الجمعة، 29 سبتمبر 2017

عاشوراء


قصيدةٌ في نضالِ ورثاءِ الحسينِ ابن عليٍ سبطِ النّبي محمّدٍ عليهم أفضل الصّلاة والسّلام

عاشوراء .. د / أحلام الحسن

ضاقَ بالظّلمِ حُسينٌ  فغدا
راحلًا نحو  المنايا  والقدر ْ

رافضًا تلك  الرّزايا  جُملةً
منهُ إشفاقًا على الدّينِ حذر ْ

غير أنّي لستُ أنسى ذكرهُ
عابرًا تلكَ  البراري  والأثر ْ

كم تمنّوا موتهُ  أو  مقتلهْ
غير أنّ الموتَ لا يعني الحُفر ْ

عافَ في الدّنيا وجودًا مُترفًا
بعدما أهدت لهُ جُودَ  الوطر ْ

تتمنّى  قُربهُ  لو  ساعةً
قد رماها السّبطُ دومًا بالحجر ْ

يمتطي خيلًا  لهُ  كم تستعر ْ
حاربَ الجورَ مرارًا ما ضجر ْ

عابهُ القومُ  جِهارًا  عارضوا
كم تناسوا أنّهم ليسوا  بشر ْ

كيف فرضُ الودّ ِ أمسى مَقتلًا
بعدما  كان ودادًا  في  السّور ْ

كم  قُساةٍ  مرقوا  أمثالهم
كم  جُفاةٍ مزّقوا ذاك  الأثر ْ

ورفيعُ الشّأنِ من ذاك السّمو
أحمديُّ  الفِكرِ لا يبغي البَطَر ْ

لن يُساوى مثلهُ مهما علوا
فمصيرُ الكِبرِ في تلكَ الأُكر ْ

حلَّ  يومٌ ذاكرًا جُرمًا  لهم ْ
حاولوا طمسًا لهُ طَمسَ الخبر ْ

طاوعوا  أمرَ  جهولٍ  مُفسدٍ
من ضحاياهُ  مئاتٌ  بالحفر ْ

كربلاءُ العُمرُ ها قد كم روت ْ
كم رضيعٍ  قطعوا منهُ النّحر ْ

كم دماءٍ  سفكوا في كربلا
أغلظُ الخَلقِ قلوبًا من حجر ْ

ويحَ قلبٍ مؤمنٍ كم  ينفطر ْ
بصبابٍ  كانصباباتِ  المطر ْ

كيفَ لا يبكي وقد سالَ دمٌ
من حُسينٍ في البراري واحتضر ْ

يا غرامًا  ليس  يَنسَى  خِلّهُ
يا وِدادًا  لم يزل مِثلَ الدُّرر ْ

كيف يُنسى مقتلُ الطّفلِ الذي
من دِماهُ أُرضعَ  الفاهُ  فَخَر ْ

بنبالِ  الحرمليّ  الأموي
من يزيدٍ  أمْرهُ  بالمختصر ْ

صارَ عيدًا ثالثًا في عاشرٍ
بالتّهاني والأماني لا الكدر ْ

أيُّ  إسلامٍ  جديدٍ  مبتدع ْ
كم نسوا أمرَ وِدادٍ  قد صدر ْ

مزّقوهُ .. أتلفوهُ ..  ويلهم ْ
أسخطوا الباري عليهم والبشر ْ

حرّفوا دينَ السّلامِ  العالمي ْ
ونبيًّا  أظهروهُ  كالشّرر ْ

يا لبيبًا  باحثًا عن  قصدهِ
تلكَ عاشوراءُ تأتي بالخبر ْ

ا28/9/2017

بحرُ الرمل المحذوف















الخميس، 28 سبتمبر 2017

ليلاي

ليْلايَ أجْملُ :قصيدة مهداة للدكتورة أحلام الحسن ردّا بنفس القافية على أمواج نفس البحر الذي أهدتني على متنه قصيدا رائعا قبل أيّام:

ليْلايَ أجْملُ

قدْ أقْسمَ الحبُّ عنْد الشّاعرِ الحضْري
أن أنتِ مُلْهِمَتي الإبْداعِ في الشِّعْرِ

أهْوَاكِ يا وجْهَ بدْرٍ لسْتُ أعْشقُهُ
بل صرْتُ أعْبُدهُ بُعْدًا عنِ الكُفْرِ

لا كفْرَ باللهِ ذي الإبداعِ بَارِئِنَا
وهْوَ الذي وَهبَ الإشْعاعَ لِلْبدْرِ

قدْ كنْتُ أحْسَبُ إنّ البحْرَ محْتكَرٌ
حيْثُ الشَّواطئُ والفُلْكُ التي تجْري

لكنَّ ظَنِّي غَدا بالإثْـمِ مقْترِنًا
فالبحْرُ موْقِعُهُ في الأعْيُنِ الخُضْرِ

في غفْوةِ الجفْنِ يبْدُو الحسْنُ في دَعَةٍ
والسِّحْرُ منْبثَقا رغْمًا عنِ السِّـتْـرِ

