السبت، 11 ديسمبر 2021

كتاب السبيل إلى بحور الخليل تأليف أ.د. أحلام الحسن

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
كتاب السبيل إلى بحور الخليل – كيف أعدّ نفسي لكتابة الش

تأليف: أ.د. أحلام عبدالله الحسن / مملكة البحرين
مملكة البحرين / الخليج العرب

سبتمبر / 2021

الإهداء.. 

إلى من علّمني الشّعر، ووقف معي في مراحل دراستي للبحور الخليلية طيلة أربع سنواتٍ متواصلة، إلى الذي لم يكلّ يومًا ولم يتأفّف من استفساراتي، ومن أسئلتي المتكررة، إلى الذي جعل منّي شاعرةً نالت الكثير من التقدير في المجتمع، إلى من كان خلف نجاحي بعد توفيق اللّه جلّ جلاله إلى إبني البار محمود أهدي كتابي المتواضع هذا مع حبّي داعيةً اللّه لهُ بالسّداد والتوفيق والرفعة في الدارين.


أ.د أحلام الحسن 















المقدمة بقلم أ.د حسن محمد نور

العربيةُ لغةُ الجمال والظّلال، وهي لغة الإبداعِ والخيالِ، والظّلال والصّور، والأخيلة والإيقاعات والنّغم، حباها الله تعالى بكلّ هذه الإمكانيات البديعة والجميلة، وهي لغةٌ راقية، وهي لغة الشّعر الجميل الرّاقي.

والشّعرُ هو شطر العربية الأكبر والأجمل؛ ففيه الكثير من الإبداعات والخيالات، وفيه يُفرغ الشّاعر مشاعرَه وأحاسيسه وأفكاره أيضًا في صورةٍ شعريّةٍ جميلةٍ بل بديعة ، يتلقّفها المتلقّي ، ويهيم بها طربًا لجمالها ونغمها وما فيها من إبداعٍ وجمال.

وهذا الشّعر قدْر ما فيه من الجمال قدر ما فيه من الصعوبات التي تكتنفُ عملية الإبداع والكتابة الشعرية؛ فإذا كان المتلقّي يستقبل القصيدةَ الشّعريّة ، ويستشعر جمالها ورونقها وما بها من جمالٍ وخيالٍ وشعور، فإن الشاعرَ المبدع يكون أثناء إبداعه الشّعريّ في قصيدةٍ من القصائد الشّعريّة التي يُحاول نسجها وإبداعها – يكون محاصرًا بكثيرٍ من الأمور الأساسيّة والضّروريّة للكتابة والإبداع، ممّا لا يمكن أن يشعرَ به القارئُ أو المتلقّي .
ومن أهم هذه الأمور التي تحاصر الشّعراء والمبدعين ما يلي:
- أولا: الوزنُ الشعريُّ المعتمد للقصيدة الشّعريّة.
- ثانيا:القافيةُ الشّعريّة بحركاتها وحروفها.
- ثالثا:القواعدُ اللغويّة الدقيقة للّغة العربيّة .
- رابعا:أحاسيسُ الشّاعر وروحه الشّعريّة المبدعة .
- خامسا: الصّورُ والخيالات التي يريد الشّاعر إضفاءها على شعره.
- سادسا: القواعدُ الصّرفيّة واللغويّة الخاصّة ببنية الكلمة العربية من تثنيةٍ وأوزانِ جموع القلة والكثرة وغيرها...
- سابعا: الموضوعُ المحدّد والخاص بالقصيدة الشّعريّة.
كلّ هذا وغيره كثيرٌ يُحاصر الشّاعر أثناء عملية الإبداع والكتابة الشّعريّة.

ومن هنا كان هناك العديد من الكتب التي أُلِّفت قديمًا وحديثًا في الأوزان الشّعريّة والعروضيّة من لدن الخليل بن أحمد الفراهيدي رائد هذا الفنِّ وفارسه العربي بلا منازع إلى العصر الحاضر؛ لتيسير هذه العملية الإبداعيّة التي تُولد الأشعار العربيّة والقصائد الشّعريّة من خلالها.

ومن هنا جاء هذا الكتاب (السّبيلُ إلى بحور الخليل) لمؤلفته الدكتورة أحلام الحسن (مملكة البحرين) ، وهي كاتبةٌ وشاعرةٌ مبدعةٌ راقية، شاركت معنا في مصرنا الحبيبة في كثيرٍ من المؤتمرات العلميّة حول اللغة والشّعر والتّراث، كما شاركت في العديد من المهرجانات الشّعريّة المصاحبة للمؤتمرات العلمية وغيرها .
جاء هذا الكتاب المذكور آنفا ؛ ليحاول أن يصنعَ سبيلًا إلى عروض الشّعر العربي، وليكون سبيلًا جيدًا يُمكن أن يستعينَ به أؤلئك المهتمون بالشأن الشّعري، ويستفيدون به وهم يحاولون فهم الأوزان من ناحية ، وكتابة أشعارهم من ناحيةٍ أخرى.

وهو كتابٌ جميلٌ وجيدٌ في هذا المجال العروضيّ والشّعري ، ويُرجَى أن يُقدّمَ الفائدة المرجوَّة منه في هذا المجال الشّعريّ الدّقيق، وأن ينتفعَ به الطلابُ والمهتمون بالعروضِ والشّعرِ العربيّ الأصيل والرّصين .

أ . د / حسن محمد نور
أستاذُ النّحو والصّرف والعروض
ورئيس قسم اللغة العربية
كلّية الآداب – جامعة قناة السّويس
جمهورية مصر العربيّة













 






مقدّمة المؤلفة:

بسم اللّه الرّحمٰن الرّحيم، والحمد للّه على جميع نعمه وأفضاله، الحمد للّه الذي علّم الإنسانَ مالم يعلم، بعدد محامده كلّها، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين الذي بعثه رحمةً للعالمين وعلى آله المنتجبين وصحبه المتقين.

 يُعرفُ عن الشّعر بأنه لغة الروح، ولغة المشاعر التي تعكس صورة ماعليه العقل، وما حملته المشاعر والروح، ويُعتبر الشعر من أرقى الفنون الأدبية على الإطلاق، وأصعبها أيضًا، فهو عالمٌ من العواطف الجياشة المتعددة، وعالمٌ مركّبٌ من الواقع والخيال بتركيبةٍ عجيبةٍ للغاية، وفوق هذا كلّه يحكم العقل تلك الكتابات الموزونة وزن الذهب، والتي لا تحيد قدر أنملة، وإلاّ اهتدّ ذلك الوزن، وبالفعل كما قالوا هو أدب الأذكياء، ومن أهمّ عوامل نجاح وزنه، تلك الإيقاعات الموسيقية، وذلك الجرس الموسيقيّ، والخاص بكلّ بحرٍ من بحوره، وإن تشابهت بعض التفعيلات، فهذا الجرس الموسيقيّ هو الفاصل المحكم بينها، وهو الفنّ الأدبيّ الوحيد الذي يعانقه الجرس الموسيقى، ويلتحم معه، عناق الروح للبدن، بعيدًا عن الحسابات الرقمية الجافة، والقاتلة لتلك الروح، والمفكّكة لذلك التلاحم، لذلك نرى جهابذة الشعر عبر العصور وإلى الآن لا يستغنون عن ذلك التلاحم، فهو الميزان المرشد إلى التمييز بين السليم

 والسقيم من الأبيات، ولتصحيح ما وقع من الخطأ وإعادته إلى الصواب في عملية تقويم الوزن، حيث لا يمكن لأحدٍ أن ينكر مدى صعوبة تعلّم العروض الخليلية، ومايلحقها من من العلل والزحافات، وكثرة المصطلحات اللغوية القديمة، والتي قد تتسبب في صعوبة التعلم لدى بعض طالبي علم العروض، الأمر الذي يحتاج لمزيدٍ من الصبر ليتحقق تمام الاستيعاب لدى المتعلّم، وهناك شروطٌ مهمة جدًا، لكي يصنع الطالبُ من نفسه شاعرًا، ويعدّ نفسه لكتابة الشعر، سيجدها في هذا الكتاب بإذن اللّه تعالى، وأهمها وقبل كلّ شيءٍ الأهليّة الإبداعية، والرغبة والإصرار.

أ.د أحلام الحسن






التعريف بهذا الكتاب في نقاط:

1. هو محاولةٌ لتذليل عملية تعلّم العروض الخليلية وإخضاعها لعملية المرونة والشواهد، من خلال طرح نماذج شعريةٍ مرافقةٍ لعملية شرح البحر وتفعيلاته. 

2. لم يقف الكتاب عند شرح البحور وأساسياتها فقط كما هو السائد في الكثير من كتب تعليم العروض الخليلية، بل عمدتُ لإضافة أعمدة البناء الأساسية لبناء أيّ نصّ شعريّ جميلٍ، وليس كتابة كلامٍ موزونٍ فقط، فلا يتمّم وزن القصيد إلاّ جمال وعذوبة الصيغ وجمال اللغة الأدبية الأصيلة، وذلك من خلال إضافة حلقاتٍ من المحسنات والبديعيات الأساسيةٍ والضروريةٍ والتي لابدّ من إطلاع الطالب عليها قبل الشروع بكتابة النصّ الشعري أطلقت عليها هذا العنوان " كيف أعدّ نفسي لكتابة الشعر ".

3. تمّ تخصيص فقرةٍ مبسطةٍ لعملية تقطيع البيت الشعري، فهذا سيساعد طالب علم العروض على التحقق من صحة وزن أبياته عروضيًا، مع ملاحظة أنّ الجرس الموسيقي هو الداعم الأقوى والأسهل للتأكد من الوزن.

4. تمّ وضع فقرةٍ للمصطلحات العروضية القديمة النافعة، مدعومًا بالنماذج المفيدة، والسليمة، والبعيدة عن الوزن الضعيف، المنهك بكثرة العلل والزحافات، والتي قد تشوّش ذهن طالب علم العروض ولا تنفعه، فنحن بحاجةٍ للقصائد العصماء، الراقية الوزن.

5. إضافةً للبحور الستة عشر الموزونة، تمّ إضافة البحر المستحدث الجديد بحر الحلم، والذي بفضل اللّه لاقى نجاحًا كبيرًا، وتمّ الاعتراف به في المؤتمر العلمي الدولي الخامس (للحضارة والتراث العربي والإسلامي إبداع وأصالة) المنعقد بتاريخ ٥ إلى ١١ إبريل ٢٠١٨ بجامعة قناة السويس بجمهورية مصر العربية، والحائز على شهادة الإبداع والإختراع بالمؤتمر، كما تمّ نشره بكتابٍ خاصٍ، موجودٌ بمكتبة الجامعة، ولقد لاقى شرف الإعتراف به من قِبل الكثير من أساتذة علم العروض واللغة، وتمّ نشره بالمجلة الدولية المحكمة " الإستواء ".وتمّ توثيقه وحفظ الحقوق الفكرية المتعلقة بابتكاره. كما كتب على وزنه بعض الشعراء الكبار " سيتم نشر بعض تلك القصائد بهذا الكتاب ك نماذجَ يستفيد منها طلاب علم العروض.

6. رجعتُ في باب البحور لبعض المصادر المهمة في البحور الخليلية، كما أوردت نماذج من أبيات الشعراء الأجلاء كأمثلةٍ لدعم الشرح، مع الإحتفاظ بأسمائهم الكريمة، إضافة لبعض أبياتي المتواضعة كنماذجَ للشرح أيضًا، ولا أدّعي الكمال، فالكمال للّه وحده، ولا أدّعي تميّز كتابي عن أمثاله من الكتب أبدًا.

لقد سعيتُ أقصى جهدي لوضعه بين يدي طالب علم العروض بأبسط الطرق وأقلّها تعقيدًا وإسهابا لتوفير وقت وجهد الراغبين بالتعلم. 


واللّه خير معينٍ وهو وليّ التوفيق.

























