الثلاثاء، 31 يوليو 2018

الأوزان والعروض الخليلية بين الأصالة والتهجين

الأوزانُ والعروض الخليلية بين الأصالة والتّهجين
بقلم / د. أحلام الحسن

قبل الإنطلاق بمقالي المختصر هذا أورد فيما يلي تصريحًا لملتقى بما يسمى بالعروض الرقمية يشير فيه صاحبه قائلا :
(((  سـواءً كنتَ على علمٍ بماهية العروض أم لا !
هذا المدخل للعروض الرقمي وضِع على اعتبار أن القارئ لا يلم بشيءٍ عن العروض .. فإن كنت ممن لهم خبرة ودراية بالعروض التقليدي فعليك نسيانه حتى تخرج من هنا ... لأن هذه الدروس صـمّمت لتعكس فكرة الأستاذ خشان عن "أن التعبير عن موسيقى الكلام بالأرقام يغني عن ما سواها ".. ليس هذا وحسب ، بل يفتح آفاقاً جديدةً للتأمل وفهم العروض . وهذا غاية القصد .
لذلك، ضع في الإعتبار أن الدروس من أولها لآخرها لم تحـتوِ على تفعيلة واحدة من التفاعيل الخليلية ( إن صح التعبير) .. في محاولة جادة لفرض نظرية العروض الرقمي وقدرتها على تتبّع إيقاع الكلام ووزنه بشكل مستقل وطريقة أسهل من سابقتها!! ولا يعني ذلك الدعوة إلى نبذ علم العروض كما وضعه الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمهُ الله ، بل إن تعلمه يبلور الفكرة بشكل أكبر. لكن - كما هو رأي الأستاذ خشان - يجب علينا عدم "الوقوف عند أشكال تعبير الخليل دون الوصول إلى فكره" . )))

إذن الفكرة تنطلق بعيدًا عن العروض الخليلية وتسعى لنبذ اللغة العربية في التفعيلات ونبذ الحروف كلها !!! وتعتمد على الأرقام العددية وكأن الشعر عمارة أو تجارة وليس شعورا واحساسا وجرسا موسيقيا يضبط الوزن لكل بحرٍ على انفرادٍ وإن تداخلات ذات التفعيلات في أكثر من بحرٍ فالفاصل اليقين يبقى هو الجرس الموسيقي لكلّ بحر  .. ونرى الإعتراف أعلاه بعدم احتواء مايسمى بالعروض الرقمية على تفعيلةٍ واحدةٍ من التفعيلات الخليلية "  في محاولةٍ جادةٍ لفرض العروض الرقمي  " !!!
نعم إنها محاولةٌ جادةٌ بالفعل لهدم الشعر العربي العريق وأساسياته وتفعيلاته الخليلية التي وضعها الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمه الله بعد أن سدده اللّه واستجاب دعوته .. إنها محاولةٌ للتعقيد والتنفير واقصاء عراقة الشعر العربي " وهو الوحيد الذي تبقّى من مجد العرب "
ليإتي في زمننا أناسٌ يحملون معول الهدم له وبكل جرأةٍ ويدعون الناس لاتباعهم ومن يرفض دعوتهم فله الويل والثبور والطعن والتنديد !! والحمد للّه أنّ أمثال هؤلاء لم يلقوا اقبالا من الشعراء لذلك تخوّف هؤلاء من صولة الشعراء العروضيين ومن البداية نلاحظ قولهم أعلاه (( فإن كنت ممن لديهم خبرة ودراية بالعروض التقليدي فعليك نسيانه حتى تخرج من هنا ))
إذن هي مصيدة للمبتدئين ! لتحريف قواعد اللغة العربية واللّه العالم بمن يقف من ورائها ..

إنها بالفعل حربٌ ضدّ لغتنا العربية وضدّ عراقة الشعر العربي الأصيل وأوزانه الخليلية والذي لم ولن تصل لمثله أية حضارةٍ أخرى فمتى سنعي ما يحصل له من محاولة دحرجته عن الساحة لتحلّ محله الأرقام المهجّنة والمتعسرة الولادة ..

