الاثنين، 14 أغسطس 2017

أفعالنا بين السلب والإيجاب

أفعالنا بين السّلب والإيجاب ..
بقلم / د. أحلام الحسن

الجيل الرابع الموؤد الهوية ..

لقد صنّف الباحثون الأجيال المعاصرة إلى أربعة أصنافٍ من الأجيال .. وما يهمنا الآن هو الجيل الرابع .. أي جيلنا المعاصر من عام 1980 .. وهو مصطلح يُعبر عنه وفقًا للأجيال المتصارعة والمتضادة وإن لازمه وتزامن معه جيل الحداثة .. إلاّ أن الجيل الرابع قد غلبت عليه أحداث الحروب الأهلية والطائفية والعبثية واللامبالاة بقيمة الإنسان الفكرية والبشرية.. وتوشّحت بوشاح الدين تارةً وبوشاح الديمقراطية تارة أخرى .. جيلٌ يجمع بين العنف وشعارات السّلام !
بين التعددية والحزبية وبين المناصرة الفردية !
جيلٌ يصرخ من العنف ويتعلّم ويُعلّمُ  العنف ! .. ويُدرّبُ على الجريمة باسم التّدرب على الفروسية !
.. جيلٌ ضائعٌ نصفه بين كونه مجرمًا وضحية ! .. ولم يعد بقية الجيل الرابع من الآمنين !
وكلّ هذه الفروقات والتّضاربات أنشأت جيلًا جديدًا من الأطفال لم يكن موجودًا بهذه الطريقة
جيلّا شوهت صوره الحروب .. وبترت أعضاءَه الصّواريخ والقاذفات .. وشُلّت أطرافه ..
جيلُ طفولةٍ لا يعرف للطفولة معنىً ولا صور  ! !
وسنُّ براءة ٍ لا يعرف البراءة ولا ينعم بها ..
لم يتعلّم في ساحات المعارك والقصف غير كلمات الدّمار .. الخوف .. القصف .. الموتى .. الجثث .. الدّم . .
وباتت ثقافة هذا الجيل هذا ثقافةّ الحروب والعدوانية والفشل وسوء التحصيل العلمي والثقافي وفقدانة التوعية التنموية .

أما البقية من الرّضع والبنات الصغيرات فلا يجدنَ غير البكاء لمن بقيت منهنّ على قيد الحياة ..
كنّا في أيام طفولتنا نحلم باللعب وبالدّمى وبالألعاب والدّراجات والرّحلات وبرك السّباحة ..
أم الطفولة الضائعة الآن والمؤدة الحقوق والأرواح .. فلا تملك غير ردّة الفعل لتكيل الكيل كيلين على الكبار الذين حطّموا طفولتهم .. والخوف الشديد مما قد يأتي به الزّمن بأن تتكرر العملية وهكذا دواليك ..
العالم يتفرّج .. والبعض يندّدُ بما يحدث .. والبعض يطرد أمثال هذه العوائل الفارة من الإقتتال خوفًا من وصول العدوى إلى دولهم وشعوبهم ولهم بعض العذر ..
لكنّ استمرارية هذه الحروب الطائفية .. والحزبية السياسية سيؤدي في النهاية إلى تولّد أجيالٍ تفتقر للعلم ، وتفتقر للدين ،  وتفتقر للخلق  .. تتوق إلى الإنتقام .. الإنتقام فقط !
لا تعرف البسمة .. وتجهل الرّحمة !
أجيال باتت رؤية المجازر لديها كأفلام الكركاتير في زمننا مع فارق الشّعور .. شعور الرّعب والخوف والجوع .. وشعور البسمة والشّبع واللعب في أيامنا ..

إنّ صناعة الحروب وصناعة التّفكّكات والحزبية والعنصرية صناعةْ باتت رائجة هذه الأيام وبات  والإقبال عليها شديدٌا لسببٍ واحدٍ وهو الإقتتال من أجل أن أعيش أنا .. وتموت أنت فلا مساحة على البسيطة لكلانا !!

منطقٌ جاهليٌ مركّبٌ يخلو من العقلانية ولا تقدم عليه الوحوش في البراري ..
الوضع الآن متأزمٌ جدًا
وعمليات إنتاج جيل الضّياع في تزايدٍ شديدٍ مستمرٍ .. لا يقتصر على الصّغار بل الجميع !
الأمر خطيرٌ للغاية وعلى كافة الأجهزة القادرة تداركه وفورًا ..

وأوّل خطوات الإصلاح تبدأ على مقاعد الدّراسة .. الدّراسة والعلم والتّنوير  الذهني .. وإصلاح الأفكار .. وهذه أولى عتبات السّلام .. ولا يختصُّ العلم بالصّغار بل الفتيان والشّباب والكبار .. لقد أضاعت الحروب مستقبلهم الفتي وحطّمت كبارهم صغارهم .. وبات الكثيرون يمشون كالمعتوهين ! من هول ما يرونه من حروبٍ أولدت الفقر والحاجة والمذلّة !
أعطوهم علمًا .. أعطوهم علاجًا جسديًا وفكريًا .. قبل أن تعطوهم خبزًا وانتظروا النتيجة  .