الفصلُ الأول حلقات كيف أعدّ نفسي لكتابة الشعر 

أساسياتُ كتابة الشعر والنثر 

 يُعدّ الأدبُ بكافة أصنافه وتعدداته من الفنون العلمية والعالمية، بل هو من أرقى الفنون الفكرية للإنسان، فلا تقوم قوائم الفنون الأخرى كالسينما والمسرح وغيرها إلّا على النّصوص الأدبية، ولا يُطلق على أيّ نصٍ أدبيّ ٍ إلاّ إذا استوفت أركانه أكثر الأساسيات الأدبية لذاك النّصّ الذي سيقدّمه كاتبه للمجتمع، فمتى يكون النّصُ أدبيًّا؟
 في الحقيقة أنّ النّصوصَ الأدبية متفاوتة، فلكل كاتبٍ ولكلّ شاعرٍ أسلوبه الخاص به واستراتيجية رؤاه.

 أركانُ النّص الأدبي:

1. التّراكيب اللغوية الجذابة: 
 من أهمّ نجاح صيغ التّراكيب الأدبية هي عملية الإتقان اللغوي، والنحوي، والصرفي، فضلًا عن جمال العبارات وتناسقها وقدرتها على شدُّ ذهن القارئ للمتابعة.

2. الفكرة المحورية: 
وهي عمود الخيمة كما يقولون لأيّ نصّ أدبيٍّ، والتي لابد أن يتمحورَ النّصُّ فيها فلا يتشتت ذهنُ القارئ بأمورٍ وكلماتٍ لا دخل لها بمحور النّصّ الأدبي، وإلاّ فُقدت كينونة النّصّ كنصّ ٍ أدبيّ جيدٍ، وخرج عن قالب الجودة الأدبية.

3. الأفكار الجانبية:
 وهي من ضروريات جمالية النّصّ الأدبي، فهي ألوانُ هذا النّصّ الجذابة،وعليه يترتب انتقاء المناسب منها مع الفكرة المحورية، لكن ليس بصورةٍ مباشرةٍ، بل بأسلوب التّورية والتّأويل والترميز، ليزدادَ في جمالية النّصّ، فبعض الغموض يدفع بالقارئ لاستكشاف ما وراء هذا الغموض، وهذه الطّريقة ليست بالسّهلة البسيطة كما نتصورها، بل هي ريشة هذا الكاتب، وعبقرية هذا الشاعر، ليرسم بها لوحته الأدبية بإتقانٍ وبدقّةٍ جيدة، وليحذر من كثرة الغموض، حتى لا ينقلبَ إلى عكس ما يرجوه الكاتب والشاعر من اقبال القارئ على النّص، فغموض كلّ النّصّ أو أكثره يتسبب في نفور المُتلقّي والمتذوق للأدب.

4. الهدفُ من وراء النّص: 
إنّ لكلّ نصّ ٍ أدبيٍّ أهدافُهُ يسعى الكاتب لتحقيقها، وقد يكون أحادي الهدف، وقد تكون الأهداف متنوعةً ووفقًا لفكرة النّصّ المحورية والأساسية والتي يجب أن يحرص عليها الشاعر.

5. الخيال الواسع:
وهنا نقطة الخلاف بين المدرستين، المدرسة الأدبية المتقوقعة في وصف الطبيعة والمفردات الإنشائية الجذابة والتي تجعل من القارئ متقوقعًا أيضّا غير واعٍ لما حوله، أو تلك المنحصرة في رؤيةٍ واحدةٍ لا تتزحزح عنها وكأنها تكتب ذات القصيدة وتكررها لأعوامٍ وأعوام وتعيش بداخلها لدرجة الغثيان والهذيان ! 

وبين المدرسة الأدبية الواقعية المنطلقة والتي تحمل على عاتقها هموم الأمة وآلآمها وقضايا المجتمع والإنسان ككل والبعيدة كلّ البعد عن الانحيازية المغرضة والتحريض المسموم وعن إشعال فتيل الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية، بل تعمل على دحض تلك الرؤى التحريضية كما من رؤى المدرسة الواقعية المنطلقة الإبتعاد عن قصائد الجنس والشبق المثيرة للغرائز والتي انطلق بها بعض ممن يريدون صناعة جمهرةٍ لهم من خلال تلك القصائد المنحلة أخلاقيًا.

 لو تتبعنا الأدب العربي أثناء فترة الاستعمار الفرنسي والبريطاني لوجدنا أن أكثره يقوم على مدرسة الأدب الخيالي الفار من مواجهة الإستعمار إلى ساحة الطبيعة الخلابة في أغلب الأحيان إلاّ ما ندر، فقد قامت كتابة القصص والشعر على الخيال والخيال المفرط ! والتّأملات في جمال الطبيعة الخلابة وما حوته من أشجارٍ، وطيورٍ، وسماءٍ وغيرها، فكتبوا فيها إلى حدّ الإسهاب، وتنافسوا على جمال التعبير، فعاشوا في دائرة الخيال، ولم يخرجوا منها !! فجاءت النّصوصُ الخيالية تحمل أجملَ وأروعَ جماليات التّعبير، والإنشاء، وتحمل معها أهزلَ وأضعفَ الواقع وأهداف الواقع !

 فكان النّصّ مجرّد لوحةٍ فنّيةٍ طبيعيةٍ، تقوقعت في قوقعة الخيال، وابتعدت عن الواقع المرير الذي تعيشه الشعوب. ومن رحم هذا الواقع الأدبي الهزيل تمخّضت المدرسةُ الأدبية الواقعية الحية،

 والأدب الواقعي الحيّ الذي يعاصر الحدث ويتفاعلُ مع المجتمع، فكتبَ في معأناة الشّعوب، بدلًا من الطّيور، وفي الوطن السّليب بدلًا من الأشجار والأنهار، كتب في جراح الوطن، كتب في جراح المرأة، في هموم الرجل، كتب في الطفولة الضائعة، كتبت في انتهاك حقوق الإنسان، كتب القصائد العاطفية المحترمة فالإنسانُ كتلةٌ من العواطف التي لا غنى له عنها عاطفة اﻷمومة عاطفة اﻷبوة عاطفة اﻷخوة عاطفة الحبّ عاطفة الرحم كلها عواطفُ يستحيل على الشاعر المدرك ﻷهمية المشاعر ومدى تأثير الكلمة عنها إلاّ يكتب فيها حيث أنه لا غنىً للشاعر عن الخيال الإيجابيّ الذي يُطعّم ويكثّف به قصيدته من خلال الواقع البشري.

 فالأدبُ الواقعي الحيّ المعاصر للحدث جاء كي يستفيقَ النّاسُ من سبات أفيون الأدب الخيالي السلبي المتقوقع في قوقعته فلا يعرف ماهو النور.

نلاحظ أنّ شعراء العصر الجاهلي وما بعده، والتي مازالت أشعارُهم إلى يومنا هذا مضرب الأمثال في الجودة، وفي الجمال، وفي العاطفة، وكلها كانت بعيدةً كلّ البعد عن أدب الطبيعة ومافيه من الهشاشة الفكرية، لا أقول برفض الخيال، بل بمحدوديته، واقتصاره على القصص، والشعر العاطفي بصورة نسبية.

 إنّ فكرة النصوص الشعرية في جمال الطبيعة، يجب أن لا تتعدى مرحلة الطفولة، والأناشيد المدرسية، وأدب الطفل، ويستثنى من ذلك ما داخله التمجيد للخالق والدعوة للتفكّر في آلاء الله وهنا تخرج القصيدة عن كونها نصًا إنشائيا خياليا فقط.

6. العاطفةُ و الإحساس: 
تأتي في الدّرجة الأولى من الأهمية لنجاح القصيدة ؛ مما لهُ من أهميةٍ كبرى في قدرة التّأثير على المُتأثر به.

7. العنوان:
 يتصدّر العنوان النّصَّ الأدبيٍّ، ويُولدُ إحساسًا لدى القارئ بمحتوى الكتاب أو النّصّ، فهو ركنٌ أساسيٌ لا يُستغنى عنه، ويعتمدُ العنوان على طريقتين:

 أولًا: إختيار العنوان البارز والموحي بمحتوى الكتاب أو القصيدة.

 ثانياً: يحتاج الغلاف أو النّصّ لعنوانٍ يحتملُ التّأويل والتّورية ويُحرّكُ عند القارئ حبَّ الاستطلاع والبحث والتّغلغل لما خلف العنوان أو الكتاب، للتوصل إلى سرّ تأويل أو تفسير هذا العنوان. 

8. الفئةُ المُستهدفةُ من النّص الأدبي:
 ليس هناك من كاتبٍ يكتبُ عبثًا، فلابدّ من فئةٍ مستهدفةٍ، أو فردٍ مُستهدف، وكلما اتسعت دائرة الإستهداف كلما كان النّصُّ أقوى، وأطول عمرًا للأجيال القادمة، أما مجرّد الكتابة الخالية من الرؤى المستقبلية، ومن الهدفية، تكون كتابة لا جدوى فيها، وسرعان ما تكون في عالم النسيان.

9. مشكلةٌ عارضة: 
للأسف مانراه في بعض المواقع الإلكترونية وفي بعض مجتمعاتنا من إضاعة مسمى الشعر الأصيل، وكيف يقع الشعر العربي الأصيل تحت وطأة الظلم والإجحاف بسبب المجاملات، أو بسبب الجهل بماهيته وأوزانه وعروضه لدى عامة الناس، مما يتيح الفرصة لدى البعض بادعاء 
 الشاعرية، فكلّ شخبطةٍ مكسّرةٍ من أولها لآخرها أسموها شعرًا، وكلّ خاطرةٍ هزيلةٍ أسموها شعرًا، وكل نثرٍ واقصوصةٍ وومضةٍ أسموها شعرًا !! 
فمتى تتعلم مجتمعاتنا حقيقة الشعر، وماهية الأنواع الأدبية الجميلة الأخرى ومسمياتها.
 فالشّعرُ ذلك العلمُ العميق الغزير الذي ليس بالسّهل إدراكه، إلاّ لمن سهرَ وتعبَ ليتعلمه لسنواتٍ عديدة، فضلًا عن تمتّعِ طالبه بجودة النّحو والصّرف، فكلاهما مكمّلٌ للآخر، ولا يمكنُ لأحدهما فقط إقامة شعرٍ موزونٍ عليه أبدًا؛ فهو كأيّ علمٍ من العلوم يحتاج لدراسةٍ ولدراية، ولا يعتمدُ على الفطرة والهواية والموهبة فقط، كما يعتقد الكثيرون، ليس عيبًا أن أكون ناثرًا أتقن فنّ النثر وأصوله وقواعده، وليس عيبًا أن أقول أنّ كتاباتي مجرد خواطر، وليس عيبًا أن أكتب السجع أو أكتب الزجل، فكلها فنونٌ أدبيةٌ جميلةٌ لها مكانتها في الأدب العربي، بل العيب أن أدّعي ماليس لي به علم، فهذا خنجرٌ في صدر الشعر العربي الأصيل، وهو من عدم إنصاف النفس أيضًا.
 (والمقصد من هذا كتابة الفصيح فقط لا اللهجة الدارجة العامية) فالنصوص العامية غالبيتها لها جمالها وتأثيرها حيث ينطلق الكاتب بفطرته وأحاسيسه دونما قيود.

10. على الجهات المعنية بالأدبِ وبنشرهِ، وبإقامةِ المسابقاتِ الأدبية بأنواعها توخّي الحذر في الأمور الآتية: 

‌أ- أن يكونَ النّصُّ المنشور أو المشارك في المسابقة الأدبية من قلم المشارك نفسه.

‌ب- كثرت في الأونة الأخيرة السّرقات الأدبية، وعليه يجب توخي الحذر عند مشاركة أيّ نصٍّ في المسابقات الأدبية، مما سيعرّض الجهة المقيمة للمسابقة للمُسألةِ القانونية، خصوصًا في حالة إصدار شهادةٍ للفائز على نصّ مسروق.

‌ج- الفصلُ بين النثرِ والشّعر والخاطرة، فلا يُطلق على النّثر شعرًا، بل نثرًا، وكاتبه يسمى ناثرًا كما كاتب الشّعر الموزون يسمى شاعرًا، فهناك قصيدة الشّعر، وهناك قصيدة النّثر، ومتى ما أتقنهما الكاتبان كانا إبداعًا، وقِطعًا أدبيةً رائعة.

