السبت، 15 يوليو 2017

المسجد الأڨصى

إفتح عقلك .. بقلم / د. أحلام الحسن المسجد الأقصى .. تلك البقعة الطاهرة والتي تعدّ من أطهر وأقدس بقاع الأرض والتي لا تقلّ مكانةً عن قدسية المسجد الحرام أو المسجد النبوي على ساكنه صلوات اللّه وسلامه .. ولقد أعطى اللّه تبارك وتعالى شأنًا عظيمًا لهذه البقعة المباركة في القرآن الكريم ولعظم قدسيته أطلقت عليه عدّة مسمياتٍ " الأرض المقدسة " " القدس " المسجد المبارك .. وتحدّثت عدّة آياتٍ قرآنية كريمة عن هذه الأرض المقدسة وللّه علم أسرارها وما حوت والملاحظ تكرار إطلاق أسماء القدسية عليها من قِبل الباري تعالى .. فهي الأرض الحاوية لمواريث الأنبياء جميعا عليهم صلوات اللّه وسلامه .. ولقد سكنها الكنعانيون ويقال الساميون الذي إنحدروا من نبي اللّه سام بن نوح عليهما السلام .. وأرض كنع تمتد بأطراف فلسطين وسوريا .. وكانت عبادة الكنعانين للطبيعة للشمس والقمر وغيرها قبل نبوة النّبي إبراهيم وسلالته الطاهرة من الأنبياء عليهم صلوات اللّه وسلامه .. ووفق الرواية القائلة المروية عن رسول اللّه " ص" فقد تمّ بناء المسجد الأقصى بعد أربعين سنةٍ من عصر النّبي إبراهيم عليه السلام ((عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولا؟  قال المسجد الحرام قلت : ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى قلت: كم بينهما؟ قال أربعون سنة وأينما أدركتك الصلاة فصل فأنه مسجد ))   متفق عليه   وإذا ما حُكم بصحة هذه الرواية فعليه يكون بناء المسجد أبان فترة النّبي إسحاق عليه السلام واللّه أعلم .. إلاّ أنّ هناك مؤشرات تشير لبنائه قبل ذلك بكثير .. ولئن اختلف في تأريخ بنائه فلا يختلف اثنان من أهل الرّسالات السّماوية على قدسيته ومباركته بذاته وما حوله من الأراضي والسور المحيط بالمسجد ويقول الحقّ تبارك في محكم كتابه المبين ( سُبْحَانَ الَذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير ) الإسراء11 ولعظم شأنه لم يعرج اللّه بنبيه محمد " ص" من مكة إلى السّماء مباشرة دون المرور على تلك الأرض المباركة المقدّسة .. وذلك المسجد المبارك المقدّس .. ليأتي البراق برسول اللّه "ص" ويحطّ عند جدار المبكى والذي أسماه المسلمون بعد الإسراء جدار البراق .. وهو جدارٌ مقدّس المكان .. يحيط بالمسجد الأقصى وكما قال اللّه تعالى ( الذي باركنا حوله ) فكل المسجد وجدرانه المحيطة حوله أماكن مباركة تحطّ بها الملائكة وهي محطّ من سبق من الأنبياء عليهم السلام .. وللموضوعية المطلقة وللحقيقة المنصفة أنّ المسجد الأقصى الأرض المقدسة قد احتضنت كافة الرّسالات السماوية المُقدّسة .. ومن يقل غير ذلك لزمته العنصرية .. فالشواهد التأريخية والأثرية تؤكد مصداقية ذلك .. وبقية الرّسالات هي سماوية أيضًا ولها قدسيتها ولبقية الأنبياء قدسيتهم ومكانتهم عند جميع الملل السّماوية .. فهناك آثار النّبي عيسى والعذراء عليهما وكنيسة القيامة وبقية الكنائس وآثار الأنبياء .. وقضية طواعية الريح للنبي سليمان عليه السلام .. ( ولِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا وكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِين ) وقضية النبي موسى عليه السلام وأمر اللّه له ولقومه بدخول الأرض المقدسة .. والتي هاب قومه دخولها لوجود ( القوم الجبارين ) وهم من الكنعانين حيث روى الباري تعالى هذه القصة على لسان نبيه موسى ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِين ) المائدة 211 .. حيث أمرهم ربهم بالجهاد إلاّ أنّهم خافوا ورفضوا ذلك كما تشير الآية الكريمة ( قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) فعاقبهم اللّه بالتيه في الأرض أربعين سنة .. والكثير الكثير من معالم الأنبياء وتواريخهم التي لا يسعها هذا المقال قد احتوته الأرض المقدسة .. بيت المقدس .. المسجد الأقصى المبارك .. وللمسجد المبارك 14 بابا منها ما تمّ من قبل السلطة إغلاقه ومنها ما هو مفتوح .. ويحسب المسجد الأقصى الآن تحت رعاية الأوقاف الأردنية .. ويأمّ المسجد آلآف المصلين المسلمين من الفلسطينيين يوميًا وأيام الجمع لإداء صلاة الجمعة حيث تحسب الصلاة فيه بألف صلاة وفق الروايات .. وعلى إثر إقامة هذه الصّلوات فيه فقد تمّ رفع كافة أيدي الرّسالات السّماوية الأخرى عنه واختص المسجد بالمسلمين فقط .. وهذا من كرم اللّه وفضله على المسلمين وعلى الفلسطينين رغم وجود الإحتلال .. ولقد ثار المسلمون بالأمس بعد قرار إغلاق المسجد الأقصى على إثر حادث إطلاق النار بباحة المسجد ( الذي باركنا حوله ) وبالضبط فوق الأرض المباركة ! ولكن الإنسان العاقل والمنصف الموضوعي يرى بأنّ الصّواب قد جانب الشبان الفلسطينيين بالمبادرة بإطلاق النار على الشرطة الإسرائليين المتواجدين تواجدًا روتينيًا عاديًا .. فمنذ عام 67 لم تقم السُّلطات بإغلاق المسجد .. لكن حادث الأمس جلب المخاوف والمسارعة بقرار إغلاقه رغم أنّ السلطات الإسرائلية قد أعلنت بأنّ هذا الإغلاق سيكون مؤقتا حفاظا على السلامة .. ولو تركنا العنصرية جانبًا وفتحنا عقولنا لرأينا بأنّ عملية إطلاق النار بباحة حرم المسجد الإقصى تُعدّ انتهاكا لحرمته وقدسيته ومكانته المباركة التي جعلها اللّه له .. فالمسجد ليس ميدانًا للمواجهة وخلق البلبلة في أعظم صلاة وهي صلاة الجمعة .. خاصةً بأنّ الأمور كانت تسير بصورةٍ طبيعية ..وحبذا قياس الأمور بالموضوعية والإنصاف فلست بصدد الدفاع عن أحد اللهمّ إلا حرصًا على حياة المصلين وعلى حرمة الأماكن المقدسة .. بالأمس كانت المزارات تبعتها الكنائس والمساجد واليوم المسجد الأقصى أقدس بقاع الأرض .. المساجد أعدها اللّه للعبادة وليست للمعارك .. فللمعارك ساحاتها .. أرجو من القارئ الكريم حملي على محمل الخير والنّية الطيبة والنظر لخطورة الوضع بكلّ موضوعية .