الأحد، 18 نوفمبر 2018

ثقافاتٌ ورؤى

ثقافاتٌ ورؤى
بقلم / د.أحلام الحسن
رئيس القسم الثقافي

" الشعورُ بالذنب "

الشعورُ بالذنب أو عدم الشعور بالذنب هما ظاهرتان تنتابان الكثير من الناس في شتى المجتمعات وكثيرًا ومنذ أن كنا صغارًا كنّا نسمع عن ظاهرة الشعور بالذنب والإحساس بالذنب والذي هو نتيجة أفعالٍ قام بها الإنسان في حقّ الآخرين أو في حقّ نفسه .. وهذه الظاهرة كما يصفها عامة الناس ويطلقون على مسمى صحوة الضمير أو تأنيب الضمير بعد خطأٍ ما يرتكبه الإنسان في فترة عجالةٍ من اتخاذ القرارات السلبية في حقّ شخصٍ ما .. أو المبادرات الهدامة لشخصيةٍ ما .. أو القيام بجريمةٍ ما في حقّ شخصٍ ما ..
وأكثر حالات تأنيب الضمير والشعور بالذنب قوةً هو على الأخطاء أو الجرائم التي يقوم الجاني أو المخطئ بالقيام بها في حقّ فردٍ من أقربائه المقربين أو من شخصٍ كان يحبه وفي حالة ثورة الغضب أو الإنفعال يرتكب في حقّه أخطاءًا ما أو جريمة ما !!
وبالتأكيد أنّ مثل هذا الإنسان قد فقد السيطرة على نفسه والتحكم بمقود انفعالاته وإن دلّ هذا على شيءٍ فإنه يدل على نوعية هذا الإنسان الغير سوي لسببٍ ما نذكر منها : ؟

1/ضعف الإيمان ونسيان الخوف من اللّه .

2/ الأمراض النفسية المختلفة التي يصاب بها هذا الجاني كالوسواس القهري وهو أشدّ خطورة من بقية الأمراض النفسية حيث يتصور أمورًا لا أساس لها من الصحة مطلقًا وعليها يبني قراراته في إيذاء الطرف الآخر .. وهذا الشخص لابد من المبادرة السريعة في علاجه قبل أن يكون هو والآخرين ضحية وساوسه .؟

3/ تناول المخدرات أو بعض أنواع الأدوية التي تتسبب في الهلوسة يرتكب الجاني على إثر أحد الأمرين مالا يحمد عقباه .. فيصاب بعد استرداد وعيه بالشعور بالذنب الشديد جدا وتأنيب الضمير والندم على ماقام به .

4/ إرتكاب جرائم الجهل " والتي عادةً ما تكون جرائم أسرية " والتي تنتج عن الأمية والجهل والتربية في بيئةٍ تفتقر للمعرفة العلمية والمعرفة الفقهية في أحكام دينها ..
وفي مثل هذه البيئة التي تفتقر لكيفية أسلوب التعامل الأسري السليم لحل مشكلات الأسرة أو مشكلة أحد أفراد الأسرة .. وتفتقر لكيفية حلّ مشكلة هذا الفرد ولا تساعده إيجابيا على حلها ولا تأخذ بيده لمراكز التأهيل السلوكي ..
بل قد يبادر ربّ الأسرة أو ربّة الأسرة أو أحد أفرادها بالتخلص من ذلك الفرد صاحب المشاكل بقتله بطريقةٍ ما !!!!!

وقد سمعنا في الإسبوع الماضي  بجريمة أمٍّ في حقّ ابنتها ذات 17 ربيعا بحبسها دون طعامٍ ودون شرابٍ حتى الموت إلى لفظت تلك البنت أنفاسها الأخيرة بحجة تأديبها مرة وبحجة غسل العار مرةً أخرى !!!
والعجب لهذه الأمّ الجاهلة أنها تتخذ القرار والحكم من ذات نفسها وكأنها جعلت من نفسها وكيلةً عن اللّه في الأرض !! وصاحبة القرار الأوحد ! بل رأت من نفسها حقّ ملكية هذه البنت !
كونك أمًّا أو أبًا أو أخًا لا يعطيك الحقّ مطلقًا في ملكية أعمار الآخرين أو سلب أعمار الآخرين بالكيفية التي تراها تناسبك !

لو تأملنا هذه الحادثة جيدًا لوجدنا أن الضحية مازالت طفلة ذات 17 عامًا في سن المراهقة الصعب ولو كانت الأم على وعيٍ وإدراكٍ ومعرفةٍ ثقافية وعلمية لعالجت المشكلة بأخذ البنت لأحد مراكز التأهيل الأخلاقي لتقويم سلوكها والوقوف معها كي تتخطى مشكلتهاوبمساعدتها بالدفء والحنان واحتضان المشكلة والبحث عن حلٍ لا القيام بقتلها وبيد من أنجبتها !!

ومن هنا سيكون تأنيب الضمير والشعور بالذنب عند تلك الأمّ في أقصى وأصعب مراحله ومن المحتمل بأن يلازم الأم الجانية مدى الحياة فيدمر حياتها ويخلق منها إنسانة مروعة في المجتمع يشار إليها بالبنان وإن كان الجهل المركب الخطير لديها يوهمها بأنها غسلت عارها !!!
وإن كان ثمة عارٍ كما تدعي لم يأمر الإسلام بقتلها ولا بتجويعها حتى النفس الأخير !!
هناك عشرات الحلول السلمية  والتوجيهية لحل المشكلة وليس معالجة الخطأ بالجريمة !!!

إننا في دول العالم الثالث نحتاج إلى مراكز توعويةٍ وإلى موجهين اجتماعيين ورجال دينٍ  يحملون على عواتقهم مهمة توعية الناس للحيلولة قدر الإمكان من تفشي ظواهر الجهل المتعددة كأخذ الثار أو غسل العار أو التأديب التعذيبي أو الإساءة للأبناء بالألفاظ المشينة أو الطرد من المنزل أو الحرمان من المصروف وما إلى ذلك من سلبياتٍ .. هناك الحلول الشرعية وهناك الحلول الإجتماعية وهناك الحلول القانونية إذا استدعى .. فلا يعالج خطأ طالبٍ بضربه وإيذائه وتعريضه للخطر ولا تعالج مشكلة بجريمة !.