‌د- كذلك القاصُّ للقصص الصّغيرة، والومضة، والروائي المختصّ بكتابة الرّوايات الأكثر اتساعًا، وكاتب المقال والصّحفي، لكلّ منها قيمتها الأدبية التي يُقدّرها المجتمعُ الراقي فكرًا وأدبًا؛
‌ه- بشرطِ الجودةِ، والمُكنةِ الأدبيةِ، وبسلامة النّصّ من جميع جوانبه، من العيوب الأدبية، والفنّية، واللغوية.


المرونة الأدبية
كلّ مواقف الحياة في الجاهلية وحتى عصرنا الحاضر المزدهر بأصناف الثقافات والعلوم والإبداعات تشير إلى حاجة المجتمع بأطيافه كلها إلى المرونة، المرونة في صياغة الكلام في شتى مساراته الأدبية.

المرونة في التعامل فلا يملك الإنسان دفّة التّغيير إلا بالمرونة، ولا يملك دفة التفاعل الإيجابي إلاّ بالمرونة، فكلّ سياقات الحياة ومساراتها تحتاج منّا للمرونة، فلا يمكن التكيف مع المجتمع بالعنف أو الإيذاء أو الاستعلاء والغرور ونفخة الذات، فنفخة الذات بالونٌ سرعان ما ينفجر ويسقط.

هذه المقدمة الإيضاحية البسيطة هي مدخلٌ للتعرف على أهمية المرونة الأدبية أو الإعلامية أو النقدية وما إلى ذلك، فالأقلام خيولٌ تحتاج إلى ترويضٍ وتسخيرٍ لبلوغ الغاية المنشودة، فالمرونة تعني القابلية للتغيير، وعكسها من التّعنت والإصرار على التجريح والبهتان والطعن فلا يحصد إلاّ المثل.

وأمثلة ذلك كثيرة منها:
‌أ- شعر الهجاء مثلًا فلا يُولد إلاّ هجاءً مثله، ولا يجني إلاّ العداوة والبغضاء والتناحر والرّد بالمثل، وشاع هذا النوع من الشعر في الجاهلية وتناقص بعد الإسلام إلاّ أنه مازال موجودًا يثير النعرات والأزمات السياسية والإجتماعية والشخصية، وعلى الأديب تجنبه إلاّ إذا دعت الضرورة الملحة إليه والتي من خلالها إصلاح غاياتٍ أخرى بالمجتمع.


‌ب- الهجاء النّقدي وقد ظهر وانتشر كثيرًا جدًا في زماننا الحاضر لحاجةٍ في نفس يعقوب قضاها فكلٌّ قد حمل دلوه متقلّصًا شخصية الناقد وهو أبعد مايكون عن النّقد دراسةً وعلمًا " ويحتاج لنقدٍ لاذعٍ كي يستفيق من سكرته " فالنقد علمٌ غزيرٌ له دراساته وعلومه الجامعية كما أنّ له قدرته على استنباط المفردات ولغويتها النحوية والصّرفية والأدبية، ومراحل النّص كلها، ومعرفة شروط النّص، وثغراته و جمالياته وبلاغته، والإلمام التام بجميع الأصناف الأدبية المختلفة.

والناقد الأكاديمي الحاصل على المؤهل الأكاديمي في الدراسات العليا للنقد هو الوحيد القادر على كشف خفايا النّص الأدبي، وإصلاح ما يجب الإصلاح فيه بكلّ أمانةٍ ومرونةٍ متجنبًا التجريح ومحاولات الثبيط، ساعيًا لرفع مستوى الفكر الأدبي في الوطن العربي، موجّهًا الكاتب للأفضل دون التشهير، ملازمًا للنصح، حيادي الموقف حتى مع خصمائه.

أما معاول الهدم التي يحملها البعض من غير أكاديمي علم النّقد، أو ممن يحترفون النقد باسم النقد الأدبي فلا بدّ للمجتمع بأن يعي لهم سادًّا الأبواب عنهم، ويختلف الأمر مع محللي النصوص أولي الخبرة الأدبية فلا غبار عليهم وجزاهم الله خيرا. وعلى الكاتب الذي يسعى لتحقيق النجاح لقلمه بصدقٍ تجنب مدّعي علم النقد زورًا من غير أهل المعرفة أو الخبرة والذين يعترضون طريق المبدع الأدبي أو المروجون له للتلميع.

‌ج- مرونة النّصّ الأدبي وهو من ضروريات التّجديد الأدبي ومن أهميات المرونة في النّص عدم تعقيد المفردات وإن دخلت عوامل البلاغة فيها، فالأديب المرن في كتاباته هو الذي يجعل نصّه قابلًا للتأويل عند الجميع، وله القدرة على إيصال حرفه لكافة أطياف المجتمع المتعلم، ودون التفريط والإفراط، لينتج نصًا أدبيًّا معاصرًا ومحتفظًا بكافة مقوماته الأدبية العريقة.

‌د- مرونة الأجناس الأدبية الأخرى من أنواع القصص وأنواع الشعر العمودي والتفعيلة، والخواطر والروايات والخطابة والمقالة والنثر وغيرها،وكلها أجناسٌ تحتاج لأقلامٍ متميّزةٍ ليتحقق على إثرها ماتصبو إليه اللغة العربية والأدب العربي من التقدم والرّقي، كما تحتاج لمرونةٍ تخوض من خلالها في بلورة قضايا الإنسان في قالبٍ أدبيّ يتسم بالإعتدال والجودة الأدبية واللغوية ليبلغ غايته السامية بعيدًا جدالية الكلمة.

شروط وأساسيات القصيدة النثرية:
تقوم القصيدة النثرية على عدّة شروطٍ وأساسياتٍ مهمةٍ جدًا، ولا تكتب اعتباطًا فللقصيدة النثرية شروطها الأدبية كما لغيرها من الأصناف الأدبية الأخرى، وإلاّ تحوّلت النصوصُ إلى مجرد خواطرَ عاديةٍ يستطيع الجميع كتابتها تخلو من مميزات القصيدة النثرية وتفقد قيمتها الأدبية كقصيدةٍ نثريةٍ يعتدّ بها أدبيًا.
وأشير في هذه الحلقة إلى أهمّ مقومات نجاح القصيدة النثرية والتي يجب على الكاتب الذي في بداية طريقه مراعاتها والأخذ بعين الإعتبار بها، والتعود على الإسلوب الأدبي تدريجًيا حتى يصنع من نفسه ناثرًا مميزًا تتصف نصوصه بالمكنة والجدارة وهي:

1. الإيجاز: 
ويعني الكثافة في استخدام اللفظ سياقًا وتركيبًا، وهنا يتطلب من الكاتب قوة الحرف، وقوة الكلمة المتدفقة التي تخرج منها الصّورة الفكرية للوجود ولا يتأتى ذلك إلاّ بالقراءة لأدباء لهم أقلامهم الجيدة والإطلاع المستمر، والحذر الحذر من قراءة النصوص الهزيلة فإنها معدية.

2. التوهج: 
وتعني الإشراق، بحيث يكون اللفظ في كافة استخداماته متألقًا في سياقه، كأنهُ مصباحٌ وضّاء، إذا استبدلناه بغيره ينطفئ بعض البريق في الدلالة العامة، يشد ذهن المتلقي بجمال تراكيبه اللغوية وببديع ألفاظه وخصوبة لغته.

3. المجانية: 
وتعني اللازمنية، أي يكون اللفظ غير محددٍ بزمنٍ معينٍ، فالدّلالة متغيّرة، حسب السّياق والرّؤية والتّركيب والتأثر، وتكونُ قصيدة النّثر ذات دلالةٍ مفتوحة غير مقيدة، يمكن أن تُفهمَ على مستوياتٍ عدّة، بمعنى أنّ النّاثر يكون متأثرًا بحدثٍ ما، أو بحالةٍ نفسيةٍ خاصة به تسيطر على وجدانه وأفكاره 
بحيث ينطلق من الحدث المتأثر به إلى القلم والورقة فيسطره شعورًا واحساسًا، والحذر من محاولةٍ فاشلةٍ لكتابة قصيدة النثر دون التّأثر المذكور ولتكن رؤيته قائمة على أنّ لكلّ فعلٍ ردّة فعل، فقصيدته ردّة فعلٍ لموقفٍ مؤثّرٍ في نفسيته وذاته.

4. الوحدةُ العضوية: 
وتعني أن يكونَ النّصُ كلامًا واحدًا، ومجردًا من وحدة البيت المشبهة بقصيدة الشعر العمودي، ويكون النّصُ كلّه وحدةً واحدة في الفكرة وإن تشعبت منها أفكارٌ ثانوية داعمة للفكرة الأساسية، بمعنى أن تحمل القصيدة مضمونًا حول فكرةٍ معينة وليس مجرد كلامٍ إنشائيٍ مطرز يفتقر لقدرته على إحداث التأثر لدى المتلقي. 
يا
5. الوزن:

لا دور للوزن بالقصيدة النثرية، ولكن للسجع دوره عادة في إحداث الإيقاع الموسيقي للقصيدة النثرية، وذلك لصالح بناء نصّ قصيدةٍ نثريةٍ يجعلها تحمل الطابع الجمالي المطلوب في قصيدة النثر.


6. يجب تجنّب كثرة الاستطرادات وتكرار معاني المفردات التي بذات المعنى، وهي ما نجده في الأشكال النثرية الأخرى، ومراعاة البقاء على قوة اللفظ وإشراقة المعنى.

7. تتألف قصيدة النثر من عدّة عناصرَ من الواقع المادي المحسوس حسب الرّؤية الفكريّة للكاتب.
 
8. تكوين علاقاتٍ جديدةٍ بين ألفاظ النّصّ وبين تراكيبه المتعددة، هذه العلاقات مبنيّة على وحدة النّصّ وعلى جمالياتٍ لغويةٍ أخرى، تعتمد على رؤية النّاثر الثقافية والشاعرية، فتنعكس على صياغة وبناءِ الألفاظ وبنية التّراكيب، وقوّة التّخييل الممزوج بالواقع.

وهذا ما يقودُ في النهاية إلى إثارة ما يُسمى بالصّدمة للمتلقّي، هذه الصّدمة تنتجُ عن عملية التّلقي للنّص النثري ومدى اللذة في هذا التلقّي الناتج عن التّأملِ في بنية النّص، وروعةِ جمالياته، ورؤاه الجديدة. فمصطلح الصّدمة الشّعرية هو الميزان الذي سيحدد جودة القصيدة النثرية، ومستوى نجاحها عند الجمهور.

ولهذا نعرف كيف للشّعر وللنثر وقعًا كالسّحر فنعشقه ونحبه ! وللمعلومة فقصيدة النثر تختلف عن الشّعر وتختلف عن الشّعر المنثور " التفعيلة " ، وهذا ما سنتعرف عليه في الحلقات القادمة إن شاء الله، كذلك هنالك فرقٌ شاسعٌ بين قصيدة النثر، وبين الخاطرة الأدبية والتي لها خصائصها المختلفة.


9. التّناص: 
وهو مصطلحٌ حديث يطلق عليه بالإنجليزية: Intertextuality)‏ 
بمعنى تداخل جزءٍ من نصٍّ أدبيٍ قديمٍ في نصّ أدبيّ ٍ حديث، أما في مصطلحنا العربي فهو مصطلحٌ يستخدمه النقاد يشير إلى وجود تشابه نصّ ٍ مع نصّ ٍ آخر، وهو مصطلحٌ تدل معالمه على وجود كلماتٍ متشابهةٍ بين نصّ ٍ ونصّ ٍ آخر، وتشير ظاهرة التّناص هذه على شدة اعجاب الشاعر المتناص بقصيدةٍ قديمةٍ ما أو حديثةٍ أحدثت في نفسه تأثيرًا قويًّا يرى فيها تطابقًا مع عاطفته ومعاناته، أو مع رؤاه. ولا يُعدّ هذا تطاولاً أو سرقة، إلاّ في حالة أخذ النّصّ بالكامل أو شريحة كبيرة من النّص ونسبته إلى نفسه.

