الشعب العراقي تدريجيا قتلٌ وفقرٌ وحروب وتشريدٍ لآلآف السكان من قراهم وما بعد التشريد تأتي ظاهرة توفّر المكان والطعام  للأجئين وهي من المشاكل الصعب معالجتها كلّ المعالجة فالجوع أحد عوامل المجاعة الخفية .. فضلا عن مدى معأناة اللأجئين من التّغيرات البيئة كالبرد الشديد ، والحرّ الشديد في العراق والذي يأتي بدوره في التسبب بالموت ، وبذات الأهمية وبذات المشكلة المثيرة للحرب في العراق نجدها في سوريا لقد أبادت حروب التنافس على السلطة  آلأفًا من أفراد الشعب السوري وشرّدت الملآيين من شعبه بأطفالهم والذي لاقى بعضهم الموت غرقًا والآخر جوعًا وبردًا ، وهذه كلها أسباب لصناعة مجاعةٍ مبطنةٍ وإبادة بشرية لتلك الشعوب .. وما يجري في اليمن من حربٍ داخليةٍ وتنافسٍ على السلطة دمّرت الأخضر واليابس وبات الشعب اليمني لا تكاد العائلة الواحدة تمتلك قوت يومها !!
وتساقطت الجثث في أزّقتها متسببة بالأمراض الخطيرة وانتشار العدوى بين الشعب لتساهم في قتل من لم يمت مباشرة في الحرب من الأطفال والنساء و معتزلي الحرب .. وبدمار الثروة الزراعية والحيوانية وانتشار الأوبئة بين الحيوانات والمتسببة في موتها مما يساهم في صناعة المجاعة الخفية في تلك الدول .. ومثله في الصومال والسودان .. لقد بات الخوف يعمّ الخارطة العربية من مغربها لخليجها من سريان عدوى الحروب بأصنافها الخطيرة ..
ويبقى دور الحكومات لمنع إنتشار هذه العدوى العنيفة لدولهم والأهم إجراء دوراتٍ توعويةٍ للشعوب تنذرهم بخطورة التفرقة والصراعات وعليهم بأن يقدّموا سلامة الوطن والمواطنين على مصالحهم الشخصية أو السياسة ، نحن نحتاج لتكافلٍ وطني يصنع منّا يدًا واحدةً للحفاظ على البقية الباقية في الخريطة العربية ..
فمتى نتعلم بأن نقول نحن ولا نقول أنا وليفنى الباقون .