ََأمّا إذا فتَّحتْ فالموْجُ قافيةٌ
تأتي فتَصْطكُّ بين الكرُّ والفَرِّ

تُحْيي بذائِقَتي الإعْجابَ يدْفعُني
للْبوْحِ بالرأْيِ ذي الإبْداعِ في فكْري

عيْناكِ ألهمتَاني الشِّعْرَ منْ حَوَرٍ
حورِيَّةٌ أنْتِ أمْ بحْريَّـةُ الشُّقْرِ ؟

والسِّحْرُ  في فلْجةِ الأسنانِ ميّزَها
تضْفي مزيدًا من الإغْرَاءِ للثّغرِ

ينْسابُ منْهُ أنيقُ الشِّعْرِِ يثْملُني
يزْرِي معَـتّقُه بالرّاحِ والخمْرِ

لم أدْرِ منْ منْهُمَا أنْشَى فأثْملنِي
تبْسيمةُ الثغْرِ أم ترْنِيمةُ الشِّعْرِ

ياقامةَ الأدَبِ الممْشُوقِ في وطنِي
يا قِمّةَ الخلُقِ المعشُوقِ والطُّهْرِ

بين السّطورِ نَثرْتِ الحُبَّ مُسْتَتِرا
كالحَبِّ في موْسم المحْراثِ والبذْرِ

محْصُولهُ نبْضُ عشْقٍ زانَ أوْرِدَتي
تُحْيِي احْتِفالاً بما أحيَيْتِ في صدْري

ذا النّبْضُ يعْجنُ لفْظَ العشْقِ في شَغَفي
من قبل تطْوِيعهِ صِرْفًا كما الدُّرِّ

حتّى يليقَ بأحْلامِ الهوَى ألَقًا
يُهْدي إمَارَتَـها تاجًا من التِـّبـْرِ

تلْكَ التي ملكَتْ إعجابَ ذائقَتي
في بيْعةِ الحبّ ِ قد أوْكلْتُها أمْري

رُبَّ اعْترافٍ بهذا الحُبِّ يسْعِدنِي
إسْعادَ نحْلٍ بما يلْقَى لدَى الزّهْر

فيه الرّحيقُ لصُنْعِ الشّهْد من عسَلٍ
فوقَ التشمّمِ والإنْشاءِ بالعطْرِ

يا عطْرَ شعْري تَزوَّدْ كيْ تُعطِّرَهَا
واحْملْ تحَايَايَ لا تخْجلْ من الغيْرِ

ياشعْرُ ترْجِمْ لها شوْقًا يُحرِّقُني
تحْريقَ لحْمِ شِـوَاءٍ في لظَى الجَمْـرِ

واعْزفْ لها لحْنَ حُبٍّ شدَّ بوْصَلَتِي
صَوْبًا يعوِّضُني ماضاعَ مِنْ عُمْري

وانْعَمْ بِأَسْرٍ لَـدَيْها فهْوَ يُسْعِدُنِي
أحْيَا بهِ خيْرَ قيْسٍ جُنَّ في عصْرِي

لاِبْنِ المُلَوَّحِ قُلْ ياشعْرُ مفْتخِرًا
ليْلايَ أجْملُ ، واحْذَقْ نغْمَةَ الفخْرِ

