الجمعة، 20 أكتوبر 2017

الحلقة الأولى كيف أعدّ نفسي لكتابة الشعر

كيف أعدّ نفسي لكتابة الشّعر ..
بقلم / الأديبة د.أحلام الحسن
حلقاتٌ تعليميةٌ للمبتدئين بكتابة الشّعرِ والنثر
(( لحلقة الأولى ))

الأدبُ بكافة أصنافه وتعدداته فنٌ من الفنون العالمية بل هو من أرقى الفنون ، فلا تقوم الفنون الأخرى إلّا على النّصوص الأدبية ، ولا يُطلق على أيّ نصٍ مسمى أدب ، إلاّ إذا استوفى أركانه الأساسية بجدارة . فمتى يكون النّصُ أدبيًّا ؟
النّصوص الأدبية متفاوتة ، فلكل كاتبٍ وشاعرٍ أسلوبه ورؤاه .
أركانُ النّص الأدبي :
١-المضمون ، والتّراكيب اللغوية الجذابة : لنجاح صيغة التّراكيب اللغوية لابدَّ من الإتقان النّحوي واللغوي ، فضلًا عن جمال العبارات وتناسقها مما يشدُّ القارئ للمتابعة .

٢- الفكرة المحورية :
وهي عمود الخيمة كما يقولون لأي نصّ ٍ أدبيٍ ، والذي لابدّ أن يتمحورَ النّصُّ فيها ، فلا يتشتت ذهنُ القارئ بأمورٍ وكلماتٍ لا دخل لها بمحور النّصّ الأدبي ، وإلاّ فقدت كينونة النّصّ كنصٍّ أدبي ٍ وخرج عن جودته .

٣- الأفكارالجانبية :
وهي من ضروريات جمالية النّص الأدبي فهي ألوانُ هذا النّص الجذابة .. وعليه يترتب انتقاء المناسب منها مع الفكرة المحورية ، لكن ليس بصورةٍ مباشرة ٍ بل بأسلوب التّورية والتّأويل ، ليزداد في جمالية النّصّ ، شيءٌ من الغموض يدفع القارئ لاستكشاف ما وراء هذا الغموض ، وهذه الطّريقة ليست بالسّهلة البسيطة كما نتصورها ، بل هي ريشة هذا الكاتب وهذا الشاعر ، ليرسم بها لوحته الأدبية بإتقانٍ ودقّة .

٤- الهدفُ من وراء النّص :
إنّ لكلّ نصّ ٍ أدبيٍ أهدافهُ يسعى لتحقيقها الكاتب ، وقد يكون أحادي الهدف ، وقد تكون الأهداف متنوّعةً وفق فكرة النّصّ المحورية .

٥- الخيال الواسع ( ولنا تعليقٌ عليه خاص ) :
وهنا نقطة الخلاف بين المدرستين ، المدرسة الأدبية الخيالية ، والمدرسة الأدبية الواقعية ، لو تتبعنا الأدب العربي أثناء فترة الاستعمار الفرنسي والبريطاني لوجدنا أنه يقوم على مدرسة الأدب الخيالي في أغلب الأحيان إلاّ ما ندر ، فقد قامت كتابة القصص والشعر على الخيال والخيال المفرط ! والتّأملات في جمال الطبيعة وما حوته من أشجارٍ وطيورٍ وسماءٍ وغيرها ، فكتبوا فيها إلى حدّ الإسهاب ، وتنافسوا على جمال التعبير ، فعاشوا دائرة الخيال ، ولم يخرجوا منها !! فجاءت النّصوص الخيالية تحمل أجمل وأروع جمل التّعبير والإنشاء .. وتحمل معها أهزل وأضعف الواقع ! فكان النّص مجرّد لوحةٍ فنّيةٍ طبيعيةٍ .. فتقوقعت في قوقعة الخيال ، وابتعدت عن الواقع المرير الذي تعيشه الشعوب ومن رحم هذا الواقع تمخضت المدرسةُ الأدبية الواقعية ، والأدب الواقعي الذي يعاصر الحدث، ويتفاعلُ مع الحدث .. فكتبَ في معأنأة الشّعوب بدلًا من الطّيور . . وفي الوطن السّليب بدلًا من الأشجار والأنهار .. كتب في جراح الوطن كتب في جراح المرأة والرجل كتب في الطفولة الضائعة كتب في انتهاك حقوق الإنسان كتب الأدبُ الواقعي كل ذلك ، ليستفيق النّاس من سبات أفيون الأدب الخيالي ، نلاحظ أن شعراء العصر الجاهلي وما بعده ، والتي أشعارهم إلى يومنا هذا مضرب الأمثال في الجودة ، والجمال ،والعاطفة، وكلها كانت بعيدة كلّ البعد عن الأدب الخيالي . . الأدب الخيالي لا أقول برفضه .. لكن بمحدوديته ، واقتصاره على القصص والشعر العاطفي بصورة نسبية فقط ، فكرة النصوص الخيالية ، في جمال الطبيعة يجب أن لا تتعدى مرحلة الطفولة .. إلاّ إذا كان بها تمجيد ٌ إلهي هنا تخرج عن كونها نصًا إنشائيا خياليا .

