السبت، 8 يوليو 2017

إفتح عقلك .. المودة

إفتح عقلك ..
بقلم / د . أحلام الحسن

المودة ..

المودة صفةٌ محببة لدى كافة الشعوب " إلّا من شدّ عنها "
والمودة لها عدة معانٍ تنصب في خانة واحدة .. والمصدر اللغوي لكلمة المودة يأتي من  " ود "
- ودّ الرّجل أخاه المؤمن ودًّا - ولها مسمياتٌ أخر كالوداد والحُبّ ..
وهذه المودة يمكن الشعور والإحساس بها لا إراديًا في الحالات التالية :

1-, مع بدء إدراك ذهن الطفل بمن حوله وبمن يحبونه ويشعرونه بمحبته .. ومع إدراكه للمحسوسات  .. كوالديه وأخوته ومن يشعر بمودتهم إتجاهه .

2- مودةٌ مفروضةٌ شرعًا من قِبل اللّه جلّ شأنه .. وجعل لها عدة أساسياتٍ وعواملَ وأسبابٍ هي لصالح الأمة المسلمة مثل فرض مودة قرابة رسول اللّه صلى اللّه وسلّم عليه وعليهم .. وأمر بها نبيه محمدٍ ( ص) وبإبلاغ هذا الفرض وهذا الأمر قائلًا في محمكم كتابه المبين (( قل لا أسألكم عليه أجرًا إلّا المودة في القُربى )) وكلمة " قل " توحي بالأمر ومبادرة تنفيده . وتكفّل الباري جلّ شأنه بوضع مودتهم في قلوب المؤمنين .

3- مودة الزوجين لبعضهما فلا يمكن بأن تستمر الحياة بافتقاد تلك المودة من أحدهما أو كلاهما .. وتتحول الحياة لجحيمٍ لا يطاق (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )) ومشمل التفاسير تشير لخلق حواء من بقية طين آدم عليهما السلام لإحتياج الذكر للأنثى واحتياج الأنثى للذكر والمودة هنا ليست مختصة بالحبّ والودٍ القلبي فقط بل الجسدي أيضًا لما له من دورٍ مهمٍ وأساسيٍ  في المودة وإيلاد تلك الرحمة وهي الذرية التي ستتوالد للبشرية .. ولولا الشعور بتلك المودة المعنية لتنافر الزوجان ولاضمحلت البشرية .

3- المودةُ المكتسبةُ بالأسباب الأخلاقية :
وهي شعورٌ خارجٌ عن سيطرة الإنسان بل وفطريٌ عند أصحاب النفوس والقلوب السليمة .. فنجد أنفسنا نحبّ ونودُّ من يتصفون بعدّة مواصفاتٍ وأخلاقياتٍ حقيقيةٍ بهم تدفع من يحيطون بهم لمحبتهم وودّهم .. فتلك الأخلاق والمواصفات الطيبة كفيلة بصناعة تلك المودة لهم .. وهذا النوع من الوداد غالبًا ما يبقى لا يزول .. طالما كانت تلك المواصفات ثابتة عند من أحببناهم وحملنا لهم الودّ.
ولإنصاف القارئ الكريم أورد هنا عدّة أسبابٍ ومواصفاتٍ تجلب المودة للفرد وتصنعُ في قلوب الآخرين مودّته واحترامه .. وقد يصل الأمر بنا للإقتراب من أفكاره ورؤاه وأقواله أكثر بسبب تلك المودة ..
- التعامل والمعاملة الإجتماعية المتسمة بشرع اللّه والعرف الأخلاقي .
- التواضع
- الإنصاف وعدم الظلم .
- الكرم والهدية .
- الوفاء بالعهد والصّدق في الوعد .
- البشاشة
- الإبتعاد عن الغيبة والنميمة والتجريح والهمز واللمز .
- إفشاء السّلام وردّ التحية بأطيب منها ويستحسن الدعاء معه .
- العفو عند المقدرة " إلاّ عن مجرم استفحل أمره " .
- صلاة قيام الليل والدعاء والسجود بين الأذان والإقامة .
- الإبتعاد الكلّي عن الطعن و البحث في عيوب الناس وسقطاتهم فإن فاعلها ممقوتٌ مذموم .. يستحيل بأن تميل القلوب السليمة إليه بالمودة .. إلاّ من كان شبيها له فهو منجذبٌ إليه وليس فقط .
- الكذب .. الجفاء .. التهميش المتعمد .. الإساءة بأنواعها .. سوء الظّنّ المكروه والمنبوذ بالعرض والخُلق .. كلّها كفيلة بخلق الكراهية لمن يتصف بها وليس المودة .
- وتبقى ظاهرةٌ غريبة لا نجد لها سببًا مباشرًا قويًا لوجود المودّة الطاهرة لدينا لأحد الأفراد أو الإحساس بالطمأنينة له .. وذلك يرجع لأسبابٍ رُوحيّةٍ ربّانيةٍ لا قدرة للإنسان على إيجاد تفسيرٍ لها .. أو حتى الفرار منها .. وبالتأكيد بأنّ هناك مواصفات في ذاك الشخص لم تظهر للعيان عندنا ولكنّ الأرواح تدركها في عالمها الخاص .