الخميس، 29 يونيو 2017

ما زلت

ما زلتُ / د . أحلام الحسن

أيُّ العهودِ  لديكَ سوفَ توَثّقُ 
مزّقتَها جمرًا لها  لمَ تَحرقُ !

مستمتعًا ملذاتِ غدركَ باسمًا 
بالبرقِ تُطفي جمرَ قلبيَ تصعقُ

تبًّا لعهدكَ ذلك الجافي  الوفا
فَلِمَ الرّصاصُ منَ البنادقِ يَرشقُ !

دعني لُتبحرَ في هواكَ مراكبي 
تهوي لأعمقِ  لُجّةٍ بكَ تغرقُ

ليُعانقَ المرجانُ قالبَ قامتي 
ويُغازلَ الجسدَ الجريحَ ويُغرقُ

تَستحوُذُ الأمواجُ بعضَ شمائلي 
عجبًا أتُبحرُ بي كأنّكَ زورقُ

أوَ يُنقذُ الجاني حياةَ قتيلهِ !!
ما كُنتُ إلّا جثّةً  تَتَمزّقُ !

وهناك هولُ خيانةٍ لي قاتلٌ 
فكأنّ بيْ بكمٌ بصمتيَ ينطقُ

مازالَ بل مازال َوعدُكَ جارحي 
أهَوَاكَ مكتوبٌ  عليّ َ موثّقُ !!

وإليكَ تجرفني الرّمالُ بقسوةٍ
وأنا فلا رأيٌ  لديَّ   يُنَسّقُ

أجري فما بَرِحت مكاني خُطوتي 
كيفَ الفرارُ  وأنتَ بيْ  تتَفتّقُ !

قلبُ الحبيبِ يضجُّ من شوقِ الهوى
وأنا بقلبيَ مرقدٌ كم  يعبقُ !

وأَقُدُّ  قيد الصّبرِ قدَّ  زُليخةَ
وقميصُكَ المقدودُ عُذريَ يُشفقُ

لا تَشهدي زُورًا عليَّ  جوارحي 
سَأقُدّهُ  عِشْقًا بهِ  أتعلّقُ

قلّبتُ ذاتيَ علّني  أجدُ  الجَوَى 
أُطفي لظايَ وجدتُ كُلّيَ يُحرقُ

لا دوحة البَرَدِ العليلِ ولا هنا
دفءُ الشّتاءِ ولا لجُرحيَ يَرتقُ

فسأستمدُّ منَ المماتِ حياتهُ
بلْ كمْ وكمْ بترابِ فانٍ  زنبقُ

حُبّي خسَرتُ وهالني أمرٌ بهِ 
بلْ هالني كذبُ الذي هوَ يصدقُ !

وعرفتُ أنّ هواكَ محضُ بلاهةٍ 
والهجرُ من سُبلِ النّجاةِ وأْوثقُ

مِثلُ السّنابلِ تنحني بمروءةٍ
فسأنحني لأصالةٍ بيَ  رونقُ

ورقَيتُ عند تواضعي بمحبّةٍ 
فشمائلي ليست كغيريَ خندقُ

بحرُ الكامل
معدّة لديوان شطآن بها جراح

السبت، 24 يونيو 2017

إفتح عقلك الحلقة الثالثة

إفتح عقلك ..
بقلم / د. أحلام الحسن

عيد الشيطان ..

