الأحد، 18 نوفمبر 2018

ثقافاتٌ ورؤى

ثقافاتٌ ورؤى
بقلم / د. أحلام الحسن

" المولدُ النبوي الشريف بين السلب والإيجاب بكلّ موضوعية " 

من الظواهر التي اعتادت عليها الكثير من الدول الإسلامية ظاهرة الإحتفال بالمولد النبوي الشريف .. وفي الحقيقة لو أطلقنا اسم ظاهرة لم ننصف المناسبة النبوية على صاحبها وآله وصحبه أفضل الصلاة وأتمّ السلام بل هي مناسبةٌ واحد تعددت ظواهرها وتشابهت في بعض الدول الإسلامية كدول الخليج العربي واختلفت من دولةٍ لآخرى مظاهر هذا الإحتفال .. فيما ذهبت بعض الفتاوي إلى تحريم الإحتفال بالمولد النبوي بصورةٍ مطلقة وشاملة واعتبرته بدعةٍ لم يقم به النبي " ص" في حياته .. وهناك من الطوائف من مسك العصا من الوسط وحدد نوعية الإحتفال بالمولد النبوي الشريف " ص " ..

"" الأستدلالاتُ والبرهين التي أتى بها محرمو الإحتفال بالمولد النبوي الشريف "" ص " :

1/ أول هذه الأدلة أنّ النّبيَ عليه وعلى آله وصحبه صلوات اللّه لم يحتفل بيوم مولده .

2/ أنّ الخلفاء كذلك من بعده لم يحتفلوا بالمولد النبوي "ص" .

3/ لا يوجد نصٌّ شرعيٌ على الإحتفال به وعلى إثر هذا يعتبرونه بدعة وضلالة محلها النار .. وكل بدعةٍ ضلالة وكلّ ضلالةٍ في النار .. وعليه فلا ينبغي الأحتفال به ولا بسواه .

4/ ذهب أصحاب هذا الرأي وهذه الفتاوي إلى التمسك برأيهم دون محاولة الإنفتاح على الأراء الأخرى ووجهات النظر والفتاوي الأخرى التي تبيح الإحتفال بالمولد النبوي الشريف بحجة البدعة وبأنه لا عيدٌ ثالث للمسلمين .. وأن هذا الإحتفال ماهو إلاّ تشبيه لأعياد النصارى بالإحتفال بميلاد النبي المسيح عيسى ابن مريم عليهم سلام اللّه .

"" الإستدلالاتُ والإدلة لدى مؤيدي الإحتفال بالمولد النبوي الشريف ص "" :

1/ أنّ من خُلق النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وصحبه الكرام وهو صاحب الخلق العظيم أن لا يمجّد نفسه وأن لا يتخذ لنفسه عروش الملوك فالتواضع قوام حياته وهو القدوة والأسوة وعليه فلا يمكن مطلقًا أن يدعو المسلمين إلى إقامة الإحتفالات بمناسبة مولده .. ولم يُستثن الأمر من أشارةٍ طفيفةٍ منه " ص " لبركة يوم مولده الشريف حيث أنه كان يصوم يوم الإثنين من كلّ اسبوع ويقول هذا يومٌ ولدتُ فيه .. بمعنى أنه يوم سلامٍ وبركة .

2/ عدم احتفال الخلفاء بالمولد النبوي "ص" ليس شرطًا أساسيًا بالإحتفال أو عدمه ومن يرجع للتأريخ سيدرك أنّ الأمة آنذاك في عهدٍ جديدٍ خرجت من جاهليةٍ عمياء فضلا لإنشغال الخلفاء آنذاك بالحروب والمشاكل التي قامت فيما بينهم وبين بعض الأعاجم وفيما بين المسلمين أنفسهم من حروبٍ طاحنةٍ أكلت نصف المسلمين .. فأيّ احتفالٍ وأيّ توحيد كلمةٍ عليه ! .

3/ بالنسبة لدليل عدم وجود نصّ ٍ شرعيٍ عليه فهذا موضع تأمّل حيث أنّ الكثير من الآيات والسور امتدحت رسول الله " ص " .

4/ الدليلُ الأكبر والأقوى للرأي القائل بجواز الإحتفال بالمولد النبوي " ص" وبعظمة هذا اليوم :

احتفال السّماء وربّ السّماء وملائكة السماء بعظمة يوم مولد نبي الله محمد صلوات الله وسلامه من خلال الإرهاصات  العجيبة التي حدثت مع الولادة الميمونة :

أ - منعُ  إبليس والشياطين من الصعود للسماء السابعة وقد كانوا يسترقون السمع ويصعدون للسماء السابعة فلما ولد عيسى عليه السلام حُجبوا عن أربع سموات وفي مولد نبينا صلوات اللّه وسلامه عليه وعلى صحبه المتقين حُجبوا عن بقية السموات ودارت عليهم الدوائر حتى قال الشيطان وُلد محمد .

ب - إنخمدت نيران كسرى وعبدة النار وخبت ولم تخمد من ألف سنة .

ت - سقوط 14 من إيوانات كسرى .

هذه الإحداث والإرهاصات تشير بدلالة واضحةٍ لعظمة هذا اليوم وبركته وما كانت آيات الكون إلا دلالاتٍ للبشر .. فكيف لا يُحتفل بيومٍ احتفلت فيه ملائكة السماء ومن فيها ! .

الدول الإسلامية التي كانت تحتفل بالمولد النبوي الميمون بعد الخلافة الإسلامية الأولى :
* الدولة الفاطمية .
* الدولة الأيوبية في عهد صلاح الدين الأيوبي وما بعده .
* العثمانيون .
* المغرب العربي ..

لم أطّلع على مؤشراتٍ واضحةٍ تشير لاحتفال الدولة الأموية أو العباسية بالمولد النبوي " ص" ولربما بسبب الأحداث والمواقف التأريخية بين أهل البيت وبينهم .

الإلتباسات الواقعة لدى المجتمع بين المؤيد والمعارض للإحتفال بالمولد النبوي الميمون :

1- للمؤيدين حججهم وبراهينهم المشروطة بعدم إقامة ما يعصي الله في هذا الإحتفال وإلاّ صار محرمًا والإقتصار على مدائح النبي " ص " وعلى ذكر فضائله وأخلاقه وتأريخه المشرف ودفع الصدقات وتوزيع الحلوى والأطعمة والزينة .

2- عمد البعض لطريقةٍ خاطئةٍ في الإحتفال على الوعّاظ مهمة تنبيه العوام وتوجيههمو تصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم ليستمرَ ذكر رسول الله ص وتتوارث الأجيال هذه الذكرى المقدسة ..
أللهمّ صل وسلم وبارك على حبيبك محمدٍ وآل محمدٍ كما صليت وسلمت وباركت على خليلك إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنّك حميدٌ مجيد واجعلنا لهم من أخلص التابعين والمنيبين .