الاثنين، 31 يوليو 2017

أفعالنا بين السلب والإيجاب صناعة الإنسان 9

أفعالنا بين السّلب والإيجاب
بقلم / د. أحلام الحسن

صناعةُ الإنسان  ..

حين الدخول في هذا العنوان ترتسم في أذهاننا عشرات لصور لهذا الإنسان الإيجابي ولن أقول الإنسان المثالي .. فالمثاليات تعنى القدوة والكمال وفي الحقيقة لا يوجد إنسانٌ مثاليٌ كامل ، فلإنسان قدراتٌ جسدية وفكرية يمكن تعديلها نعم لكن رغم هذا التعديل تبقى عدم المثالية ، فليس هناك حاكمٌ مثالي بكامل ما تحتويه الكلمة ، وليس هناك زوجٌ مثالي وليس هناك موظفٌ أو غيره كامل المثالية ، قد تستخدم الكلمة مجازًا للتعبير عن حُسن إداء فكرٍ أو عملٍ لإنسانٍ ما من قبيل الشكر والتقدير لجهوده المبذولة ولنشاطه الفكري والعملي ، إلّا أنّ ذلك متفاوت الإداء بين المد والجزر من حيث أنّ الإنسانَ قابلٌ لتغيير ذاته للأفضل أو للتراجع في الإداء الفكري أو العملي ومن هذه القابلية عند الإنسان للسّلب وللإيجاب تبقى كلمة المثالية غير ثابتة والغير الثابت لا يثبت .
ويبقى المعيار الإصطلاحي الأقرب للدّقة هو " الإحساس بالمسئولية " فآلية الإحساس بالمسئولية هي من تصنع الإنسان من الداخل فكريًا  لتقوم برسم دورها على إدائه الجسدي من الخارج .. ولقد عُرف مصطلح " المسئولية " بعدة تعاريف نذكر منها :

تعريف المسئولية :

هي تحمل الإنسان لتكليفٍ شرعيٍ أو تكليفٍ تكليفٍ عمليٍ وظيفي مطالبٌ بهِ ويُحاسب على التهاون في إدئه من قِبل اللّه ومن قِبل المجتمع بما يتعلق بتبادل المصلحة العملية بين الحاكم ورعيته .. وبين الرجل وأسرته ..وبين الموظف وعمله .. ويبقى الإنسان الغير سوي عقليًا خارج نطاق هذه المحاسبة .
أما التعريف الإصطلاح لكلمة المسئولية  يعني القدرة الفكرية والجسدية لإلتزام الإنسان بالوفاء بمسئولياته وما يقع على عاتقه منها .

أهمية تحمّل المسئولية :

وبما أنّ المسئولية هو تحمّل الإنسان العمل الموكل إليه والإخلاص في إدائه والرقابة الذاتية والإخلاص في العمل هي التي تُحسّن من إداء الإنسان .. وفي حالة التهاون الوظيفي في المجتمع تحلّ الفوضى .. بل ويحلّ البلاء في المجتمع وتضيع الحقوق ويتأخر إنتاج الوطن عالميا بتأخر إنتاج الفرد مما يتسبب في عرقلة الأعمال وعرقلة المصالح .. ويحدث هذا الإهمال وهذا التكاسل في الإداء المهني أو الديني نتيجة فقدان الإحساس بالمسئولية .. ونتيجة فقدان المراقبة الذاتية والمراقبة العملية من قِبل المسئول الموكل إليه مراقبة عمل الموظفين .. وهذا الإهمال والتكاسل يُولد مجتمعًا أقرب للفشل منه للنجاح .
لقد جاءت التعاليم السماوية كافة لصناعة الإنسان الجيد والإنسان العامل المعطاء .. كما سعت التعاليم الإسلامية والمحمدية " ص" لتهذيب الإنسان ولصناعة الإنسان الإيجابي لكن هل من مذكر !
ولا يخفى على العاقل المنصف أنّ لتحمل المسئولية لدى جميع الأفراد دون استثاء من الحاكم للعامل تأتي بخير نتاجٍ للمجتمع وللأمة ولو ضربنا مثالًا في هذا لوجدنا بأنّ المجتمع الياباني العملي والإيدائي يضرب أحسن الأمثلة في الإخلاص بتحمّل المسئولية ونتيجة هذا الإخلاص في العمل وحُسن تحمّل المسئولية قفزت اليابان من بلدٍ شحيح المصادر الزراعية كثير الزلازل الطبيعة إلى المستويات الصناعية الأولى في العالم .. بينما بقينا نحن رغم تعاليمنا الإسلامية في آخر الرّكب العالمي ولم نحوز على المرتبة الأولى إلاّ في التناحر والغيبة والحسد فهنيئًا لنا هذا التّقدم .