يوشك شهر رمضان المبارك على الرّحيل حاملًا معه أسماء العتقاء من النار فيه .. حاملًا حسناتنا وحاملًا معه سيئاتنا أيضا وأجر صيامنا .. والقافلة لا تصل ولا تُختم إلّا بإلحاق آخرها بأولها .. ولا يسمّى وصول أوّلها وصولًا تامًا لها .. فلعلّ آخرها يحمل ماليس في أوائلها من الخيرات .. ولعله يحمل معه ما يحيل تلك القافلة أو بعضها إلى عقابٍ ..  أو إلى رمادٍ ماله من قيمة  ..
وكذلك هو صيامنا أو غيره من المناسك التي تُختتم بالعيد كالحجّ ِ والصّوم .. 
ولقد ظهرت ظاهرةٌ مخزيةٌ في زماننا نراها ولا نعيها ! ولربما يقوم بها البعض جهلًا أبان طفولتنا .. إلاّ أنّه في زمننا هذا ليس هناك من يقوم بها جهلًا .. بل عمدًا مع سبق الإصرار لها والتّرصد لتنفيذها  وتوفير المال لها والحجوزات في أماكن اللهو والمعاصي والتي قد تسبق العيد .. ولعلها من منتصف رمضان أو من بدايته !!
وهي ظاهرة تنسف كلّ العبادات والصلوات والنوافل والقيام التي كانت في شهر رمضان المبارك..ولعلّ البعض قام بها في حرمة شهر رمضان أيضا !  وبعد التراويح يسارع إلى الملاهي إلى أماكن الطرب والغناء ..  أو يتابع سهرته على التلفاز والراديو في استماع الطرب الأصيل .. ينتظر ليلة العيد بفارغ الصّبر ويحتجز تذاكر الملاهي أو حجوزات الفنادق أو ما هو أشنع منها وكأنّ يوم العيد وليالي العيد رفع عنه القلم وأبيح ما قد حرّمته الشريعة في بقية أيام السنة !!!
وكما وصف حال الأمة رسولنا " ص " قائلًا :

(( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه ))

وهذه السنن التي سنّتها الشياطين وليس سنن الشريعة وقد أخبر صلوات اللّه عليه وعلى آله وصحبه المتقين  بأننا سنتبع تلك الضلالات لدرجة لو دخلوا جحر ضبّ ٍ خربٍ لدخلنا مثلهم !!
وهل هناك أتعس من جحر الضّبٍ مقاما !!! ومع ذلك سيكون اتباعهم إرضاءً لشهوات النفوس الضالة والجشعة ..
وكما سارعت المؤسسات والأماكن الإنتهازية الموسمية للتكسب في ليالي رمضان الزاكية لتحيلها لليالي رمضان البالية .. ستسارع تلك المؤسسات التجارية لعرض بضائعها المتنوعة على صالات الملاهي والفنادق بليالي العيد ليختتم صيامه ذاك الضائع والمُضلّل عن دينه بأكبر المعاصي بليلة العيد ويجلس على طاولة الشيطان جنبًا إلى جنب .. ليشاركه احتفاله وأنسه وفرحته .. فالشيطان كذلك يحتفل معهم بليالي العيد أيما احتفالٍ كان ينتظره ليفسد على ذلك المسكين صومه وعبادته وردّ دعائه الذي كان يردده طيلة رمضان " ربي أجعلني من عتقائك من النار " فهل سيناله العتق !  بل هل سيُقبل صيامه وقيامه  والأمور تقاس بخواتيمها .. وقد سارع لختمها بالفجور والمعاصي ومشاركة الشيطان في احتفاله !!!
وتذكرنا الآية الكريمة التالية بمراصد وشبائك وطرق الشيطان المتعددة لاقتناص الفرائس كلا وفق ما يُرمى لها من الطعم فلكلّ فريسةٍ طُعمها المفضل ..

(( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) )) الإسراء

والإستفزاز هنا تحريك الشهوات الشيطانية .. ووضع الخطط لإبرازها لحيز الوجود .. حيث تستطاب المعاصي والمعازف .. ونلاحظ بعض الأساليب في ذلك من خلال الآية الكريمة أعلاه من استخدام فئاتٍ من الجن والأنس لتنفيذ مخطط الشيطان صوتٌ .. خيلٌ .. رجالٌ .. فاستخدام الصوت واستخدام القوة والرّجال للتنفيذ .. وتفريغ الجيوب وشاركهم في الأموال والأولاد !
وأفضل طعمٍ في زماننا الغناء والرقص والنّساء  .. وألف وداعٍ لأجر الصّوم والعبادة .. وألف وداعٍ لحلم العتق من النّار ..
فلقد شُرّع العيد للإحتفال بإداء فريضةٍ عظيمةٍ ولشكر اللّه تعالى على التوفيق لها .. ولتعليم الأجيال والعالم  بأنّنا نحتفل شكرًا للّه وسعادة وبأنّنا أدّينا الواجب الشرعي من هذه العبادة العظيمة  ..
وللأسف يحدث كثيرًا العكس فتحال ليالي العيد لليالٍ ترتكب فيها المعاصي التي لم تُرتكب في الأيام العادية !! وأصبحت ليالي العيد لتمزيق المجتمع المسلم وهدم حرماته وإشاعة الفساد الأخلاقي ..وللتبذير ومضيعة الخُلق والمال واختلاط الرجال بالنساء والإنفلات الأخلاقي والجنسي وشرب الخمور ! منكراتٌ يندى منها الجبين !! وتدهورٍ للقيم الإسلامية والبشرية
لنكون أضحوكة للعالم  وللشامتين .. وهدفًا لنقمة اللّه بمجتمعاتنا العربية المسلمة .. فانتشار ظاهرة المعاصي بأيام العيد ولياليه تميز بها المجتمع العربي أكثر من غيره من المجتمعات المسلمة الأخرى وإن كانت لا تخلو في غيره ..
ومما يزيد الطين بلّةً وغرقًا في أعتى لجج الضلال بعض الفتاوي التي تنهى عن العبادة والتنفل والذّكر بليالي العيد .. وتعتبر ذلك من البدعِ ومن الضّلال بل ومن المنكرات !!!!!!!  
ليفر الشباب بعد ذلك إلى الفنادق والمراقص والمعاصي .. طالما يعتبر التهجد والإستغفار والذكر من البدع والضّلال على حدّ قول أولئك !
ويذكرنا الوضع بقول نبينا محمدٍ صلوات اللّه وسلامه عليه وعلى آله وصحبه المتقين
(( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله عز وجل أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم )) رواه الترمذي وحسنه .
والعذاب لا يشترط بأن تأتي به الطبيعة فقط .. بل ليذيق اللّه بأسنا بأس بعض وهو العذاب الأقسى والعياذ باللًه .

فنّ الإدارة الحلقة العاشرة

فنُّ الإدارة .. الحلقة العاشرة
بقلم / د. أحلام الحسن
استشارية إدارة أعمال
إدارة موارد بشرية

سجلُ الموظف ..

وهو بما يسمى بدفتر الموارد البشرية ( HR ) وهو نظامٌ يقوم على إدارته مدير الرواتب ..ويعتمد هذا النظام على :
1-  حفظ بيانات فريق العمل كاملة .
2-  نسبة نجاح إداء فريق العمل .
3-  إداء أفراد فريق العمل فردًا فردا .
4- اعداد كشوفات رواتب الموظفين وخصم الضمان الإجتماعي وخصومات الغياب التي لم يقم الموظف بتقديم العذر الموثوق المصدر .
5- تسجيل نسبة ارتفاع الراتب والحوافز المادية التي حصل عليها الموظف .
6- تسجيل انتظام حضور الموظف للعمل .. ونسبة تأخره اليومي .
7- كيفية الإتصال بالموظف ورقم هاتفه .
8- الإشعارات والتنويهات التي قد أُبلغ الموظف بها والتي ذات علاقة براتبه .