وأورد هاهنا مثالا لتلك العروض المهجّنة والمحولة إلى أرقامٍ ورموزٍ وشفراتٍ معقدة في محاولةٍ للتّنفير وللحرب المبطنة ضدّ لغتنا وأوزان الشعر الخليلية  :

((بحر البسيط : ٤٣٢٤٤٣١٣
بحر المنسرح : ٤٣١٦٤٣
بحر الرمل : ٢٣٤٣٣٣٣
وأورد هنا شرحّا تظهر فيه محاولات التهجين :
قطع البيت إلى أرقام " 1 و 2 و 3"
• إجمع الأرقام 2 2 المتجاورة
• أنظر هل هناك 1 3 3 ولٌس بعدها 3 ؟
3 2 )2( = 3 2 1 1 إلى 3 3 1 أرجـع إذن
• ماذا لو كان بعدها 3؟؟
• إذن : قم بالحساب من اليسار بحيث تكون أقصى اليسار 3 ثم الذي يليه
ألصله 4 .. وهكذا
3 4 3 4 = 3 3 3 3 : مثال
ً ؟
• هل بقً لدٌك رقم 1 واحد
إذن أرجعه للرقم 2
• تأكد من تناوب الزوجً و الفردي
• قارن تقطيعك بجدول البحور ))

ولا أدرى كيف عمد هؤلاء إلى تناسي أجراس البحور حيث أنّ بعض التفعيلات تدخل في كثيرٍ من البحور مثل تفعيلة مستفعلن ومخبونها ومطويها متفعلن أو مستعلن تدخل في بحر البسيط وبحر السريع وكل تفعيلات بحر الرجز والمنسرح ..
وتفعيلة فاعلاتن تدخل في بحر الرمل والبحر الخفيف وبحر المديد  ..
كما أنّه تتماثل بعض التفعيلات في حالة التقطيع مع الجواز والفاصل الدقيق والذي يحول دون تداخل البحور هو الجرس الموسيقي والذي يحدد وجهة كلّ بحرٍ ومن المستحيل أن يتلائم جرس بحرٍ مع بحرٍ آخر ..

إنّ كلّ المحاولات والرسومات الهندسية التي ملأوا بها الغوغل من أجل عملية الدعاية والجمهرة لهذه العروض المهجنة مصيرها الفشل وهاهم الشعراء في كلّ الوطن العربي يتناغمون على أوزان البحور الخليلية يخرجون لنا أجمل وأتقن مالديهم من القصائد الموزونة .

السبت، 28 يوليو 2018

وفاء

وفاء ..

بضفافِ ميدانِ القصائدِ أنجمُ
أقلامُهم أشعارهم كم  تَنظمُ

صورًا تجلّت للإنامِ  بلاغةً
عشرًا على جودِ الحروفِ سأبصمُ

فاضت قرائحُ شعرهِم  بنباهةٍ
أقلامهم من ذا وذاكَ  ملاحمُ

وشواعرُ الدّرّ ِالأصيلِ تناثرت
دررًا بأقلامِ الجوى فلتعلَموا

كم شعشعتْ كم أبرقتْ وتنهّدتْ
بشفاهها ألمُ الجراحِ  يُتمْتمُ

من ناهدِ العلمِ التي من شعرِها
تلكَ الصّخورُ بكت دموعًا تلطمُ

صدرَ الأنينِ وتشتكي من وجدها
عن ناهدِ العلياءِ كيف  تُترجمُ

وعلتْ قوافي الشّامخاتِ فصاحةً
من سدرةَ الشّعرِ الرّفيعِ  تُهيّمُ

قد هدهدَتْ بينَ السّطورِ تحيّةً
والفاهُ منها كم سما  يتبسّمُ

للنّجمتينِ لكم  سعتْ  أشعارُنا
عبرَ الرّياحِ ومنهما  تستلهمُ

تبني صروحًا عندكم  بمحبّةٍ
من كُلّ حرفٍ بالودادِ  مُقدّمُ

في مدحهِ في قولهِ هو صادقٌ
بقناعةٍ  ورحابةٍ  كم يَعزمُ

فاحفظهما ربّ العبادِ لأهلِهم
ياحافظًا  لعبادهِ  يا مُنعمُ

التناص

التناص http://ahlam-alhassan.blogspot.com/2018/06/blog-post_23.html

الأربعاء، 25 يوليو 2018

قصيدة مهداةٌ ل خشان خشان

ثرثره .. د. أحلام الحسن

ياشانئًا تلك القوافي بخترهْ
صوتٌ بدت أقوالهُ من ثرثَرَهْ

من غيرةٍ قد أحرقتْ عقلًا بهِ
جوفاءَ من علمٍ لها ومُشمّرهْ !

دارت عيونٌ مارأت عيبًا بنا
والصّمتُ عن ذاك الجهولِ لمفخرهْ

هذا اللسانُ لهُ القلوبُ تهافتت
إن هِنتَ فيهِ النّاسَ حلّتْ أغبرهْ

ولئن غفَلتَ عنِ اللئيم لساعةٍ
في ردعهِ درسٌ لهُ  فليُبصرهْ

خيرٌ لجاهلِ حرفِ نحوٍ صمتهُ
بغرورهِ عيبٌ  شنيعٌ  مَنفَرهْ

أين البيانُ وحكْمهُ من فاقدٍ
يحلو لهَ من غيظهِ أن يسخرا !!

