السبت، 13 مايو 2017

إفتح عقلك

أفتح عقلك ..
بقلم : د . أحلام الحسن

مصر ومطرقةُ الفتنة ..

لا تكاد نفرغ من فتنةٍ إلاّ وتلتها أخرى على أرض مصرنا الحبيبة وبمعاول ومطارق مصرية للأسف تنهال بها ضربا على هامة الوطنية  ، في محاولاتٍ لزرع الفتن الطائفية والمذهبية تحت قبة الدين والفقه والفتاوى المغرضة  ولتمزيق اللحمة الوطنية المصرية  !
وهذا هو ديدن العدو الخفي ، لخلق حروبٍ طائفية كمثيلاتها في العراق الجريح وسوريا الغريقة في بحور الدماء .. واستخدام هذا الإسلوب الملتوي تحت المسمى الديني والمدسوس لتفعيل الفتنة بين المصريين لتحقيق أغراضٍ ومصالح سياسيةٍ تخدم فئاتٍ معينة من صالحها زعزعة الأمن القومي ليكون التناحر والتكفير هو السلاح الأكثر نفوذا إلى السلاح التفعيلي .. يهدفون بهذه الفتنة والدعوة للإقتتال لإضعاف الفريسة " مصر " فالمفترس الأصلي ينتظر تحقيق الخطوات التالية عبر خطةٍ لربما تأخذ سنواتٍ قبل تنفيذ مخططها الآثم الأخير ..
فيومًا نرى تهيجيا فكريا عاطفيا عقائديا ضد الأخوة الأقباط وعقائدهم !!
ويومًا نرى تهيجًا للشعب ضد أطرافٍ أخرى من الشعب كالشيعة والصوفية وغيرهم !
ويوما نرى مثله سنّة مصر ضد سنّة مصر !
والحصيلة والنتيجة هي واحدة .. اقتتال الشعب المصري وتمزيقه وإضعاف قواته وجيشه في المشاكل الداخلية . . رغم أنّ القيادة في مصر واعية كلّ الوعي لمثل هذه المؤمرات .. لكن عندما يدسّ السّم في العسل فهذا السّمّ سيسري ويتلف بعضا من أجزاء اللحمة الوطنية المصرية والذي ستتطور مخاطره وتسري سمومه لتحصد الكثير وفق مخططٍ مدروسٍ له ..
وإذا ما حملنا أقوال بعض المشايخ من تصريحاتٍ تمس عقيدة الأخوة من الطائفة القبطية على محمل الخير لا غير فليس من سلامة العقل الراجح طرح مثل هذه الأقوال في مثل هذه الأوضاع السياسية الخطيرة التي تداهم الخريطة العربية بالتحديد والتي بالطبع لم تأت صدفة ..
وبصراحةٍ تامةٍ لقد وقف الأخوة الأقباط من المصريين موقفًا وطنيًا مشرّفًا ودحروا الفتنة ولم ينساقوا لها ولم يردّوا الكيد بالكيد ولا الجرم بالجرم .. بل لقد رفضوا من البدء المساعدات التي عرضتها عليهم بعض دول الغرب لبناء كنائسهم المهدومة واعتبروا ذلك تدخلا في شؤون مصر .. وهذه المواقف العقلانية والوطنية تُحسبُ لهم لا عليهم ..
واختلاف وجهات النظر العقائدية لا تُحلّ بالإهانات والتكفير بدلا من المواساة !!
ولا يمكن إرغام أيّ إنسانٍ على الإسلام أو غيره بالإهانة والتكفير واستباحة دمه !
فهذه دعوة المغرض !!
وليست دعوة الداعي إلى سبيل الرشاد والهداية والتي أمر اللّه بها نبيه " ص" وهو نبيٌّ مُرسلٌ موكلٌ إليه الأمر بأكمله وبحذافيره كلها ..
وقد أوصاه الواحد الأحد في كثيرٍ من الآيات للإستخدام الأمثل من أسلوب الدعوة فقال :
( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )
ولن أضرب مثلا آخرا في هذا وما أكثر تلك الآيات المماثلة فنرى في الآية الكريمة كلّ أساسيات الدعوة الناجحة :
١- استخدام أسلوب " الحكمة "وهو العقل والتّدبر والحُلم والتّريث ومعالجة القضايا بالحكمة لا بالتهور والإنفعال وإثارة النعرات وزرع فتيل الفتنة .

٢- إستخدام أسلوب " الموعظة الحسنة " وعظٌ وإحسانٌ ونُصحٌ .. وهذا لا يقوم به أيّ فردٍ إن لم يصل لمستوى الوعي الجيد للأمور ودراسة أبعادها وما مدى نجاحها .. بل يحتاج لداعيةٍ يدرك تبعات قوله لا يصرّح يومًا ويعتذر في يومٍ آخرٍ .. فإذا لم يكن قدر التبليغ والإرشاد فلا يتخذها مهنة يقتات بها على حساب دماء الناس وعقائدهم .

٣- وجادلهم بالتي هي أحسن .. أسلوبٌ فيه قمّة التأدبِ والهدفية والمصداقية المرجوة في إنجاح عملية الإرشاد .. فقد يشتد الحوار من الطرف الآخر وتشتد المجادلة .. لكن كن يا محمد "ص" أنت من تحاور وتجادل بالإحسان دون الإساءة لهم ودون التعرض لحياتهم وأرواحهم ..
فهل لنا في رسول اللّه " ص " أسوة حسنة كما قال اللّه في قرآنه المجيد :
( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا )
أم أنّ لكلّ ٍ منّا هواه وشيطانه يفتي بما يشاء .. ولا يرجو اللّه واليوم الآخر .
نسأل اللّه سبل الرشاد لأمتنا ولمّ الشمل والوحدة .