كما يحقّ لدائرة الرواتب في حالة تقصير الموظف رفع الأمر كتابيًا أو شفويًا للمدير العام في إدارة الموارد البشرية للنظر فيه .. ولقد سهّلت التكنلوجيا الحديثة وبرامج المعلومات حفظ كلّ تلك المعلومات بسهولةٍ تامة يمكن الرجوع إليها من قبل الإدارة والموظف المختص مع ضرورة الإحتفاظ بتلك المعلومات وبسرية تامةٍ .. لا يطّلع عليها إلاّ الإدارة العامة وإدارة رواتب الموظفين .. مخافة تلاعب بعض الأيدي بالمعلومات الموجودة بدفتر الموظفين .

المصدر : مؤلف فنٌّ الإدارة د. أحلام الحسن
الحقوق محفوظة

الثلاثاء، 20 يونيو 2017

أفعالنا بين السلب والإيجاب 8

أفعالنا بين السلب والإيجاب
بقلم / د.أحلام الحسن

الإعلامُ وردّة الفعل ..

الإعلام اسم واسع الطيف والكيف ..ومتعدد الطرق المتداولة فيه .. ومتعدد الدوافع من وراء نشر الخبر ومدى تحليته  أو تسميمه .. أو الزيادة عليه .. أو تحريفه بطريقةٍ لا ينتبه لها المتلقّي سواءً بالسمع أو المشاهدة عبر التلفاز أو طريقة كتابته في الصحف والجرائد .. وللطريقة  المستخدمة في نشر الخبر دورها الفعال جدا في تخفيفه .. أو في تفخيمه ..
ولا يخفى على أصحاب الإختصاص بأنّ هناك فئة من البشر مُستهدفة من جراء نشر خبرٍ معينٍ صادقا كان أو مكذوبا أو مدسوسًا ومغشوشًا .. بمعنى دسّ السّم في العسل أو العكس أيضا دسّ العسل في السماء .. ولا نستغرب إن قلنا بهذا الأمر .. فكمن شخصيةٍ بارزةٍ معطاءةٍ للوطن أو للمجتمع شٓوهت صورتها وحُوّلها عسلها إلى سمًّا !! من أجل تشويه سمعة تلك الشخصية أو ذاك المجتمع أو تلك الفئة من البشر ..
وكذلك للإعلام دورٌ بارزٌ وكبيرٌ في تلميع شخصيةٍ ما ، أو مجموعةٍ ما ، وإظهارها بألمع الصور الجمالية ، والمعنوية ، والبشرية ، وإن كانت في حقيقتها عكس ذلك .. كلّ هذه الطرق المستهدف من ورائها الجمهور ، والمجتمع ، وصناعة قاعدةٍ لشخصيةٍ معينة أو حزبٍ معين   .. أو هدم قاعدة لشخصية معينة ، أو لفئةٍ معينة .. ولا يخفى على العاقل بأنّ هذه الأساليب تهدف لمصلحة شريحةٍ من المجتمع دون غيرها وإن كان مردود هذه الإساليب التحريفية في نقل الخبر سيرجع سلبًا على المجتمع أو على الأمة الإسلامية جمعاء .. ويثير الفتن والإقتتال .. ففي منظومة بعض الفئات أنا ولا غيري .. ونحن ولا سوانا .. ولو فنت الدنيا ! يتحيزون لفئةٍ بذاتها رغبةً في تحقيق ما يهدفون إليه ..
جيلنا والإعلام الحديث :