أحْلامُ دكْتورة ٌ والحُسْنُ توَّجَها
والحِلْمُ والعِلْمُ في منْأًى عنِ الكِبْرِ

إنّي لَمجْنونُها مادامَ لي نفَسٌ
حتّى وإنْ صرْتُ يومًا داخِلَ القبْر

الحضري محمودي 2017 /9/27

الأربعاء، 27 سبتمبر 2017

الكرمُ أميرتي

محاكاةٌ مع النّفس

ألكرمُ يا أميرتي .. د. أحلام الحسن

كَرَمُ الكرامِ بشيْمتي هوَ مُلْهمي
قدًّا  لجودٍ  عانقيهِ  وابْصمي

شوقًا إليهِ فازْهري  وَتَوَلّعي
جودي يدًا  فتوضّئي وتيمّمي

ورذائلُ البُخَلاءِ بي لا تدّعي
كرَمًا مضى  إيّاكِ أنْ  تَتَكَلّمي

بمِدادِ جودٍ  أكْرمي لا تَمْنُني
صدَعتْ رياحُ الأصْل بي وبمعْصمي

فُكّي  القيُودَ  أميْرتي  وَتَرَحّمي
شيمي أبتْ بُخْلًا عَرُوْسي فافْهمي

ونَوَيْتُ إحْرامًا  فلا تَتَرَدّدي 
وبشاشةً جودي بها في مبْسمي 

كوني معي فنعانقُ الكرمَ اسوةً
هذي يدي  سأمُدّها    فَتَرَنّمي

وَدَعِي الأنا يانفسُ لا تَتَجَاهلي
خُلُقُ الهُدى في أضْلعي هوَ مَغْنمي

كي نسْتَمِدَّ  منَ الحياةِ  متاعنا
فمناسكي وسعتْ لنا فاسْتَسْلمي

سَبَقَتْ خصالٌ  للْكريْمِ  فأنْعمتْ
بِعُرُوقِهِ  تجري لهُ  مجرى  الدّمِ

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017

سراب

سراب / د . أحلام الحسن

شَكوكٌ بي يُحاصرني ويرمي 
يداهمُني بلا حسّ ٍ  ويُدمي

بأشواكٍ  ويرميني  قتيلًا
يعاتبني شقاءً دون علمي !

فما زالت ذنوبٌ من جراحٍ
تُمزّقني وتكويني بضيمي

أيا صدرًا سقاني من كؤوسٍ
بهجرٍ كم  يقايضني كخصمي !

فلا أدري أشوقٌ  قد رماهُ
كما أردى فؤادًا لي بسقمي

فلا عتبٌ يعاتبني ويمضي
بذنبٍ من غباءٍ صار جرمي

شعورُ القلبِ لا يُبدى جهارًا
فلا يُبنى شعورٌ من  جفاكَ

فقل ماشئتَ من قولِ التّجَنّى
على روحٍ  لكم عشقت هواكَ

زماني قد رماني منهُ سهمًا
وترميني بسهمٍ من  رُباكَ !!

فما ظنّي كلامكَ كان  وهمًا
وقد كانت تداويني  يداكَ !

فما بُنيتْ قصورٌ من سرابٍ
فقل ليَ أين ذالك من هواكَ

بحرُ الوافر




















..

الاثنين، 25 سبتمبر 2017

أفعالنا بين السلب والإيجاب يوم عاشوراء

أفعالُنا بين السّلب والإيجاب
يومُ عاشوراء بين مطرقة التأريخ وسندان البهرجة ..
الحلقة الأولى ..
"
بقلم / د. أحلام الحسن

وتستمر تلاطم ألأمواج التّأريخية  .. وتستمر الصّفعات الخيالية والواقعية لتلطم وجه الواقع المؤلم .. الواقع المدمي والمرير المُحلى بالأمنيات الآخروية الزائفة ! والتي تخدم المصالح الدنيوية لأشخاصٍ وفئاتٍ أغلبها على كراسي التأريخ تأرجحت وتوسّدت واتكأت وأمرتْ ونهت وافترتْ وابتدعتْ واستأجرتْ من القصاصين والمفترين ما استأجرت .. حتى أصبحنا ألعوبةً في أيدي من مضى منهم !! وأورثوا لنا الجهل والغباء واللكمات التي نكيلها لبعضنا البعض كلّ يومٍ بل وكلّ ساعةٍ عبر القنوات وعبر الجرائد وعبر المواقع وفي شتى المجالس ! حتى أصبحنا أُمًةً تتغدى وتتعشى على لحوم بعضها البعض حيّةً ! لتبقى المصالح السياسية الماضية في زمن الحقبة الأموية والعباسية سارية المفعول ليومنا هذا !! ليُذبحَ الإسلام كلّ يومٍ .. ليكون النّبي محمدٍ " ص"  هو والدّين الأضحية اليومية التي تُقدّم على موائد الدّجل والإفتراء ..
ولكم كُذب على رسول اللّه " ص" عبر التأريخ لتثبيت تلك العروش بالروايات والأحاديث المختلقة على رسول اللّه عليه أفضل الصلاة والسلام .. ومن تلك المآسي التي ترد وتتكرر سنويا قضية فضائل يوم عاشوراء المدهشة لعقل اللبيب ..  والخادعة لعقول عوام النّاس من غير المطّلعين والمتابعين للسرد التأريخي المتضارب عندنا ..
نعم إنّها قضية فضيلة يوم عاشوراء المزعومة والتي انطلقت أكثر رواياتها أيام الحكم الأموي للتستر على قضية مقتلهم لسبط رسول وسيد شباب أهل الجنة الحسين ابن علي ابن فاطمة الزهراء ابنة رسول اللّه صلوات اللّه وسلامه عليهم .. من أجل ذلك لجأوا للإحتفال بيوم عاشوراء ووضع الزينة والتّبرك فيه لقتلهم الحسين في هذا اليوم ولكم أُفتريت الأحاديثُ على رسول اللّه في بركة هذا اليوم وفي عظمته التي لا تساويها سائر الأيام من أجل إبعاد النّاس واشغالهم عن الجريمة التأريخية العظمى التي ارتكبتها بنو أميّة في حقّ رسول اللّه بقتلهم الحسين والتي من الممكن أن تثير جدلًا سنويًا ضدّهم عند الأمّة .. فلم يجدوا سبيلًا لطمس تلك الجريمة إلا من خلال بهرجة يوم العاشر من المحرم وللأسف نجحت خطّتهم في التعتيم على هذه الجريمة المخزية  إلى حدّ ٍ بعيدٍ ولزمننا هذا !!
لينتبه مؤخرًا القليل من الباحثين عن حقيقة تلك الأحاديث الموضوعة والمفترية على رسول اللّه "ص" وانقسمت الأمّة نتيجة ذلك فمهنم من يحتفل بعاشوراء ويتبادلوا التهاني ويوزعوا الحلوى وينشدوا الأناشيد  وترتسم الإبتسامات على الوجوه تيمنًا بالعاشر من المحرم ومنهم يلطم الصّدور ويبكي وتنحدر الدموع على مقتل الحسين .. ومنهم من اعتزل وآثر الصمت والجميع وقع ضحيةً لدجل الماضين وأفعالهم ..
وهنا أورد بعض تلك الأحاديث المدسوسة والمفترية على نبي اللّه " ص" في فضل عاشوراء