ياجاحدًا علمَ الخليلِ  غباوةً
هيهاتَ طَولَ نعالِهِ  أو مأزرَهْ

مقهى الحشيشِ وهلوساتٍ كُفّها
أرقامُها  محشورةٌ  ومُكسّرهْ

دمّرتَ للحرفِ الفصيحِ بلاغةً 
علمُ الخليلِ فلن يُماثلَ مقبرهْ

وزنُ  العروضِ  بيانُهُ  متفرّدٌ
هيّا فقل ما ذنبه كي تنحرهْ !

سرتَ الخُطى بدسيسةٍ  يا أبرههْ
سقطَ القناعُ وباتَ وجهكَ مَقشرهْ

أعيتكَ أوزانُ  الخليلِ  فأولدت
فكرًا مريضًا  ناقمًا  ما أوزره !

فسعيتَ نحوَ  تخبّطٍ  وترقّمٍ
في وجههِ كلّ الوجوهِ  مُكشّرهْ

صفرُ اليدينِ من العلومِ أتيتَها
عرجاءَ عمياءَ الخطى ومُدمّرهْ

كعجوزةٍ  في اليأسِ ظنّتْ حملها
ماتت  قُبيلَ مخاضِها  مُتعسّرهْ

ولسانُ  كاتبها  كلِيلٌ  نطقُهٌ
عفنُ  المذاقِ  بحاجةٍ للغرغرهْ

الجمعة، 20 يوليو 2018

زوالٌ محتم

زوالٌ محتم .. د. أحلام الحسن

يا نفسُ قومي واجمعي للقائهِ
نورَ الجبينِ كذا اليمينِ يُشعشعُ

هذي النّفوسُ إلى زوالٍ محتمٍ
ولموعدٍ يومَ الورودِ تُشيّعُ

لا تتركي الأيّامَ تمضي واحذري
يومًا ستشهدُ أرجلٌ تتصدّعُ

قد أهلكَ الماضينَ ما قد أجرموا
كلّ الخطايا سُجّلت وتَضَعضعوا

يا واهنًا في دينهِ قم واستتب
قبل الضّياعِ وقبل دعني أرجعُ

ولتوبةٍ لُمّ الشّعاثَ وما بقى
من خلفِ أستارِ البرايا تَخضعُ

يأتي القضاءُ ونحن في شهواتنا
بخلاعةٍ  ودناءةٍ  نستمتعُ

نرمي العبادَ دواهيًا لم نرتدع
وعيوننا خلفَ الخلائقِ  تتبعُ

فتنًا نشيعُ وبالنّفوسِ خباثةٌ
ألعيبُ فينا  أُسّهُ  يترعرعُ 

بنميمةٍ  وذميمةٍ  تحلو لهُ
فاهٌ  ترجّلَ كذبةً أم ضفدعُ !

فحسابُهُ يومَ  المآبِ مُقيّدٌ
حقٌّ إلى المظلومِ لا يتزعزعُ

تُحصى الظُّلاماتُ التي أعدادُها
بلغت ألوفًا في الخلائقِ تُجمعُ

عمرٌ سيأتي لاحقًا فاعدد لهُ
تفنى المناصبُ كلّها لا تنفعُ

عطشٌ وجوعٌ كم يطولُ وقوفُهُ
كم وقفةٍ  كم رهبةٍ  لا تُدفعُ

لا المُلكُ ينفعها ولا عرشٌ لها
يُؤتى الكتابُ وكلّ نفسٍ تفزعُ

ناجيتُهُ  وسألتُهُ  مستوثقًا
ولعفوِهِ مستجديًا  أتضرّعُ

في عدلِهِ لطفٌ فكيف أعيفُهُ  !
إنّي ببابٍ جودُهُ  لا يُمنعُ

ألباسطُ الوهّابُ في عليائهِ
من غيرِهِ شأني الحقيرُ سيَطمعُ

من غيرهِ الكافي الودودُ لجاهلٍ
ألمالُكُ  الغفّارُ  والمُترفّعُ

عن نارِهِ أرجو  نجاةَ جوارحي
وأحبّةً  للقلبِ ذاكَ  المطمعُ 

يامن لهُ عنت الوجوهُ وسبّحت
مولايَ تعلمُ  أنّني أتوجّعُ
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء

بحرُ الكامل
المُترفّعُ : المترفّعُ عن مجانسة مخلوقاته