الأربعاء، 17 فبراير 2016

الحلقة الرابعة

المحاضرة الرّابعة : ( كيفَ أعدُّ نفسي لكتابة الشّعر ) اعداد وتقديم : أ. أحلام الحسن السّلام عليكم أيّها الأعزاء ورحمة الله وبركاته محاضرتنا اليوم حول مدرسة من مدارسِ الشّعر العريقة ، والتي اتّسمتْ بالحداثة ، والتّجديد والثّورة على المدرسة الكلاسكية ، قد تتسألون ما الفائدة من معرفة مدارسِ الشّعر ؟! وللإجابة على هذا السؤال أقول : أولا : لنكتشفَ من خلالها مواهبَنا الأدبيّة ، والفطريّة المجبولة بداخلنا ، ونتعرف إلى أيّ تلك المدارسِ الشّعرية التي من الممكنِ اطلاق موهبتنا الفطرية هذه ، هذا سيساعدنا كثيًرا على الإقدام بشجاعةٍ أكثر نحو اكتشاف المدرسة التي سوف ننتمي إليها في بداية مشوارنا الأدبي مع كتابة القصيدة . . والتي ستكوّن لنا درعًا حصينًا عندما نتعرضُ لمهاجمة إحدى المدارس المناهضة لتلك المدرسة . مدرسة اليوم هي : مدرسة الابتداع " الرومانسية " : وهي نتاج إختلاط المهاجرين العرب بالعالم الغربي ، وظهرتَ هذه المدرسة لتعبّرَ بصدقٍ ومصداقيةٍ عن الذّاتية البشريّة لدى الشّاعر ، وعن وجدانهِ وأحاسيسهِ، ومدى تفاعلهِ مع الأوضاع الدّاخلية ، والشّخصية في نفسيتهِ ، والخارجية المنشأ كتفاعلِه مع أحداث المجتمع . قامت هذه المدرسة على رفضها للنّهج التّقليدي في مدرسة الأحياء الكلاسيكية . روادُها: ـ خليل مطران في قصائده الوجدانية . ـ جماعة (أبولو): أبو شادي ـ إبراهيم ناجي ـ أبو القاسم الشابي. ـ جماعة الديوان : عبد الرحمن شكري ـ عباس محمود العقاد ـ إبراهيم المازني. ـ مدرسة المهجر: إيليا أبو ماضي ـ جبران خليل جبران ـ ميخائيل نعيمة. العواملُ الّتي ساعدتْ على إنشاء هذه المدرسة هي : ١ / اتصال العرب بالغرب عن طريق الهجرة للغرب لأجل الدراسة وغيرها . ٢ / رفض المنهج التقليدي السائد في مدرسة الإحياء الكلاسيكية. ( شعر البحور الخليلية ) . ٣ / الرّغبة في التّعبير عن الذّات بحريةٍ تامة ، والتّحدث عن الوجدان ، والمشاعر الشّخصية بكلّ شفافيةٍ ووضوح ، دونما أن تُقيّدها الأوزان الخليلية . خصائصُ هذه المدرسة : ١/ ثورتها على الكلاسيكية ، وقصيدة الوزن الواحد . . والدّعوة إلى الإبداع والإنطلاق . ٢/ تميّزتْ هذه المدرسة بالأدب العاطفي ، والشّكوى والحزن ، والألمِ والحنين ، والحرمان.. ولعلّ الذي ساعد على هذه الميزة هي الغربة والبعد عن الأحبّة والوطن . ٣/ نلاحظ على هذه المدرسة اهتمامًا كبيًرا بالخيال ، أكثر من اهتمامها بالعقل ، ( وإن في بعض الفترات خرجت عن هذا الخط لظروفٍ معيّنة ) ٤/ ظاهرة الحديث عن الذّات والمعاناة ، والشّعور بالحزن . ٥/ ظهرت هنالك محاولاتٌ لتنويع القوافي ، وتغيير الأوزان ، وعدم الالتزام بوحدة الوزن والقافية . ٦/ يغلبُ على هذه المدرسة اللجوء إلى الطبيعةعندهم ، والتّعبير يمتاز بالظلال والإيحاء، والتّأمل . ولنأخذ بعض النماذج من قصائد هذه المدرسة .. علمًا بأنّ لديهم بعض القصائد بوزنٍ واحدٍ ، لكن الغالب عدمه . هذا إنموذجٌ من هذه المدرسة وهو مقطعٌ من قصيدة المواكب للشّاعر الكبير جبران خليل جبران ،وقد غنّتها فيروز وحققتْ القصيدةُ نجاحًا باهرًا رغم عدم إلتزامها ببحرٍ معينٍ أو بوحدة قافية ، فهي من الشّعر النّثري .

أعطني الناي وغن فالغناء سر الوجود
و أنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود

هل اتخذت الغاب مثلي منزلا دون القصور
فتتبعت السواقي و تسلقت الصخور

هل تحمّمتَ بعطر ٍو تنشّفتَ بنور
و شربتَ الفجر خمرًا في كؤوسٍ من أثير

أعطني النّاي و غنّ فالغناء سُّر الوجود
و أنينُ النّاي يبقى بعد أن يفنى الوجود

هل جلستَ العصرَ مثلي بين جفناتِ العنب
و العناقيدُ تدلّتْ كثرياتِ الذّهب

هل فرشَ العشـبَ ليلاً و تلحفّتَ الفضاء
زاهداً في ما سيأتي ناسيـًا ما قد مضى

أعطني النّاي و غنّ فالغناء عدل القلوب
و أنين الناي يبقى بعد أن تفنى الذنوب

أعطني الناي و غن و انس داءً ودواء
إنّما الناس سطورٌ كُتبتْ لكن بماء