(حديث مرفوع )
حدثنا ْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّوَيْهِ السَّرَخْسِيُّ ، فِيمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا  أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ قُهْزَاذَ ، قَالَ : ثنا حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، قَالَ : حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ  ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "  مَنْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا  عِبَادَةَ سِتِّينَ سَنَةً بِصِيَامِهَا وَقِيَامِهَا ، وَمَنْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ أُعْطِيَ ثَوَابَ عَشَرَةِ آلافِ مَلَكٍ ، وَمَنْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ أُعْطِيَ ثَوَابَ عَشَرَةِ آلافِ شَهِيدٍ ، وَمَنْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ أُعْطِيَ ثَوَابَ حَاجٍّ ، وَمُعْتَمِرٍ ، وَمَنْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ أُعْطِيَ ثَوَابَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ ، وَمَنْ فِيهَا مِنَ الْمَلائِكَةِ ، وَمَنْ أَفْطَرَ عِنْدَهُ مُؤْمِنٌ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، فَكَأَنَّمَا أَفْطَرَ عِنْدَهُ جَمِيعُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنْ أَشْبَعَ جَائِعًا فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، فَكَأَنَّمَا أَطْعَمَ فُقَرَاءَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَأَشْبَعَ بُطُونَهُمْ ، وَمَنْ مَسَحَ عَلَى رَأْسِ يَتِيمٍ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ رُفِعَتْ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ عَلَى رَأْسِهِ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ " . قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لَقَدْ فَضَّلَنَا اللَّهُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، قَالَ : " نَعَمْ ، خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ يَعْنِي فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَالأَرْضَ كَمِثْلِهِ ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَالنُّجُومَ كَمِثْلِهِ ، وَخَلَقَ الْعَرْشَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَالْكُرْسِيَّ كَمِثْلِهِ ، وَخَلَقَ الْقَلَمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَاللَّوْحَ كَمِثْلِهِ ، وَخَلَقَ جِبْرِيلَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَمَلائِكَتَهُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَخَلَقَ آدَمَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَحَوَّاءَ كَمِثْلِهِ ، وَخَلَقَ الْجَنَّةَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَأَسْكَنَ آدَمَ الْجَنَّةَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَوُلِدَ إِبْرَاهِيمُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَنَجَّاهُ مِنَ النَّارِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَهَدَاهُ اللَّهُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَأَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَرَفَعَ عِيسَى يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَرَفَعَ إِدْرِيسَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَكَشَفَ اللَّهُ عَنْ أَيُّوبَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَوُلِدَ عِيسَى فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَتَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَغُفِرَ ذَنْبُهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَأُعْطِيَ سُلَّمَ الْمُلْكِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَوُلِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَاسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ "  . إنتهى
ونلاحظ هنا عظم الإفتراء والكذب على رسول اللّه " ص"  وحتى على اللّه !
فأرجو من القارئ الكريم قراءة ما جاء في الحديث أعلاه  فقرةً فقرة ليستبين الحقّ وتتضح النتيجة المؤلمة .

السبت، 23 سبتمبر 2017

إفتح عقلك

إفتح عقلك ..
د .أحلام الحسن

الطّبُّ  مهنةٌ وضمير ..