مع نهضة التعلم والمعرفة والتكنلوجيا والثقافات المتعددة يعي المُتلقّي في بعض الأحيان لتلك الأساليب الإعلامية المعوجة سواءً بالتلميع أو التشويه أو التبعيض أو الدّس ونعني هنا بالتبعيض نشر جزءٍ من الخبر وإخفاء البقية لتضليل المُتلقّي .. أو نشر مقطعٍ صوتيٍ للزج بصاحبه في مقولةٍ لم يقلها أصلا ! أو رأيٍ لا يعتقده .. وهنا يكون المتلقّي بين أمرين أما التصديق وإما التكذيب أو ثالثهما البحث عن مصداقية الخبر من مصادر مناهضة للجهة الأولى من الناقلة للخبر ليصل إلى الحقيقة المرجوة والمصداقية الأكثر شمولًا للخبر .
جيلنا والإعلام التأريخي الإسلامي  :
وهنا للأسف الطامةٌ العظمى في المجتمع العربي والمسلم فالإعلام التأريخي الإسلامي يؤخذ به ويُتعامل معه من المُسلمات التي جدال فيها !!! وأنّ كلّ مقولةٍ أوخبرٍ لا يشقه الغبار ولا شكّ فيه مطلقًا .. وهنا الإزدواجية في تفكير المتلقّي والمجتمع المسلم .. نجده في الإعلام الحديث يتابع ويحلل ويبحث .. بينما نجده يقف في تلقّي أخبار الإعلام التأريخية موقف المستسلم والمٓصدّق لكلّ ما يصله وإن كان من أفّاقٍ أو منافقٍ أو فاسقٍ أو هادفٍ لإثارة الفتن .. وما يحصده المجتمع المسلم اليوم من مصائب واقتتال ما كان ليكون لولا الإعلام التأريخي المدسوس والهادف لإبراز فئة أو إجهاض فئة ..
فمتى سنتعامل مع الإعلام التأريخي المسلم كتعاملنا مع اعلامنا اليوم من البحث عن الحقيقة والتصدى للسموم المدسوسة والحيلولة دون انتشارها في المجتمع ..
وسأضرب مثالا من الإعلام التأريخي المدسوس والهادف للطعن في شريحةٍ من المسلمين وهذا المثال حول شخصية عبد اللّه بن سبأ والحكايات والأساطير الخيالية  التي نسجت حول تلك الشخصية .. ولا أدعي إثبات تلك الشخصية أو وهميتها .. لكن سأتطرق من خلال بحثي المبسط هذا حول ما ورد عن حقيقة وجود شخصية عبداللّه بن سبأ .. ولقد اختلف المجتمع المسلم قديما وحديثا حول حقيقة وجوده وانقسموا إلى ثلاث فئات مختلفة هي :
الفئة الأولى :
من المعاصرين أكدوا على وجود شخصيته وأصرّوا على عدة أمورٍ مهمةٍ جدا في التأريخ الإسلامي وهي :
أولاّ :
1- أنّ عبداللّه بن سبأ اليهودي تظاهر بالإسلام وهو الذي أثار حرب الجمل وحرب صفين وأشعل الفتنة بين المسلمين .
وللرد على هذا علينا بتحكيم العقل :
1-  بعده متابعة الأحداث التأريخية .. ووفق تحكيم العقل نرى بأنّ هذه الرواية تطعن في أمنا السيدة عائشة وفي طلحة وفي الزبير وفي علي ابن أبي طالبٍ وفي معاوية وفي عقول المسلمين كافة !!
فكيف لشخصيةٍ واحدة أن تلعب بعقول هؤلاء جميعا في الشام وفي المدينة وفي العراق وهؤلاء هم أعيان الأمة الإسلامية .. فهل تمتلك هذه الشخصية القدرة المذهلة للعب بعقول عمالقة الإسلام ! وتحثهم على القتال وتسخر من عقولهم .. هذا ما لا يستوعبه العقل السوي .

2- المتتبع للتأريخ يرى بأنّ الروايات الواردة عن هذه الشخصية جاءت بعد 150 هجري مما ينقض وجود هذه الشخصية في تلك الفترة .

