الأربعاء، 16 يناير 2019

الدكتورة أحلام الحسن بحر الحلم

الدكتورة أحلام الحسن

بحر الحلم 
د. أحلام الحسن

" بحرُ الحُلم في الميزان الأكاديمي وحكايته "

ها أنا اليوم أروي حكايتي مع بحري الشعري " بحر الحلم "  وأدعم الحكاية ببحثٍ صغيرٍ معها وهو طبعًا ليس البحث والدراسة والمقارنات المطولة التي تقدمت بها لجامعة قناة السويس والتي فيه قارنت بحر الحلم بكافة البحور الخليلية إضافةً لبحر المتدارك لتلميذه الأخفش فضلًا عن مقارنته بالبحور المستحدثة بعد الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمه اللّه وقد استغرق اعداده أكثر من عامٍ ونصفٍ عكفتُ فيه على الإطلاع والتتبع ليلًا نهارًا ولم يات البحث من عبثٍ لإثبات استقلاليته كبحرٍ جديدٍ لم يسبق أن تطرق له أحد، ولو عاش الخليل بن أحمد رحمه اللّه لربّما جاء به ولم يتركه لي .. وفي الحقيقة لم أسع لإبتكار بحرٍ شعريٍ جديدٍ يُضاف للبحور الشعرية الخليلية السامقة ولم أفكّر يومًا أن يدخل اسمي المتواضع التأريخ ..
ولكنها الكرامة الرّبانية والهبة الإلهية التي أتحفني وخصّني بها ربّ الكون فله الحمد والثّناء بعدد ما خلق وبرأ .. وثمّة سؤالٍ ربّما يداعب مخيلة القارئ الكريم .. 
إذن ماهي قصّة بحر الحلم ؟ 
وإلى القارئ الكريم القصة دونما زيادةٍ أو نقصانٍ ..
ففي إحدى الأيام وأنا أتصفح صفحات إحدى المواقع بالنت وجدتُ تحليلًا لنصّ ٍ نثريٍ وقحٍ لأبعد الصّور حيث قامت صاحبته بتصوير العملية الجنسية بكامل صورتها وبأقبح ما في الشبق من حيوانية !! ووجدت مع النّصّ تحليلًا يمتدحُ النّصُ وكاتبته  !! 
فلم أتحمل أن أرى الإنحطاط الأخلاقي عبر نصّ ٍ هزيل القوام الأدبي والأخلاقي ..
تملكني الغضبُ ودون شعورٍ أخذتُ قلمي ودفتري فكتبتُ قصيدةً أُعنّفُ فيها صاحب التحليل الذي مجّد ذلك النّصَّ المثير للشبق وللغرائز الحيوانية بكلّ وقاحة ..
ورغم إنّي ولله الحمد أجيد كتابة الأوزان الخليلية ولي مايزيد عن 60 قصيدةٍ كلّها مكتوبة وفق أوزان البحور الخليلية والعديد منها قد حصل على المركز الأولى .. إلاّ إنّي اكتشفتُ بعد الإنتهاء من كتابة القصيدة أنّي لم أستخدم لكتابتها أيّ بحرٍ من البحور الخليلية !!!! 
تعجّبتُ من نفسي وماذا دهاني وما هذا البحر ؟!!! 
وبعد أن هدأت ثورة غضبي أخذت أُقطّعُ القصيدة بيتًا بيتًا فوجدت تفعيلاتها كلّها تمشي ضمن نظامٍ واحدٍ كالخرز المنظوم ومامن شطرٍ تختلف تفعيلاته عن بقية أشطر القصيدة ولم أحتج لتغيير أو تعديل أيّة تفعيلةٍ حتى جوازات البحر وردت فيها !!! 
أخذتني قشعريرةٌ مما يحدث وبكيتُ لا بكاء فرحٍ  بل بكاء رهبةٍ وخوفٍ وأنا أشعر أنّ قدرة اللّه ومشيئته كانت من وراء ذلك كلّه .. استدعيتُ أسرتي أخبرتهم بما حدث لي وأريتهم القصيدة وأنا في حالةٍ من الخوف والرهبة .. قام الأهل بتهدئتي وبأنّ هذا البحر " بحر الحلم " هدية اللّه لي فللّه الفضل والمنة .. بعد هذا قمت بدراساتٍ ومقارناتٍ كما ذكرت أعلاه لكي أثبت استقلاليته وأعرضه على كبار أساتذة العروض بالجامعات وبالفعل أرسلت لأكثر من مؤتمرٍ لطرحه ومناقشته وللّه الحمد حصل على الترحيب في أكثر من دولة .. فاستخرت كتاب اللّه أين أذهب أيا ربّي ومولاي ببحري لمناقشته وعرضه ؟ 
وفي كلّ مرةٍ تظهر الآية الشريفة (( أدخلوا مصر آمنين )) ولمدة تزيد على العام تتكرّر الآية مع كل استفتاحٍ بالقرآن الكريم على مناقشة البحث وعرضه .. فعرفتُ أنّ هناك توجيهات وعناية ربانية تحيطني  .. وتسديدٌ يلازمني فله الحمد جلّ شأنه حمدًا أبلغ به تمام مرضاته ودوام تسديده .. وبالفعل توكلتُ على اللّه وقدمت طلبًا بالمشاركة ببحثي بمؤتمر جامعة قناة السويس ..
ووصلني الرّد من الجامعة بأنّه سيتمّ عرضه على اللجنة والتأكد منه ..  فإذا ماتمّت موافقة اللجنة عليه سيسمحُ لي بالمشاركة به .. وانتظرتُ مايقارب من الشهرين لا أنام الليل أنتظر ردّهم مع يقيني التّام بأنّ اللّه لن يخذلني أبدًا .. وفي صباح إحدى الأيام وصلني ردّ الجامعة عبر الإميل وترحيبهم الحار بي وبمشاركتي حول بحري " بحر الحلم " 
وتحقق الحُلم وللّه الحمد وتمّ عرض البحر ومناقشته على كبار أساتذة علوم الآداب واللغة والنقد والعروض بجامعة قناة السويس "جزاهم اللّه خيرًا" وبحضور مجموعةٍ من الدكاترة الجامعين من جامعة القاهرة وجامعاتٍ أخرى  .. قدمتُ فيه ادّلة استقلالية البحر والمقارنات كلّها وما تشابه وما اختلف من خلال البحث وقصيدةً نموذجية بتفعيلاتها التّامة .. وقصيدة أخرى بجوازات بحر الحلم .. وتتوالي كرامات اللّه على أمَته المتواضعة ويُعلن بالمؤتمر عن تكريمي لهذا الإبتكار والإنجاز الأدبي ليحصل بحثي على شهادة التكريم من بين أكثر من 120 بحثًا لأساتذةٍ مشاركين أجلاء من جامعات دولٍ عربيةٍ أخرى ..