مامن مهنةٍ إلاّ وتتطلب لعنصرين مهمّين يشكلانِ السّاعدين الأساسيين للمهنة والحرفة .. ولعلّ أكثر المهن إن لم تكن كلّها تحتاج لهذين العنصرين .. فإذا ما افتقدت الوظيفة  عنصر المهارة والخبرة والعلم افتقدت نجاحها وأصبحت فاعلية الإداء فيها مهددة بالفشل واللا نتاج ..
وإذا ما افتقد الضّمير بات سُمّها وعطاؤها واحد ..
فإداء عملٍ دون ضميرٍ يبقى عملًا ينقصه الإخلاص وتنقصه الجودة متسببًا لصاحب العمل الأصلي وللزبون بخسارةٍ ماديةٍ ومعنوية .. وهنا تكمن أهمية الضمير اليقظ ..

العلم والخبرة المهنية والضمير الحي تعني مهنة شريفة رزقها طيبٌ ومثمر للبشرية وللمجتمع
على السّواء مما يساهم في إرتقاء الإنسان والمجتمع ..

ومن أهمّ المهن الإنسانية مهنة الطّب لما لها من فائدةٍ صحيّةٍ ترجع بالخير على البشرية ..
إلاّ أنّه بات بعض من يمارسها للأسف سماسرة أو يمتهنونها لإبتزاز أموال النّاس !!
بالمعنى الأصح عملية استدراجٍ للمريض وإدخاله في متاهاتٍ وأوهامٍ تنعكس على صحته ..
وهذا التلاعب التجاري الحقير عادة ما تمارسه بعض المستشفيات الخاصة والتي غالبًا ما تكون بعيدةً عن المراقبة الحكومية المباشرة ..لكون طاقم هذا المستشفى أو ذاك يخضع لإدارة المستشفى بصورةٍ كاملة مما يغرق المريض المتعالج فيها بتكاليف ماليةٍ ضخمة من خلال طلب الطبيب عمل تحاليلَ وصور وغيرها في كثيرٍ من الأحيان لا يحتاج إليها المريض .. فضلا عن الأسعار الخيالية التي يطلبها المستشفى والتي لا تنتهي فكلّ حركةٍ لها تسعيرتها حتى العمل الواحد يتمً تجزأته ووضع مسمياتٍ لسلب أكبر مبلغٍ ممكنٍ من المريض !!
عندما تموت الضمائر للأسف وعند الأطباء والمشافى فلا خير في الحياة ..
ولم تسلم العيادات الصغيرة الخاصة من هذه الأساليب من الإبتزاز والتلاعب على إنسانٍ مريضٍ وربما اقترض المال للعلاج ويفكر كيف يسدده .. لقد إنقلبت مهنة الطّب من مهنةٍ إنسانيةٍ إلى مهنةٍ تجارية وليتها اكتفت بالتجارية بل إلى عصاباتٍ تندرج تحت اسم مستشفياتٍ خاصة !
والويل الويل لشركات التّأمين الصحي من ابتزاز تلك المستشفيات والذي سينعكس دورها على المريض ورفع ضريبة التأمين الصحية عليه .. باللّه عليكم هل سيشفى المريض وهو يرى نفسه لقمةً سائغة بين فكّي المستشفيات الخاصة أم أنّه سيموت قهرًا او جلطةً نتيجة هذا الإبتزاز ..
ويكمن الحلّ الأمثل لهذه المعضلة الإنسانية في أمرين هما :
أولًا :
جعل العلاج المجاني  من أولى أوليات الدولة وتوفيره بيسرٍ وفاعلية جيدة .. مع توفير الكوادر الطبية والإدارية الموثوقة .. وبعدد الكوادر الكافية .. وتجنب المواعيد المتأخرة مما يضطر المريض للذهاب للمستشفيات الخاصة .. كما لا يغيب عن الذهن مستشفيات الولادة والتي تتطلب توفيرا للأسرّة والمستلزمات الصحية و بشكلٍ كافٍ .. فأين يذهب ذو الدّخل المحدود في هذه الحالة إن كانت مستشفيات الولادة تعاني نقصًا في الكوادر والمعدّات .

ثانيًا :
وضع قانونٍ يحكم أسعار المستشفيات والعيادات الخاصة والحدّ من انتشارها مع المراقبة الحكومية  القريبة والمتواجدة بالمستشفى الخاص بصورة مكتب مراقبة الأسعار والشكاوي مع التأكد من طاقم العمل فيه بأنه يتميز بالضمير الحي فلا يُشترى ضميره في يومٍ ما .. والأفضل وضع خطّةٍ استراتيجيةٍ متوسطة المدى يتمّ فيها تغيير موظفى المكتب بصورةٍ سنوية لضمان نزاهة العمل الرقابي فيه .
طبعا طرح هذه القضية الإنسانية على الساحة الإعلامية لا يعني عدم وجود أطباء وكوادر طبية نزيهة .. فهناك العديد منهم من امتهن مهنة الطّب وكرّس عطاءه واخلاصه لشفاء مرضاه ..
نشدّ أيدينا بأيديهم ونقف لهم احتراما .