3- أين كان عبداللّه ابن سبأ وجماعته في جيش علي ابن أبي طالب في حرب صفين وحرب الجمل وحرب الخوارج .. لم يذكر التأريخ وجودا له بتاتا لا كقائد كتيبةٍ ولا حتى كجندي مما يؤكد زيف الرواية مائة بالمائة  وأن هناك أيدٍ تسعى اعلاميا لتشويه سمعة جماعةٍ ما إو لتشويه سمعة علي ابن أبي طالب .
ثانيًا :
حكيت اسطورة التشيع وبأنّ عبداللّه ابن سبأ مؤسس مذهب التشيع الإثنى عشر وإنه كان يدعو لعبادة علي ابن أبي طالب وأنه كان يقول كما تقول اليهود لكلّ نبيّ ٍ وصي وأنّ عليا وصي رسول اللّه " ص" .. وأنّ عليا أحرق جماعة السبئية التي عبدته ! وذكروا أيضا بأنّ عبداللّه ابن سبأ إدعى الألوهية لنفسه وأنه الإله المعبود .
وللرد على هذه الأسطورة بالعقل :
1-  هنا متنافضات واضحة الرؤى فكيف يدعي عبداللّه ابن سبأ بألوهية علي ويدعو لعبادته وهو يقول بأنه وصي رسول اللّه صلوات اللّه عليه !!!
كيف يقرّ له بالآلوهية ويقرّ له بالوصاية والإمامة في آنٍ واحدة !!!!
هذا ما يرفضه العقل السليم .

2- لم يرد في الأحكام الشرعية بحرق الناس أحياء فكيف افتروا على علي ابن أبي طالب وقالوا أحرق أتباع عبداللّه ابن سبأ ولم يذكروا المكان والزمان والأسماء !

3- من غير المعقول أن يلتزم المسلمون الصمت  على إدّعاء عبداللّه ابن سبأ الألوهية .. فمرة يدعي الألوهية ل علي وأخرى يدعي الألوهية لنفسه وأخرى يقرّ بنبوة النبي ص ويعترف بالوصاية ل علي وأخرى ينشئ مذهب الشيعة وأخرى يدعي النبوة ويُفترى على الشيعة بأنه نبيهم !!! ألاعيب اعلامية تهدف لخدمة سياسية ما لمصلحة مجموعةٍ ما !

هذا النموذج الإعلامي القديم وكما ذكر بأنه من التأريخ الإعلامي للمسلمين يعرفنا على مدى خطورة اللعبة الإعلامية من اختلاق أحداثٍ تإريخية لا أساس لها من الصحة  وكيف كان الإفتراء على الشخصيات التأريخية سواءً كانت تلك الشخصية حقيقية أو شخصية موهومة نسجت حولها الأساطير وشماعة عُلقت عليها تبعات حروب الفتن !!!

أغلب ما ورد من هذه الروايات تنسب إلى الأفّاك سيف ابن عمر والذي عاصر العباسيين والمتتبع للتأريخ العباسي يعرف مدى عداوتهم لأهل البيت ولمذهبهم  ..
وهذا ما ذكره المؤرخون عن فساد الراوي سيف ابن عمر  :
( سيف بن عمر وتقول عنه كتب التراجم ما يلي بالحرف الواحد. يقول ابن حبان كان سيف بن عمر يروي الموضوعات عن الأثبات وقالوا إنه كان يضع الحديث واتهم بالزندقة، كما يقول عنه الحاكم النيسابوري اتهم سيف بالزندقة وهو بالرواية ساقط. ويقول عنه ابن عدي : بعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها. ويقول عنه ابن معين ضعيف الحديث فليس فيه خير. وقال ابن حاتم متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي. وقال عنه أبو داود صاحب السنن ليس بشئ. وقال عنه النسائي صاحب السنن : ضعيف. وقال عنه السيوطي إنه وضاع . وقال محمد بن طاهر بن علي الهندي عنه : سيف بن عمر متروك اتهم بالوضع والزندقة وكان وضاعا ..

وفي بحثٍ مطولٍ نفى الدكتور الباحث عبدالعزيز الهلابي استاذ التأريخ بجامعة الملك سعود وبعد دراسةٍ طويلة نفى وجود شخصية عبد اللّه ابن سبأ ..