وهنا أوردُ القصيدةَ الأم الأصلية المبسطة والتي جاءت بكرامةٍ من اللّه تعالى مع تفعيلات بحر الحلم وهي 
لبحر الحلم ثمان تفعيلاتٍ للبيت الواحد .. في كلّ شطرٍ أربع تفعيلاتٍ  سداسية الحروف  :
مُفْعَالن فعولتن مفْعَالن فعولتن      مفْعَالن فعولتن مفْعَالن فعولتن

إستعماله : لا يستعمل إلاّ تامًا وجوبًا .. وله ضربان وعروضان
صحيحة : فعولتن
مقصور :  فعولْ

وأمثلته : 
1/  مقصور العروض والضّرب :

   لا تقعد مقاعدَ  الجُهّالِ لكينُ
   ولعدوى الجهالةِ العمياءِ قرينُ

2/  صحيح العروض مقصور الضرب  :

  إن تعدلْ وتصطبرْ  فالرّبُّ مُسدّدٌ 
  وبصبرٍ  مُرادُهُ  يجزيهِ  المُجيبُ

جوازاتُ البحر :

١/ حذف السّاكن السّادس من التفعيلة الأولى أو الثالثة مفْعالن فتصبحُ مفعال فإذا ورد الحذف في الأولى سلمت الثالثة المماثلة لها  والعكس صحيح فإذا ورد الحذف في التفعيلة الثالثة سلمت الأولى المماثلة لها .

٢/ تحريك السّاكن الثاني من تفعيلة مفْعالن فتصبح مفَعَالن 

مفتاح البحر : يا حُلمًا رسمتُهُ بحرًا فوقَ مطلعي

يا حُلمًا : ( مفْعالن / رسمتُهُ : فعولتن / بحرًا فو : مفْعالن / ق مطلعي : فعولتن )
ومفتاحه الثّاني من القصيدة النموذجية : هل تُعطي هديةً من هُدّتْ قلاعُهُ
/0/0/0 **  مفْعَالن 
//0//0   ** فعولتن 
/0/0/0  ** مفْعَالن 
//0//0  ** فعولتن

*** الإنموذج الأم المبسط لبحر الحلم :

أصعب الخطى ..

لمَ تُعطي هديّةً قلبًا قد كسرتهُ 
كبريتًا ملأتهُ ورمادًا أحلتَهُ

أوجعْتَ الشّعورَ في لحظاتٍ منَ الأسى 
ثقتي فيكَ أُتْلفت وكلامي رميتَهُ

قد تأتي مُحمّلًا بشكاوى ندامةٍ 
قد هانَ الودادُ في لحظاتٍ وبعتَهُ

فلمَ اليومَ تبتغي جرياني لنهرهِ 
جرحٌ بي شكوتُهُ ألمًا قد خذلتَهُ

وجعي لن أبوحهُ لشعورٍ يبِيعُني 
وضميرٍ أطالَ في مرعاهُ سُباتَهُ

خطأٌ في قلوبهم كم يغزو عقولهم 
عجبًا منكَ يا أخي ذنبًا قد دعمْتَهُ

ماذا لو سُئلتَ عنهُ ماذا جوابهُ
أو ترمي هناكَ عُمركَ جمرًا جمعْتَهُ

سخروا من عقولنا أسموها تخلُّفًا
عجبًا قُلتَهُ ودينًا  قَدْرًا  أهنْتَهُ

أخطأتَ بمِدحةٍ لبقايا  قذارةٍ       ( أخطأتَ : مفْعال بجواز حذف السادس الساكن )
وخطايا ،فلا تقي فصلًا قد شَربْتَهُ