الخميس، 21 سبتمبر 2017

الهجرة النبوية الضائعة

الهجرة النبوية الحقيقة الضائعة ..
بقلم / د . أحلام الحسن

من جراء تتبعي لمدة سنتين على فتراتٍ متفارقة للبحث والإطلاع على تأريخ الهجرة النبوية الشريفة (ص) ومن خلال متابعتي المتواضعة لما وصل إليه الباحثون في هذا الأمر ..
تمّ الوصول إلى نتيجة هذا البحث عن الحقيقة بأنّ الهجرة النبوية الشريفة (ص) لم تكن مطلقًا في الأول من محرم وإنّ ما يحدث من الإحتفال بهذا اليوم المزعوم ماهو إلاّ ضربٌ من الجهل سارت عليه الأمة جدًّا عن جد .. وحقيقة لا مفرّ منها بأنّنا تركنا السّنة النّبوية الشريفة فيها واتبعنا إجتهاد بعض الصحابة في ذلك وأرجو من القارئ الكريم سعة الصدر ومواصلة القراءة والبحث عن حقيقة التأريخ الهجري الضائعة على أيدينا .. وللأسف الشديد نحن أمّة لا تقرأ .. لا تبحث .. أو إنّها رضيت واستسلمت عن طيب خاطرٍ أو عن جهلٍ لما يحدث في تأريخنا الإسلامي من المغلوطات والمحسوبات والتي أدّت بدورها إلى الخلل في المجتمع المسلم
وقد يسخر من الغرب والأعداء " أمّةٌ لا تعرف تأريخ هجرة نبيها " !!
فإذا كنّا نجهلُ حتى التّقويم الهجري فنحن في غيره من الأحداث والسّنن أجهل ..
وسأورد هنا بعض الدلائل والمؤشرات والبراهين على أنّ الهجرة النّبوية الشريفة على صاحبها وآله وصحبه المتّقين أفضل الصّلاة والسّلام ومنها ما يلي :

أوّلًا :
كانت العرب من الجاهلية تعتد بالأشهر الحرم ولا تحارب فيها ومحرم من الأشهر الحرم عند عرب الجاهلية ولا يمكن بأن يحملوا سيوفهم ويحيطوا دار رسول اللّه ( ص) لقتله في هذا الشهر المحرّم عندهم .. رغم وقوع الحادثة بالفعل ومبيت الإمام علي بفراش رسول اللّه .

ثانيًا :
الكثير من الرّوايات تثبت بأنّ رسول اللّه (ص) خرج ليلًا في أواخر شهر صفر بعد ثلاثة شهورٍ من بيعة العقبة الأولى .

ثالثًا :
مدة الإختفاء بالغار استغرقت ثلاثة أيّامٍ تأتي أسماء بنت أبي بكرٍ بالطعام طيلة الليالي الثلاث بينما غلام أبي بكر "رض " الذي يرعى غنمه يأتي بالأغنام لتدوس أثار أسماء فيختفي الأثر .

رابعًا :
وفق هذه الحسابات أي بعد ثلاثة أيام المبيت بالغار يكون أوّل ربيع الأول هو التأريخ الحقيقي للهجرة وليس الأول من محرّم .

خامسًا :
جلّ الرّوايات ذكرت بأنّ وصول رسول اللّه وصاحبه إلى المدينة يوم الإثنين لثاني عشر من ربيع الأول .. أي استغرت الرحلة إثني عشرة يومًا .

سادسًا :
مامن روايةٍ ذكرت أبدا بأنّ وصول النّبي (ص) للمدينة كان في محرم حيث أنّ الرحلة تستغرق إثنى عشرة يومًا .. وعليه يكون الوصول للمدينة في الثاني عشرة للمحرم ! وهذا لم يذكره أحدٌ من المؤرخين مطلقًا . وهو أحد الأدلة الكبيرة جدٌا على أنّ أوّل يومٍ للسنة الهجرية هو الأول من ربيع الأول .

سابعًا :
تمّ احتساب الأول من ربيع الأول هو التأريخ الهجري بالمدينة أوّلا وقبل وضعه على يد الخليفة الثاني عمر ابن الخطاب ( رض ) .

ثامنًا :
ذكر أكثر المؤرخون بأنّه تمّ اعتماد الأول من المحرّم أوّل السّنة الهجرية بأمرٍ واجتهادٍ من الخليفة الثاني عمر ابن الخطاب ( رض ) وعليه سارت الأمّة الإسلامية ! .

تاسعًا :
لا يختلف اثنان بأنّ الأول من المحرّم هو أوّل يومٍ للسّنة العربية "وليست الهجرية " أيام الجاهلية و قبل الإسلام .. وعليه فإنّنا نشاركهم الإحتفال في أوّل محرّمٍ كلّ سنةٍ .. وننسب لرسول اللّه ( ص )  تأريخًا لم يصب عين الحقيقة .. فهنيئا للجاهلية الأولى ومشركيها بنا .