يقوم مصطلح التّناص السيميائي على التفاعل النفسي والعاطفي من قِبل الشاعر مع القصيدة المتناصة وما تضمنته من سرديات النّصّ الشعري وبنيويته وجمالياته كما يساهم في عملية التفكيك النّصيّ الأقدم والمزجية مع الأحدث لإيجاد وخلق نصّ ٍ قد يفوق النّصّ المقتبس منه، وهذه المهمة الأدبية لا تستقيم إلاّ بقلم شاعرٍ محترفٍ لا تقل أدبياته عن أدبيات الشاعر صاحب القصيدة القديمة المتناصة، وعملية التفاعل مع النصوص الأخرى كانت من مئات السنين ولولا هذا التفاعل وهذا الإقتباس وهذا التأثر النفسي لما كانت هناك إبداعاتٌ أدبية ولماتت الأقلام الأدبية وجفّت أحبارها.

ثمّة خلطٍ بالمجتمع بين مفردتين متضادتين أدت إحداهما إلى الكثير من الإلتباس وهما مصطلح التّناص ومصطلح التّلاص فالتّناص يحدث نتيجة كثرة القراءة وكثرة الإطلاع على أشعار الشعراء ويبني قوائمه الأدبية على تمجيد الشعراء القدامى وأشعارهم وإحياء تراثهم من خلال التناص والمعارضات الشعرية التي لا تخلو عادةً من بعض مفردات القصيدة المتناصة يعمد إليها الشاعر الحديث لا لعجزٍ منه بل لتأكيد تخليد حرف الشاعر القديم، أمّا التّلاص فيرجع في معناه إلى اللصوصية والسرقة وهو مغايرٌ تمامًا لمصطلح التّناص الذي تقوم عليه العديد من المعارضات الشعرية القوية وفنّ المحاكاة والإقتباس الشعرية، فالنّصّ الأدبي وليد النّصّ، والحرف الأدبي الجديد ابن الحرف الأدبي القديم، ومدارس من سبقنا نتعلم منها كما هم تعلموا ممن سبقهم، والأجيال القادمة تتعلم منّا، وكلما وُلد جيلٌ أدبيٌّ جديدٌ أعطى إبداعاته وتجديداته الأدبية للمجتمع.

أنواع التّناص في الشعر العمودي الموزون:
1- تناص التضمين: 
 وهو المطابقة اللفظية لبيتٍ بالقصيدة أو شطرٍ وهنا على الشاعر أن يضعه بين قوسين ويشير في الهامش لصاحب البيت.

2- التناص الجزئي: 
وفيه يُقدم الشاعر على استعارة جزءٍ بسيطٍ من البيت الشعري القديم يرى فيه الشاعر تميّزًا لا بديل لسواه من الكلمات ومن الممكن جدًا أن يكون هذا التناص من القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية أو الشعر أو اﻷمثلة.
ويشترط ذكر مصدر الفقرة المتناصة المشتقة من النّصّ المتناص منه إذا كانت جملًا أو بيتًا أو شطرًا ولا داعي للذكر إذا مادون الجملة المفيدة فلا أحد يمتلك الضاد ولا يعدّ في هذه الحالة تناصًا.

3- تناص تشابه معاني الألفاظ: 
وهو تشابه محتوى البيت الشعري الحديث والقديم والمقفى بذات القافية مع اختلاف كلمات الحشو.

تداخلات النّصوص المحوّلة والمترجمة واللصلصة:

إنّ ظهور الترجمات ساهم كثيرًا في عمليات اللصلصة في الغير مماثل باللفظ والمماثل بالمعنى بالقصائد النثرية بالتحديد والقصص والروايات والومضات تكرر الأمر في عدة صيغٍ وتحوّل إلى عملية لصلصةٍ بعيدة عن مصطلح التناص تمامًا ينسبها اللصّ إلى نفسه وقد يطبعها كتبًا له ! 

 من خلال تحويل نصّ ٍ أدبيٍ أجنبيّ ٍ إلى عربيّ أو العكس، أوتحويل نصّ ٍ فصيحٍ إلى اللهجة العامية ! حيث ينسب السارق النّصّ لنفسه ولقلمه !! 

نعم لقد قامت الثقافات العالمية على بعض التناص للإستفادة والخبرة من الماضين ولا أحد يمكنه نكران ذلك، لكن يبقى الكاتب الجديد له مكنته الأدبية التي تمثل شخصيته وتوجهاته الأدبية ونوعية كتاباته، ولا يعد هذا التناص من السرقات الأدبية طالما أنه لم يصل لمرحلة الإقتصاص واللصلصة وقتل النّص القديم، ومن المهم الإقتصار فقط على الأفكار الواردة في النصوص السابقة كالأفكار النصية الوطنية والعاطفية والإجتماعية وتقف فقط عند هذا الحدّ ولاتجاوز ذلك مطلقا، بل يستخدم الكاتب والشاعر الجديد موهبته وقدرته الأدبية في صناعة وصياغة مفرداته من خلال الترابط الفكري ومعاير السبك والمهارات اللغوية والنّحويّة والتلغيز والترميز والتورية والخيال والواقعية ليكون في قصائده وشعره ومفرداته هو وليس سواه، ولا يُعد مطلقًا استخدام ذات البحر أو ذات القافية أو ذات الحرف الرّوي من اللصلصة " السرقة " ، بل هذا علمٌ متعارفٌ عليه لا يختصّ بملكية فردٍ بعينه، وللجميع الحقّ في تعلّمه واستخدامه، فالعلم اكتسابٌ والشعر من أقوى العلوم البشرية وأقدمها تأثيرًا بالإنسان.

السرقات الأدبية
من أهم القضايا التي تواجه الساحة الأدبية في عصرنا عصر التكنلوجيا قضية القلم وما أدرانا ما القلم ! إنّ قيم المجتمعات وأدبياتها تُعرف بما تقدمه من كتاباتٍ مختلفة سياسيةٍ كانت أو أدبية أو متعددة الواجهات، وإنّ أيّ مجتمعٍ يفتقر للقلم وللكاتب لا يُعدُّ مجتمعًا فعّالا في خدمة البشرية، بل لعلّه يكون هادمًا لها وبطريقةٍ عفويةٍ وساذجة.

لا يغيب عن الأذهان ما للقلم من أهميةٍ لا يُستهان بها في إصلاح وتطوير العنصر البشري، من خلال التعليم، ومن خلال نشر الثقافات المفيدة والمتعددة، ونشر مختلف أصناف الأدب الراقي وما للأدب من تأثيرٍ رهيبٍ على تحفيز العقل والمشاعر والعاطفة بأصنافها الوطنية والعاطفية وغيرها، وتوطيد علاقاتٍ أو العكس تنفير وتشويش علاقات، حسبما نوعية ما يقدّمه هؤلاء الكتّاب والأدباء، فهناك من ينأى بنفسه عن إثارة الفتنة والفوضى ويعالج مشاكل مجتمعه بقلمٍ حكيمٍ متقن، أمثال هؤلاء الأدباء والكتّاب نقف لهم وقفة إجلالٍ واحترامٍ لكتاباتهم وأدبياتهم، ويشهد التاريخ بما خلّفه الأدباء الأوائل من المعاصرين والماضين من ثروةٍ أدبيةٍ كانت لنا مرجعًا أدبيًا ضخمًا ومدارس تعلّمنا منها الكثير من أدبنا العربي الزاخر بالروائع، إلّا أنّ من المؤلم والمؤسف جدًا أن تظهر ظاهرةٌ أخلاقيةٌ وإجراميةٌ لم تك في أجيالنا الماضية ! وهي ظاهرةٌ متفشية من قضايا القلم، ألا وهي ظاهرة السّرقات الأدبية بشتى أنواعها شعرًا كان أو نثرًا أو مقالات، وحتى النقد الأدبي والتّحليل الأدبي لم يسلم من السّرقات !

بل وبكلّ وقاحةٍ يُقدم السّارق أو السّارقة على مسابقاتٍ أدبيةٍ مدعومة بأصدقائه ليحرز في النهاية المركز الأول أو المراكز الأولى وفقًا لحجم دعم المسؤولين في ساحة المسابقة أو جهلهم أو تغافلهم عن ملكية النّصّ المقدّم لهم والتأكد من توثيقه الأصلي باسم من. ولولا تيقّن هذا السّارق أو السّارقة بالدّعم لهُ أو بتغافل الجهة المسئولة عن المسابقة أو الجريدة أو دور النشر لما أقدم على هذا " إلّا أن يكون غبيًا أو محترفًا قويًّا في سرقات النّصوص " 
والسّؤال هنا على من تقع مسئولية هذه التجاوزات والترهّلات واللامبالاة لما سيحدث من جرّاء هذه السّرقات ؟!!
ومن إعطاء شهادات الفوز لهذا السارق مؤكّدة نسبة النّصّ له، أو السّماح لهُ بنشره في الصّحف والمجلات!! وعلى من ستقع مسئولية هذه التجاوزات 
أهي على السّارق ؟
أم على الجهة الداعمة لهُ ؟
أم على دور النشر والأندية الأدبية ؟ 
وما هي المصالح المشتركة بينهما لهذا الدّعم ؟!
وما هي كيفية التعامل مع دور النشر التي نشرت لهُ بسبب الجهل والغفلة ؟!
بالفعل إنّها قضية دينٍ وضمير، فمن لم يكن لهُ من نفسه رادعٌ فلا رادع له، ومن لم يخف الله لن يترددَ عن هذه الجرائم سواء كان السّارق نفسه أم الجهة الدّاعمة له.
إنّ قمّة الإنحطاط البشري أن نجد أمثال هؤلاء في مجتمعاتنا العربية يصولون ويجولون كيفما يشاؤون غير آبهين بما سيتركونه للأجيال القادمة من أدبٍ مسروقٍ ينسبُ لعدّة أشخاص !!.
وماذا سيتعلم الجيل الجديد منهم ؟!!
بكلّ معنى الكلمة هم أشدّ الأيدي فتكًا بالأدب العربي 
ناسين قول الله تعالى ((وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))
قد يسرق الإنسان جائعًا ليأكل، أو لديه أطفال جياع وأسرة جائعة وتحيّرت به السّبل، وقد يسرق لسداد دينٍ أو لعلاج مريضٍ له، وغير ذلك من الإحتياجات البشرية الملحة، حينها قد نلتمس لهُ بعض الأعذار ويعفو الإنسان ويصفح، مع أنّ حسابات اللّه تعالى في السّرقة صارمة جدًا بسبب ما لتفشي ظاهرة السّرقة من أضرارٍ بليغةٍ حاليةً كانت أو مستقبلية على المجتمع وعلى المتضرّرين وضحايا السرقات.


لغةُ التّرميز الأدبي
التّرميز لغة: 
تعددت التعريفات له لكنها تنصب في الأخير في مصبّ ٍ واحدٍ وهو الإشارة بكلماتٍ محدودةٍ واضحةٍ لمعانٍ غير واضحةٍ في القصيدة وبعيدة لفظيًا عن كلمات النّص، حيث تكون الكلمات مجرد إشاراتٍ لما أخفاه الشاعر في نفسه من أمره، وعلى المتلقّي والقارئ فكّ شفراتها،فالعملية متبادلةٌ بين الشاعر أو القاص وبين القارئ، فالأديب بأسلوبه الأدبي واللغوي في الترميز والمتلقّي بفطنته وحذاقته في فك التّشفير. 
وقد تستخدم لغة الترميز باليد والإشارة أو بالعين في غير النصوص الأدبية، كما تستخدم لغة التّرميز كشفراتٍ في الحروب والتجارة، أو الرسائل التي يُخشى عليها من معرفة مافيها. 
فالتّرميزُ الأدبيُ هو عبارةٌ عن إشارةٍ لفظيةٍ حسّية لقصيدةٍ خفيّةٍ خلف القصيدة الحسّية الملموسة.

عملية الإيحاء:
إنّ للإيحاءات والذبذبات طاقاتها الإيجابية والتي تنتقل من فكر وروح الشاعر إلى روح وفكر المتلقّي وفقًا لوعي ومدارك ذاك المتلقّي، وقد يرسم لها صورةً مغايرةً تمامًا للصورة الذهنية التي عند الشاعر المتكونة من عدّة إيحاءاتٍ وغموضٍ يرى الشاعر ضرورته لأكثر من سبب.

