الاثنين، 7 أغسطس 2017

ظاهرة قتل الأقارب أهي لغزٌ أم شفرة

أفعالنا بين السّلب والإيجاب
بقلم د. أحلام الحسن

ظاهرةُ قتل الأقارب أهي لغزٌ أم شفرةٌ ..

ممًا لا شكّ فيه بأنّ النّفس البشرية السّليمة ترفض كافة أنواع العنف والجريمة .. ولا يمكن لعقلٍ راجحٍ القيام بتلك الجرائم لأي سببٍ من الأسباب .. وإن كان ثمّة حقوقٌ للإنسان أضاعها الطرف الآخر زوجًا كان أو زوجة أمًا أو أبًا أو أيّ فردٍ له حقٌّ عند قريبٍ له سلبه إيّاه .. فهناك شرعٌ يتقاضى إليه لأخذ ذلك الحقّ بالسّلم والتفاهم والحوار وبالحكم الشرعي في ذلك .. وهناك قوانينٌ في كلّ دول العالم للتقاضي عندها واسترجاع ما ضاع من الحقوق ماديةً كانت أو معنويةً .. وتُعدّ ظاهرة قتل الأقارب من الظواهر الغريبة جدًا والتي للأسف الشديد وسع إنتشارها في بعض الدول الإسلامية والعربية .. والإقبال على إرتكاب مثل هذه الجرائم في الأقارب في ازديادٍ أكثر منه في الدّول الغير مسلمة والدول الكافرة أو الملحدة !!!!!
وإن حدثت مثل هذه الجرائم بالدول الغير مسلمة فغالبًا ما تكون تحت سطوة إدمان المخدرات والبعد عن ساحة العبادة والخوف من العقاب الآخروي ..
إلاّ أنّها في دولنا الإسلامية تعدّدت أسبابها بحيث لا مجال للمشابهة بينها وبين تلك  الدول الغير مسلمة إلاّ مشابهة متوسطة يغلب عليها الإختلاف في النسبة المئوية الباقية .
فظاهرة قتل الأقارب في الدّول الإسلامية والعربية خاصة باتت لغزًا تحيّر الأخصائيون في علم النّفس وعلم الإجتماع وتوّسع في محاولة فكّ شفراته علم الجريمة ..
وقد خرجت النتائج في تحليلات دوافع إرتكاب جرائم قتل الأقارب بعدّة استنتاجاتٍ منها :

أولًا  : جرائم الأزواج :
وأكثر دوافع جرائم الزوجين سبب غياب الضمير والجشع والشكوك والوساوس وألخصها في هذه النقاط :

1/ الخلافات المادية بين الزوجين .
2/ الغيرة والشّك أو الخيانة الزوجية .
3/ الطمع في الإستيلاء على مال أو ممتلكات أحد الزوجين .
4/ الإعتداء المبرح على أطفالهما من قِبل أحد الزوجين وقيام الطرف الثاني بالدفاع الشديد لدرجة إرتكاب جريمة القتل للدفاع عن الأطفال .

ثانيًا : جرائم قتل الوالدين
وتُعدّ من أفظعِ وأبشع الجرائم قسوةً ولا تفيها كلمة عقوق .. جرائمُ تقشعر منها أبدان العقلاء والمنصفين والبشرية الواعية والسليمة ..  وتتعدد دوافعها وأسبابها وطرق الإقدام على هذه الجريمة القمة في البشاعة منها المباشرة بإرتكاب الجريمة رميًا بالرصاص أو ذبحًا أو ضربًا يقصد منه القضاء عليهما أو على أحدهما .. ومنها التخطيط الغير مباشر ومنها دسّ السّم أو إطعام المريض منهما طعاما يزيد في خطورة مرضه ممّا يؤدي به إلى الوفاة تدريجيًا ..
وفي الحقيقة نقف بكلّ إندهاشٍ واستغرابٍ ولا نكاد نصدّقُ بوقوع مثل هذه الجرائم من الأبناء في حقّ والدِيهم .. لنصطدم في النهاية بحقيقة ما وقع فعلًا من الجرائم ..

وأكثر دوافع وأسباب جريمة قتل الوالدين والأقرباء هي :

1/ الطمعُ في الإرث والمال ( وطبعا الشرع الحنيف لا يوّرث قاتل قريبه ) فيسعى المجرم إما للقتل جهلا منه بالحكم الشرعي وأمّا بالسّم أو بإطعام ضحيته ما يهلكها من الطعام ليكون بعيدًا عن الشبهة والعقاب .

2/ من دوافعها أيضًا إرضاء الزوجة أو الزوج بقتل أحد الوالدين .

3 / المرض المعقد لأحد الوالدين كالشلل وغيره يقدم المجرم بالتخلص منه .

4/تبني الأفكار الضالة والمنحرفة .

5/ تعاطي المخدرات والإدمان مما يفقده وعيه وتفكيره .. ونشوب الخلافات بين المجرم ووالديه .

ثالثًا : قتل الأبناء ولا تقلّ فظاعةً عن قتل الوالدين فالإقدام على قتل فلذات الأكباد وبطرقٍ مختلفةٍ بما يتوافق مع أعمارهم جريمة في حقّ البشرية والأجيال منافيةٍ للفطرة السليمة لدى البشر .. فالأباء والأمهات مثال التضحية والإيثار لأبنائهما .. وعندما يختلّ هذا السلوك تتهدّم قيم الأمومة .. ويتهدم صرح الأبوّة .. وتنتكس الفطرة أيّما إنتكاسٍ .. فنقف في لجّة الذهول حتى الغرق ..
والأسباب والدوافع كثيرةٌ كثيرة هي  .

وقد تكون إجابات التساؤلات حول هذه الجرائم عند أطباء الأمراض النفسية كالأتي :

أ .. الإختلال الذهني .
ب .. الوسواس القهري .
ج .. إنفصام الشخصية

بينما يرى المحلل لمثل هذه الجرائم ما يلي :

أ .. الإنحراف الأخلاقي والسلوكي والديني  وتندرج تحت هذا العنوان أبوابٌ تطول لا يسعها المقال ..
ب .. الإختلال العقلي التام .

ليبقى في النهاية حكم اللّه في إقامة الحدّ لا غيره جزاءً ويستثنى منه المجنون البحت والمشهور جنونه لسنواتٍ وليس من استحدث الجنون وقت إرتكاب الجريمة وبعدها ففي هذا تأملٌ للعقلاء .