أو صارتْ قُلوبُنا أصنامًا فلا تعي !
قلبي كم جَرَحتَهُ حيًّا قد دفنتَهُ

أوهامٌ غرامُهم و ضَلَالٌ جُحودهم 
قد باعوا حياتهم، دنسٌ ما دعوتَهَ

عِجلٌ  قِبلةٌ لهم بخوارٍ أضلّهم
دينًا يا أخي لهم كبشًا قد ذبَحتَهُ

قَدَرِي أصعبُ الخطى ولربّي مصيرهُ 
فعليهِ تّوَكّلي يا من قد نسيتَهُ             ( فعليهِ : مفَعَال  بجواز حذف السادس الساكن )

***  وهنا أُضع نموذجًا مبسطًا جدًا لجوازات بحر الحُلم ليساهم في سهولة معرفة البحر  :

1- يا قلبًا يشدّني وهمًا في مدارهِ 
   يُلقي بي صدودُهُ في أقصى قفارِهِ

2- شوقًا لم أبح بهِ في شعري كتبتُهُ 
    حُلمًا في وصالهِ خوفًا من قرارهِ

3- داريتُ عذابَهُ  أقْدارٌ  جراحُهُ   ( داريتُ : حذف السّاكن الأخير من التفعيلة الأولى مفْعالن  ). 
   أشواطُ سفينتي غرقت في بحارهِ     ( أشواطُ : حذف السّاكن الأخير من التفعيلة الأولى ))

4- مجروحٌ مُعذّبٌ لم تشعر عتابَهُ 
   قد أخفى شعورَهُ عن مرمى عثارِهِ

5- يا قلبُ وضعتني بهواهُ  مُعلّقًا      ( يا قلبُ : حذف الساكن الأخير من تفعيلة مُفْعَالُن )
  أوترضى مذلّتي عبدًا في جوارِهِ

6- قد بعتَ صرامتي وهنًا قد رميتني      ( قد بعتَ : حذف الساكن الأخير من تفعيلة مَفْعَالُن  ) 
    لوّعتَ حشاشتي في العشقِ  بنارهِ  ( لوّعتَ : حذفُ السّاكن الأخير من الأولى مُفْعَالُن  )  .

7-  ما يُدريكَ أنّهُ  يومًا لن  يبيعَني 
     ترمِيكَ  يمينهُ في أقصى ديارهِ    ( ترميكَ : حذف السّاكن الأخير من التفعيلة الأولى مُفْعَالُن لتصبحَ مفْعَال ) .

8- من بينِ الضّلوعِ قم بصبابِ النّدامةً 
      تُنسيكَ غرامهُ من قبلِ مرارِهِ 

9- لا ترجع إلى الهوى في ضعف اشتِياقِهِ
    دع عنكَ شجونه واهرب عن دمارهِ
  
  8 - (  تُنسيك  / من قبلِ : حذف السّاكن الأخير من التفعيلة الأولى والثالثة وهو من جوازات بحر الحلم .
9- دع عنكَ : حذفُ السّاكن الأخير من تفعيلة مُتفَالُن .

*** محتوى البحث : 
1/ ما يقارب من 20 دراسة مشروحة بالتفصيل احتوت على مقارباتٍ ومقارناتٍ وتحاليل ونتائج خُتمت بالبراهين والدلائل .

2/ نموذجان من بحر الحلم الأول تامٌ صحيحٌ والثاني بجوازت البحر .

3/ أضرب البحر وعروضه .

وأخيرًا الحمد للّه على ما أنعم وتكرّم وأسأل اللّه جلال جلاله العفو والعافية والصّلاح والتّسديد لي ولكم .

* - تمّ توثيق وتسجيل البحر بجامعة قناة السويس ونشره بكتاب المؤتمر الدولي الخامس ( الحضارة والتراث العربي والإسلامي إبداعٌ وأصالة "في إبريل 2018 .

* - حصل البحث على شهادة التمييز من ضمن ما يقارب من 130 بحثّا مقدمّا من أساتذة جامعاتٍ عربيةٍ متعددة حصل اثنان منهما على تلك الشهادة أحدهما ابتكار بحر الحلم ..

* - حصل بحر الحلم على شهادة الإختراع ووثق باسم صاحبته د. أحلام الحسن ..
كما قامت جامعة قناة السويس بطباعة البحث بكتابٍ خاصٍ له تمّ إيداع بعض النسخ منه بمكتبة الجامعة .

* - تمّ طلب نشر بحث الحلم أكثر من مجلةٍ علميةٍ محكمة وقد حظي بنشره في المجلة العلمية العالمية المحكمة الإستواء .