أستخدم الكثير من الشّعراء لغة الإيحاء كوسيلةٍ لإيصال رسالةٍ لفئةٍ من الناس أو لإضافة جمالياتٍ بلاغيةٍ على قصائدهم تثير فيها الغموض وحبّ الإستكشاف والبحث عند القارئ عن تأويلات هذه القصيدة وعن رؤى الشاعر المخفية.

إنّ لإسلوب الإيحاء نزعة حضارية وطفرة أدبية تجسّد وترسم مدى المعأناة والجراح والمظلومية المكبوتة عند الشاعر أو عند الأمّة، إنّها لغة قمّة الألم والصراع بين البوح وعدمه.

ولقد استدعت عدّة عوامل وأسبابٍ لاستخدام الشعراء لغة الإيحاء من تلك العوامل: 

١- الإضطهاد والضغوطات السياسية أو النفسية أو الإجتماعية أو الأسرية.

٢- الإبداع ومحاولة القدرة على الحداثة البلاغية من خلال لغة الترميز.

٣- القصائد الإيحائية نوعٌ من القصائد القابلة للتأويلات المتعددة، وهو تدفّقٌ شعوريٌ ينفجر في حالة العنفوان الشّعري خاصة فيعطيها طعمًا أدبيًّا مختلفًا وأكثر جمالا.

٤- إسلوب الإيحاء في القصيدة لا يكتبه إلاّ شاعرٌ متمكّنٌ له قدرته الأدبية والبلاغية، والأبيات الإيحائية أو القصيدة تحتاج أيضًا لمتلقٍ وقارئ ⁦ٍمبدعٍ لديه المكنة اللغوية، والثقافية، والتّشفيرية.

٥- قد يحتاج الأمر أحيانًا لشرح بعض المفردات في هامش الكتاب، إلاّ أنه ليس من المستحسن فكّ الرموز أو الإشارة إلى المعاني المخفية.

نوعية القصائد الأكثر مرونةً للرمزية وللإيحاء
 ١- أكثر القصائد قابليةً للقصائد الرّمزية والإيحائية تكُتب في الشّعر الحرّ الموزون " نظام التفعيلة " والبحر المتعدّد الرّوي، والمتحرر من وحدته، كما أنّه لا يستبعد ذلك مطلقًا عن القصيدة العمودية الموحدة الروي والنثر.

٢- يعمد بعض كتاب قصيدة النّثر لكتابة قصيدة النثر الرمزية للتحرر من كلّ قيود الأوزان كي يتمكنوا من الإنطلاق بالإيحاء والرمزية، باستخدام قدرتهم الأدبية والبلاغية والموسيقية لهيكلة القصيدة بأفضل ما يكون من البناء لتمتلك كلّ مقومات القصيدة النثرية وشروطها ولا تكون مجرد ثرثرةٍ أو خاطرةٍ هشّة.

 ٣- يعتمد الشاعر في كتابة قصيدته الرّمزية على معاناته الشخصية العاطفية منها أو الإجتماعية، أو المعأناة الجماعية لوطنه ولشعبه أو لقبيلته وما إلى ذلك.

ولديه القدرة أيضًا على التّقمص في شخصيةٍ من يريد الشاعر إبراز شخصيةٍ ما وما فيها من طموحاتٍ ومتاعبَ وأوجاعٍ، أو ذمًا من خلال اتّباع إسلوب التعنيف والتوبيخ، وهنا تأخذ القصيدة منحى الهجاء في أسلوب التّرميز والتشبيه.

 ٤- يجب توخي الحذر حين كتابة القصيدة الرّمزية فلا يبالغ الشاعر في الصّور الرّمزيّة و الإيحائية الغامضة القاتمة، فتخرج القصيدة عن مستوى الجمال المطلوب وإيصال الرّسالة المطلوب إيصالها إلى المجتمع وتدخل في دهاليز الظلمة المعتمة فيفقد المتلقّي الأمل في فكّ شفراتها فيُعرض عنها، فلابدّ من احتواء القصيدة الإيحائية الرمزية على منافذَ ثانويةٍ يُرى فيها الضّوء والذي يزيدها جمالًا وعذوبة.




تحليل النّص
 عملية تحليل النّصوص أمانةٌ حرفية لابدّ من تأديتها على أكمل وجه، وبأفضل إداءٍ لكي تتعلم منه أيضًا الأقلام الجديدة في ممارسة فنّ التحليل وأن لا يعتمد على تتبع عثرات الكاتب أو صناعة العيب من اللاعيب أو المبالغة في وصف العيب.
 تحليل النصوص رسالةٌ أدبيةٌ نبيلة لا يجيد صناعتها إلّا ذو الإختصاص والخبرة، الهدف منها تقويم الأدب بأنواعه، ودعم المسيرة الأدبية لإخراج نخبةٍ من الأدباء الأماجد الذين يليقون بمجتمعاتهم، ويكملون مسيرة الحضارة الأدبية لأوطانهم.

 لتحليل النّصوص الأدبية شعرًا كان أو نثرًا أو قصة أساسياتٌ وقواعدَ وشروط يجب توفّرها في الناقد والمحلّل الأدبي وأهمها:

 ١- المعرفة والخبرة في كتابة الشعر والإلمام بعلم اللغة والنّحو والصّرف وعلم العروض.

 ٢- الدراسة والموهبة والخبرة في ذات النّصوص المطروحة للتحليل كالشعر العروضي والقصة بأنواعها والرواية والخاطرة والنثر، وعلى المحلل أن يكون مُلمًا بقواعد اللون الأدبي المراد تحليله وبالبديعيات في الأدب العربي المعاصر ومدارسه.

 ٣- النّزاهة والإنصاف التّام والشفافية وعدم التّحيّز واستبعاد المحسوبية وتجنب فتل العضلات مع مراعاة عدم صناعة الإحباط لدي الكاتب.
٤- إمتلاك الثقافة الإجتماعية والدينية ولباقة الحديث والطّرح ليتمكّن من إصلاح الفاسد في النّص وبصورةٍ لبقةٍ تنعش النّصّ وتسدد الكاتب للأصوب دون المساس بمشاعر الكاتب.

 ٥- القدرة على تحليل النّصّ واكتشاف خفايا التّورية وإيجابياته وسلبياته والتّأني في قراءة النّصّ ولأكثر من مرةٍ قبل المبادرة بالتّحليل والدراسة.

 ٦- إختيار الوقت الهادئ والمناسب للتّحليل والدراسة ولايغفل المحلل عن حالته النّفسية أيضًا بحيث يكون في حالته الطّبيعية والهادئة وليس في حالة الإنفعال أو ضيق الوقت.

٧- عدم إضافة أيّة كلمةٍ على النّصّ، والإلتزام بمفردات النّصّ تمامًا، والبحث عن جماليات النّصّ، دون الإقتصار على عيوبه، وعدم تشكيك الكاتب في قدراته الأدبية وتثبيطه، فلا يكون المحلل معولًا للهدم من خلال تحليلٍ سقيمٍ يضرّ ولا ينفع.

فالشّعر والنّصّ الأدبي بأنواعه غالبًا ما يحلّل نفسه بنفسه من خلال عرض الكاتب لمحتوى أفكار القصيدة أو القصة وغير ذلك من النّصوص الأدبية، إلاّ أنّ هنالك بعض القصائد ليست بالقليلة، مما يغلب عليها أسلوب التّورية، أو الترميز، أو التلغيز، وهذا النّوع من كتابة الشعر بالتّلغيز والتّرميز نوعٌ فريدٌ وعذبٌ يبثّ في المُحلل والناقد روح الفضول في البحث عمّا خلف كواليس القصيدة، وعن مكنوناتها التي لم يفصح الشاعر عنها في قصيدته.

 فخلف قصيدته قصيدة لم تظهر على واجهة النّص، حيث أنّ لغة التّورية في القصيدة جعلت للقصيدة ظاهرةً مميزة وهي ظاهرة واجهة القصيدة وبطن القصيدة المغاير تمامًا للغة الواجهة الترميزية والمحلل الحاذق هو الذي سيفكّ تلك الشفرات ولو إلى حدٍ ما.

٨- البحث في النّصّ عن جماليات اللّغة كالبديعيات والمحسنات والإيقاع وإحداث الصّدمة لدى الكاتب من خلال نصّه، وتماسك التّحليل وترابطه بين فقرات القصيدة والتصوير المنهجي لها مثل الإسلوب المستخدم والخيال والمعنى ومستوى التدفّق العاطفي.

٩- عدم زج النصائح الحادة اللهجة أو مادونها في نصّ التحليل والنقد، بل الإكتفاء بالإشارة الخفيفة واللطيفة اللهجة، وبقية النصائح والتوجيهات فبين المحلل للقصيدة وبين الشاعر ومن الأفضل عدم اطلاع الغير على سلبيات النّص والتشهير بالشاعر، وإلاّ سيفقد الناقد المحلل ثقة الآخرين فيه فضلًا عن فقدانه لأخلاقيات المحلل وأمانته فهو مؤتمنٌ على نصوصٍ وعليه حفظ الأمانة والتوجيه بالتي هي أحسن.

خاتمة النّقد والتّحليل
وعليه أن يلتزم الناقد والمحلّل بما أبداه من رأيٍ في القصيدة بالآتي:

١- البينة والبرهان بصورةٍ دقيقةٍ وواضحة دون الخروج عما ورد في النّصّ أو الإسترسال الممل في التّحليل، مع ملاحظةٍ مهمةٍ وهي رفعُ الرّوح المعنوية لدى الكاتب والشّاعر، لا أن يخرج المحللُ ومناشيره تقطر دمًا من تشريح الشاعر وقصيدته أو الكاتب.

٢- إعتماد التحليل الأمثل والأنجح على عدّة أساليب تجعله نقدًا بنّاءً يتكون من العبارات الجزلة والقويّة والعلمية في ذات الوقت، والتي تعبّر عن الحالة العاطفية والعقلية والفنية والأدبية والنحوية لدي الشاعر والمحلل الناقد على حدّ ٍ سواء.

٣- أن لا ينسى المحلل السّمات الجمالية في ذلك أو السّلبية ومدى تدفّق الواقعية لدى الشاعر ومدى تدفّق البلاغة الشعرية لديه والبديعية والتشبيهية ومظاهر الإنفعال ومظاهر السكون لدى الشاعر، وكما أنّه لابدّ من توفّر عنصر الإثارة في القصيدة بالإضافة إلى ماتمّ ذكره وإحداث الصّدمة الشعرية للمتلقّي، كذلك التحليل فهو وسيلةٌ وصناعة أدبية رآقية لا يُستهان بها إذا ما سارت في مسارها الصحيح وفق ما جاء في القصيدة أو النّصّ الأدبي، وتختلف رؤى التحليل من محللٍ لآخر وفق رؤاه التي يراها في النّصّ من صورٍ حقيقية أو مجازية بلاغية وأفكارٍ يقوم عليها بنيان القصيدة من الإيقاع والإنطباع لدى الشاعر.

وعلى المحلل أن يعيش في قلب الحدث، قلب حدث النّصّ أو القصيدة بحذافيرها، وبمعاناتها وبكل مفردةٍ فيها فلايركز على جانبٍ واحدٍ على حساب
آخر، لا أن يكون النّصّ في وادٍ والتحليل في وادٍ آخر، ليس المطلوب في التحليل طرح بضع كلمات تمتدح النّصّ وصاحبه، أو تذمه بنقدٍ لاذعٍ، بل المطلوب المصداقية التّامة في تحليل ودراسة النّصّ دون المبالغة في المدح ودون الطعن المؤدي لتثبيط كاتب النّص. 

مقومات العمل اﻷدبي المشترك
من المعروف أنّ للأعمال اﻷدبية بشتى أصنافها مقوماتٌ وأساسياتٌ لابدّ منها، ويفقد العمل اﻷدبي جماليات جودته حين الإخلال بمقوماته اﻷدبية أو بإحدى مقوماته، ولا فرق بين العمل الأدبي المفرد أو الثنائي فكلاهما يحتاج لتلك المقومات الأدبية فهي المنطلق الأساسي لعملٍ أدبيّ ٍ يتّسم بالجودة.

وللعمل الأدبي الثنائي المشترك شروطٌ ومقومات أهمها: 

1 - التكافؤ الأدبي بين الكاتبين، وانعدام التكافؤ هذا سيهدم العمل الأدبي هدمًا يصعب ويعرقل إعادة بنائه من جديد.