٦- العاطفةُ و الإحساس :
يأتي في الدّرجة الثّانية من الأهمية لنجاح النّصّ الأدبي ، مما لهُ من أهميةٍ كبرى في التّأثير والمُتأثر به . 

٧- العنوان :
يتصدر العنوان أي نصّ ٍ أدبيٍ ، ويُولدُ احساسا لدى القارئ بمحتوى الكتاب أو النّصّ ، فهو ركنٌ أساسيٌ لا يُستغنى عنه ، ويعتمدُ العنوان على طريقتين :
أولًا : اختيار العنوان البارز والموحي بمحتوى الكتاب أو النّصّ .
ثانياً : يحتاج الغلاف أو النّصّ لعنوانٍ يحتملُ التّأويل والتّورية .. يُحرّكُ عند القارئ حبَّ الاستطلاع والبحث والتّغلغل في النّصّ أو الكتاب للتوصل إلى سرّ تأويل أو تورية هذا العنوان . 

٨ - الفئةُ المُستهدفةُ من النّص الأدبي :
ليس هناك من كاتب ٍ يكتبُ عبثًا ، لابدّ من فئةٍ مستهدفة ٍ، أو فردٍ مُستهدف .. وكلما اتسعت دائرة الإستهداف كلما كان النّصُّ أقوى و أطول عمرًا للأجيال القادمة .. أما مجرّد الكتابة الخالية من الرؤى المستقبلية ومن الهدفية ، تكون كتابة لا جدوى فيها .

٩-مشكلةُ عارضة :
للأسف مانراه في بعض المواقع الإلكترونية وليس كلها من إضاعة مسمى الأدب بحجة التّشجيع .. فكلّ شخبطة ٍاسموها شعرا !! الشّعرُ ذالك العلمُ الذي ليس بالسّهل إدراكه ، إلاّ لمن سهرَ وتعبَ لاكتسابه سنواتٍ عديدة ،ٍ فضلًا عن تمتّعِ طالبهِ بجودة النّحو والصّرف ، فكلاهما مكمّلٌ للآخر ، ولا يمكنُ لأحدهما فقط إقامة شعرٍ موزونٍ عليه أبدًا ، فهو كأيّ علمٍ من العلوم يحتاج لدراسةٍ ودراية ولا يعتمدُ على الفطرة والهواية والموهبة فقط كما يعتقدهُ الكثيرون .

١٠ - على الجهات المعنية بالأدبِ ونشرهِ وإقامةِ المسابقاتِ الأدبية بأنواعها توخّي الحذر في الآتي : 
أ - أن يكونَ النّصُّ المنشور أو المشارك في المسابقة الأدبية من قلم المشارك نفسه .
ب- كثرت في الأونة الأخيرة السّرقات الأدبية وعليه يجب توخي الحذر عند مشاركة أيّ نصٍّ في المسابقات الأدبية ، مما سيعرّض الجهة المقيمة للمسابقة للمُسألةِ خصوصًا في حالة إصدار شهادةٍ للفائز ( وبنصّ ٍ مسروق ) .
ج - الفصلُ بين النثرِ والشّعر فلا يُطلق على النّثر شعرًا بل نثرًا وكاتبه يسمى ناثرًا .. كما كاتب الشّعر الموزون يسمى شاعرًا ..فهناك قصيدة الشّعر وهناك قصيدة النّثر ومتى ما أتقنهما الكاتبان كانا إبداعًا وقِطعًا أدبيةً رائعة .. كذلك القاصُّ للقصص الصّغيرة والومضة والقصيرة .. والروائي المختصّ بكتابة الرّوايات الأكثر اتساعًا ، وكاتب المقالِ والصّحفي ..لكلّ ٍ منها قيمتها الأدبية التي يُقدّرها المجتمعُ الراقي فكرًا وأدبًا .. بشرطِ الجودةِوالمُكنةِ الأدبيةِ وسلامة النّصّ ِ من العيوب الأدبية والفنّية واللغوية من جميع جوانبه .

المصدر : كتابُ البحر السّابع للمؤلفة د. أحلام الحسن
الحقوقُ محفوظة ويُمنعُ نسخه أو نشرهُ إلاّ بإذن المؤلفة .