دراسة وتحليل للدكتور طه حسين :
(( كما استعرض الدكتور طه حسين الصورة التي رسمت لابن سبأ ومزقها بعد تحليل دقيق وانتهى إلى أن ابن سبأ شخصية وهمية خلقها خصوم الشيعة ودعم رأيه بالأمور التالية :

أولا : إن كل المؤرخين الثقاة لم يشيروا إلى قصة عبد الله بن سبأ ولم يذكروا عنها شيئا.ثانيا : إن المصدر الوحيد عنه هو سيف بن عمر وهو رجل معلوم الكذب، ومقطوع بأنه وضاع.ثالثا : إن الأمور التي أسندت إلى عبد الله بن سبأ تستلزم معجزات خارقة لفرد عادي كما تستلزم أن يكون المسلمون الذين خدعهم عبد الله بن سبأ وسخرهم لمآربه وهم ينفذون أهدافه بدون اعتراض : في منتهى البلاهة والسخف.رابعا : عدم وجود تفسير مقنع لسكوت عثمان وعماله عنه مع ضربهم لغيره من المعارضين كمحمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أبي بكر، وعمار وغيرهم.خامسا : قصة الإحراق وتعيين السنة التي عرض فيها ابن سبأ للإحراق تخلو منها كتب التاريخ الصحيحة ولا يوجد لها في هذه الكتب أثر.سادسا : عدم وجود أثر لابن سبأ ولجماعته في واقعة صفين وفي حرب النهروان، وقد انتهى طه حسين إلى القول : أن ابن سبأ شخص ادخره خصوم الشيعة للشيعة ولا وجود له في الخارج ))

الجمعة، 16 يونيو 2017

أفعالنا بين السلب والإيجاب 2

أفعالنا بين السلب والإيجاب
الحلقة الثانية ..
بقلم : د . أحلام الحسن
الضمير البشري ..

الضمير لغة  :
الضّمير في اللغة هو اسمٌ مشتقٌ من الفعل أضمر ، بمعنى أنّه شعورٌ وجدانٌ خفيٌ ، في قرار الإنسان لا يعلمه الآخرون ،" إلاّ إذا أفصح صاحبه عنه " بقولٍ أو فعل ، وهو عاملٌ موجودٌ عند البشر للتفريق به بين الحق والباطل ، والصواب والخطأ .

الضّمير اصطلاحا :
وكما يقول علماء الأعصاب بأنه إحدى الوظائف الدماغيّة والقابلة للتطوير من خلال المبادئ والقيم والدين فهو بمثابة الميزان البشري للوجدان والحس والوعي .

  وتتكررُ على الأسماع وبصورةٍ يوميةٍ كلمة الضّمير ، وفي شتى بقاع الأرض ، وبكلّ اللغات والمعاني المرادفة لها ، فهو شرعٌ من قوانين الذات الإنسانية السليمة ، ورادعٌ من أقوى الردوع العقلية ، وحاكمٌ يقع عرشه على مملكة العقل ، والقلب والرّوح ، فإذا مامات مات الشعور بالذنب ، ومات معه الخوف من اللّه تعالى ، وقد يغيب الضمير أحيانًا كثيرة ويفلتُ من الإنسان زمامه ،  تحت وطأة الجشع وترك العنان للنفس دون قيود ، وعدم تهذيبها ، وعدم تعويدها على طاعة اللّه إن كان صاحبها مؤمنًا .. ولا ينفي تهذيبها عند غير المؤمن فالضمير سلطانٌ بشريٌ عند كافة البشر ، لا يستثنى منه مخلوق ، فالإستقامة الأخلاقية والإنصاف من الفطرة البشرية ، مالم يغلب الجهل عليها ، وجشع النفس ، ومرديات الهوى ، ولغة الجسد العاتية ..