2- يجب أن يحرص الكاتب حين رغبته بعملٍ أدبيّ ٍ مشتركٍ مع أديبٍ آخرٍ أن يكون الطرف الثاني بمثل مستوى الأول أدبيًا، ونحويًا وفكريًا، وتشابهًا في الاسلوب لكي لا يشعر القارئ بتباعد الاسلوبين وباختلافهما عن بعضهما وبتناقض الرؤى،وذلك يستدعي حرص الكاتبين على التقارب السّردي لهما حرصًا شديدًا تنعدم فيه الفجوات.

3 - من أهم شروط العمل الأدبي السّردي أو الشعري المشترك التوافق الفكري بين الكاتبين في النّصّ المطلوب كتابته.

4 - تنافر الأفكار، واختلاف الطباع، وتباعد الرؤى من الأسباب الرئيسية لفشل السّرد الأدبي المشترك كالقصة بأنواعها والشعر والرواية والمقال، فهذه الأصناف الأدبية كالرواية والقصة رغم سهولة كتابتها مقارنة بالشعر الموزون إلا من الصعوبة نجاحها إذا ما اختلفت الأفكار وتنافرت الطباع بين الكاتبين، فهناك الكاتب التي تتسم كتاباته بالدسم العاطفي والرقة، وهناك من تتّسم كتاباته بالجفاف العاطفي، وهناك من تقلب الفكاهة والطرفة على كتاباته،
وتلك أهمّ الأمثلة للإختلاف الفكري والطباعي.

5 - من السهل أن تنقسم كتابة القصيدة الغنائية الموحدة الروئ بأصنافها بين كاتبين، وقد يزيد من احتمالية نجاحها بصورةٍ أكبر.

6 - الإشتراك بكتابة قصيدةٍ عمودية موزونة فصحى بين شاعرين لابدّ من توفر التكافؤ المعرفي في الكتابة العروضية، والنحو والصرف، مع اتقان البحور الخليلية والأوزان وزحافاتها، وخاصة البحر المتفق على كتابة القصيدة على وزنه، ومن المستحيل كتابتها مع عدم التكافؤ بمقومات القصيدة العمودية الموزونة.

7- مرونة النّصّ الأدبي وهو من ضروريات التّجديد الأدبي ومن أهميات المرونة في النّص عدم تعقيد المفردات وإن دخلت عوامل البلاغة فيها، فالأديب المرن في كتاباته هو الذي يجعل نصّه قابلًا للتأويل عند الجميع، وله القدرة على إيصال حرفه لكافة أطياف المجتمع المتعلم، ودون التفريط والإفراط، لينتج من وراء ذلك نصًا أدبيًّا معاصرًا ومحتفظًا بكافة مقوماته الأدبية العريقة.

8 - الإيجاز ويشير هذا المصطلح إلى مستوى الكثافة في استخدام اللفظ سياقًا وتركيبًا، وهنا يتطلب من الكاتب سلاسة البيان وقوة الحرف، وجاذبية الكلمة المتدفقة التي تخرج منها الصّورة الفكرية إلى حيّز الوجود ولا يتأتى ذلك إلاّ بالقراءة لأدباء لهم أقلامهم الجيدة والإطلاع المستمر، والحذر الحذر من قراءة النصوص الهزيلة فإنها معدية.

9- التوهج وتعني الإشراق، بحيث يكون اللفظ في كافة استخداماته متألقًا في سياقه، كأنهُ مصباحٌ وضّاء، إذا استبدلناه بغيره ينطفئ بعض البريق في الدلالة العامة ويمتلك القدرة على شدّ ذهن المتلقي بجمال تراكيبه اللغوية.

10- مرونة الأجناس الأدبية الأخرى من أنواع القصص وأنواع الشعر العمودي والتفعيلة، والخواطر والروايات والخطابة والمقالة والنثر وغيرها،وكلها أجناسٌ تحتاج لأقلامٍ متميّزةٍ ليتحقق على إثرها ماتصبو إليه اللغة العربية والأدب العربي من التقدم والرّقي، كما تحتاج لمرونةٍ تخوض من خلالها في بلورة قضايا الإنسان في قالبٍ أدبيّ يتسم بالمرونة والإعتدال والجودة الأدبية واللغوية ليبلغ غايته السامية لا جدالية الكلمة.

النقدُ وتحليل النّصّ للقصيدة العمودية
 هناك عدة قوائمَ تقوم عليها عملية النقد، والتحليل، والتقويم للقصيدة العمودية، يرتكز عليها الناقد والمحلل اﻷدبي، وبدونها تهتدّ عملية النقد ويتعثر مسار التقويم، وقد يتخبّط الناقدُ فيخرج عن مساره القويم إلى مسار النقد السقيم، والذي هو انتقادٌ هادمٌ لا يقوم على أساسيات النقد البنّاء لتقويم النّصّ الشّعري، بقدر ما يقوم على البحث عن العثرات مهما كانت صغيرة، فيتحوّل إلى معولٍ هادمٍ من معاول الانتقاد تضيعُ من خلاله الأمانة النقديّة والتحليليّة.

 ويُعرفُ عن الشّعر بأنه لغة الرّوح، ولغة المشاعر التي تعكس صورة ماعليه العقل والعاطفة لدى الشاعر.
 ويُعتبر الشعر من أرقى الفنون الأدبية وأصعبها أيضًا، فهو عالمٌ من العواطف الجياشة المتعددة، وعالمٌ مركّبٌ من الواقع والخيال يخضع لكتاباتٍ عروضيةموزونة، والتي تحيط بها أكاليلُ من اللغويات، واللسانيات، والمصطلحات البلاغية، والتي تحتاج لمحللٍ وناقدٍ متمكنٍ له مؤهلاته وتجاربه اﻷكاديمية، والحرفية، وله خبرته في الشعر والعروض واﻷدب وعلم النقد.

 فهناك عدة قوائم تقوم عليها عملية نقد وتقويم القصيدة العمودية وتحليلها، يرتكز عليها الناقد والمحلل اﻷدبي، وبدونها تهتدّ عملية النقد والتقويم، وقد يتخبّط الناقدُ فيخرج عن مساره القويم إلى مسار النقد السقيم، والذي هو انتقادٌ هادمٌ لا يقوم على تقويم النّصّ الشعري بقدر ما يقوم على البحث عن عثرات فيه مهما كانت صغيرة للتشهير والطعن وليس للتقويم والاصلاح، فيتحول من نقدٍ بنّاءٍ إلى معولٍ هادمٍ من معاول الانتقاد تضيعُ من خلاله الأمانة النقدية والتحليليّة لدى الناقد. " وسوف يأتي المقال على عرضٍ لأهمّ مقوماتِ النقدِ وأهمّ الركائز التي يمكن الحكم من خلالها على مستوى النّصّ وجودته. 

النّقدُ وتحليل النّص
 عملية تحليل النّصوص أمانةٌ حرفية لابدّ من تأديتها على أكمل وجه، وبأفضل إداءٍ لكي تتعلم منها أيضًا الأقلام الجديدة في ممارسة فنّ التحليل وأن لا يعتمد على تتبع عثرات الكاتب أو صناعة العيب من اللاعيب أو المبالغة في وصف العيب.

تحليلُ النّصوص رسالةٌ أدبيةٌ نبيلة لا يجيد صناعتها إلّا ذو الإختصاص والخبرة، الهدف منها تقويم الأدب بأنواعه، ودعم المسيرة الأدبية لإخراج نخبةٍ من الأدباء الأماجد الذين يليقون بمجتمعاتهم، ويكملون مسيرة الحضارة الأدبية لأوطانهم.

 لتحليل النّصوص الأدبية شعرًا كان أو نثرًا أو قصة أساسياتٌ وقواعد يجب توفّرها في الناقد والمحلّل الأدبي وأهمها:

1- المعرفة والخبرة في كتابة الشعر والإلمام بعلم اللغة والنّحو والصّرف وعلم العروض.

٢- الدراسة والموهبة والخبرة في ذات النّصوص المطروحة للتحليل كالشعر العروضي والقصة بأنواعها والرواية والخاطرة والنثر، وعلى المحلل أن يكون مُلمًا بقواعد اللون الأدبي المراد تحليله وبالبديعيات في الأدب العربي المعاصر ومدارسه.

٣- النّزاهة والإنصاف التّام والشفافية وعدم التّحيّز واستبعاد المحسوبية وتجنب فتل العضلات مع مراعاة عدم صناعة الإحباط لدى المؤلف.

٤- إمتلاك الثقافة الإجتماعية والدينية ولباقة الحديث والطّرح ليتمكّن من إصلاح الفاسد في النّصّ وبصورةٍ لبقةٍ تنعش النّصّ وتسدد الكاتب للأصوب دون المساس بمشاعر الكاتب.

٥- القدرة على تحليل النّصّ واكتشاف خفايا التّورية وإيجابياته وسلبياته والتّأني في قراءة النّصّ ولأكثر من مرةٍ قبل المبادرة بالتّحليل والدراسة.

٦- إختيار الوقت الهادئ والمناسب للتّحليل والدراسة ولايغفل المحلل عن حالته النّفسية أيضًا بحيث يكون في حالته الطّبيعية والهادئة وليس في حالة الإنفعال أو ضيق الوقت.

٧- عدم إضافة أيّة كلمةٍ على النّصّ، والإلتزام بمفردات النّصّ تمامًا، والبحث عن جماليات النّصّ، دون الإقتصار على عيوبه، وعدم تشكيك الكاتب في قدراته الأدبية وتثبيطه، فلا يكون المحلل معولًا للهدم من خلال تحليلٍ سقيمٍ يضرّ ولا ينفع.
فالشّعر والنّصّ الأدبي بأنواعه غالبًا ما يحلّل نفسه بنفسه من خلال عرض الكاتب لمحتوى أفكار القصيدة أو القصة وغير ذلك من النّصوص الأدبية، إلاّ أنّ هنالك بعض القصائد ليست بالقليلة، مما يغلب عليها أسلوب التّورية، أو الترميز، أو التلغيز، وهذا النّوع من كتابة الشعر بالتّلغيز والتّرميز نوعٌ فريدٌ وعذبٌ يبثّ في المُحلل والناقد روح الفضول في البحث عمّا خلف كواليس القصيدة، وعن مكنوناتها التي لم يفصح الشاعر عنها في قصيدته.

 فخلف قصيدته قصيدة لم تظهر على واجهة النّص، حيث أنّ لغة التّورية في القصيدة جعلت للقصيدة ظاهرةً مميزة وهي ظاهرة واجهة القصيدة وبطن القصيدة المغاير تمامًا للغة الواجهة الترميزية والمحلل الحاذق هو الذي سيفكّ تلك الشفرات ولو إلى حدٍ ما.

 ٨- البحث في النّصّ عن جماليات اللّغة كالبديعيات والمحسنات والإيقاع وإحداث الصّدمة لدى الكاتب من خلال نصّه، وتماسك التّحليل وترابطه بين فقرات القصيدة والتصوير المنهجي لها مثل الإسلوب المستخدم والخيال والمعنى ومستوى التدفّق العاطفي.

٩- عدم زج النصائح الحادة اللهجة أو مادونها في نصّ التحليل والنقد، بل الإكتفاء بالإشارة الخفيفة واللطيفة اللهجة، وبقية النصائح والتوجيهات فبين المحلل للقصيدة وبين الشاعر ومن الأفضل عدم اطلاع الغير على سلبيات النّص والتشهير بالشاعر، وإلاّ سيفقد الناقد المحلل ثقة الآخرين فيه فضلًا عن فقدانه لأخلاقيات المحلل وأمانته فهو مؤتمنٌ على نصوصٍ وعليه حفظ الأمانة والتوجيه بالتي هي أحسن.

مصطلح علم الاسلوب
تمّ تعريف علم الاسلوب لدى العديد من أهل اللغة والمعرفة عند العرب وعند الغرب بتعريفاتٍ متقاربة البيان مابين مختصرةٍ وما بين متوسطة ومابين التعريف المتميز بالاسهاب المطول والذي قد يربك ذهن القارئ والباحث، وقد نسب أصله بعض التكاب إلى الأدب الغربي، لكن المتبحث في علم البديعيات والبيان يجده متأصلا فيه وفي قصائد العرب، وقد تمّ تعريفه لدى كلّ ٍ من: 

عبد القاهر الجرجاني: 
 هو " الضرب من النظم والطريق فيه.

