الخميس، 14 سبتمبر 2017

تحليقٌ وتحليل / 1

تحليقٌ في نصٍّ وتحليل بقلم الأديبة الناقدة د / أحلام الحسن بين يدي نصٌّ من أروع ما كتبه الأديب الكاتب والمستشار القانوني د. مجيد الكفائي من العراق الشقيق .. نصٌّ عانقت أنفاس كاتبه تماثيل الوجع الجاثمة على صدره حتى كاد أن لا يميز بينها وبين ظلّه .. سنحلق معًا بمفردات هذا النّص البديع والمؤلم في آنٍ واحد .. لمن أشكوك يا وجعي?.....مجيد الكفائي لمن أشكوك ياوجعي في أضلعي وذكرياتٌ ثكالى غافيات بين قلبي ومسمعي لمن أشكوك ياوجعي؟ وأنت تنخرُ أيامي تأكلُ أفراحي و لم تزلْ لم تشبعْ لمن أشكوك يا وجعي؟ن وأنت بكبر الأرض ناءٍ بك جسدي وهجرني منك مضجعي لمن أشكوك يا وجعي وأنت تخيفني ,تعذّبني تمزّقني كالمبضّع لمن أشكوك ياوجعي ياجراحًا نازفاتٍ دمًا من أدمعي لمن أشكوك ياوجعي يا لعبة قدرٍ ظالم ٍ مستبدّ ٍ ٍ جشعِ لمن أشكوك ياوجعي يا ألوانًا من الأحزان تصارعتْ على نخب مصرعي لمن أشكوك يا وجعي ياسوادًا جثم على صدري سنينًا ولم يعِ تنحّ أيها السّواد عنّي واستتر بعيدًا عن أضلعي ياألوان العذابِ ترفّق فما أنا إلاّ روحًا طاهرة لم تركعْ لشهوات جسد أو نزوة وهم أو خيال مريضٍ طَمع ِ يبدأ النّص بعتابٍ صارخٍ وتظلّمٍ يمزق قلب الكاتب ( لمن أشكوك يا وجعي ) " لمن أشكوك ياوجعي " شعورٌ بالضيم والظلم ويبادر الكاتب ليعرف المتلقّى عن سبب توجعه قائلا : " وذكريات ثكالى غافياتٍ بين قلبي ومسمعي " نعم يذكر الكاتب ألم موطنه العراق الذي كثرت فيه الحروب مخلّفةٌ من ورائها آلآف الثكالى .. ومن شدة الجراح والوجع الذي مزق الوطن يكرر الكاتب فقرة " لمن أشكوك يا وجعي " وجعه بكيانه بذاته بأوطانه لا يتحزأ عنه فهل يشكو ساكنا به ! ملك حواسه وحبه وصنع قلائد الحزن على صدره .. ناخرًا أيامه وهنا تشبيهٌ قويٌ جدا وما تلك الأيام التي ينخرها الوجع سوى خارطة الوجع المقسومة بينه وبين وطنه العراق " يا جراحا نازفاتٍ دما من أدمعي " بلغت تلك الجراح حدّ تمزّق أغشية العين من البكاء فيبدو الدم القاني يغطي بياض العين .. تشبيهٌ بليغٌ ومكنة حرفٍ يتمتع بها الكاتب .. " يا سوادًا جثم على صدري سنينا " يصور الكاتب هنا هذا الجرح كأنه كابوسٌ قد جثم عليه ولم ينتهي .. لمن أشكوك يا وجعي . . قمّة اعتصار الألم الجاثم على قلب الكاتب مزيجٌ وخليطٌ من الجراح .. يا لعبة قدرٍ ظالمٍ مستبدّ ٍ جشع .. تجمع الظلم والإستبداد والجشع ولكلّ منها أبطاله وأدواره !! التي قصمت ظهر البعير كما يقولون .. فمن أيّها تسلم تلك الضلوع القابعة تحتها .. " تنحًّ أيّها السواد عنّي " بعد أن وصفه بلعبة القدر الجارحة يطالبه بالتنحّي ! " واستتر عن أضلعي " وهنا رمزية الوطن بالضّلوع فما تلك الأضلع إلا ذاك الوطن الجريح .. ثمّ يصفُ الكاتب نفسه بأنه روحٌ طاهرة لا تطمع في مطامع الدنيا الزائلة تمتلكها عزّة النّفس فلن تركع لشهوات الجسد ولا لنزوات الأوهام فهي لديها من الهدف السامي ما يفوق ذلك كلّه .. " أو خيال مريضٍ طمع " وما أكثر خيالات مرضى النفوس بدءًا من شهوات غريزتها وانتهاءًا برغبتها السلوكية في التّسلط والجشع .. بهذه المفردات السلسة والجميلة التراكيب اللغوية يختتم الكاتب مفردات " لمن أشكوك يا وجعي " . تعريفٌ بالكاتب : د. مجيد الكفائي كاتبٌ له عدة كتبٍ وإصداراتٍ نثرية وقصصية متنوعة ..ورجل قانونٍ محنّك ومؤسس مجلة " اللؤلؤة الأدبية " الورقية .