ولقد كان للضمير الأثر الأكبر في تخليد ذكرى بعض الشخصيات التي لها دورٌ في إسعاد البشرية  أو دفع مظلمةٍ عن شعبٍ أو قومٍ لما لهُ من أثرٍ وسلوكٍ إبجابيٍ في تنظيم المجتمعات ..

فقد كان لكافة الشعوب  شرع (الضمير) وملِكته ، لكنه كان ضميرًا يقع تحت وطأة الجهل والطمع والغرور وطلب بسط اليد آنذاك .. فكانت الحروب ، وكانت الغزوات ،وكان النهب والسلب متفشيًا أيام الجاهلية القديمة والحديثة ، نتيجة غياب تحكيم الضمير ، والإلتباسات الذهنية لإيجاد الحلول السليمة والمناسبة للقضايا .
وهنا سؤالٌ طالما يداهم عقولنا ..

هل الضّمير قابلٌ للتطوير والتّحسين من إدائه ؟
وكيف ذاك ؟
ولم يغفل الباري جلّ شأنه عن عباده فهو أعلم بمخلوقاته ويجيبنا النّبي صلى اللّه عليه وعلى آله وصحبه المتقين بالإيحاب على هذه السؤال بقوله (( إنّما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق ))
ولا تتأتى الأخلاق الحسنة إلا من الضمير الحي القابع بالقلب والروح ، والمتربع على عرش العقل ونستدل من الحديث الشريف على إمكانية تطوير وتحسين عمل الضمير بإثارة المنبهات له من سباته او غيابه ..
كما أنّ القرآن الكريم شدّد على هذه الفكرة وعلى تنشأتها من جديد وإحياء الضمائر الميتة ، وإصحاء السابتة منها ، وتنبيه الغافلة منها ، والعجيب في البراهين القرآنية أنّ أكثر الآيات الحاثة على إحياء الضمير تكررت ثلاثا بذات النّص تقريبا كقوله تعالى مخاطبا نبيه الكريم
" ص" :
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 151].

﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].

﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2].
وتزكية النفس لا يكون إلاّ بصحوة الضّمير وإنعاشه لتلقّي طيب القول واتباعه ..
وفي آياتٍ أخرى يشير الباري جلّ شأنه بصورةٍ مباشرةٍ جدًا إلى الضمير بقوله تعالى :

(( أفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )) الحج (46)

وما تلك القلوب إلّا الضمائر المستودعة في الصدور ، فالعقل متصرفٌ بما يحويه ويُمليه عليه
ضمير القلب ، وللّهِ جلّ شأنه أسراره في مخلوقاته التي لم يُبلغ مدآها بعد . .
لقد أعطى الباري جلّ شأنه للضمير أهميةً بالغةً لم تعرفها البشرية بوضوحٍ إلى الآن ، وأشار إليه لإيضاح شأنه الكبير ، لما في الأمر من الأهمية لمقومات الإنسان ، الإنسانية والدينية والإجتماعية ، ولما في ذلك من استقامة الأمن والأمان في المجتمعات البشرية .. وبما لهذه الملَكة الوجدانية الفطرية المهمة جدًا أقسم اللّه جلّ جلاله بها !! فتأمل قوله :
(لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)
فالنفس اللوامة هي الضّمير الحي الغير غافلٍ والغير سابت ..
فهذه النفس الأبية ، والسليمة الفطرة ، دائمة اللوم على صاحبها إذا ما رأت منه عصيانا للّه ، أو غدرًا بإنسانٍ ، أو ظلمًا لإنسانٍ ، أو لشعبٍ أو لجماعةٍ ، أو تحزبًا وعنصريةّ وعداوةً ضد من يختلف معها في وجهات النظر ..
ومع افتقاد هذه المقومات بها ، وعند توقّفِ اللوم عن صاحبها ، لكلّ ما تراه منافيًا للقيم وللأخلاق وللدّين يصبح عمل تلك الملَكة الحسّية الوجدانية في خبر كان ..
وهذا ما يُطلق عليه بمسمى موت الضمير .