الحازم القرطاجنّيّ وابن خلدون: 
فقد تطرقا لذات التعريف التقريبي من وصف النظم الأدبي والصور البلاغية دون التطرق لذات العنوان والمصطلح المعروف به الأن.

إبن قتيبة أشار قائلا في تعريفه: 
 فضل القرآن من كثر نظره واتّساع علمه، وفهم مذاهب العرب، وافتنانها في الأساليب.

وقد عرّفه الباقلاني قائلا: 
 " وقد بيّنا في الجملة مباينة أسلوب نظم القرآن جميع الأساليب، ومزيّته عليها في النظم والترتيب ".
ومن تلك الإشارات نرى أن بنيوية الاسلوب لم تكن غائبة عن أذهان المفكرين واللغويين العرب.

وقد اشتهر علم الاسلوب الأدبي حديثًا لدى الغرب والعرب على أنها تلك السمات الابداعية واللغوية والبديعية تقوم على قوائمها كافة المصطلحات اللغوية.

أما بالنسبة لدي فإني أعُرّفه بالآتي: 
(علم الاسلوب هو علمٌ تقوم عليه الأساسيات اللغوية البنيوية وملحقاتها البديعية، والنحوية، والصرفية، فهو كتلةٌ متمساكةٌ تحدد الرابط بين الشكل اللغوي والحرفي والتاثيرات المتدفقة منهما من خلال الاسلوب اللغوي الشامل والتام، فهو الذي يرسم مدى الانسجام اللغوي بين الاساسيات والفروض البنيوية، وبين اﻷركان التعبيرية، والذي يحقق قدرتها على خلق حالةٍ من الانسجام بين اﻷفكار النظرية، وبين الحبكة البنيوية التطبيقية للنّصّ المتكامل)

إذن توصلنا خلاصة مفهوم مصطلح الاسلوب إلى كونه مصطلحًا يقودنا إلى أجود ما يمكن كتابته أدبيًا وانشاءً في عالم الأدب السردي القصصي أو الشعري أو النثري وما إلى ذلك مما يحتاجه القلم اﻷدبي من جماليات الصيغ اﻷدبية والبلاغية والمحسنات البديعية والإيقاعية والتي تساهم في توفير الجرس والنبرة الحسية باللفظ وبالكلمة لدى المتلقي من خلال المدلولات التعبيرية في عمليةٍ محوريةٍ تستقطب كافة أركان النّصّ.




المصدر: كتاب السبيل إلى بحور الخليل " كيف أعدّ نفسي لكتابة الشعر " أد. أحلام الحسن





إنتهى الباب الأول
الباب الثاني

يتكون الباب الثاني من ثلاثة فصولٍ
 
{الفصل الأول الكتابة العَروضيّة}

علمُ العَروض هو علمٌ تُضبط به الأوزانُ الشّعرية العمودية، وشعر التفعيلية، فيعرف به صحيح الشّعر من سقيمه، و موزونه من مكسوره، ولا يمكن أن يُضبط الشّعر العمودي أو شعر التفعيلة بدونه.

يقوم علم العروض على قاعدتين أساسيتين هما:

القاعدة الأولى: 
ما يُنطق يكتبُ في البيت عروضيًّا، أي في الكتابة العروضية، لا الكتابة الإملائية المعروفة، لكون الكتابة العروضية أكثر دقّةً في وزن الشّعر العمودي الموزون، فهي بمثابة الميزان الخاصِ لوزنِ حروفه، ووزن حركاته، وبدّقةٍ بالغةٍ لو اختلَّ حرفٌ فيه لتسبب بالخلل وبكسر البيت، وكلّما تكرر الإخلال بحركة الحرف وأبدل الساكن بالمتحرك وبالعكس من غير جواز البحر، أو كان الخلل بحروف العلة، أو اللآم القمرية، أو اللآم الشمسية، أو الهمزة، كلّما وهنت التفعيلات واختلتْ فيُحكم على القصيدة بالوهن وبالخروج عن الوزن.

القاعدة الثانية: 
ما لا يُنطقُ لا يُكتبُ في البيت عروضيًّا، بمعنى أنَّ الحرفَ الّذي لا ننطقهُ لا نكتبهُ عروضيًّا.
  
 من الضروري جدًا الاهتمام بالحروف التي في تفعيلات البحور الشعرية، وفي أوزانها، ومراعاة أحكامها وجوازات وزحافات كلّ بحرٍ بمفرده، وما يسمح فيها بالمجزوء وما لا يسمح، وتجنب المنهوك لضعفه، والإلمام بقواعد الصرف والنحو. 

قواعد الكتابة العروضية
 ١- الحرف المشدّد: 
 تُفك الشّدة، ويُعدّ الحرف المشدّد بحرفين، الأول ساكنٌ والثاني متحرك.
أمثلة ذلك:

 أ - الكتابةُ الإملائية: 
 وكأنّما فيها الثّريّا إذ بدت * كفٌّ تشير إلى الّذي تهوَاهُ 
 وكأننما فيهثثُرييا إذ بدت * كففن تشير إل للذي تهواهو 
 بحر الكامل 
 " أبو فراس الحمداني " 
 
 نلاحظ في البيت أعلاه فكّ الشدة، ونلاحظ إلتقاء الساكنين في " إلى الذي.

٢ - التنوينُ بالفتح، أو الكسر،أو الضم، يصبحُ نونًا ساكنة كما نسمعها صوتيًا. 
 وأمثلة ذلك مايلي: 

الكتابة الإملائية:
 أ - أنتِ الحياةُ لقلبٍ جدّ مكتئبٍ * وليس يسعده بالوصل إلّاكِ 
  بحر البسيط 
 
 الكتابة العروضية: 
 أنتِ لحياةُ لقلبن جددُ مُكتئبن * وليس يسعدهو بلوصلِ إلاكي 
عبدالله الفيصل

ب - أيا ليلُ شعبٍ فَهيّا انجلِ * بسودِ الليالي ونهجٍ خلي 
  فشعبٌ أبيٌّ ليأبى الفنا * فلابدّ للجورِ أن يصطلي 
 
 الكتابة العروضية: 
 أيا ليلُ شعبن فهييا نجلي * بسودِ لليالي ونهجن خلي 
 فشعبن أبييِن ليَأبَلفَنَا * فلابددَ للجورِ أن يصطلي 

 بالإضافة لتحول التنوين لنون ساكنة، هناك حالة إلتقاء ساكنين، وفي العربية يحذف أحد الساكنين نجدها في كلمتي " ليأبى الفنا: ليَأبَلفَنَا. " أنظر كذلك فقرة حذف ألف الوصل ".

٣ - زيادة ألف الاشارة وألف بعض الكلمات:
 تحتسب ألف الإشارة وألف هذه الكلمات ضمن حروف التفعيلة في كلّ الحالات الحشو، والعرض، والضرب، ومثال ذلك: 

 الكتابة الإملائية: 
 هذا، هذه، هذي، هذان، هذين، هؤلاء، ذلك، ذلكم، ذلكما، لكن، لكنّ، طه، أولئك، هكذا، الله، إله، الرحمن.

 الكتابة العروضية: 
هاذا، هاذهِ، هاذي، هاذان، هاذين، هاؤلاء، ذالك، ذالكم، ذالكما، لاكن، لاكنن، طاه، أُلائك، هاكذا، اللاه، إلاه، الررحمان.

 الكتابة الإملائية: 
 أ- هذا كتابٌ نحوكمْ أرسلتُهُ * يبكي السّميعُ لهُ ويبكي من قرا 
 بحر الكامل
 " العباس ابن الأحنف " 
 
الكتابة العروضية: 
 أ - هاذا كتابن نحوكم أرسلتهو * يبكي سسمَيعُ لهو ويبكي من قرا
 
 ٤ - إشباعُ حركة حرف الرّوي: 
تشبع حركة حرف الرّويّ حيث ينتج من الإشباع حركة مدّ ٍ مجانسٍ لحركة حرف الرّوي، فالضمة تتحول إلى واوٍ، والكسرة إلى ياءٍ، والفتحة إلى ألف، وأمثلة ذلك: 

 أ - إشباعُ الضمة: 
الكتابة الإملائية:
هبّت عواصفُ بالغبارِ تمخّضُ 
بمخاضِ أوجاعِ الأسى تستعرضُ 

فتقاذفت أحجارُها بصريرها 
حتّى هوت عن بعضها تتبعّضُ
 بحر الكامل 
 " أحلام الحسن " 
الكتابة العروضيّة: 
هببَت عواصفُ بلغبارِ تمخخضو 
بمخاضِ أوجاعِ لأسى تستعرضو

فتقاذفت أحجارُها بصريرها 
حتتى هوت عن بعضها تتبععض
 
ب - إشباعُ الكسرة:
 إشباع حركة الحرف الرّويّ " الكسرة " مع ملاحظة أن يسبقها حرفٌ من حروف الجر، أو حال الإضافة، أو حرف عطف، أو المنصوب بالكسرة.

 الكتابة الإملائية: 
جحدتُها وكتمتُ السّهمَ في كبدي * جُرحُ الأحبّةِ عندي غير ذي ألمِ 
رزقتَ أسمحَ ما في النّاسِ من خُلقٍ * إذا رُزقتَ التماسَ العذرِ في الشّيمِ 
 بحر البسيط
 أحمد شوقي
 
الكتابة العروضية:
جحدتُها وكتمتُ سسَهمَ في كبدي * جُرحُ لأحببَةِ عندي غير ذي ألمي
رزقتَ أسمحَ ما فننَاسِ من خُلقن * إذا رُزقتَ لتماسَ لعذرِ فششِيمي

ت - إشباعُ الفتحة: 
 إشباعُ حركة الحرف الرّويّ الفتحة مع ملاحظة موقعها النحوي المنصوب، إسمًا،أو فعلا، حيث أنّ حركة الفتحة تُشبع في الكتابتين الإملائية والعروضية؛ حين كتابة الشعر العربي الموزون ومثال ذلك:
: الكتابة الإملائية " 
لقد قنعوا بعدي عنِ القطرِ بالنّدى * ومن لم يجد إلاّ القنوعَ تقنّعا 
وما مرّ إنسانٌ فأخلفَ مثلهُ * ولكنَّ يرجي النّاسُ أمرًا مُرقّعا 
 بحر الطويل 
 " أبو فراس الحمداني " 


الكتابة العروضية: 
لقد قنعو بعدي عنِ لقطرِ بلننَدى * ومن لم يجد إلللقنوعَ تقننَعا 
وما مررَ إنسانن فأخلفَ مثلهو * ولاكننَ يرجي ننَاسُ أمرن مُرققعا 

٥ - إشباعُ حركة هاء ضمير الغائب المذكر:
تُشبعُ حركة هاء ضمير الغائب المفرد المذكر، ويتمّ حُسابها بحرفين، الأول متحركٌ و الثاني ساكن، وتتحول ضمة هاء ضمير الغائب المذكر إلى واوٍ، والكسرة إلى ياءٍ ومثال ذلك: 
 
 أ - " مثالُ الضمة على إشباع ضمير هاء الغائب المفرد المذكر " : 

 الكتابة الإملائية: 
 عثراتُ الدّنيا فأبعدها 
 بِسِماتِ حياةٍ تطربُهُ

 والعقل الرّاجح فاسعَ لهُ 
 فالقلبُ الصّافي كوكبُهُ
 بحر المتدارك 
 " أحلام الحسن " 

 الكتابة العروضية: 
 عثراتُ ددنيا فأبعدها 
 بِسِمَاتِ حياتن تطربهو 

 ولعقلُ ررَاجحُ فسعَ لهو 
 فلقلبُ صصَافي كوكبهو 

 تطربُهُوْ، لَهُوْ، كوكبهو.
 