عاشرًا :
إنّ الأمر لخطيرٌ جدًا حال استمرارنا المخجل بالإحتفال سنويًا بالأول من محرم بالهجرة النّبوية الشّريفة ( ص ) لما في ذلك من المغالطات على رسول اللّه (ص) ..
فماذا لو وقفنا أمام اللّه ليسألنا عن ذلك ماذا سنقول ؟
وماذا لو سألنا نبينا ( ص) في يومٍ يُجمع فيه الناس للحساب لماذا كذبتم عليّ ماذا سنقول ؟
ماذا سنقول لرسول اللّه ( ص ) تركناك واتبعنا ما وضعه عمر ( رض ) ؟
وعمر ( رض ) إنسانٌ مثلنا يخطئ ويصيب .

الحادي عشر :
مرّت مئات السّنين على هذا الخطأ التأريخي المزعوم وقد بادر كثيرٌ من رجال الدين والباحثين من المثقفين الذي بذلوا ما وسعهم لتنبيه النّاس لهذا الخطأ التّأريخي الخطير والمزري
ولكن لا حياة لمن تنادي !
ونسوا قول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :
" إن كذبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ .. من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النّار" رواه البخاري (1229) ، ورواه مسلم في مقدمة صحيحه (3) دون قوله : " إن كذبا علي ليس ككذب على أحد " . وغيره العديد من الأحاديث في هذا الخصوص .

وأَذكر هنا عدّة مصادر وروايات حول الموضوع أعلاه تؤكد للقارئ الكريم ما تمّ التّوصل إليه من البحث :

أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بالغار ثلاث ليال حتى ينقطع طلب القوم عنهما، وكان يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ثم يصبح في القوم ويستمع منهم الأخبار عن رسول الله وصاحبه فيأتيهما كل ليلة بما سمع، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام في كل ليلة من هذه الليالي، وقد أمر عبد الله بن أبي بكر غلامه بأن يرعى الغنم ويأتى بها إلى ذلك الغار ليختفي أثره وأثر أسماء. 

وفي صبيحة الليلة الثالثة من مبيت رسول الله عليه وسلم وصاحبه بالغار، وهي صبيحة يوم الاثنين في الأسبوع الأول من ربيع الأول سنة الهجرة (وهي سنة ثلاث وخمسين من مولده صلى الله عليه وسلم، وسنة ثلاث عشرة من البعثة المحمدية) جاءهما بالراحلتين عامر بن فهيرة مولى أبي بكر؛ وعبد الله بن أريقط الذي استأجراه ليدلهما على الطريق، فركبا وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة ليخدمهما، وسلك بهما الدليل أسفل مكة، ثم مضى بهما في طريق 

هجرة النبوية هي حدث تاريخي وذكرى ذات مكانة عند المسلمين، ويقصد بها هجرة النبي محمد  وأصحابه من مكة إلى يثرب والتي سُميت بعد ذلك بالمدينة المنورة؛[1] بسبب ما كانوا يلاقونه من إيذاء من زعماء قريش، خاصة بعد وفاة أبي طالب،[2] وكانت في عام 1هـ، الموافق لـ 622م، وتم اتخاذ الهجرة النبوية بداية للتقويم الهجري، بأمر من الخليفةعمر بن الخطاب بعد استشارته بقية الصحابة في زمن خلافته،[3] واستمرت هجرة من يدخل في الإسلام إلى المدينة المنورة، حيث كانت الهجرة إلى المدينة واجبة على المسلمين، ونزلت الكثير من الآيات تحث المسلمين على الهجرة، حتى فتح مكة عام 8 هـ.[4]

منقول ..

وذكر الباحث المجد  الأستاذ محمد سعد عبدالدايم في هذا الخصوص ما يلي :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
هناك خطأ كبير منتشر بين الناس ، وهو أنهم يحسبون أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت هجرته في بداية السنة المعروفة بالسنة الهجرية ، وعند المحرم يحتفل الناس بالهجرة ويحتفلون ببداية السنة 
والصحيح أنه لا علاقة بين بداية السنة الهحرية وبين الهجرة 
والموضوع بالضبط كما يلي (باختصار) : ونبين فيه ثلاثة أشياء 
ـ الهجرة كانت في ربيع الأول 
ـ لماذا تم التأريخ بالمحرم 
ـ حكم الاحتفال بالسنة الهجرية 

أولاً : هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في ربيع الأول ولم تكن في المحرم :
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين حين اشتد الضحى لاثني عشرة خلت من ربيع الأول . 

قال ابن هشام : حتى هبط بهما بطن رئم ثم قدم بهما قباء على بني عمرو بن عوف لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول يوم الاثنين حين اشتد الضحاء وكادت الشمس تعتدل . 