 ب - مثال الكسرة على إشباع ضمير هاء الغائب المذكر " الحرف الرّويّ الميم المجرورة " :

الكتابة الإملائية: 
 صفوُ الغرامِ فِعالُهُ ماذا بهِ.. أوهل تُداري أمرَهُ في كتمهِ
 بحر الكامل 
 " أحلام الحسن " 

 الكتابة العروضية: 
 صفوُ لغرامِ فِعالُهو ماذا بهي * أوَهل تُداري أمرَهو في كتمِهي
 بهي، في كتمهي

٦ - إشباعُ حركة ميم الجمع: 
تشبع حركة ميم الجمع في العديد من الكلمات، المخاطبة فيها والغائبة ؛ مالم يترتب على ذلك كسر البيت، ومثال على ذلك لا الحصر:

 الكتابة الإملائية:
 لكمُ، بكمُ، فيكمُ، معكمُ، لهمُ، منهمُ، معهمُ، منازلهمُ، بهمُ، فيهمُ،
بينهمُ.

الكتابة العروضية: 
 لكمو، بكمو، فيكمو، معكمو، لهمو، منهمو، معهمو، منازلهمو، بهمو، فيهمو، بينهمو.

الكتابة الإملائية:
 قلبي وإن أحبابُهُ لم يعرفوا * بودادِهِ فليعلموا هُوَ فيهمُ 
 قالوا تغيّرتُم، وما برحَ الهوى * مَلَكَ الفؤادَ فكم يحنُّ إليهمُ
 بحر الكامل 
 " أحلام الحسن " 


الكتابة العروضية:
 قلبي وإن أحبابهو لم يعرفو * بودادهي فليعلمو هوَ فيهمو 
 قالو تغييَرتم، وما برحَ لهوى * مَلَكَ لفؤادَ فكم يحننُ إليهمو 

٧ - إشباع الهمزة الممدودة: 
  تدرج الهمزة المفتوحة بعدها الألف الساكنة مثال ذلك: 
الكتابة الإملائية: " آن - قرآن - الآن.
الكتابة العروضية: أ ان - قرأان - لأان.

٨ - إشباع فعل مضارع الإثنين:
 يُشبع مضارع الإثنين " المثنى " في نهاية الشطرين، ومثال ذلك: 

 الكتابة الإملائية: يكتبانِ، يسمعانِ، يُصلّيانِ، تكتبانِ، تسمعانِ، تُصلّيانِ. 
 الكتابة العَروضية: يكتباني، يسمعاني، يُصللِياني، تكتباني، تسمعاني، تصللِيَاني. 

 مثالُ ذلك:
 ألا ياعبادَ اللهِ قوموا لتسمعوا * خصومةَ معشوقينِ يختصمانِ 
 بحر الطويل 
 " جميل بثينة " 

 الكتابة العروضية: 
 ألا يا عبادَ للاهِ قومو لتسمعو * خصومةَ معشوقينِ يختصماني 
 
 ٩ - إشباعُ نون المخاطبة المؤنث في نهاية الشطرين: 
 مثال ذلك: تُدرّسينَ، تَدرسينَ، تتظاهرينَ.
 الكتابة العروضية: تُدررِسِينا، تَدرسينا، تتظاهرينا.

 الكتابة الإملائية: 
 وكم بَعَثَتْ جيوشًا من رموشٍ
 لمقتولٍ فكيف تُقاتِلينَ !! 
 بحر الوافر
 " أحلام الحسن " 

 الكتابة العروضية: 
 وكم بعثتْ جيوشن من رموشن 
 لمقتولن فكيف تُقاتلينا 

 ١٠ - إشباعُ كاف المُخاطَب أو المُخاطبة مثال ذلك: 
 الكتابة الإملائية: 
 كتابكَ، كلامكَ، كلامكِ، قصائدكِ.

 الكتابة العروضية: 
 يتمّ إدراج حركة الضمير في الوزن في كلا الشطرين هكذا: 
كتابكا - كلامكا - كلامكي - قصائدكي

الكتابة الإملائية:
 أ- أنتِ النّعيمُ لقلبي والعذابُ لهُ * فما أمَرّكِ في قلبي وأحلاكِ 
 عندي رسائلُ شوقٍ لستُ أذكرها * لولا الرّقيب لقد بلّغتُها فاكِ 
 بحر البسيط 
 " الشريف الرضي " 

 ب- يكفي الجوى فلطالما هو مُوجعي * ولطالما مرّت بهِ ذكراكَ
 بحر الكامل 
 " أحلام الحسن " 

 الكتابة العروضية: 
 أ- أنتِ ننَعيمُ لقلبي ولعذابُ لهو * فما أمَررَكِ في قلبي وأحلاكي
 عندي رسائلُ شوقن لستُ أذكرها * لولا ررَقيبُ لقد بللَغتُها فاكي
 أحلاكِ: أحلاكي 
 فاكِ: فاكي

 ب- يكف لجوى فلطالما هوَ مُوجعي 
  ولطالما مررَت بهي ذكراكا

١١ - إشباعُ فتحة نون فعل مضارع الجمع المذكر: 
 تُشبع فتحة نون مضارع الجمع المذكر إذا لم يدخل عليها جازمٌ ولا ناصب مثال ذلك: 
 الكتابة الإملائية: يكتبونَ، ينامونَ، يُصلّون.
 الكتابة العروضية: يكتبونا، ينامونا، يُصللُونا 
 
١٢ - إشباعُ فتحة نون الجمع المذكر: 
 مسلمونَ، مسلمينَ، مُتسابقونَ.
 تكتب عروضيًا: مسلمونا، مسلمينا، متسابقونا.

 مثال ذلك: 
 بحمدِ الله ربّ العالمينا * وحمدكَ يا أميرَ المؤمنينا 
 لقينا في عدوّكُ ما لقينا * لقينا الفتحَ والنّصرَ المبينا 
 بحر الوافر 
 " أحمد شوقي " 

الكتابة العروضية:
 بحمدِ للاه رببَ لعالمينا * وحمدكَ يا أميرَ لمؤمنينا " لمؤمنينا: إشباع نون الجمع المذكر. 
 لقينا في عدووِكُ ما لقينا * لقينا لفتحَ وننَصرَ لمبينا " لمبينا: إشباع الفتحة. 

١٣ - إشباعُ حركة تاء الضمائر المفردة، وكتابتها عروضيًا: 
صلّيتُ: صللَيتو.
صلّيتَ: صللَيتا.
صلّيتِ للمؤنث: صللَيتي.

 مثالُ ذلك:
 الكتابة الإملائية:
 للحبّ من أقصى المدائنِ جئتُ * وطعمتُ من منهالِهِ وشربتُ 
 وهجرتُ أوطاني لأجلِ حبيبتي * فيها تلاشت غربتي وعفيتُ
 بحر الكامل 
 السيد الديداموني 

 الكتابة العروضية:
 للحببِ من أقصلمدائنِ جئتو * وطعمتُ من منهالِهي وشربتو 
 وهجرتُ أوطاني لأجلِ حبيبتي * فيها تلاشت غربتي وعفيتو

 ١٤ - تُضافُ الواو لبعض الأسماء مثل داود، طاوس،في الحشو، والعرض، والضرب، ومثال ذلك: 
 الكتابة الإملائية: مزمارُ داود تسبيحٌ - هذا الطّاوسُ جميلةٌ ألوانُهُ.
 الكتابة العروضية: مزمارُ داوُود تسبيحن - هاذا الطاووس جميلتن ألوانُهو.

الحروف المحذوفة في الكتابة العروضية 
  تحذف الألف، والياء، والواو في درج الجملة فقط إذا تلاها ساكن والتقى الساكنان، وتثبت في حالة الإبتداء (بداية الجملة) وهي:

١ - حذفُ ألف الوصل ولام التعريف الشمسية:
 تحذف ألف الوصل في درج الكلام، وتحذف ألف ولام التعريف الشمسية، ويشدّد الحرف الذي يليها ويعدّ بحرفين، الأول ساكنٌ والثاني متحرك، ومثال ذلك: 
 والشّمس: تحذف ألف الوصل كما تحذف اللام الشمسية وتكتب: وششَمس.
 والقمر - والليل: تحذف ألف الوصل وتكتب: " ولقمر - ولليل " وتثبت اللام القمرية.
 
الكتابة الإملائية: 
أ - وانتبهنا بعدما زال الرّحيقُ * وأفقنا ليت أنّا لا نفيقُ 
 يقظةٌ طاحت بأحلامِ الكرى * وتولّى الليلُ والليلُ صديقُ 
 بحر الرمل 
 " إبراهيم ناجي " 

الكتابة العَروضية:
 " حذف ألف الوصل ولام التعريف الشمسية " : 

 ونتبهنا بعدما زال ررَحيقو * وأفقنا ليت أننَا لا نفيقو
 يقظتن طاحت بأحلامِ لكرى * وتوللَى لليلُ ولليلُ صديقو

 يلاحظ في البيتين السابقين حذف الآتي: 

 البيت الأول: حذف ألف الوصل واللام الشمسية، وتشديد مايليها في كلمة الرّحيق فصارت ررَحيق.

 البيت الثاني: الكرى، الليل، والليل، صارت كالآتي بعد حذف ألف الوصل منها: 
 لكرى، لليل، ولليل.

٣ - حذف ألف الوصل وإثبات ألف الإبتداء: 

 من أساسيات اللغة العربية أنّ الجملة لا تبدأ بحرفٍ ساكنٍ ؛ لذلك يعتدّ بحرف ألف الإبتداء ويثبت وجوده في عداد حروف التفعيلة ومثال ذلك: 

الكتابة الإملائية:

1- ألحقُّ كلّ سلاحهم وكفاحهم 
والحقُّ نعم مثبّتِ الأقدامِ 
أحمد شوقي
الكتابة العروضية:
ألحققُ كلل سلاحهم وكفاحهمْ
والحققُ نعم مثببتِ لأقدامي

2 - ألليلُ يمضي ومن ماءٍ لهُ شَرَقا 
 مثل الأسيرِ الذي في قيدِهِ عَلَقَا 
  بحر البسيط
 " أحلام الحسن " 

 الكتابة العروضية: 

 أ - ألليلُ يمضي ومن ماءن لهو شَرَقا  " ألليل: ثبوت ألف الإبتداء " 
 مثل لأسيرِ للَذي في قيدِهي عَلَقا  " لأسير للذي: حذف ألف الوصل في درج البيت.

 " وللتذكير عن إشباع الفتحة في الدرس السابق نلاحظ في هذا البيت الفعل الماضي 
 المبني على الفتح كيف تم إشباع حركته فصارت ألفا: 
 شَرقَ: شرقا _ علقَ: علقا

ب - ألحُسنُ منكِ سَجِييَتن مطبوعتن 
  ومنَ ننِساءِ تخللُقن وتصنّعو 
 " ألحسن " ثبوت ألف الإبتداء وعدّها ضمن حروفي التفعيلة.

٤ - حذفُ همزة الوصل:
 تُحذف همزة الوصل من الأفعال الماضية الخماسية، والسداسية بشرطين: 

 الأول: أن تكون في درج البيت.

 الثاني: أن يسبقها متحركٌ.

 مثال ذلك: 
 الكتابة الإملائية في بداية الجملة: إستوفى، إستبق، إصطكّت، إستمع.
 الكتابة الإملائي في درج الجملة: استوفى، استبق، اصطكّت، استمع.
 الكتابة العروضية في درج الجملة: ستوفى، ستبقَ، صطككت، ستمع.

 الكتابة الإملائية: 

 أ - وأمّا إن سُئلتُ هلِ اصطفتني * سكتُّ فما استرحتُ وما أريحُ
 أحمد رامي 

ب - جزيتكِ ضِعف الودّ ِ لمّا اشتكيتِهِ * وما إن جزاكِ الضّعفَ من أحدٍ قبلي 

 الكتابة العروضية: 

 أ - وأمما إن سئلتَ هلِ صطفتني * سكتتُ فما سترحتُ وما أريحو 
 نلاحظ حذف همزة الوصل في درج البيت من الأفعال الماضية " إصطفتني - إسترحتُ " 

 ب - جزيتكِ ضِعف الودّ ِ لمّا اشتكيتِهِ * وما إن جزاكِ الضّعفَ من أحدٍ قبلي 
  جزيتكِ ضِعفَ لوددِ لممَا شتكيتِهي * وما إن جزاكِ ضضِعفَ من أحدن قبلي