وقال ابن سعد: أنا محمد بن عمر، عن أبي بكر أبي سبرة وغيره قالوا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل ربّه أن يريه الجنّة والنّار، فلمّا كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان، قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً . (يعني في شهر ربيع الأول) .

قال ابن كثير : وقال أحمد: حدثنا روح بن عبادة ثنا زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار قال: إن أول من ورخ الكتب يعلى بن أمية باليمن، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة في ربيع الأول وأن الناس أرخوا لأول السنة. 

قال ابن كثير : فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين قريبا من الزوال وقد اشتد الضحاء.
وحكاه ابن إسحاق إلا أنه لم يعرج عليه ورجح أنه لثنتي عشرة ليلة خلت منه، وهذا هو المشهور الذي عليه الجمهور. 

ثانيًا : بداية التأريخ :
وقال محمد بن سيرين: قام رجل إلى عمر فقال: أرّخوا، فقال عمر: ما أرّخوا؟ فقال: شيء تفعله الأعاجم في شهر كذا من سنة كذا، فقال عمر: حسن، فأرّخوا، فاتفقوا على الهجرة ثم قالوا: من أي الشهور؟ فقالوا: من رمضان، ثمّ قالوا: فالمحرم هو منصرف الناس من حجهم وهو شهر حرام، فأجمعوا عليه. 
فالصحابة حين أرخوا اعتمدوا سنة الهجرة كبداية ، ولم يعتمدوا الشهر أو اليوم الذي هاجر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم كما يظن أكثر الناس اليوم .
ثم اختار الصحابة بعد ذلك المحرم كبداية للسنة لأنه بعد انتهاء موسم الحج ، ولم يكن هناك علاقة بين شهر الهجرة وتحديد شهر المحرم كبداية .

أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بالغار ثلاث ليال حتى ينقطع طلب القوم عنهما، وكان يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ثم يصبح في القوم ويستمع منهم الأخبار عن رسول الله وصاحبه فيأتيهما كل ليلة بما سمع، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام في كل ليلة من هذه الليالي، وقد أمر عبد الله بن أبي بكر غلامه بأن يرعى الغنم ويأتى بها إلى ذلك الغار ليختفي أثره وأثر أسماء. 

وفي صبيحة الليلة الثالثة من مبيت رسول الله عليه وسلم وصاحبه بالغار، وهي صبيحة يوم الاثنين في الأسبوع الأول من ربيع الأول سنة الهجرة (وهي سنة ثلاث وخمسين من مولده صلى الله عليه وسلم، وسنة ثلاث عشرة من البعثة المحمدية) جاءهما بالراحلتين عامر بن فهيرة مولى أبي بكر؛ وعبد الله بن أريقط الذي استأجراه ليدلهما على الطريق، فركبا وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة ليخدمهما، وسلك بهما الدليل أسفل مكة، ثم مضى بهما في طريق الساحل.
وبينما هم في الطريق إذ لحقهم سراقة بن مالك المدلجى؛ لأنه سمع في أحد مجالس قريش قائلا يقول: إني رأيت أسودة بالساحل أظنها محمدا وأصحابه. فلما قرب منهم عثرت فرسه حتى سقط عنها، ثم ركبها وسار حتى سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهو لايلتفت وأبوبكر يكثر الالتفات، فساخت قوائم فرس سراقة في الأرض فسقط عنها، ولم تنهض إلا بعد أن استغاث صاحبها بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد شاهد غباراً يتصاعد كالدخان من آثار خروج قوائم فرسه من الأرض، فداخله رعب شديد ونادى بطلب الأمان، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه حتى جاءهم وعرض عليهم الزاد والمتاع فلم يقبلا منه شيئاً؛ وإنما قالا له: اكتم عنا، فسألهم كتاب أمن؛ فكتب له أبو بكر ما طلب بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاد سراقة من حيث أتى كاتما ما رأى، وقد أخبر أبا جهل فيما بعد، وقد أسلم سراقة يوم فتح مكة وحسن إسلامه.

واستمر رسول الله وصاحبه في طريقهما حتى وصلا قُباء، من ضواحي المدينة، في يوم الاثنين من ربيع الأول، فنزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني عمرو بن عوف ونزل أبو بكر رضى الله عنه بالسُّنْح (محلة بالمدينة أيضا) على خارجة بن زيد، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء ليالى؛ أنشأ فيها مسجداً، هو الموصوف في القرآن الكريم بأنه أسس على التقوى من أول يوم، وصلى فيه عليه الصلاة والسلام بمن معه من المهاجرين والأنصار، وقد أدركه صلى الله عليه وسلم بقباء علي بن أبي طالب رضى الله عنه بعد أن أقام بمكة بعده بضعة أيام .
وأختم هذا البحث بالصّلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطاهرين وصحبه المتّقين . . أللهمّ اغفر لنا جهلنا وإسرافنا على أنفسنا .